أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عزالدين معزة - هل غاب المثقفون في وطننا العربي أم غُيبوا؟















المزيد.....

هل غاب المثقفون في وطننا العربي أم غُيبوا؟


عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)


الحوار المتمدن-العدد: 7158 - 2022 / 2 / 10 - 11:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هل انسحب المثقفون العرب من المشهد العام وتركوا مجتمعهم يتخبط في الاستبداد والجهل والفقر بإرادتهم، أم أن الضغوط التي يتعرضون لها سواء من السلط الحاكمة أو من مجتمعهم الذي يستمد فكره من فقه العصور الوسطى الذي نشأ في ظل ضغط الامراء والسلاطين بداية من معاوية ابن سفيان وما جاء بعده من سلاطين باستثناء فترة التنوير السريعة التي عرفها العرب المسلمون في القرن العاشر الميلادي، ومناصرة العباسيين في بداية أمرهم للمعتزلة والتي لم تستمر طويلا ثم انقلبوا عليهم وفعلوا السيف فيهم وعلى كل مفكر عربي مسلم يحمل فكرا نقديا حرا ، فقد قتل العباسيون المئات من الفلاسفة والمفكرين ومن بقي منهم لا حقوه في قوت يومه . وما زال إلى يومنا انظمتنا الحاكمة تلاحق كل مفكر حر وتحاصره وتضيق عليه عيشه، هذا في أحسن الأحوال إذا لم يحكموا عليه بالسجن المؤبد او التصفية الجسدية ، محكوم علينا أن نعيش في اوطاننا العربية كرعايا وليس كمواطنين أحرارا ...
لسنا وحدنا الذين تعرضنا لهمجية ووحشية حكامنا في العصور الوسطى، لقد تعرض مفكرو أوروبا أسوأ منا بكثير، ولكنهم تركوا مآسي تاريخهم وراءهم ودخلوا عصر العقل والحكم الرشيد والمواطنة .
أعود الى عصر التنوير الذي اطل علينا كقوس قزح وسرعان ما ضاع في غياهب الضباب والظلمات والقهر والاستبداد، إنه فرقة المعتزلة التي أنارت عقولنا قبل التنةير الأوروبي بعدة قرون،
لعبت المعتزلة دورا رئيسيا ومهما في رحلة تطور العقل العربي الإسلامي في القرن السادس الهجري، القرن العاشر الميلادي. ونظرة سريعة إلى معتقدات الفرق والمدارس المختلفة في مجال العقيدة ترينا الآثار والبصمات التي تركها عظماء المعتزلة على معظم هذه الفرق والمدارس. وقد لاحظ ذلك «نيكلسون " : " في كتابه عن تاريخ الآداب العربية، حيث يقول: "إن المعتزلة قد رفعت بطريقة غير مباشرة الفكر الإسلامي إلى درجة تستحق الاعتبار". وامتدح دورهم الإمام أبو زهرة في كتابه تاريخ المذاهب الإسلامية، حيث يقول: "إن هؤلاء (المعتزلة) يعدون فلاسفة الإسلام حقا". وحتى "جولد تسيهر" ، قد اعترف في كتابه العقيدة والشريعة بتأثير المعتزلة العظيم على الفكر العربي، قائلا: "نحن لا نستطيع نكران أنه كان لنشاط المعتزلة نتيجة نافعة. فقد ساعدوا في جعل العقل ذا قيمة، حتى في مسألة الإيمان. وهذا هو الفضل الذي لا يجحد، والذي له اعتباره وقيمته، والذي جعل لهم مكانا في تاريخ الدين والثقافة الإسلامية. ثم إنه برغم كل الصعوبات التي أثارها مذهبهم، وكل ما أنكروه على خصومهم، فإن حق العقل قد انتصر على إثر كفاحهم بنسبة صغيرة أو كبيرة، حتى في الإسلام السني، ولم يكن هينا بعد هذا إبعاده تماما". أما العالم المصري أحمد أمين، فيقول: "وكان للمعتزلة الفضل الأكبر في علم الكلام، لأنهم كانوا أكبر المدافعين عن الإسلام ضد ما كان يثيره اليهود والنصارى من هبوب. حتى لقد كانوا فيما روي يرسلون أتباعهم الكثيرين إلى البلدان الأخرى لرد هذا الهجوم ردا عقليا". وهو يأسف على زوال المعتزلة، حيث يقول: "في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة، وعلى أنفسهم جنوا".
يمكننا أن نلخّص الخدمات التي قدّمها المعتزلة إلى الفكر والحضارة الإسلامية، والتأثيرات التي تركوها بالنقاط التالية:
١ أنّهم أسهموا بشكل فاعل في نقل التراث والثقافة اليونانية في جانبها الفلسفي والعقلي إلى الحضارة الإسلامية، وذلك من خلال اطلاعهم على تلك الثقافة، وتمثّلهم لمعطياتها العقلية والفلسفية .
٢ وكان لهم الفضل الأكبر في الجمع بين الدين والفلسفة، بينما كان معارضوهم يرون في النزعة الفلسفية نوعاً من الزندقة والإلحاد والخروج عن قواعد الدين.
٣ وبفضل تسلّح المعتزلة بسلاح الفلسفة، والمنطق، وعلم الكلام، وأساليب الجدال والمناظرة التي استمدوها من الفلسفة اليونانية ، فإنهم قد أدّوا دوراً كبيراً وبارزاً في الدفاع عن العقيدة الإسلامية ، إزاء المعتقدات والديانات الأخرى السماوية المحرّفة منها كالمسيحية واليهودية، والمشركة والإلحادية كالمجوسية، والثنوية، والمانويّة، وقد تمثّل هذا الدور إما في مناقشة وإبطال حجج أصحاب تلك المعتقدات والديانات أو في دعوة غير المسلمين الطالبين للحقيقة إلى الإيمان بالعقيدة الإسلامية.
٤ وأخيراً، فقد أرسى المعتزلة دعائم حركة عقليّة واسعة كان لها أكبر الأثر في صياغة الحضارة الإسلامية؛ نظراً إلى أن مذهبهم كان يقوم في الأساس على احترام العقل وتمجيده، والتعويل عليه في استنباط واستنتاج الكثير من الأحكام الشرعية من جهة، وأساليب التفكير السليم من جهة أخرى.
" حسام الدين الحداد، قضايا الفكر والتنوير في الفكر العربي، الجزء الأول، مدلة ادراك، د.ت "
جنى المعتزلة على أنفسهم بسبب قضية خلق القرآن ونفوا صفة الاعجاز عنه، وهو ما نظر إليه المسلمون من فقهاء السلطان وأئمة وامراء بوصفه مساّ بمقدسات أجمعت عليها الأمة الإسلامية برمتها.
لم يكتف حكام الدولة العباسية بملاحقة المعتزلة وتصفيتهم، بل امتد اجرامهم وحشيتهم إلى كل الفلاسفة والمفكرين،
ارتكب العباسيون الفظائع مع المعارضين وتفوقوا على بنى أمية في الجور والظلم والتصفيات الجسدية ، وزادوا عليهم في وحشية التعذيب ،ما يعجز عنه شياطين الإنس والجن، بدفن المعارضين أحياء من الرأس حتى تخرج روحه من دبره، وسلخ الجلد للأحياء في عهد الخليفة المعتضد بالله، وهو نفسه الذى كان يشوى خصومه أحياء على نار هادئة، ويقيد الضحية «محمد بن الحسن» من قدميه ورجليه، وتربط وتشد على «الركية» كما تشوى وتسوى الشاة على النار الهادئة، وكذلك النفخ بالنمل، والتعطيش، وقلع الأظافر والأسنان، أما عن مقتل «بن المقفع» فلابد أن نعيد ونزيد ونلطم الخدود، وابن المقفع هو محمد بن عبد الله بن المقفع، ومن أشهر كتاب وفلاسفة العصر العباسي، وقد اتهموه بالزندقة، ووشوا به، وطعنوا فيه عند «الخليفة أبو جعفر المنصور» وكان أهم ما كتب كتاب «كليلة ودمنة» ترجمها عن الأدب الفارسي، وهى مجموعة من القصص والأساطير على ألسنة الحيوانات والطيور، وهذا هو الظاهر المسلي في الموضوع، إلا أن الجانب الخفي هو صور النصائح والمواعظ للحكام والولاة، وقد كانوا يستكبرون ويتطاولون على هذا، ويقتلون من يتقدم بها عليهم، فكان الكتاب والمعارضون يلجأون إلى هذا النوع من الكتابة، كما جاءت النصيحة والفضيلة على لسان الفيلسوف «بيدبا (للملك) دبشليم» وكأن مقتل بن المقفع صورة قريبة الشبه من حكاياته وأساطيره، فلو عرضت على الحيوانات لانزعجت وتوارت خوفا وخجلا، فقد أمر «الخليفة المنصور» بالتنور، والتنور حفرة فى الأرض مستديرة، يوقد فيها النيران للطبخ والخبز، وجهز التنور بالنيران، وبدأ السياف بقطع أوصال بن المقفع قطعة وراء الأخرى، كما يصنع الجزار فى ذبيحته، إلا أن ذبيحتنا هنا حية وتشعر وتتنفس، ثم يلقى أوصاله فى التنور، ورائحة شواء أطرافه تدور حول الحضور المهللين، حتى مات. " عادل نعمان ، الخلافة العباسية والمعارضة ، المصري اليوم ، 03/ 12/ 2020
من سيقود مبادرة التغيير في الوطن العربي؟ خصوصا وأن الأصوات الحرة تعاقب بسنوات من الاعتقال وأحيانا الاغتيال، وهو ما سيحيلنا إلى التساؤل هل هناك بالفعل جماهير تحمي هذا المثقف أم فقط البعض يقدم ضريبة فكره ووعيه وآخرون بجهالتهم ينعمون في الفتات؟
رحم الله أبو الطيب المتنبي في قوله:
ذُو العَقْلِ يَشْقَى فِيْ النَّعيم بِعَقْلِهِ
وأَخُو الجَهَالَةِ فِي الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ
" عبد اللطيف أحرشاو ، محنة المثقف العربي ، مجلة انفاس الالكترونية ، 19 تموز/يوليو 2019 "
اعرف ان الانتقال إلى الاحسن لا بد ان يمر على السيء، لكن في اوطاننا العربية السيء قد طال وزاد عن حدوده، وأصبحنا لا ننتج سوى الرديء من تاريخنا الثقافي ـ السياسي. او ما اسميه أحيانا الأزمات المستدامة.



#عزالدين_معزة (هاشتاغ)       Maza_Azzeddine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة الإستبداد السياسي والفساد في الوطن العربي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عزالدين معزة - هل غاب المثقفون في وطننا العربي أم غُيبوا؟