أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - العفيفي فيصل - الطاهر حداد: المفكر المظلوم














المزيد.....

الطاهر حداد: المفكر المظلوم


العفيفي فيصل

الحوار المتمدن-العدد: 7153 - 2022 / 2 / 3 - 11:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الكثير يسأل كيف تمكنت تونس نسبياً من تخطي الفكر الرجعي والتقدم في مجال حقوق الإنسان وخاصة المرأة مقارنة بباقي الدول العربية، الجواب ببساطة وجود علماء ومفكرين ألفوا أبحاثاً وكتباً كان لها الأثر في هذا المجال ولو بعد حين، من أبرزهم الطاهر حداد، خريج جامعة الزيتونة، ورغم تكوينه الشرعي وخاصة في علوم الفقه إلا أنه لم يكن رجعياً مقلداً للأولين بل سعى إلى كشف مناط الأحكام فيها، ناقدا شرساً للفقه الذكوري التقليدي السائد، مستشهدا بآيات الذكر الحكيم والأحاديث النبوية التي تأمر بالعدل والتكامل بين الرجل والمرأة، وقد اهتم بدراسة النصوص الدينية التي توحي إلى أفضلية الرجل وهيمنته على المرأة، منطلقاً من مبدأ التمييز بين العقائد الثابتة والشرائع المتغيرة ديناميكيا بتغير البيئة والواقع. يرتكز الطاهر حداد على قاعدة التطور الفكري التدريجي للإنسان، وأن الإسلام بنصوصه الدينية جاء مسايراً لهذا التطور من دون حرق أية مرحلة، ضرب أمثلة عديدة، مثل ظاهرة العبودية التي كانت موجودة اجتماعيا ولكن الإسلام ضيّق من نطاقها ونفّر المسلمين منها، ظاهرة تعدد الزوجات التي كانت مفتوحة في الجاهلية ولكن الإسلام حددها وقيّدها، ظاهرة عدم حق المرأة في الميراث قبل الإسلام بل هي نفسها كانت تعتبر جزءا من التركة، فمنحها الإسلام الحق في الميراث، عدم حق المرأة في الشهادة حتى جاء الإسلام وأعطاها هذا الحق ...الخ، فهذه التشريعات في تلك الحقبة تعتبر قفزة نوعية في تحقيق حقوق المرأة، ولكن غاية الشرع ليست في ذاتها لأنها بداية إيجابية وليست نهائية، والأصل المواصلة في تحسين التشريعات مع تقدم الزمن بما يحقق مقاصد الدين الكلية والتي على رأسها تحقيق العدل. من هذا المنطلق طالب الطاهر حداد وبشدة وجوب تعليم المرأة، منحها الحق في العمل وتولي مختلف المسؤوليات على أساس الكفاءة، إعادة النظر في مسألة الميراث بحكم تغير الواقع إذ صارت المرأة تماماً كالرجل ذات قوامة ونفقة، إعادة النظر في مسألة تزويج البنات القاصرات، جعل التراضي بين الزوجين ركناً أساسياً مع أهلية المرأة، رفضه للطلاق اللفظي في ظل زمن التوثيق وجعله قضائياً لضمان الحقوق .... الخ. كعادة كل من يغرد خارج الصندوق، تعرض هذا الطاهر حداد لظلم واضطهاد شديد بسبب أفكاره وخاصة بعد إصدار كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" سنة 1930، حيث تم فصله من العمل ومن نشاطاته الحزبية وكذلك تم استبعاد قلمه من الصحافة، كما قام رجال الدين بتكفيره من على المنابر وفي الكتب والمقالات عبر الجرائد، وبتهييج الناس عليه باعتباره عدواً للإسلام، ما جعل حياته صعبة، فصار معتزلاً في بيته لحوالي خمس سنوات حتى وافته المنية وهو في منتصف الثلاثينيات من العمر. بعد مرور سنوات من وفاته، صارت أعمال هذا المفكر من أهم المراجع الفكرية التي تساهم في تحسين الوضع الاجتماعي التونسي، وقد اعتمد عليها الرئيس بورقيبة في اصلاحاته، والآن لا يمكن لأي باحث أكاديمي مهتم بشأن المرأة في الشريعة والحداثة أن يتجاوز أعماله ولا يطالعها، لقد صار هذا الرجل المظلوم في زمانه الآن أيقونة في تونس (الكثير من المعاهد والمكتبات والشوارع تحمل اسمه)، الشاهد أن عدم قبول الأفكار اليوم ومقاومتها لا يعني بالضرورة أنها خاطئة، فما هو مرفوض اليوم قد يُقبل مستقبلا لأن بنية الفكر الاجتماعي تتغير باستمرار.



#العفيفي_فيصل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهم بن صفوان: الرجل الثائر
- بين الأمراض النفسية والرقية الشرعية


المزيد.....




- إيهود أولمرت: اليهود يقتلون الفلسطينيين يوميا بالضفة
- -المسجد الإبراهيمي بين عراقة التاريخ وتحديات التهويد- انتصا ...
- “متعة جنونية” تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي ...
- ماما جابت بيبي..حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل ...
- الأوقاف الفلسطينية: نبش الاحتلال المقابر في خان يونس انتهاك ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي بجودة رائعة وإ ...
- عندما تتشنج الروح.. صرخة صامتة في وجه الحياة
- سلي أطفالك بأغاني البيبي..ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على ...
- غضب في ريف حمص: العنف الطائفي يتمدّد
- رواية -الهرّاب-.. أزمة الهوية والتعايش والوجود اليهودي في ال ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - العفيفي فيصل - الطاهر حداد: المفكر المظلوم