أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فيل غاسبر - الماركسية والراديكالية البيئية















المزيد.....

الماركسية والراديكالية البيئية


فيل غاسبر

الحوار المتمدن-العدد: 7148 - 2022 / 1 / 29 - 09:53
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نشر النص باللغة الانكليزية في موقع العامل الاشتراكي بتاريخ 4 حزيران/يونيو 2013



خلال مظاهرة في واشنطن، خلال شهر شباط/فبراير لمعارضة خط الأنابيب كيستون إكس ل، الذي يبنى لنقل النفط الرملي من غرب كندا إلى ساحل الخليج الأميركي حمل أعضاء حملة الاشتراكية البيئية لافتات كتبوا عليها: “تغيير النظام، وليس تغير المناخ!”

لقي الشعار ترحيباً، بحيث أدركت أعداد متنامية من الناشطين البيئيين أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية هي وحدها القادرة على حل الأزمة البيئية المتزايدة.

ولكن ما هو نوع التغييرات المطلوبة والاستراتيجيات القادرة على تحقيقها؟ في هذا الإطار حصلت نقاشات جادة داخل الحركة ككل. ما أنوي المحاججة هنا هو أن الناشطين سيربحون الكثير من خلال الانخراط في النقد البيئي للرأسمالية الذي كان كارل ماركس وفريديك إنغلز أول من طوره في القرن الـ 19.

حتى وقت قريب، شاعت أسطورة تقول إن ماركس وإنغلز لم يقدما أي شيء بما خص البيئة. ولكن طوال الـ 10 إلى 15 سنة الماضية، دُحضت هذه الأسطورة من قبل عالم الاجتماع جون بيلامي فوستر والاقتصادي البيئي بول بوركيت [في كتابهما الصادر عام 2016].

أظهر فوستر في كتابه “علم البيئة عند ماركس”، المنشور عام 2000، أن الأفكار البيئية كانت مركزية في التحليل المادي عند ماركس وإنغلز منذ بداية الـ 1840ات. على سبيل المثال، عام 1844 كتب ماركس في مخطوطاته الاقتصادية والفلسفية:

“يعيش الإنسان من الطبيعة- هذا يعني أنها جسده، ويجب أن يظل التبادل مستمراً حتى لا يموت. إن ارتباط الحياة الجسدية والروحية للإنسان بالطبيعة يعني بكل بساطة أن الطبيعة مرتبطة بنفسها، لأن الإنسان هو جزء من الطبيعة”.

كما أشار ماركس وإنغلز في كتاباتهما اللاحقة إلى أن الرأسمالية تقطع الصلة بين الناس وبقية العالم الطبيعي، يسميها ماركس في بعض الأحيان “الصدع الاستقلابي”- انشطار دائم في العلاقات التبادلية الاجتماعية الواردة في قوانين الحياة الطبيعية”.

في مسودات كتاب رأس المال المكتوبة خلال 1850ات، والتي نشرت لاحقاً بعنوان Grundrisse (أسس نقد الاقتصاد السياسي)، كتب ماركس:

“ليست الوحدة بين الناس الأحياء والفاعلة مع الظروف الطبيعية، وغير العضوية، وتبادلهم مع الجوهري في الطبيعة وليس، بالنتيجة، استحواذهم على الطبيعة، الذي يتطلب تفسيراً أو هو نتيجة لسيرورة تاريخية، إنما عبر الفصل بين هذه الشروط غير العضوية للوجود البشري وهذا الوجود النشط، الفصل لم يطرح كفصل كامل سوى في العلاقة بين العمل المأجور ورأس المال”.

في الاقتصادات الرأسمالية، تتحكم أقلية، مدفوعة بالمنافسة والباحثة عن أرباح متزايدة، بوسائل الانتاج. يراكم الرأسماليون الأرباح، فيؤدي ذلك إلى التركيز على الكسب القصير الأجل والمتجاهل للآثار البعيدة المدى للانتاج، من بينها نتائجها على البيئة الطبيعية.

ووفق إنغلز:

“بما أن الرأسماليين منخرطون بالانتاج والتبادل من أجل الربح الفوري، آخذين بعين الاعتبار النتائج القريبة والفورية فقط وبما أن الصانع أو التاجر يبيع سلعاً محققاً الربح المرغوب الاعتيادي، فهو راضٍ وليس معنياً بما سيحصل للسلعة أو لمشتريها”.

كما يشير إنغلز إلى الطريقة التي يمكن أن يؤدي الدافع إلى تحقيق الربح إلى حصول كارثة بيئية:

“نفس الأمر ينطبق على الآثار الطبيعية لنفس الأفعال. لم يهتم المزارعون الاسبان في كوبا، عندما حرقوا الغابات في الجبال وحصلوا على الرماد الكافي لجيل واحد من أشجار البن المحققة للأرباح- ما اهتموا به هو أن هطول الأمطار الاستوائية الغزيرة ستتساقط على الجبال، التي باتت خالية من الأشجار، وبذلك ستنجرف التربة، تاركة خلفها الصخور فقط!”

ويختم إنغلز: “فيما يتعلق بالطبيعة، كما هو الحال بالنسبة للمجتمع، يهتم نمط الانتاج الحالي بالنتيجة الفورية، ومن ثم يصابون بالدهشة لأن النتائج البعيدة للأفعال الساعية لتحقيق هذه النتائج تتحول لأن تصبح مختلفة تماماً، بحيث تكون العكس تماماً من ناحية طبيعتها”.

في كتاب رأس المال، وبالاستناد إلى البحث الرائد للكيمائي جوستس فون ليبيغ، ناقش ماركس السيرورة التي تميل الرأسمالية إلى استنفاد خصوبة التربة:

“الانتاج الرأسمالي، من خلال تركيز السكان في المراكز الكبرى، والتسبب بتزايد أعداد سكان المدن، من جهة، يركز القوة المحركة التاريخية للمجتمع، ومن جهة أخرى، يكسر الدورة الطبيعية بين الإنسان والتراب، بمعنى، يمنع عودة ما تنتجه التربة من غذاء، والتي يستهلكها الإنسان، إليها، بذلك هو ينتهك الشروط الضرورية لتحقيق خصوبة التربة”.

بشكل جلي، النفايات البشرية التي كان يمكن استعمالها في السابق كسماد طبيعي، بات الآن من الضروري التخلص منها بطرق أخرى. “إفرازات الاستهلاك لها أهمية كبيرة للغاية للزراعة”، كتب ماركس، وأضاف: “بقدر الفائدة الكبيرة من استخدامها، لكن الذي يحصل هو هدر هائل لها داخل الاقتصاد الرأسمالي. ففي لندن، على سبيل المثال، لا يجدون أفضل حل للتخلص من إفرازات 4 مليون شخص سوى بتلويث نهر التايمز بتكلفة كبيرة للغاية”.

خلال ذلك، ومع انخفاض خصوبة التربة خلال القرن الـ 19 في بريطانيا بداية من خلال استيراد كميات كبيرة من العظام من أوروبا وبقايا الطيور من جنوبي أميركا، ولاحقاً استخدام الأسمدة الاصطناعية، الأمر الذي تسبب بتلوث المياه الجارية والجوفية، ووفقاً لماركس:

“كل تقدم بالزراعة الرأسمالية هو تقدم للقدرة، ليس فقط من خلال نهب العمال، إنما أيضاً نهب التربة، كل زيادة في خصوبة التربة لفترة زمنية معينة، هو تزايد بتدمير المصادر المحققة لتلك الخصوبة… بالتالي، إن الانتاج الرأسمالي يؤدي إلى تطور التكنولوجيا، ويدمج بين سيرورات المختلفة ضمن كلٍ اجتماعي، فقط عبر استنزاف المصادر الأصلية لكل الثروة- التربة والعمال”.

خلال أيام ماركس وإنغلز، كان الضرر البيئي الناجم عن الرأسمالية محصوراً في مناطق أو دول معينة. أما اليوم، وبعد تهديد التغيّر المناخي العالم بأكمله، حيث بات إنتاج غازات الاحتباس الحراري من الاقتصاديات الرأسمالية الكبيرة يهدد النظام البيئي في كل الكوكب.

ولكن في وقت بات حجم واتساع الأزمة البيئية اليوم أكبر بكثير والخطر الناتج عنه أكبر كذلك، فإن الأسباب الكامنة- حتمية التراكم والنمو الرأسمالي، و”الصدع الاستقلابي” الناتج بين البشر وبقية العالم الطبيعي- ما زال كما هو.

لذلك، لا يمكن أن يكون هناك من حل تقني لمشاكل مثل الاحتباس الحراري. بالطبع، هناك حاجة إلى تقنيات جديدة- خاصة في مجال الطاقة البديلة المتجددة القائمة على الشمس والرياح وحركة المد والجزر. لكنها لن تكون كافية ما لم تكن مدموجة ضمن نظام اقتصادي لا تقوده الحاجة المستمرة للتوسع وبالتالي يحصل التخطيط له بشكل ديمقراطي بهدف ضمان الاستدامة على المدى البعيد.

بالنسبة لماركس، عنى ذلك: “أن المنتجين المرتبطين… ينظمون بشكل عقلاني تبادلهم مع الطبيعة، وبالتالي يضعونها تحت سيطرتهم، بدلاً من أن تحكمها قوى الطبيعة العمياء، ويتحقق ذلك بأقل إنفاق للطاقة وفي ظل الظروف الأكثر ملاءمة، والمناسبة، لطبيعتهم البشرية”.

وكما أشار إنغلز، إن مثل هذا التنظيم العقلاني يجب أن يحصل بأكبر قدر من العناية:

“دعونا لا نمدح أنفسنا كثيراً بسبب انتصاراتنا البشرية على الطبيعة. لكل انتصار على هذا الشكل تنتقم الطبيعة منا. وعند كل نصر، صحيح أنه يحقق النتائج التي توقعناها في الدرجة الأولى، ولكن لاحقاً، تظهر التأثيرات المتعددة وغير المتوقعة التي في أغلب الأحوال ستلغي النتيجة المحققة في البداية…

وهكذا عند كل خطوة نتذكر أننا لا نتحكم بالطبيعة بأي حال من الأحوال، مثل من يغزو شعباً أجنبياً كشخص يقف خارج الطبيعة- ولكننا، بلحمنا ودمنا وعقلنا، ننتمي للطبيعة، ونتحقق بها، وكل سيادتنا عليها تتمثل في حقيقة أننا نتمتع بميزة على بقية الكائنات في القدرة على تعلم قوانينها وتطبيقها بشكل صحيح”.

اعتبر ماركس وإنغلز بأن المجتمع المستدام بيئياً يتطلب “إلغاء التناقض بين الريف والمدينة”. أوضح إنغلز أن هذا يعني “توزيعاً موحداً قدر الإمكان للسكان على كل أنحاء البلاد” و”إقامة صلة تكاملية بين الانتاج الصناعي والزراعي”.

إذا كان هذا التحليل صحيحاً [وهو كذلك]، فيجب على أنصار البيئة أن يضعوا نصب أنظارهم ليس فقط إجراء التغييرات داخل النظام الرأسمالي، إنما في نهاية الأمر إلغاء الرأسمالية نفسها. لتجنب كارثة بيئية، نحن بحاجة إلى إنشاء مجتمع لا يقوم على المنافسة والنمو الدائم، إنما على التعاون، والديمقراطية الاقتصادية والاستدامة الطويلة الأمد.

يقدم ماركس رؤيته لمثل هذا المجتمع في الصفحات الأخيرة من رأس المال، المجلد الثالث:

“من وجهة نظر التشكيلة الاقتصادية-الاجتماعية الأرقى، تظهر الملكية الخاصة لأفراد معينين للأرض أمراً لا منطقياً تماماً كملكية شخص لأشخاص آخرين.

حتى المجتمع بأكمله، أو الأمة، أو كل المجتمعات المتواجدة سوية في وقت واحد، ليسوا مالكين للأرض، إنما هم بكل بساطة الحائزون عليها، والمستفيدون منها، ويجب أن يورثوها للأجيال المقبلة بحالة أفضل، كالأهل الطيبين”.

نأمل وضع حد للتهديدات التي يشكلها خط أنابيب كيستون إكس ل من خلال نضالنا. ولكن في نهاية الأمر، الأمل بتجنب كارثة بيئية يتطلب أن نأخذ على محمل الجد النضال من أجل تغيير نوع النظام الذي وصفه ماركس.



#فيل_غاسبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية والراديكالية البيئية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فيل غاسبر - الماركسية والراديكالية البيئية