أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - رشيد غويلب - في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *















المزيد.....

في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 7143 - 2022 / 1 / 23 - 23:10
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


ترجمة واعداد

قبل مئة عام بالضبط، صدرت انتقادات روزا لوكسمبورغ للبلاشفة. فدفعت بها الأحزاب الشيوعية الى الهامش.
“الحرية لأنصار الحكومة وحدهم، لأعضاء الحزب فقط - مهما كان عددهم -ليست حرية. الحرية دائما هي فقط حرية أصحاب الفكر المختلف”. الجملة الثانية من هذا الاقتباس معروفة عموما. ومع ذلك، فإن الكتاب الذي احتواها أقل شهرة. وهذا أمر مؤسف، وعلى عكس ما يدعيه الليبراليون والديمقراطيون الاجتماعيون، فإن هذه المقولة لا تعني اطلاقا رفضا عاما للثورة. كما أنها ليست سوء فهم تم تصحيحه فيما بعد، كما هو الموقف الرسمي للأحزاب الشيوعية طيلة عقود، بل أكثر من هذا، أشار نقد لوكسمبورغ إلى “الأخطاء الجوهرية في نظرية لينين-تروتسكي”.
كتبت روزا لوكسمبورغ مخطوطتها عن الثورة الروسية خلال شهري أيلول وتشرين الأول عام 1918، في زنزانتها في سجن بريسلاو، حيث كانت محتجزة فيما يسمى بالحجز الاحترازي. واعتمدت روزا الصحف الألمانية، وما يصلها من الصحف الروسية كمصدر لمعلوماتها. ونُشرت المخطوطة بعد وفاتها، بعنوان “روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية” الذي اختاره المحرر. وتتكون المخطوطة من 114 صحفة مكتوبة بخط اليد وتحتوي على ثروة من التعليقات والأفكار التحليلية العميقة. وهذه الطبعة لم تكن كاملة، وفي عام 1928 صدرت طبعة جديدة على اعتبار أنها مخطوطة تم العثور عليها حديثا.
كانت روزا لوكسمبورغ من أكثر المتحمسين لثورة أكتوبر وللحزب البلشفي، وأوضحت ذلك في مخطوطتها: “كل ما يمكن لحزب أن يقدمه من شجاعة وبعد نظر ثوري واتساق في لحظة تاريخية مفصلية، لينين وتروتسكي وبقية الرفاق استطاعوا أن يقدموه على أحسن وجه. ان كل الشرف والقدرة الثورية التي تفتقر إليهما الاشتراكية الديمقراطية الغربية تمثلا في البلاشفة. ان انتفاضة أكتوبر لم تكن فقط الخلاص الفعلي للثورة الروسية، لكنها كانت أيضا الخلاص الأممي للاشتراكية “. و”ليس مهما هذا السؤال التكتيكي الثانوي أو ذاك، ولكن قدرة البروليتاريا على الفعل، وقوة العمل، وإرادة الاشتراكية على القيام بشيء مماثل. من هنا، مضى لينين وتروتسكي ورفاقهما قدماً كمثال للبروليتاريا في العالم”. وأضافت “هذا الأمر أساسي ودائم في السياسة البلشفية. لقد قدموا بهذا المعنى خدمة تاريخية خالدة لسيرهم على رأس البروليتاريا العالمية واستيلائهم على السلطة السياسية والعمل على حل المشاكل في سبيل تحقيق الاشتراكية، ولأنهم فرضوا حلا نموذجيا يحتذى به في كل العالم للنزاع بين رأس المال والعمال… بهذا المعنى، إن المستقبل في كل مكان يرتبط بالبلشفية”.
وبالنسبة للديمقراطيين الاجتماعيين في الحكومة الألمانية حينها، الذين نأوا بأنفسهم عن الثورة الروسية، لا تملك روزا سوى الازدراء والسخرية. وتضع روزا جوهر القضية في السياق الصحيح “في روسيا يمكن طرح المشكلة، ولكن لا يمكن حلها، لان حلها لا يمكن ان يكون الا أمميا”.
وعلى الرغم من إشادتها الكبيرة بثورة أكتوبر، اكدت روزا لوكسمبورغ ان خدمة الثورة تستدعي تدقيق كل ما قام به البلاشفة. وان النهج الماركسي، وفق رؤيتها، يعني عدم القبول بما يحدث دون إخضاعه لنقد علمي. وقد شمل نقد روزا لوكسمبورغ، ضمن أمور أخرى، عدة قضايا سياسية وتنظيمية في الممارسة البلشفية، بعد انتصار الثورة: مسألة الأراضي، مسألة القوميات، حل الجمعية التأسيسية، الحقوق الديمقراطية للعمال، والمركزية الشديدة في بناء الحزب والممارسات البيروقراطية.

قضية الفلاحين
بتمعن شديد، تحلل لوكسمبورغ “الظروف الخطيرة” والتناقضات التي ميزت الثورة الروسية منذ البداية. كان البلاشفة مدفوعين بالأحداث. وكان استيلاؤهم الناجح على السلطة في نهاية عام 1917 مشروطًا بتخليهم عن برنامجهم الزراعي والامتثال بدلاً من ذلك لمطالب الفلاحين بتقسيم المزارع الكبيرة: كان برنامج لينين الزراعي قبل الثورة مختلفا. لقد نص برنامج البلاشفة على تأميم الأراضي. وأن لينين جادل بقوة ضد الاشتراكيين الثوريين الذين كانوا يؤيدون فكرة توزيع الأراضي على الفلاحين. وعاد ليتبنى توزيع الأراضي على الفلاحين، الذي طالبت به الحركة العفوية للفلاحين”. هؤلاء الفلاحون، كانوا يؤدون” اعمالا صغيرة بدائية” و”يعملون تقنيا بوسائل عصر الفراعنة”، وكانوا يشكلون الغالبية العظمى من السكان حينها (80 في المائة). لم يكن ممكنا تجاوز أفكار غالبية السكان من الفلاحين. لكن على المدى الطويل، كان من المحتم أن يكون لشعار الاستيلاء الفوري على الأرض وتوزيعها على الفلاحين عواقب وخيمة، ولاحظت لوكسمبورغ: “الجانب السلبي هو أن استيلاء الفلاحين المباشر على الأرض لم يكن له أي شيء مشترك على الإطلاق مع الاقتصاد الاشتراكي”. لقد بين تاريخ الاتحاد السوفيتي بوضوح إلى أي مدى كانت لوكسمبورغ على حق في قولها إن توزيع الاقطاعيات الكبيرة على الفلاحين أدى في النهاية إلى تعزيز اشكال الملكية البرجوازية وجعل الطريق وعرا امام “إصلاح اشتراكي مستقبلي للعلاقات الزراعية”. لقد كانت المجاعة في نهاية الحرب الأهلية، والأشكال القسرية للزراعة التعاونية، وعدم رغبة الفلاحين بالاقتصاد التعاوني، ما ميز تطور الاقتصاد السوفييتي بأكمله.
تقرأ تحذيرات لوكسمبورغ وكأنها نبوءة شريرة: “لقد خلق الإصلاح الزراعي اللينيني طبقة جديدة قوية من أعداء الاشتراكية في الريف، ستكون مقاومتهم أكثر خطورة وإصرارا من مقاومة ملاك الأراضي الأرستقراطيين”. وفي موقع آخر: “الآن، بعد “ملكية الارض”، تقف كتلة قوية ومتنامية بشكل هائل من الفلاحين المالكين كعدو لأي شكل مجتمعي اشتراكي للزراعة وسوف يدافعون عن ممتلكاتهم المكتسبة حديثًا ضد كل الهجمات الاشتراكية”.

من دكتاتورية البروليتاريا
إلى الاشتراكية الديمقراطية
لا تنحصر تحذيرات روزا لوكسمبورغ في السياسة الزراعية للبلاشفة. ومنحتها في هذه المرحلة المبكرة الأشكال السياسية للثورة مادة للتفكير. إن الشيء الرائد في ملاحظاتها هو أنها لم تُعامل “الديمقراطية الاشتراكية” و”الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا” على أنهما نقيضان، بل وضعتهما في ترابط واضح. وتأتي في هذا السياق ملاحظتها الشهيرة حول “حرية أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف”
تتحدث لوكسمبورغ هنا، وانطلاقا من أرضية الثورة، ضد دكتاتورية حزب ما ومع الحرية. ان الثورة تحتاج الحرية لذاتها. وهذه الحاجة لا يمكن تأجيلها حتى اللحظة الأخيرة، لأن الحرية تبدأ بالثورة، إنها إكسير الحياة: “ان الديمقراطية الاشتراكية لا تبدأ فقط في أرض الميعاد، عندما يتم إنجاز البنية التحتية للاقتصاد الاشتراكي، كهدية عيد الميلاد الجاهزة للشعب الطيب، الذي أصبح في هذه الاثناء مخلصا لحفنة من الديكتاتوريين الاشتراكيين. تبدأ الديمقراطية الاشتراكية في نفس وقت تفكيك الحكم الطبقي وبناء الاشتراكية. تبدأ عندما يستولي الحزب الاشتراكي على السلطة. إنها ليست سوى دكتاتورية البروليتاريا”.
لا تشك لوكسمبورغ في أن الثورة سوف تكون مصحوبة بإجراءات صارمة ضد الملكية البرجوازية. ومع ذلك، فإنها توضح أنه لا يمكن بناء المجتمع الجديد إلا على أساس طوعي وديمقراطي: من الواضح “ان الاشتراكية، ارتباطا بطبيعتها، لا يمكن فرضها بمرسوم فوقي. انها تشترط سلسلة من إجراءات عنيفة ضد الملكية.. الخ. ان ما هو سلبي، والهدم يمكن فرضه، لكن البناء وما هو إيجابي لا يمكن فرضه. ان هناك آلاف المشاكل. والتجربة لوحدها قادرة على تصحيح وفتح طرق جديدة. فقط الحياة غير المقيدة والتي تفور بآلاف الأشكال والمبادرات الجديدة، يمكنها أن تُخرج إلى النور قوة جديدة خلاقة تصحح بنفسها كل المحاولات الخاطئة”.
بالنسبة إلى لوكسمبورغ، فإن الثورة الاجتماعية والتحرر و”التحول الروحي” ليست مهمة المثقفين أو الحزب، ولكن يمكن أن تكون فقط من عمل “الجماهير المهانة” نفسها: “يجب أن يشارك فيها مجموع كتلة الشعب. وإلا فإن الاشتراكية سيجري فرضها من وراء بعض المكاتب الرسمية من قبل حفنة من المثقفين”. في السنوات الاولى من القرن العشرين، انتقدت لوكسمبورغ بشدة مفهوم لينين لبناء الحزب من طراز جديد، كطليعة موحدة منظمة، على أساس مركزية صارمة. ولم يكن واضحا لها، حتى ذلك الوقت، أن كادرا من الثوار المحترفين سيخرج روسيا من المصيدة.
تحديدا في هذا التقليد، يجب قراءة نقدها الحاد لممارسات في السنة الأولى من عمر الثورة: “المراسيم، وعنف مشرفي المصانع الديكتاتوري، والعقوبات الصارمة، وسلطة الرعب، كل هذه الوسائل تمنع هذا الانبعاث. والسبيل الوحيد لهذا الانبعاث هو مدرسة الحياة العامة نفسها، أوسع ديمقراطية غير مقيدة، ورأي عام. ان مجرد انتشار الرعب يحبط الروح المعنوية. وبدون انتخابات عامة، وحرية غير مقيدة للصحافة وللتجمع، والنضال الحر للرأي، تموت الحياة في كل مؤسسة عامة، وتصبح حياة زائفة تظل فيها البيروقراطية العنصر النشط وحدها “.
لقد أكدت لوكسمبورغ بشكل واضح أن الإجراءات التي اتخذها البلاشفة ولدت بدافع الضرورة وبالتالي كانت في كثير من الأحيان بسبب “أصعب ظروف يمكن تخيلها”: “يجب على أي حزب اشتراكي يصل إلى السلطة في روسيا اليوم أن يتبع تكتيكات خاطئة طالما أنه جزء من الجيش البروليتاري العالمي، وسيترك بمفرده من الجزء الأكبر من هذا الجيش”. ان هذا الوضع الموضوعي في روسيا يمثل جانبا واحدا فقط من المشكلة. وما قام به البلاشفة يمثل جانبا آخر منها، وخصوصا تعميم ممارسات العنف التي فرضتها الضرورة، وتقديمها على أنها تمثل ممارسة إبداعية ماركسية، كان شيئا مختلفا تماما: ان “الخطر يبدأ هناك، حيث يصنعون مما حدث بدافع الضرورة فضيلة، وترسيخهم التكتيكات المفروضة من الظروف القاهرة، نظريا وفي جميع الاتجاهات، ورغبتهم بنصح البروليتاريا العالمية، اعتماده كنموذج ومحاكاته”.
وتحذر روزا من الأخذ به “بلا نقد وتقليد شغوف، بل مراجعة نقدية للأساليب السابقة”. لكن هذا التعامل النقدي مع ثورة أكتوبر ونتائجها هو بالضبط ما لم تمارسه الحركة الشيوعية. وأكثر من هذا، اعتمدت تكتيكات البلاشفة التي فرضتها “الظروف الخطيرة” باعتبارها “ماركسية-لينينية” وأعلنت عالمية صلاحيتها

ماذا بقي من روزا لوكسمبورغ ؟
كان التعامل مع إرث روزا لوكسمبورغ في الحركة الشيوعية في القرن العشرين متناقضا. من ناحية احتفي بها كشهيدة للثورة الألمانية 1918، ومن ناحية أخرى جرى العمل على إخفاء ارثها النظري، بسبب طبيعة أفكارها عن الديمقراطية الاشتراكية والحرية، التي لم تكن متوافقة مع النظرية اللينينية ولا مع الحياة اليومية في ظل اشتراكية الدولة. لقد سلط الضوء بإيجابية كبيرة على رفضها الحاد للحرب العالمية الأولى. اما بخصوص القضايا الأخرى فقد تم مبدئيا تأكيد صحة نقد لينين لها. وقد انتشرت هذه الرؤية في أحزاب الأممية الشيوعية. ووصف منهجها بـ “شبه انساني”، وعومل على انه انحراف خطير عن الخط العام. وعد هذا أيضا صحيحا بالنسبة للحزب الشيوعي في المانيا، الذي كانت روزا أبرز مؤسسيه. وعندما كان ينبغي، وضع الحزب الاشتراكي الألماني الموحد، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية على المسار الصحيح، نشر إيديولوجي الحزب فريد أويلسنر “سيرة ذاتية نقدية سطحية” لروزا لوكسمبورغ في عام 1951. وصفها في البداية بأنها “منظرة وكاتبة ماركسية ذكية”. وما عدا ذلك، لم يترك مجالا للشك في ماهية كتابه: “التجاوز النقدي لأخطاء روزا لوكسمبورغ”. لأن “اوهامها واخطاءها كانت كبيرة أيضا، مما قاد الطبقة العاملة الألمانية إلى المسار الخطأ”. ووصف أويلسنر “اللكسمبورغية” بأنها “نظام كامل من المفاهيم الخاطئة”.
إن مصير مخطوطة لوكسمبورغ حول الثورة الروسية، في هذا السياق، مثير للاهتمام بشكل استثنائي. بعد مقتلها المروع على يد الفيلق اليميني الحر، بقيت الملاحظات المكتوبة بخط اليد مع صديقها السياسي ورفيقها باول ليفي، أول رئيس رسمي للحزب الشيوعي في المانيا. ولم تنشر المخطوطة إلا بعد طرده من الحزب عام 1921. وفي مقدمة كتبها في نهاية عام 1921، برر توقيت النشر، من بين أمور أخرى، كما يلي: “أن السياسة البلشفية الحالية سوف تكون مصحوبة بأخطر العواقب للحركة العمالية في أوروبا وأنه يجب تعزيز النقد المستقل لما يجري في روسيا”. لم يرغب الحزب الشيوعي في ألمانيا ترك الامر بدون تعليق. نشرت كلارا زيتكن في وقت لاحق من العام نفسه كتابًا بعنوان” حول موقف روزا لوكسمبورغ من الثورة الروسية”، مدعية بأن لوكسمبورغ غيرت رأيها في تكتيكات البلاشفة في الفترة القصيرة بين إطلاق سراحها من السجن واغتيالها. بينما كان ليفي، خلال هذه الفترة، على اتصال يومي بلوكسمبورغ، كانت آخر مرة تحدثت فيها زيتكن معها في عام 1916. وفي وقت متأخر من عام 1918، كتبت لوكسمبورغ: “إن الثورة البروليتارية لا تحتاج إلى الإرهاب للوصول الى أهدافها؛ إنها تكره وتمقت قتل البشر”. ليس هناك ما يدعم تأكيد كلارا زيتكن.
مهما كانت فكرة روزا لوكسمبورغ في أيامها الأخيرة عن الثورة الروسية، فان تعامل الأحزاب الشيوعية مع مخطوطتها غير مقبول. في حين كانت النسخة غير الكاملة التي حررها بأول ليفي، ونشرها لأول مرة، تصل بالكاد الى 50 صفحة، بلغت صفحات توضيح كلارا زيتكن 220 صفحة. وعلى الرغم من صدور كتابات لوكسمبورغ في ترجمات مختلفة وعدة طبعات ألمانية، كان على أول اصدار باللغة الروسية الانتظار حتى عام 1990. وعلى الرغم من طباعة النسخة البولندية في عام 1957، لكنها اتلفت ولم توزع في المكتبات. وقبل عثور الحركة الطلابية في عام 1968 على المطبوع وتوزيعه في عدة نسخ مسروقة، صدرت عدة طبعات في ألمانيا الغربية (هامبورغ 1948، هاميلن 1957 وفرانكفورت أم ماين 1963). وشهد عام 1974 اصدار المجلد الرابع من اعمال روزا لوكسمبورغ لأول مرة في المانيا الديمقراطية. وبالطبع تم تضخيمه بواسطة عدد كبير من هوامش المؤيدين للرؤية اللينينية. ولم تجر مناقشة جدية لانتقاداتهم.
من المؤكد أن روزا لوكسمبورغ كانت ستبغض فكرة تقديسها، ولن تكون عادلة إزاء نتاجها الفكري. ان كتاباتها النظرية لا تثير الإعجاب بسبب بلاغة لغتها فقط، بل أولا لحدة تحليلها وسعة وبعد نظرها، وهذه هي الصفات والمهارات التي يحتاجها اليسار السياسي بشدة اليوم، إذا أراد مواجهة الأزمات المنتشرة في عصرنا. إن أزمة المناخ، والاضطرابات الاجتماعية المتزايدة، وأخيراً وليس آخراً، الوباء، الذي هو نتيجة مباشرة للاستغلال الرأسمالي لسبل عيش الناس، توضح بجلاء ضرورة التغييرات الثورية الكبيرة في الهيكلية السياسية والاقتصادية لمجتمعنا. لا يمكن الاستغناء عن البناء النظري الماركسي في مثل هذه الممارسة الثورية. يبين كتاب روزا لوكسمبورغ عن الثورة الروسية إلى أي مدى كانت الماركسية في الأصل، نظرية وممارسة اجتماعية حية، وليس عقيدة مقدسة. إن التعامل مع الأصل ومحتواه النظري ضروري اليوم أكثر من أي وقت مضى. وليس هناك سبيل لتجاوز كتابات روزا لوكسمبورغ. ان هذه المقالة وغيرها الكثير تؤشر موضوعات نقدية مهمة مما كتبته روزا تعضيدا لثورة أكتوبر، ولكنها ليس بديلا عن قراءة نصوص روزا لوكسمبورغ مباشرة، مما يساعد على فهم جوهر منهجها في مواكبة ما حدث في روسيا، وتدقيقه لدفع العملية الثورية بالاتجاه الصحيح، ولم تكن لغة روزا رغم جذريتها عدائية تجاه لينين ورفاقه، بل كانت موضوعية، ومباشرة، واضحة، وصريحة، لأنها تعاملت مع ثورة أكتوبر على انها ثورتها، وسجلت اعجابها بالملحمة الثورية التي سطرها البلاشفة بأكثر من موقع ومناسبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن مقالة بعنوان “لوكسمبورغ حول الثورة الروسية” بقلم كرستيان هوفمان نشرت في الموقع الألماني لمجلة “جاكوبين” اليسارية الأمريكية



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ...
- دعا الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف أكثر إنسانية/ الرئيس الم ...
- محاولة لفهم ما يحدث/ كازاخستان بين فساد النظام والصراعات الد ...
- في ذكرى اكتشاف -العالم الجديد- / النهب والإبادة الجماعية مصد ...
- الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا يستعرض حصيلة 2021
- في خرق جديد لمبادئ الديمقراطية وسيادة الدولة/ بريطانيا تحرم ...
- الرجل الذي هز الأساس الديني الزائف للنظام العنصري / رحيل ديس ...
- في حين يعاني اليسار الأوربي من المراوحة / يسار 2021: انتصارا ...
- وقفة متأخرة
- العصا الغليظة / موضوعات عن منهجية الإمبريالية الأمريكية في أ ...
- من ساحات الاحتجاج إلى القصر الجمهوري / في تشيلي انتصار حاسم ...
- بعد شكوى لمناهضين للفاشية / المحكمة الاتحادية الدستورية تقاض ...
- القمة الأمريكية الروسية / اقتراب من صراع مفتوح ومخاوف من الا ...
- مؤتمر حزب العمل البلجيكي: عملية تجديد متواصلة
- بعد 12 عاما من حكم اليمين وسلسلة مؤامرات أمريكية / اليسارية ...
- على الرغم من تراجع حكومة اليمين الهندوسي العنصري / فلاحو اله ...
- امريكا اللاتينية تنتخب / انتصار في فنزويلا وانتخابات في تشيل ...
- تحقيق البديل ليس حلما طوباويا/ أول عمدة شيوعية في غراتس النم ...
- استراتيجيات عسكرية جديدة للاتحاد الأوربي
- شيء عن مسودة التقرير السياسي


المزيد.....




- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب
- البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا
- ماذا نعرف عن القانون -المثير للجدل- الذي أقره برلمان بريطاني ...
- أهالي المحتجزين الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو ويلت ...
- بريطانيا: ريشي سوناك يتعهد بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا في ...
- إخفاقات وإنجازات.. الخارجية الأميركية تصدر تقرير حقوق الإنسا ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - رشيد غويلب - في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *