أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - عن روح الإسلام














المزيد.....

عن روح الإسلام


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7141 - 2022 / 1 / 20 - 12:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتبر القرآن جوهر العقيدة الإسلامية وهو كتاب أزلي "خالد" وغير قابل للتغيير شكلاً ومضموناً، فكيف يمكن والحالة هذه التعامل مع فكرة الحداثة ذات الطابع النسبي فيما يتعلّق بالحقيقة وتطوّرها المستمر، خصوصاً بما له صلة بإعادة صياغتها في ضوء التطوّر العلمي وبما يساعد على تحديثها؟
ومثل هذا الأمر يرتبط بالهويّة من داخل الإسلام ومن خارجه، خصوصاً حين تكون مهدّدة بالانغلاق والتقوقع أو بالتذويب والتغريب. وتدور حول ذلك مقاربتان أساسيّتان تتعلّقان بقراءة النصوص، فالمقاربة الأولى تقوم على القراءة الحرفية، أي التمسّك بالنص بحذافيره دون الأخذ بعين الاعتبار متى قيل؟ ولماذا؟ وكيف؟ وماذا يُقصَد منه؟ بمعنى من المعاني عدم أخذ النص بسياقه التاريخي، باعتباره نصاً مقدّساً سرمديّاً، علماً بأن بعض النصوص تتوقف عند الأسباب التي قيلت في ظروفها، وجاء التطوّر لنسخها وتجاوزها.
المقاربة الثانية، تتعامل مع النصوص من موقع التفسير والتأويل، باستلهام روحها وليس حرفيّتها، وذلك بما له علاقة بالعقل والتطوّر التاريخي وسمة العصر ، والدين في نهاية المطاف هو دين العقل ، وما يتعارض مع العقل سيكون متعارضاً مع الدين، لأن العقل هبة ربّانية منحها الله للإنسان.
وفي هذا الإطار تبرز ثلاث اتجاهات:
الاتجاه الأول – الدين الأيديولوجي الذي يعتمد على التفسير الحرفي للنص، ويقود مثل هذا التفسير إلى سحب الماضي على الحاضر في محاولة لإحداث التوافق على الرغم من الفارق الزمني الذي يربو على 1400 عام. ومثل هذا الاتجاه ينغلق على نفسه ويرفض التطوّر بزعم التمسك بالنصوص بما يؤدي إلى التعصّب، وهذا الأخير ينجب التطرّف ، وحين يصبح التطرّف سلوكاً وينتقل إلى الفعل سيصير عنفاً، وحين يضرب العنف عشوائياً يتحوّل إلى إرهاب، وهذا الأخير يمكن أن يكون دولياً حين يصبح عابراً للحدود وهدفه إضعاف ثقة الدولة بنفسها وإضعاف ثقة المجتمع والفرد بالدولة أيضاً.
الاتجاه الثاني – الإسلام السياسي، وهو انعكاسٌ للاتجاه الأول، ولكنه يتعامل بصورة براغماتية تبعاً للمصالح السياسية الأنانية الضيّقة، ويبقى اتجاهاً أحادياً إطلاقيّاً لا يقبل الآخر ولا يقرّ بالتنوع والتعدّدية والحق في الاختلاف، وإذا ما وصل إلى السلطة سيكون أكثر تشدّداً وإقصاءً للآخر، ولا يتورّع مثل الاتجاه الأول في استخدام العنف والإرهاب بزعم إعلاء كلمة الإسلام.
أما الاتجاه الثالث – الاسلام الثقافي، فهو ينبع من تأويل جديد وقراءة عصرية للنصوص المقدّسة واستلهام روحها الحيوية وليس حرفيّتها. ويأخذ الإسلام الثقافي بممارساته وشعائره خصائص المجتمع الذي يعيش فيه ويتعامل معه، أي أن الإسلام الثقافي وثيق الصلة بالحضارة التي ينتمي إليها. وإذا كان الإسلام واحداً، إلّا أن ثمة خصوصية لكلّ مجتمع تؤثّر على تطبيقاته وممارسة تعاليمه، حتى وإن بقي الجوهر موحّداً، فهناك إسلام عربي وإسلام تركي وإسلام فارسي وإسلام باكستاني وإسلام أفغاني وهكذا، أي أن النصوص الإسلامية المقدّسة بما فيها القرآن الكريم تتمّ قراءتها وفقاً لخصائص المجتمع التي تُطبّق فيه بمراعاة تقاليده وعاداته وأعرافه ودرجة تطوّره الاجتماعي.
ولعلّ الدفاع عن الهويّة يتحوّل أحياناً إلى نوع من التعصّب والتطرّف كلّما زاد عن الحدّ، وهو ما يفسّر ظهور الإسلاموية أو الإسلاملوجيا أي استخدام التعاليم الإسلامية السمحاء بالضدّ من روحها بزعم الدفاع عن الإسلام بوجه الغرب ومحاولات التغريب. وقد حملت القوى الإرهابية الراية الأيديولوجية مثل تنظيمات القاعدة و داعش و جبهة النصرة "جبهة فتح الشام" وأخواتهم، مستندةً إلى التعصّب والتطرّف بسبب الإحباط والقنوط وفشل الدولة الوطنية بعد مرحلة الاستقلال و التحرّر من الاستعمار المباشر، ناهيك عن استمرار عدم عدالة النظام الدولي، وخصوصاً إزاء حل عادل وسليم للقضية الفلسطينية، وهو الذي دفع مثل هذه التنظيمات إلى حشد مجموعات بشرية هائلة بالتعكّز على الطائفية السياسية وادعاء الأفضليات للانخراط بعمليات إرهابية وانتحارية.
وكانت الخلفية الأيديولوجية الإسلاموية بدأت مع الحركات الإسلامية الأولى، وفي مقدّمتها حركة الإخوان المسلمين منذ العام 1928 ، واستمرار حركات إسلامية أخرى سنية وشيعية بما فيها أنظمة عملت تحت عناوين راديكالية. وهكذا برّرت هذه القوى استخدام جميع الوسائل بما فيها الإرهاب لتحقيق أهدافها، وكان الضحية ليس المسلمين فحسب، بل العقل والعقلانية والاعتدال والتنمية.
إن الإسلام الثقافي هو أقرب إلى إسلام التأويل الذي يسمح للإجتهاد بإيجاد أفكار تفسيرية جديدة للنصوص المقدّسة، بما فيها القرآن، وهو أمر أُغلِق عليه الباب منذ نحو ألف عام تقريباً (منتصف القرن العاشر)، وأهمية الإجتهاد تكمن في التساوق مع التطوّر التاريخي وروح العصر، فأساس النهضة في أي مجتمع يقوم على الحريّة والتنمية، وهو ما أراده دعاتها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مثل الأفغاني ومحمد عبدة والكواكبي والطهطاوي والتونسي والنائيني وغيرهم ممّن امتلكوا شجاعةً ومعرفةً وعلماً، فضلاً عن لياقةٍ في دعواتهم لإحداث تطوّر وتراكم على نحو هادئ بما يؤدي إلى التغيير، ولا يمكن إحداث تنمية وتطوّر حقيقييّن في أيّ مجتمع دون إصلاح الحيّز الديني على حدّ تعبير هوبز.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثلّث الإرهاب : التعصّب والتطرّف والعنف
- المسيحيون والمواطنة الفائضة
- حوار مع الأكاديمي والمفكر العربي د. عبد الحسين شعبان
- ديزموند وقوس القزح
- مولر وفلسفة اللّاعنف
- حوار جريدة الحقيقة مع المفكّر والأكاديمي عبد الحسين شعبان
- سمفونية الرماد
- السياسة والفكر: أية علاقة؟
- فضيحة الشهادات المزورة في العراق
- العشائر والجذور الاجتماعية للسياسات العراقية المعاصرة
- خمسون سنة حوار ولا ساعة حرب
- السينما والذاكرة المشتركة
- هشام جعيط -الفتنة- المستمرة
- السيد محمد حسن الأمين: عمامة وعلمانية
- الإمارات : رؤية ما بعد الخمسين
- العروبة المؤنسنة
- الصين: الحضور الاستراتيجي
- عشر دقائق مع الحلاج
- صورة الأردن في العالم في 100 عام / الملك حسين الاستثناء في ا ...
- صورة الأردن


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - عن روح الإسلام