أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - غزوة حكومة إسرائيل على قرية - سعوة الأطرش-















المزيد.....

غزوة حكومة إسرائيل على قرية - سعوة الأطرش-


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 7136 - 2022 / 1 / 14 - 03:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غزوة حكومة إسرائيل على قرية "سعوة الأطرش"

من المتوقّع أن تستمر الاحتجاجات في عدة بؤر في مناطق النقب لبضعة أيام قادمة؛ وقد نشهد تصعيدًا في وتيرة المواجهات بين المواطنين العرب وقوٌات الشرطة الإسرائيلية، خاصة بعد أن بدأنا نلمح مشاركة نضالية تقودها بعض الفئات الشبابية الصغيرة المشحونة بدوافع غير نمطية وغير منقادة بملازم الصراعات السابقة التي عمّت النقب في العقد الأخير؛ مثلما حصل، مثلًا، قبل ثمانية أعوام، في الاحتجاجات ضد "قانون برفرمان"، أو في أم الحيران والعراقيب وبير هداج وغيرها.
ومن المرجّح أن يكون معظم الناس قد نسوا تفاصيل تلك الأحداث وماذا أطلق على بعضها من الأوصاف؛ "فأيام الغضب" كان عنوانًا سائدًا توّجت به بعض الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في مواقع عديدة ضد أهداف قانون برفرمان، كما وأننا لم نعدم نداءات المرابطة والنفير والتحشيد وما شابهها من حالات الاستشاطة العاطفية التي كانت تعبّر ، في الواقع، عمّا فينا من أماني؛ لكنها كانت تخطيء وصف حالتنا ولا تعكس حقيقة ضعف الجاهزية النضالية القائمة في صفوف الجماهير العربية. لقد كانت ردود أفعالنا وما زالت تخضع لتأثيرات تيارات قيادية متناطحة وغير متوافقة على اجماع أساسي أو على رؤية لمستقبل هذه الجماهير داخل الدولة، ولا تملك مشروعًا نضاليًا وحدويًا واضحًا، من شأنه أن يجذب الجموع ويجنّدها عن قناعة راسخة بصحّته وبضرورة السير على هديه ومن أجل تحقيقه.
ومع أنني لست خبيرًا ولا ضليعًا في جغرافية النقب، ولا في دهاليز تركيبته السكانية وخرائط عشائره الكريمة؛ لكنني، مثل كثيرين من المتابعين لما يحدث على أرضه، أستطيع أن أتكهّن أن مصير هذه الجولة من المواجهات، التي أثارها، هذه المرة، تحرش المؤسسة الإسرائيلية، السياسية والاستيطانية، بأراضي عشيرة الأطرش، سيكون مثل مصائر ما سبقها من مواجهات؛ وسيؤول إلى تهدئة ستمكّن كل طرف من أطراف النزاع أن يدّعي الانتصار لصالحه وليّ ذراع غريمه.
هنالك عناصر تشابه كثيرة بين ملامح الجولة الحالية، التي ما زالت أحداثها تتداعى أمامنا، وبين سابقاتها؛ إلا أننا لا نستطيع أن نغضّ النظر عن أنها استعرت، هذه المرة، في زمن حكومة ليست مسنودة بأصوات بعض النواب العرب الأعضاء في أحزاب صهيونية تقليدية، كما كان يحصل أحيانًا في السنوات الماضية، وحسب، بل بدعم أربعة نوّاب القائمة الموّحدة، الذراع السياسية للحركة الإسلامية.
انها مفارقة مستفزة بلا شك، لكنها تبقى، في ذات الوقت، وقفة لافتة لحركة سياسية ما فتئت تكشف بممارساتها عن أحد ملامح الحالة السياسية المأزومة داخل المجتمع العربي، والتي ستتطور حتماً إلى ما هو أعمق وأعقد، كما نستطيع أن نستدل على ذلك من التصريحات التي أطلقها منصور عباس ورفاقه في الحركة الإسلامية على خلفية المواجهات الأخيرة.
لم يتوقع أحد ألا يغرقنا نواب القائمة الموحدة، أو القياديون في الحركة الإسلامية، ببياناتهم المستنكرة وبرفضهم لعمليات التحرش في النقب وبتأكيد وقوفهم إلى جانب أهله، وتأييد حقهم في استعمال أرضهم؛ ولكن قد أخطأ كل من راهن على أنهم سوف ينسحبون من الإئتلاف الحكومي بسبب هذه الأزمة، مفترضًا أن انضمامهم إلى هذه الحكومة كان من أجل الدفاع عن أراضي النقب أو أي غرض من هذا القبيل، وليس كتعبير عن رؤيتهم السياسية الذرائعية الأشمل المسندة بالحجج الشرعية الواضحة.
وقد يكون ما أعلنه النائب وليد طه قبل أيام على صفحته خير برهان على موقفهم الثابت، الآن وفي المستقبل؛ فقد صرّح عل أن "أسهل طريقة للتعاطي مع هذا التحدي هو إعلان فوري للانسحاب من الإئتلاف، وهذه أداة في متناول اليد ويمكن تنفيذها في كل وقت، لكن المطلوب منا هو استنفاد كل الأساليب والأدوات المتاحة لضمان وقف التجريف الحالي وعدم تكرار هذه السياسات المجنونة للسنوات القادمة". لقد قال ذلك وهو يعرف أن هذا الأمر لن يحدث على الإطلاق.
لقد برزت بين بعض المراهقين السياسيين تعابير التشفي بأهل النقب الذين دعم بعضهم الأحزاب الصهيونية والقائمة الاسلامية الموحدة، وقد فات هؤلاء المتشفين أن ظاهرة دعم تلك الأحزاب تفشت في كثير من المواقع العربية داخل إسرائيل، وهي في الواقع عارض بارز يكشف وقوع مجتمعاتنا كضحايا لحالة غياب المرجعية السياسية الموثوقة والمؤتمنة ولضعف مكانة المؤسسات القيادية التي نشأت، في ظل تلك القيادات، كتعبير عن قوة المجتمع العربي ولحمته السياسية الاجتماعية ووعيه بضرورة الوقوف وراءها في وجه سياسات الحكومات الاسرائيلية وصد ممارساتها القمعية.
فالنقب يعاني ربما، بسبب بعض خصوصياته وتركيبته القبائلية، أكثر مما تعانيه سائر المناطق العربية داخل إسرائيل؛ لكنه مثلها يعاني من تعدد المرجعيات المحلية والقطرية المتخاصمة وغير القادرة على فصل المقال والحسم وعلى لملمة الفرقاء تحت " الخباء الواحد المعمّد"؛ ويعاني كذلك من غياب الرؤية نحو المستقبل الواعد والآمن ونحو طبيعة العلاقات مع الدولة ومع مؤسساتها. وهنا، في هذه البقعة بالذات، يجب أن نتعرّف على حقيقة الوشائج التي ربطت مصير عشرات آلاف المصوتين وقيادييهم المحليين، بالقائمة الاسلامية الموّحدة، ونسبر دوافعهم التي لن تتوقف فقط عند عتبات الدعوة الاسلامية وسحر العقيدة، بل سوف تتخطاها نحو فكرة "المواطنة المبتورة" عن بعدها القومي، كما تبنتها الحركة الاسلامية وكما يروّج لها الدكتور عباس ورفاقه.
فهذه القطاعات من أهالي النقب التي دعمت الدكتور عباس وإخوانه لن تتخلّى، هكذا أتوقع، بعد هدوء عاصفة قرية "سعوة" المتحرَّش بأراضيها، عن استمرار دعمها للقائمة الاسلامية الموحدة، من منطلق ايمانها بمواطنة تشبه مواطنة النائب وليد طه وبكونها "الطريق الأصعب لانتزاع حقوق أهلنا" ومثله لن يكتفوا "بتسجيل المواقف وترداد الشعارات الجوفاء"، فالقائمة الاسلامية الموحدة لن تستطيع إنهاء ظلم سياسات رسمية استمرت لعشرات السنين في عدة شهور، لكن نوّابها "مصرّون على العمل لرفع الظلم عن أهلهم في النقب وعدم الاكتفاء فقط بتسجيل المواقف والزيارات الموسمية والتقاط الصور بدون رصيد عملي آخر على مدار العام". إنها خطبة المواطنة الاسلامية الإسرائيلية الجديدة التي لا يكتفي أصحابها بدعم حكومة انتقالية خبيثة ساعية في التمهيد للانتقال إلى حكم ديكتاتوري خطير، بل تتحدى، بسفور، سائر التيارات السياسية والحركات الدينية الفاعلة بين المواطنين العرب في اسرائيل، والتي "يكتفي قادتها بترداد الشعارات وبالزيارات الموسمية وبالتقاط الصور"، وجميع هؤلاء، هكذا يفترض النائب طه ورفاقه، عاجزون عن اجتراح البديل السياسي القادر على مواجهة حركتهم والرد عليها والحد من تعاظم قوتها، في النقب وفي غيره من المواقع.
لقد استغلت حكومة إسرائيل تنامي مظاهر الجريمة داخل المجتمعات العربية، وادّعى بعض وزرائها بأن النقب، تحديدًا، يتمرد على سيادة الدولة ويتحدّى مقوّمات الحكم والسلطة على أراضيه، فجنّد هذه الفرية ذريعة لهجمته الحالية على أرض النقب وعلى أهله. لقد كانت هذه الصورة المعلنة، لكن الواقع كان أمرّ، فهذه الحكومة باشرت بغزوتها وهي تعرف أنها مدعومة من "قائمة اسلامية" على ما يسبغه هذا الدعم عليها من "بركات "، وما يخلقه من التباس بين الناس.
لقد أوصلت حكومة إسرائيل رسائلها إلى أهل النقب وإلى غيرهم، وبدأت باتخاذ تدابير "المصالحة" لتمكّن الدكتور عباس ورفاقه من البقاء في مواقعهم؛ وهي حتمًا ستعود إلى هناك بغزوة جديدة؛ لكنّها، إلى ذلك الحين، قد تتيح للقائمة الاسلامية الموحدة تسجيل بضعة إنجازات مواطنية جديدة، مثل اعتراف الحكومة ببعض القرى البدوية غير المعترف بها ، أو تخصيص ميزانيات هزيلة للنقب، وما إلى ذلك من "مكرمات سلطانية" ستبقي تهديد النائب مازن غنايم للحكومة مجرد قفزة وهمية في الهواء. فهو حين أعلن على صفحته قبل أيام أنه سيقف "ضد هذه الحكومة حتى تتراجع عن كل أعمال التجريف بالنقب" كان يعرف أن ذلك أقرب لتهديد "فزّاعة"، لكنه حينما أضاف بلسانه قائلًا: "لا يعقل أن نعطيهم حكومة وهم يستكثرون علينا العيش بكرامة على أرضنا"، كان يشهد على عمق مأساته وكبر الورطة؛ فأنت، أيّها السخنينيّ، قد أعطيتهم حكومة، أما الكرامة على أرضك، ومن مثلك يا ابن يوم الأرض يعرف، أنها لا تستجدى، بل تنتزع وتؤخذ.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هشام أبو هواش، انتصار صغير في زمن الهزائم الكبرى
- رسالة مفتوحة لقاضي المحكمة العليا يتسحاك عميت
- من يستطيع أن يسلب فلسطين مسيحها؟
- -القائمة الاسلامية- موحدة في خدمة حكومة إسرائيل
- تضاريس التطبيع في ليالي باريس
- ماذا لو كان هشام أبو هواش حاضرًا في -معهد العالم العربي-
- الاحتلال هو السرطان والفاشيون هم نقائله
- رسالتان الى الصحفي جدعون ليفي
- من يعيد الفرح والأمان لفضاءاتنا العامة؟
- غصات الأسرى: مرضى ومضربون عن الطعام
- كفرقاسم: من لم يتعلم من - قرش شدمي- لن تنقذه المليارات
- فلسطين على ميعاد مع الوجع في موسم الجوع الكبير
- محكمة تجميد العدل العليا
- بين غزة وكفرقاسم، مواطنة ودموع وهوية
- حفرة الأمل ونفق الحرية
- بين اياد شفاعمرو وعزيز عمان ، ميدالية واعتذار
- من دلفة الشرطة الى مزراب المستعربين
- من هزم من في أفغانستان؟
- الأسرى الاداريون، قلقون كأن الريح تحتهم
- -سيف- نفتالي بينيت وعرب ال 48


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - غزوة حكومة إسرائيل على قرية - سعوة الأطرش-