أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نايف سلوم - الشرط التاريخي للمقاومة العربية في لبنان















المزيد.....

الشرط التاريخي للمقاومة العربية في لبنان


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



شكل قيام الثورة الشعبية الإيرانية 1979 علامة فارقة ذات دلالة في مسيرة الصراع الدولي والإقليمي والعربي . بدأ هذه الثورة الطلاب ، و شارك فيها العمال ، خاصة عمال النفط في عبدان ، وكانت طبقة البازار أو التجار التقليديون والحرف التقليدية تشكل عمودها الفقري بقيادة رجال الدين الشيعة الذين شكلوا – حسب تصنيف غرامشي للمثقفين - المثقفين العضويين لطبقة البازار في إيران ، تلك الطبقة التي لم تشملها عملية التحديث التي قام بها الشاه بدعم من الولايات المتحدة الأميركية . أكثر من ذلك ، أن "تحديثات" الشاه المشوهة أصلاً قد تجنبتها وهمشتها في الحياة الاقتصادية الإيرانية .
والثورة الإيرانية هي نتاج نضالات طويلة ابتدأت بأزمة التبغ والاحتجاجات التي تلتها سنة 1891-1892 مروراً بأحداث ثورة 1905 ، من ثم نمو الحركة العمالية وإضراباتها بين 1941-1953 التي توجت بحركة مصدق الهادفة إلى إقامة نظام تقدمي – شعبوي تقوده الطبقة الوسطى ويدعمه العمال بسلاح الإضراب و يكفله حزب توده . من ثم محاولات تأميم قطاع النفط التي حاولها مصدق منتصف الخمسينات وصولاً إلى أعمال الثورة .
لقد أدى فشل محاولة مصدق ومن خلفه من النقابات العمالية وحزب توده (حزب الشعب الإيراني) السوفييتي التوجه أدى ذلك - إذا ما أضفنا بداية تحديثات الشاه التي ركزت على تحديث الجيش- إلى نمو في الحركة الدينية ، وإلى بداية ظهور الدور الجديد لآيات الله أو ما يسمى بالمثقفين العضويين لطبقة البازار الإيرانية المعادية لـ "الغرب".
في أول إشارة لها أظهرت ثورة إيران الشعبية الأزمة التاريخية للبيروقراطية السوفيتية في تمظهراتها الحزبية أي في انعكاساتها على استراتيجية الأحزاب الشيوعية السوفييتية وتكتيكاتها ؛ انعكاسات تجلت في البنية البيروقراطية لهذه الأحزاب وفي الجمود العقائدي الذي شلّ حركتها وأضعف قدرتها على المبادرة التاريخية . كما أدى في أحد نتائجه إلى فشل الحركة الشيوعية العربية في تصدر حركة التحرر القومي العربي الديمقراطي.
وهذا ما سوف يفسر لاحقاً الدور الجديد الذي سيلعبه الدين والثقافة الدينية في الشرق الأوسط ؛ بكلام آخر، صيرورة الفرقة الدينية حزباً سياسياً وأيديولوجياً بعد أن كانت الثقافة الدينية ليست سوى تنويعات ثقافية ضمن الدين الواحد أو بين الأديان القائمة. وسوف تقوم بعض هذه الأحزاب في مواجهة الهجوم الإمبريالي الغربي ، خاصة الأميركي . وستكون أولى المفارقات أن المواجهة ستأخذ أشكالاً ثقافية وقومية (سياسية) ، تدور رحاها على أرضية مشتركة من علاقات الإنتاج الرأسمالية . فالحزب الديني في جميع أشكاله لا يعادي الملكية الرأسمالية الخاصة. وكذلك هو نظام الحكم الناجم عن الثورة الإيرانية .
حزب الله اللبناني واحد من هذه الأحزاب الدينية التي دخلت في صراع مباشر مع العدوان الأميركي الصهيوني الذي اجتاح لبنان سنة 1982 . هذا العام مفصلي في تاريخ الصراع العربي/ الإمبريالي - الصهيوني ، مثلما هو عام 1979 بالنسبة للدول الإمبريالية الرأسمالية الرئيسية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث تم حينها الانتقال إلى ما سمي لاحقاً بالسياسات الليبرالية الجديدة، حيث برزت مؤشرات على بداية تغير في الاستراتيجية الإسرائيلية قائمة على تحويل منظمة التحرير الفلسطينية من منظمة مقاومة للمشروع الصهيوني إلى "سلطة فلسطينية" مشاركة في تسوية هزيلة . في هذا العام نفسه (عام 1982) بدأ يلمع نجم ما يسمى بالمقاومة الإسلامية في لبنان، ولاحقاً ما عرف باسم حزب الله اللبناني كمقاومة رئيسية ضد إسرائيل ومشاريعها العدوانية، مهمشاً دور جميع الأحزاب القومية واليسارية والشيوعية .
ولم تمض سوى بضع سنين حتى بدأت سوريا تتحسس الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه المعطيات الجديدة : ثورة إيران ، إعلان النظام الإيراني الإسلامي الجديد العداء للغرب الإمبريالي وخاصة أميركا، إعلان التضامن مع قضية القدس وقضية فلسطين وإشهار العداء لإسرائيل مع دعم كامل لحزب الله الشيعي اللبناني .
منذ ذلك الوقت شكلت سوريا حلقة الوصل الأساسية والحاسمة التي سوف تربط بين الاستراتيجية الإقليمية العالمية الجديدة من جهة وبين حزب الله ولبنان من الجهة الأخرى ؛ وسيط استراتيجي لتقدم وفاعلية حزب الله في المواجهة بين العرب وإسرائيل . بدأ التحسس السوري للوضع الجديد بالوقوف مع النظام الإيراني الإسلامي الجديد في الحرب مع العراق ؛ مثيراً دهشة النظام العربي في غالبيته الساحقة !
واعتباراً من بداية تسعينات القرن العشرين راح هذا الحزب الديني المقاوم لإسرائيل يظهر نضجاً سياسياً وإحكاماً تنظيمياً وبراعة عسكرية ميدانية لافتة للنظر. وما أن انصرم عقد التسعينيات حتى بات حزب الله القوة الضاربة المقاومة التي همشت كما أسلفنا جميع القوى والأحزاب القومية واليسارية والشيوعية . واستبدلتها بمقاومة محكمة سمت نفسها المقاومة الإسلامية اللبنانية . وقد قادت هذه التطورات، وهذا النمو في قدرات الحزب وخبرته، إلى دحر الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان في بداية الألفية الجديدة (عام 2000 م)؛ هذا الاحتلال الذي دام أكثر من عشرين عاماً .
كان الانسحاب يشير إلى أولى ثمرات الوضع الاستراتيجي الجديد ، متزامناً مع خطة إسرائيلية للانسحاب من أجزاء محتلة معينة لسحب الذرائع أمام المقاومين ، ولتفكيك معسكر الحلف المقاوم (إيران ، سوريا، حزب الله وحركة أمل ، حماس والجهاد الإسلامي و معهما المقاومة الفلسطينية بكافة تياراتها) . وكانت إسرائيل قد بدأت هذه الخطة في كامب- ديفيد عبر الانسحاب من سيناء ، لكن لم تتوضح ملامح الاستراتيجية الجديدة إلا مع اجتياح 1982 الغاشم على لبنان. وكانت الأسباب الداعية لهذا التحول- من وجهة نظرنا- في الاستراتيجية الإسرائيلية هي العناصر التالية:
1- قيام الثورة الإيرانية 1979 ومعها انتهاء ما سمي بسياسة التوكيل في الشرق الأوسط، وبدء العمل بما سمي بـ سياسة التدخل الأميركي المباشر. وهو نفس العام الذي تمت فيه اتفاقات كامب- ديفيد لإخراج مصر من الصراع العربي/ الصهيوني، وهو نفس العام الذي تحولت فيه الدول الإمبريالية الرئيسية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا من سياسات الرفاه ودعم الدولة الرأسمالية للطلب إلى السياسات الليبرالية الجديدة . لقد وضبت الإمبريالية الأميركية البيت الأوربي في غربه وشرقه ، من إعادة توحيد الألمانيتين إلى إعادة يوغسلافيا إلى الحظيرة الرأسمالية، إلى توضيب البلقان ، عملت كل ذلك لكي تبدأ هجومها الغاشم على ما كان يسمى بالعالمين الثالث والثاني، لإعادة ما خسرته بعد الحرب العالمية الثانية .
2- دخول ما يسمى بـ أسلحة التدمير الشامل وتكنولوجيا الصواريخ البالستية إلى المنطقة الشرق أوسطية والمخاطر الاستراتيجية لهذه الصواريخ على دولة إسرائيل.
3- ظهور الحدود التاريخية والاستراتيجية لدولة إسرائيل ، وبالتالي الحديث عن تعايش "سلمي" لإسرائيل في المنطقة ووضع خطة للتطبيع مع النظم العربية القطرية . بالتالي تجنب إسرائيل الحروب الكبيرة والاكتفاء بين وقت وآخر بضربات تكتيكية ذات تخديم استراتيجي كالاجتياحات الجزئية، والقصف المحدود المدمر ، وشل أية إمكانية للتنمية في المحيط الشرق أوسطي ، وهذا ما لحظناه في قصف مفاعل تموز العراقي وفي قصف ليبيا من قبل الطائرات الأميركية وفي الضغوط الحالية على المشروع النووي الإيراني وفي تحذير سوريا من امتلاك أسلحة دمار شامل الخ.. تزامنت هذه الاستراتيجية الجديدة مع اكتمال تحول البورجوازية الطرفية المصرية وقيادة منظمة التحرير إلى بورجوازية كولونيالية رثة ، تابعة ومندمجة في المشروع الإمبريالي.
وقد تجلت الاستراتيجية الإسرائيلية بشقين: الأول ، سلسلة الانسحابات من غزة وسيناء وجنوب لبنان . الثاني، مشروع جديد للشرق الأوسط يطبّع وضع إسرائيل، سمّاه شمعون بيريز بـ "مشروع الشرق أوسط الجديد " بداية التسعينيات من القرن العشرين ، وسمّاه الأمريكيون بـ " مشروع الشرق الأوسط الكبير".
لقد وجدت سوريا ضالتها في هذا الدور الاستراتيجي الوسيط بعد خروج مصر من معادلة الصراع العربي/ الصهيوني ، حيث تستطيع من خلال ذلك تحسين شروطها في مفاوضات التسوية ، ومعاقبة إسرائيل أحياناً دون مناوشات مباشرة في الجولان السوري المحتل . وخلال العدوان الإسرائيلي الحالي ظهرت منافع هذه الوساطة وهذا التقسيم للعمل إذا جاز القول بين إيران وسوريا والمقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية. وقدرة هذه الأطراف على لعب دور ممانع لمشروع الشرق أوسط الكبير . لكن حتى تفتح هذه المواجهة وهذه الممانعة آفاقاً جديدة ؛ آفاقاً استراتيجية تعدل بنية البيئة الحاضنة لهذه المقاومة ، و تحسن شروط المواجهات القادمة ، لا بد من ربط هذه المقاومة بتوسيع هامش الحريات السياسية في سوريا خاصة؛ توسيع ديمقراطي عبر إشراك جميع فئات الشعب السوري بهذا العمل المقاوم ، وذلك لقطع لسان الذين يلحدون بـ "قوس شيعي" أو "استراتيجية فارسية شيعية" وغيرها من الترهات الضارة بقضية الصراع ضد المحتلين الصهاينة وأسيادهم الإمبرياليين. إذاً لا بد من توزيع "منافع" المقاومة وانتصاراتها ؛ ونعني بتوزيع المنافع بالمعنى السياسي لتشمل المعارضة السورية الوطنية في الداخل ، وحتى تشعر هذه المعارضة أن صمود وانتصارات حزب الله اللبناني ، وتعزيز مشروع الممانعة لمشروع الشرق أوسط الجديد أو الكبير هو مكسب وانتصار لها، لابد من ربط كل تقدم على جبهات القتال بإجراءات إصلاحية سياسية في الداخل السوري هدفها الانفراج السياسي الداخلي والإصلاح السياسي التدريجي والسلمي . عند هذا المفصل فقط وعبره فقط تجد المقاومة العربية في لبنان و فلسطين دعمها الوطني والقومي الحق ، وأن مكاسبها مكاسبهم ، ونضمن بالتالي تعزيز حقيقي لمستقبل مشروع المقاومة العربية في لبنان وغيرها من الأرض العربية المنتهكة.
الذل للغزاة المحتلين من صهاينة وإمبرياليين أمير كيين . و عاشت المقاومة العربية في لبنان وفلسطين والعراق. والعزة والمجد للمقاومين العرب الأبطال.



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فزيولوجيا النمل في القرآن
- مدخل إلى فكر هيغل
- لينين: أهمية فكره اليوم
- كراسات السجن-تمهيد على شكل إضافة
- ما الحاجة لإطلاق حوار جديد؟
- المجتمع المدني في الايديولوجية الألمانية
- نقد المنهج الظاهراتيّ الاجتماعي
- في المسألة الوطنية السورية
- تحية وامتنان للحوار المتمدن
- إعلان رأي بخصوص المسألة الوطنية السورية
- -مشروع الوثيقة الوطنية- ك-إعلان دمشق- تأسيس ل- مواجهة بين -ا ...
- الهجوم المضاد للخروج من الدوامة الأميركية
- -ملاحظات أساسية على -إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي
- إسهام في مُشكل الأقليات
- رسالة في الجنون
- الكتاب اللامعقول أو -كتاب الرمل ل بورخيس-
- تصدير الديمقراطية الغربية
- حياة سَيّد محمود القمْني - إعلان براءة صريحة وتوبة
- أجوبة على أسئلة موقع الحوار المتمدن-الماركسية وأفق البديل ال ...
- في مخاطر المواجهة بين الديمقراطية والحريات السياسية


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نايف سلوم - الشرط التاريخي للمقاومة العربية في لبنان