من علم الاجتماع إلى علم الاجتماع الآلي

الحسان بوادغارن

الحوار المتمدن-العدد: 7093 - 2021 / 12 / 1 - 16:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ارتبطت نشأة السوسيولوجيا كحقل علمي واضح المعالم بالثورة في أوروبا، وهو ما جعل العديد من الباحثين في تاريخ العلوم الإنسانية يصفون السوسيولوجيا ب “بنت الثورات" ، التي حاولت عند نشأتها تقديم تفسير/تأويل للتغييرات الاجتماعية خاصة في بلدان هذه الثورات، وتسائل كذلك التاريخ الذي أفضى إلى بروزها كعلم قائم الذات. ولأن المجتمعات البشرية هي مجال تحول مستمر، فقد حاول علم الاجتماع خاصة بعد إرساء مناهجه البحثية وتنقيحها، مواكبة الظواهر الاجتماعية التي بدأت تبرز مع تغير أنماط الإنتاج على المستوى الاقتصادي، والنظم السياسية على المستوى السياسي، وتعقيدات العلاقات الإنسانية على المستوى الاجتماعي. بحلول القرن العشرين وخاصة بداية الألفية الثالثة سيفرض تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات البحث عن عدة سوسيولوجية ونماذج جديدة للدراسة، تسمح بفهم متغيرات العالم الجديد، وقياس تأثيراته المفترضة، وسيشكل موضوع العلاقات الجديدة داخل مجتمعات التكنولوجيا موضوعا مثيرا للدراسة السوسيولوجية، وبنى الباحثون نظرياتهم على هذا المعطى الجديد الذي أدى إلى نشوء بنيات اجتماعية جديدة كالتي سماها أنطوني كينز بالمحلي العالمي.
سيبقى العامل التكنولوجي أساس التغييرات السريعة والمتلاحقة داخل المجتمعات الحديثة، وفرض انعكاسات اجتماعية وثقافية وسياسية، وأفرز ما يمكن أن نطلق عليه ظواهر تكنو-اجتماعية، ستبرز بشكل أوضح بوصول هذه المجتمعات إلى عصر وسائل التواصل الرقمي ومجتمع الشبكات كما يسميه إيمانويل كاستلز، فأصبحت السوسيولوجيا مرة أخرى أمام ثورة جديدة سمحت بظهور الفضاء/المجتمع الافتراضي. ولأن السوسيولوجيا دورها هو محاولة تفسير/تأويل الظواهر الاجتماعية كان لابد أن تجد لنفسها فروعا تتتبع هذا الواقع الجديد ومن المؤكد أن تطوره السريع ينبأ بان تأثيراه المستقبلية ستكون شديدة على البناء الاجتماعي، فظهر علم الاجتماع الآلي الذي يقترح له أحد الباحثين تعريفا باعتباره العلم الذي يستعد لفهم واستيعاب الإنسان في إطار مركب: إنسان - آلة .

وإذا كان المجتمع الشبكي والفضاء الافتراضي يمارسان تأثيرا ضاغطا على علاقاتنا الاجتماعية "الحقيقية" ويهددانها أحيانا في ظل التقدم الهائل للتقانة، فإن حلول مجتمع افتراضي صرف يزيل البناءات الاجتماعية التقليدية يبدو مستبعدا، إن هذه التحولات هي ما سيحاول علم الاجتماع الآلي مقاربته.

#الحسان_بوادغارن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات