أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فهد المضحكي - المرأة في فكر رفاعة الطهطاوي















المزيد.....

المرأة في فكر رفاعة الطهطاوي


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 10:33
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


المتأمل لكتابات المفكرين والأدباء العرب المحدثين حول المراة شعر وكأن الفكر العربي يعاني من تناقضًا حادًا بين العقل والشعور. فعندما يحتكم المفكر إلى عقله، ويترك جانباً ماورثه من معتقدات وعرف وتقاليد، وما شاب عليه من أفكار وممارسات، فهو لابد أن يشعر بما تعانيه المراة العربية من غبن شديد، ويبدأ في المطالبة بمساعدتها على استراداً حقوقها. أما حينما يظل الكاتب العربي أسيرًا لمشاعره يبدأ كما كتبت الكاتبة المستنيرة إقبال بركة في «مجلة العربي الكويتية مارس 1999» في النظر إلى المراة ككائن غريب تماما عنه أو ربما معاد له ويراها مخلوقاً شاذاً ضعيفاً منحرفاً، لابد أن يكبل بالقيود والا أنطلق يعيث في الأرض فساداً. ويصر البعض على الا يتخلى عن الميراث العتيق الذي مازلنا نحمله فوق كواهلنا على اعتبار أنه جزء لا يتجزأ من الجسد العربي.

إذا اعتبرنا الفكر العربي المعاصر يبدأ من القرن التاسع عشر، فإن افتتاحية ذلك القرن جاءت بشرى تؤذن ببداية تحرر المرأة العربية من اسار الجهل والبطالة. وذلك في كتاب رفاعة الطهطاوي «1801-1873» تخليص الابريز في تلخيص باريز. في هذا الكتاب وردت عبارات كثيرة عن المرأة الفرنسية تعبر عن إعجاب الكاتب بما وصلت إليه من تمدن وثقافة ومالها من منزلة عند الرجل ويبدي الطهطاوي على وجه الخصوص بالفرنسيات المثقفات فيقول: «فإن للنساء تآليف عظيمة ومنهن مترجمات لكتب من لغة الى أخرى مع حسن العبارات جودتها، ومنهن من يتمثل بإنشائها ومراسلاتها المستغربة، ومن هنا يظهر لك ان قوة بعض أرباب الأمثال: جمال المرء عقله وجمال المرأة لسانها، لا يليق بتلك البلاد، فإنه يسأل فيها عن عقل المرأة وقريحتها وفهمها وعن معرفتها» يحكي الطهطاوي عن المرأة الفرنسية كما لو كان قد اكتشف قارة جديدة، اوعالما مختلفا، يقدمه لقرائه كما قدم لهم غرائب أخرى اكتشفها في فرنسا وكتب عنها لأول مرة للمشرقيين كالجرنال والمجلة والبرلمان والمسرح والاوبرا.

ودافع الطهطاوي عن الاختلاف فى المجتمع الفرنسي وانكر أنه سبب الفساد فقال: «ان وقوع اللخبطه بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أو سترهن، بل منشأ ذلك التربية الجيدة، والتعود على محبة واحد دون غيره. وعد التشريك في المحبة، والالتئام بين الزوجين وقد جرب في بلاد فرنسا أن العفة تستولي على قلوب النساء المنسوبات إلى الرتبة الوسطى (الطبقة الوسطى) من الناس دون نساء الأعيان والرعاع». ويقف الطهطاوي مندهشا للمعاملة الطيبة التي تلقاها النساء في فرنسا فلا حجاب ولاضرب والا إهانة ولا مذلة، بل تعتبر المرأة زينة ذلك المجتمع، فيقول: «ونساء الفرنساوية بارعات الجمال واللطافة حسان المسايرة والملاحظة» اكتشف الطهطاوي أن المرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع الفرنسي، مجتمع أعوام 1826 إلى 1831 هو امر مختلف تماما عما تركه في طهطا الحياة الاجتماعية في باريس ومثيلتها في مصر، حتى البيوت تختلف تماماً، وهو يصف ما فيها من ستائر وباركيه ومداخن زخرفية وفازات وصور على الحائط ونجف.

ويبدو من الكتاب أن الطهطاوي اختلط بالفرنسيين، فكما وصف بيوتهم وصفًا دقيقًا وصف أيضا حفلاتهم الخاصة والعامة ورقصاتهم ومسارحهم، وعلى الرغم من تمدينهم وتحررها فإنه لم يرهم منحلين خلقيا بل رأى فيهم العفة والشرف وراهم في ذلك أقرب شبها لعرب منها للترك أو الشعوب الأخرى، فيقول: «ولايظن بهم لعدم غيرتهم على نسائهم لاعرض لهم في ذلك، حيث إن العرض يظهر في هذا المعنى أكثر من غيره، لأنهم وإن فقدوا الغيرة لكنهم عملوا عليهن شيئا كانوا أشر الناس عليهن وعلى أنفسهم وعلى من خانهم في نسائهم». كذلك دافع الطهطاوي عن عفة الفرنسيات وعفافهن، ورأى أن الفرنسيين في مسألة الشرف أقرب إلى العرب منهم للترك وغيرهم من الأجناس فهم يسمون العرض شرفا ويقسمون به وإن كانوا لا يشعرون بالغيرة على نسائهم، وهكذا فرق رفاعة الطهطاوي بين العرض والغيرة فيقول: «إن مادة العرض التي تشبه الفرنساوية فيها العرب ـ هو اعتبار المروءة وصدق المقال، وغير ذلك من صفات الكمال، ويدخل في هذا العرض أيضا العفاف، فإنهم تقل فيهم دناءة النفس، وهذه الصفة من الصفات الموجودة عند العرب والمذكورة في طباعهم الشريفة».

ويمضي رفاعة الطهطاوي في وصف المراة الفرنسية والمجتمع الفرنسي وعينيه الأخرى على المراة العربية والمجتمع العربي، فهو لا ينسى لحظة أنه آت من مجتمع مختلف كل الإختلاف في التوجهات، فتدل عباراته كم يتمنى لو تغير الكثير من ذلك المجتمع ليقترب من المجتمع الفرنسي. وهو اتجاه جعله يركز على الجوانب الإجتماعية فيذكرها بالتفصيل ويطنب فيها كثيرًا.

إن أفكار كهذه لم يسبق أن وردت في أي كتاب عربي على الإطلاق، هو امر لابد أن يستوقفنا، فموقف الرجل الشرقي من المجتمع الغربي كان دائما ولايزال إلى اليوم، متحفّضًا إن لم يكن رافضا كل الرفض، فكيف أمكن الشيخ الأزهري قادم من مجتمع منغلق إلى أقصى حد، كيف أمكن أن يقف هذا الموقف المتفهم الواعي من المجتمع الفرنسي؟ ولابد أن تلك الأفكار التي نشرت عام 1834 في مصر، وترجمت إلى اللغة التركية، كان لها تأثير كبير في كل من قرأها، ويكفي هنا أن نذكر أن الطهطاوي سافر إلى فرنسا بصحبة شيخين كواعظ وإمام لبعثة محمد علي إلى باريس، بينما اغلب أعضاء البعثة من الاسر التركية والاجنبية المشتركة، فرحلته وترجمته الكتب من الفرنسية إلى العربية كانت ذات دلالة خاصة كما يرى محمد عماره الباحث الاسلامي المعاصر. فالرجل ليس مجرد ناقل فكر العرب وحضارته إلى اللغة العربية، وإنما كان مناضلاً في سبيل أن يوقظ «امته ووطنه بل الشرق» اهل الإسلام قاطبة، كما كان حديثه عن السياسة والدستور ووصفه لمادرسه وشاهده في باريس من مؤسسات الديمقراطية البرجوازية، مقصود به أن يفتح لوطنه وشعبه ساحات الديمقراطية، ويدعوه لطرق بابها بقوة، حتى يتجاوز مستنقعات الاستبداد والطغيان والحكم الفردي البغيض، ولم تقتصر أفكار الطهطاوي عن المرأة على كتابه المهم «تخليص الابريز» بل تناثرت في أغلب مؤلفاته فيقول في كتابه «المرشد الأمين»: المرأة.. (مثل الرجل) سواء بسواء، أعضاؤها كا أعضائه، وحاجتها كحاجته، وحواسها الظاهرة والباطنة كحواسه، وصفاتها كصفاته، حتى كادت أن تنتظم الأنثى في سلك الرجل!...

فإذا أمعن العاقل النظر الدقيق في هيئة الرجل والمرأة، في أي وجه كان من الوجوه، وفي أي نسبة من النسب، لم يجد الا فرقاً يسيراً يظهر في الذكورة والأنوثة وما يتعلق بهما، فالذكورة والأنوثة هما موضع التباين والتضاد» لم ير الطهطاوي الأنوثة ضعفا، بل إن ضعف البنية الموجودة لدى بعض الإناث ليس إلا ثمرة لأوضاع بيئية واجتماعية وتربوية من الممكن تغييرها وإحلال القوة محل الضعف، وضرب مثلا بذلك نساء الإغريق، ثم رأى الطهطاوي أن ضعف المرأة يؤدي إلى نتائج إيجابية فيقول: «ومما يوجد في الأنثى قوة الصفات العقلية وحدة الإحساس والإدراك على وجه قوي قويم، وذلك ناشئ عن نسيج بنيتها الضعيفة، فترى قوة احساس المرأة وزيادة إدراكها تظهر في الأشياء التي يظهر، بمبادئ الرأي، إنها أجنبية عنها، وأنها فوق طاقة وليس ذكاؤهن مقصورًا على أمور المحبة والوداد، بل يمتد إدراك أقصى مراد، وهو عكس ما يقوله أعداء المراة. دافع الطهطاوي عن المرأة وفند إتهام البعض لها بالمكر والدهاء ورفض النظر إليها» كوعاء يصون مادة النسل لم يكتف بذلك بل اتهم أعداء المراة بالجاهلية.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتحاد الأوروبي والاختراق التركي
- عمر فاخوري رائد من رواد المدرسة الواقعية في النقد
- علي حرب.. فرض الوصاية على الحقيقة والمعرفة مهمة فاشلة
- آسيا الوسطى والأهداف الروسية - الصينية المشتركة
- ليبيا.. دعم تركيا المرتزقة لصالح الإخوان
- «الإخوان» والمصالح المشتركة مع الأمريكان
- درية شفيق «إحدى رائدات تحرير المرأة في مصر»
- دول جنوب شرق آسيا والتحريض الأمريكي ضد الصين
- عن العلاقة بين التنمية والديمقراطية
- لويس عوض
- «طالبان» ومصادرة منجزات المرأة الأفغانية
- حديث عن المثقف
- طه حسين رائد من رواد التنوير
- أمريكا الجنوبية وصعود اليسار
- تونس والمشروع التركي!
- مجلاتنا الثقافية القديمة.. ودورها التنويري
- حول النهوض بالمرأة في المجتمعات العربية
- الجامعات العربية ومقاومة الإرهاب
- شبلي شميّل
- حول تحديث الخطاب الديني


المزيد.....




- ماذا يعني انعدام الأمان بالنسبة للنساء؟
- زينب معتوق ضحية جديدة للعنف الأبوي في لبنان
- “لولو راحت للدكتور!!”.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 WANASAH ...
- كيفن سبيسي يواجه اتهامات جديدة بالاعتداء الجنسي
- سجل بسرعها!!.. طريقة التسجيل في منفعة الأسرة عمان 2024 والشر ...
- تونس.. اعتقال الناشطة ضد العنصرية سعدية مصباح
- سجلي واحصلي على الدعم.. تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت 2 ...
- رابط التسجيل في منحة منفعة الأسرة 2024 عمان… وشروط التسجيل
- كوريا الشمالية.. وفاة -مهندس تقديس الأسرة الحاكمة-
- -المرأة قادرة-.. ضابطة حفظ سلام تونسية تفوز بجائزة أممية


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فهد المضحكي - المرأة في فكر رفاعة الطهطاوي