أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إحسان عمر الحديثي - واقع العراق التعليمي ومستقبله في ضوء تقرير البنك الدولي 2021















المزيد.....

واقع العراق التعليمي ومستقبله في ضوء تقرير البنك الدولي 2021


إحسان عمر الحديثي

الحوار المتمدن-العدد: 7088 - 2021 / 11 / 26 - 22:53
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


بدأ العراقيون اليوم يشعرون ويلمسون خطورة ما يواجهه التعليم في العراق من تحديات ولاسيما بعد عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة حضوريًّا، وفي المجالات كافة سواءٌ أكان ذلك على صعيد البنى التحتية للصفوف واكتظاظها بالطلبة أم على مستوى الصحيات أم الساحات المدرسية غير الصالحة أم عدم توافر الكتب المنهجية وصولًا إلى رصد عدد غير قليل من حالات الاعتداء على التلاميذ والطلبة من بعض المعلمين والمدرسين ومديري المدارس التي ولدت استهجانا كبيرًا من أولياء الأمور والأوساط الإعلامية والثقافية، فهي ممارسات مرفوضة وظواهر غريبة نوعا ما لم يكن المجتمع والوسط التعليمي العراقي يألفها من قبل .
وممّا زاد الطين بلّة تقرير البنك الدولي الأخير 2021 حول التعليم في العراق الذي يشير إلى (تدني التعليم في العراق ووصوله إلى حالات غير مسبوقة ولاسيما بعد جائحة كورونا)، هذه الجائحة التي وضعت العالم كله أمام مسافة واحدة في مجالات الحياة كلها ومنها التعليم، كشفت في الوقت ذاته واقع البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات واستعمالاتها في المدارس والجامعات لدول العالم ومنها العراق، ولا يسعنا الحديث هنا عن مدى توافرها من عدمها لندرتها واقتصارها على عدد محدود جدًا في المدارس الاهلية، وافتقار التعليم الحكومي لها.
ما الذي دفع البنك الدولي الى دق ناقوس الخطر وكتابة تقريره حول العراق الذي حمل عنوان: ( بناء مستقبل أفضل لضمان التعليم لجميع أطفال العراق:مذكرة إصلاح التربية)؟
من وجهة نظري يمكن أن يكون ذلك لأسباب متعددة منها :
1. غياب السياسية التربوية الموجهة للأهداف والوسائل والإجراءات، فالسياسات التربوية التي تُعد من أهم متطلبات التخطيط والنمو غير واضحة، ولا تواكب التغيير الذي يشهده العالم من حولنا، فالمصدر الرئيس في الإعداد والتنمية والتدريب والتعليم للمخرجات البشرية المؤهلة في مجالات الحياة المختلفة المتمثل بالسياسات التربوية لا يلبي الطموح.
2. تقادم البنى التحتية للأبنية المدرسية: إذ تعاني الكثير من الأبنية المدرسية من إهمال كبير في الترميم وإعادة البناء، على أن الحاجة إلى أبنية جديدة تتوافق وزيادة عدد السكان من جهة، وتواكب المعايير العالمية في مواصفاتها من جهة أخرى أصبح عاملا أساسيًّا للإصلاح والتغيير ، فالبيئة الحالية في المدارس غير آمنة ولا تلبي أدنى مراتب الطموح.
3. تقليل المقررات الدراسية إلى أدنى مستوى من مستويات الأهداف المطلوب تحقيقها من دون ايجاد برامج تعليمية تسهم في تعويض الطلبة ما فاتهم من مواد علمية ينبغي دراستها بسبب جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاق المدارس (المستويات المنخفضة من التعلم) كما عبر عنها التقرير، في الوقت الذي أنفقت فيه كثير من الدول ملايين الدولارات على برامج تعليمية زودت بها طلبتها من أجل ردم الفجوة في ضعف تحصيل طلبتها للمواد الدراسية . أطلق عليها تقرير البنك الدولي بـ (استعادة التعليم المفقود)
4. ضعف جودة التعليم وهذا مردّه إلى أنّ نظام التعليم لايزال تعليما تقليديا لا يواكب التقدم الحاصل في العالم أو في منطقة الشرق الاوسط، فضلًا عن أنّ تأهيل المعلمين والمدرسين وتدريبهم لا يتساوق وأهمية التعليم وأثره في بناء الإنسان، وأنّ المناهج هي الأخرى لاتزال دون مستوى طموح الطلبة وإهمال كبير لدروس ذات الأبعاد الوجدانية والمهارية مثل الرسم والخط والرياضة، وتعليق مواد دراسية أخرى كالحاسوب والاقتصاد المنزلي، الى غير ذلك من الاسباب التي ادت بشكل أو آخر إلى ازدياد أعداد المتسربين خارج أسوار المدرسة، فضلا عن ذلك كله اعتماد نظام الامتحانات / البكلوريا معيارًا وحيدًا لقياس جهد الطالب وكفاءته العلمية وقبوله في الجامعات، وأصبح الدور الثالث سياقا تعتمده الوزارة، مما أدى إلى عبور كثـير من الطلبة الضعفاء علميًا إلى مراحل دراسية أعلى، وكل ما مر أعلاه انعكس على المستوى العلمي في العراق سلبا.
5. ضعف الإشراف التربوي والاختصاص في متابعة أداء المعلمين والمدرسين واقتصار دوره في المجالس التحقيقية، بسبب قلة المشرفين من جهة، وأن تأهيلهم لمهمة الاشراف دون المستوى المطلوب.
6. ضعف التخصيصات المالية لتنفيذ الخطط والبرامج المخصّصة في استراتيجية التعليم المهني والتقني في العراق والتعليم العام، واقامة الدورات التدريبية والتطويرية للعاملين في مدارس التعليم المهني والتعليم العام ولا سيما في الدول المتقدمة، وإعداد قادة للتدريب بالتعاون مع المنظمات الدولية.
ويمكن أن أضيف لما سبق عاملا مهما يشكل أحد التحديات التي تواجه النظام التعليمي وهو ضعف القرار التربوي ؛ إذ إنّه دون مستوى المسؤولية للارتقاء بالنظام التعليمي في العراق.
إن معركة الوعي التي يخوضها العراقيون اليوم حتما كبيرة، لاسيما أن الإصلاح والتغيير نحو الأفضل يتوقف على مدى وعي الناس بالمخاطر التي تحيق بهم.
إن البلد الذي تنتشر فيه الأمية وتصبح أعداد الاميين وأنصاف الأميين فيه بالملايين، يؤشر حالة خطيرة مفادها أن مستقبل ذلك البلد في خطر كبير . وستكون هناك أزمة في رأس المال البشري تفوق الأزمات كلها.
من كل ما تقدم على الحكومة القادمة أن تنظر الى التعليم بوصفه أولوية قصوى لم يعد مسموحًا التغافل عنه، وسيبقى بناء الإنسان العراقي الهدف المنشود الذي أقرته الورقة البيضاء بعيدًا عن التحقيق ما لم تتخذ اجراءات حازمة ووضع رؤية تربوية واضحة المعالم تحكمها مؤشرات أداء تقيس بالفعل التقدم الحاصل على أرض الواقع، والا فان الفجوة ستتسع وسيصبح من الصعب جدًا إن لم يكن ذلك مستحيلًا توفير موارد بشرية قادرة على تحمل مسؤولياتها وأداء واجباتها على اكمل وجه، فنجاح المؤسسات وتقدمها يتوقف على الخبرات والمهارات التي يتقنها أفرادها، ووحده التعليم من يتيح الفرصة لذلك النجاح.
يمكنني القول إن انهيار التعليم يعني انهيار الدولة بمؤسساتها كافة، وهذا ما لا يمكن السكوت عنه .
لقد دعا التقرير إلى (إصلاح منظومة التربية) وقدم (ستة مجالات استراتيجية رئيسة)
وهنا أذكّرُ بما قدمته في برنامجي الانتخابي من رؤية لتطوير التعليم وأعتقد أن ما جاء فيه يتفق مع ما جاء في تقرير البنك الدولي إن لم يكن أفضل من باب (النائحة الثكلى ليست كالمستجيرة) ( وأهل مكة ادرى بشعابها) ومع ذلك نبقى نحن في دائرة (مغنية الحي لا تطرب) .
وتمثلت الاستراتيجيات الستة التي دعا إليها البنك الدولي في تقريره بالآتي:
1. المشاركة في الاستجابة الطارئة للأزمات من خلال التخفيف من فقدان التعلم الفوري ومنع المزيد من حالات التسرب من التعليم.
2. تحسين المهارات الأساسية لوضع مسارٍ للتعلم من خلال تحسين التعلم والتركيز على توفيره لجميع أطفال العراق، فضلاً عن الارتقاء بمستوى المواد التعليمية وتعزيز الممارسات الإيجابية لعملية التدريس.
3. التركيز على الاستثمارات المطلوبة بشكل عاجل، مع ضمان الاستخدام الأفضل للموارد المتاحة.
4. تحسين نظم الحوكمة في قطاع التعليم وتعزيز عملية اتخاذ القرار المستند إلى الشواهد والأدلة.
5. وضع استراتيجية خاصة بقطاع التعليم وتنفيذها بحيث يتم التركيز على التعلم و"بناء مستقبل أفضل".
6. مواءمة المهارات مع احتياجات سوق العمل من خلال البرامج والإصلاحات الموجهة

لقد قدم البنك الدولي ما يشبه المبادئ العامة لإصلاح واقع التعليم في العراق ولكن كيف يمكن تحقيق تلك الاستراتيجيات وأهدافها ؟
كُلنا يتفق على أن العراق اليوم أحوج ما يكون إلى التغيير الشامل في التربية والتعليم، ولابد من رؤية جديدة تستند من وجهة نظري إلى ما يأتي:
اولا: إعادة النظر في القوانين والتشريعات جميعها التي تحكم التعليم العام في العراق.
ثانيا: إعادة النظر في حوكمة التعليم العام في العراق من أجل ضبط عمليات تطوير المناهج وطرائق التدريس والتقييم والامتحانات وضمان الجودة على وفق أفضل الممارسات العالمية، إذ ليس من المعقول أن تظل جهة واحدة هي المسؤولة عن تقييم نفسها بنفسها!
ثالثا: إعادة النظر في مسارات التعليم العام بعيدًا عن النمط التقليدي بين العلمي والأدبي والتوجّه نحو العالمية التي ربطت التعليم العام بمتطلبات التعليم العالي من جهة وبمتطلبات سوق العمل المتغير على وفق قاعدة الاقتصاد المبنيّ على التكنولوجيا والمعرفة لكي تنتج مسارات جديدة تخدم قطاعات السياحة والرياضة والفنون وتكنولوجيا المعلومات وغيرها ابتداءً من المرحلة المتوسطة.
رابعا: إعادة النظر في عملية تقييم كفاءة المعلّمين والمدرّسين والمشرفين والهيئات الإدارية بشكل كامل على وفق أفضل الممارسات الدولية ليتسنى لنا دخول السباقات الدولية في الامتحانات والمناهج وطرائق التدريس.
خامسا: تطوير رؤية استراتيجية شاملة بعيدة المدى لتكون هي الموجِّه للجهات المسؤولة عن التعليم العام بعيدًا عن أهواء تلك الجهات وانتماءاتها.
سادسا: العمل مع جميع الجهات الوطنية في القطاعين العام والخاص ومع كل المخلصين في العالم لغرض دعم التعليم العام في العراق بتوفير الميزانية المناسبة والتدريب الدولي والمختبرات الحديثة.
سابعا: العمل على اقرار مشروع (متن) المشاركة المجتمعية في بناء المدارس ورياض الاطفال .
ثامنا: العمل على اطلاق مشروع " البطاقة الاقتصادية المدرسية " والذي يهدف الى غرس المفاهيم والقيم الاقتصادية لدى أبنائنا التلاميذ والطلبة وتزويدهم بمهارات تسهم في تنظيم حياة الاجيال القادمة على وفق رؤية تتناسب مع تطور علم الاقتصاد والمال وقبل ذلك علم الإدارة فضلاً عن التطور المتسارع في المعلومة والاتصالات والتكنلوجيا وهو ما يحقق لنا السبق في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ولاسيما الهدف الرابع الخاص بالتعليم.
تاسعا: تخصيص إيرادات قانون رقم (19) لسنة 2019 الحملة الوطنية لبناء المدارس ورياض الأطفال (طابع اقرأ) واعتمادها من أجل تحقيق ما جاء القانون من أجله .
إنّ ما جاء في هذه الورقة – من وجهة نظرٍ شخصيّة - يُعدُّ خارطة طريق من شأنها أن تضع التعليم في بلدنا في المسار الصحيح، وتعمل على بناء منظومة التعليم على وفق أفضل المعايير العالمية.

# تربية_تعليم
#بنك_دولي
#تعليم_الانسان_افضل_احسان



#إحسان_عمر_الحديثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة الشهادات العليا (تجمع وطن) في العراق قيادات ومرتكزات أس ...
- كورونا .. والسياسات المستقبلية للعراق
- عندما تغيب الرؤية التربوية
- وزارتا التربية والتعليم العالي والبحث العلمي بين الواقع والد ...
- مقترح تشريع قانون المجلس الوطني للتربية والتعليم العالي والب ...
- تنويع التعليم في مرحلة التعليم قبل الجامعي (النّظامان: التطب ...


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - إحسان عمر الحديثي - واقع العراق التعليمي ومستقبله في ضوء تقرير البنك الدولي 2021