أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - كهلان القيسي - بغداد تسجن أهلها، ورحلة مجانية إلى مشرحة بغداد














المزيد.....

بغداد تسجن أهلها، ورحلة مجانية إلى مشرحة بغداد


كهلان القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1654 - 2006 / 8 / 26 - 07:57
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


-الشيعة والسنّة سجنوا عمليا في ضواحيهم وفي الشارع فان أي جواب خاطئ على سؤال ماكر يمكن أن يكون حكما بإعدام.
دجلة، التي تتلوى عبر الصحراء، و تهزّ الريح أحراشها تديم الحياة المفعمة في هذه المدينة، حيث التوابل والحرير حمّلتا على المراكب الخشبية نزولا معها إلى البصرة وما بعدها. لقد تعايش على ضفافها الشيعة مع السنّة والمسيحيين واليهود، لكن اليوم هذه الوحدة تتشظى عبر إراقة الدماء ،وتحوّلت جسور النهر إلى طرق لهروب العوائل من فرق الموت الطائفية. البعض يتوجّهون إلى اتجاه وآخرين في الاتجاه المعاكس، ويخاف الكثير بأنّ هذه الهجرة سببها الخوف من نشوب حرب أهلية شاملة.
الحذاء الرياضي لأكرم مصطفى شاهدا على قصّة مدينة تقسم!! إنّ الغبار البرتقالي من ساحات التنس الطينية لازال يغطيه. أكرم هو إحدى لاعبي التنس المعروفين في البلاد، ولا يلعب أكرم التنس هذه الأيام إلا نادرا. حيث الوصول إلى ناديه على ضفة نهر دجلة يعني العبور من حيّه الشرقي في مدينة الصدر إلى الشوارع المحروسة من قبل السنّة. يقول أكرم " لم أغادر مدينة الصدر منذ خمسة أو ستّة أشهر، كلّ يوم نقف في نفس المكان نناقش نفس الكلام مع نفس الناس. ليس لدينا شيء آخر."
سافرت غربا عبر النهر إلى العامرية الحيّ السنّي واستمعت إلى قصة فاطمة عمر التي تقول لدي أفضل صديقة وهي ستهجر البلد خلال أسابيع، لا أستطيع زيارتها لأنها تعيش في حيّ شيعي. ومع كلّ انفجار، ومع كلّ معركة فان حيزنا الجغرافي ينكمش. "نحن فعلا سجناء المدينة.
هذه الظروف قادت جنرالات وزارة الدفاع الأمريكية للقول بان الحرب الأهلية بدت وشيكة في العديد من الأحياء، بالرغم من أنّ الشيعة والسنّة ما زالوا يعيشون جنبا إلى جنب في بعض الأماكن، لكن في نفس الوقت هجر حوالي 200,000 عراقي، معظمهم من بغداد، من أحيائهم المختلطة. إن حرب شاملة قد تدمر التركيبة الدينية المعقدة للمدينة فكلّ طائفة لها أماكن مقدّسة في منطقة الطائفة الأخرى كما هو في أحياء مثل الكاظمية والاعظمية .
يقول عدنان ياسين، عالم اجتماع في جامعة بغداد أن الشخصية الوطنية للعراقيين لا تتقبل رؤية مدينة مقسمة ، فقد تعايش السنة والشيعة سوية لقرون وتزوّجوا من بعضهم فكيف يقسّم أو يفصل هذا التزاوج؟
لقد ذهبت تلك الأيام التي كنت فيها تتمشى يدا بيد مع حبيبك على طول نهر دجلة، وتسمع فرقعة أحجار الطالولي في مقاهي ضفة النهر وتشم رائحة السمك المشوي تحت ضوء القمر. أما ألان فتتفجر السيارات المفخخة في أسواق بغداد وتنتشر فرق الموت في ليلها، مخلفة جثث الأبرياء في الممرات ومكبات النفايات . ألان يحمل بعض الناس بطاقتي تعريف، واحدة حقيقة والأخرى مزيفة لإنقاذهم من الموت التي تقتنصك جراء نظرة مثيرة للشكّ.
تلتفت دجلة بين الغضب على كلا الجانبين. السمك و الجثث سحبت من قبل الصاديين من مياه دجلة , ويعدو العسكر من العراقيون والأمريكيون على طول ضفافها ، وأحيانا يقف طفل في مكان خاطئ سيختفي في غبار قذائف الهاون. كلّ شيء أصبح غير مألوفا على طول دجلة، كأنّ النهر سوف لن يكون شاهدا على مدينته تعايش فيها أكثر من 6 مليون عراقي.
بغداد أصبحت صالة مقامرة، لكشف الإنتسابات والأسئلة غير المألوفة سابقا : من أية عشيرة أنت ، من الشمال أو الجنوب؟ من هو عمّك؟ من أية عائلة أنت ؟ هي مكان ألان لفرق الموت حيث ما إن اختطفوا شخصا يسألونه : هل هو شيعي، أو سنّي؟ إن جواب الخاطئ قد يعنى سفرة إلى المشرحة، ثم للتعرف على جثته التي خطّط بحروق الحامض وحفرت بثقوب الدريل.
حتى أرقى أحياء بغداد المنصور أصبحت غابة للقمامة والمجاري الطافحة والجرذان ،كون العمال يخافون من تنظيف الشوارع، ويقول عضو مجلسها البلدي لا استطيع إرسالهم للعمل خوفا على حياتهم ومعظم محلات شارع 14 رمضان قد أغلقت أو فر أصاحبها. ويضيف من سخرية القدر فرحت إحدى العوائل في الحي كون ابنهم قد اعتقل من قبل الأمريكان وليس فرق الموت أو قوات الشرطة العراقية..
وفي مدينة الصدر التي يسكنها بحدود 2 مليون شخص، مكان ساخن وفقير موالي لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ومحروس من قبل ميليشيا المهدي. يشعر مصطفى بالأمان هنا ويحاول اخذ زوجته إلى الجانب الأخر من المدينة لكن لا يستطيع مغادرتها، ويتذكر كيف قتل مدرب ولاعبين للتنس قبل مدة قصيرة. وأحيانا يعمل بناءا إن وجد عمل، ويجلس ويراقب الناس الذين يذهبون للتسوق من علاوي جميلة والعودة بسرعة خوفا من انفجار مفاجئ.
يقول مصطفى أنا لا اكره السنة فكلنا بشر. ما هذا التصرف الأناني للناس هذا كردي، وهذا سنّي، وهذا مسيحي، وهذا شيعي؟ إنها أشياء دخيلة على مجتمعنا، نسال الله أن يتوقف هذا فلا يمكن أن يستمر، ونطالب الحكومة بفعل شيء لكن لا نثق بها.
فاطمة عمر تسكن حي العامرية وهي خريجة من جامعة بغداد، وترتدي حجابا ،تبحث عن عمل ويتوجب عليها للبحث عن العمل أن تعبر الأحياء الخطرة التي تتواجد فيها القوات الأمريكية والعراقية، والتي تستهدف اغلب الأحيان من قبل المسلحين.تقول "الكثير من الشباب الذين اسمهم عمر قتلوا بمجرد عبورهم بعض نقاط التفتيش،لذلك أولاد الحيّ لا يبتعدون كثيرا عن البيت، وحتى والدها يريد عمل هويّة مزيفة لنفسه.لقد زرت منطقة المنصور مرة واحدة لم استطع التوقف والمرور على المحلات للتبضع فعدت مسرعة ومنذ شهرين ونصف لم أغادر ساحة داري.
في الليل يرتعد صوت المروحيات الأمريكية وتتطاير المشعلات الضوئية مثل الأشباح اللامعة على السطوح. ويبقي حظر التجول الشوارع فارغة ، لكن حين يطل ضوء الشمس، تظهر نقاط التفتيش الطائفية ، إنهم يبحثون عن أي شخص اسمه كاسم أبو فاطمة (عمر) وهذا يعني سفرة مجانية إلى مشرحة بغداد.
www.globalpolicy.org
ترجمة: كهلان القيسي



#كهلان_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا كنت مروج الدعاية المقيم في العراق
- رجل دين شيعي آخر يتمرد على إيران ويكسب نفوذا في العراق كان ث ...
- انتقال النزاع من بغداد إلى القرى، تنافس للسيطرة على محافظة د ...
- محامون عراقيون قتلوا لترافعهم عن قضايا يتهمون بأنها -ضدّ الإ ...
- التايمز: تزييف الإيمان لخدع فرق الموت- النصائح الإحدى عشر
- الإرهاب المزيف للتشويش على حالات الفشل الذريع في لبنان و الع ...
- العراق: إعدام رجل وزوجته حاملين لفيروس الايدز في الشارع
- تحليل سياسي: نهاية لبنان كدولة ؟ بقرار أممي
- أخيرا توماس فريدمان يعري نفسه حول العراق
- روبرت فسك: أي قوات بقيادة الناتو ستكون في مصلحة إسرائيل، ولي ...
- مقابلة مع الدكتور عمر الكبيسي: جراح قلوب العراقيين يبحث عن ج ...
- الواشنطن تايمز: جيش المهدي يحشد 1500 مقاتلا للذهاب إلى لبنان
- روبرت فيسك: جريمة حرب؟
- تقرير من الداخل : قوّات الشرطة العراقية موبوءة بالعنف والفسا
- التلفزيونات الطائفية المصدر الرئيسي للأخبار في العراق
- تقرير خطير: في جامعة بغداد، التهديد بالتصفية على عدم تسهيل ا ...
- الواشنطن بوست: اغتصبوها واحرقوها وقتلوا عائلتها واتهموا المق ...
- شيء سبق رؤيته في الرمادي
- النفط والسياسة وإراقة الدماء تفسد مدينة عراقية. 6 ألاف برميل ...
- إيران تطلب من الولايات المتّحدة عرضا للسلام مع إسرائيل مقابل ...


المزيد.....




- حذر أوروبا من -الانتحار- وانتقد -عناق بوتين-.. زيلينسكي يوجه ...
- ألمانيا: المعارضة تدعو شولتز إلى إجراء تصويت على الثقة بشكل ...
- عودة -تاريخية- لترامب إلى البيت الأبيض.. ماذا يحمل في حقيبته ...
- الجيش اللبناني: قتلى وجرحى باستهداف إسرائيلي قرب -حاجز الأول ...
- كليموف: من غير المرجح أن يركز ترامب على دعم كييف
- قتلوا خلال غارة إسرائيلية.. تشييع جثامين 16 من عائلة واحدة ج ...
- -حزب الله- يستهدف تجمعات للجيش الإسرائيلي وشمال حيفا ونهاريا ...
- ماكرون: لا يجب على الدول الأوروبية تفويض قضاياها الأمنية لوا ...
- ألمانيا.. القبض على أمريكي بتهمة التجسس لصالح الصين
- ماذا يعني فوز دونالد ترامب للعالم؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - كهلان القيسي - بغداد تسجن أهلها، ورحلة مجانية إلى مشرحة بغداد