أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسلام بحيري - شخصية النبي محمد















المزيد.....



شخصية النبي محمد


إسلام بحيري

الحوار المتمدن-العدد: 7079 - 2021 / 11 / 16 - 07:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النبي محمد الذي قرأت سيرة حياته كان قلبه مليئا بالحب والرحمة، يقول أنس: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبراهيم، فأخذ ‏ابنه صلى الله عليه وسلم ‏وقبله، ‏وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم تذرفان ‏فقال ‏ابن عوف، وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم ‏أتبعها بأخرى، فقال: ‏‏إن ‏العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا ‏بفراقك يا إبراهيم محزونون ‏
وعن أنس: شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تدفن، وهو جالس على القبر فرأيت عينيه ‏تدمعان‏ البخاري و أتى قبر أمه بالأبواء في ألف مقنع فبكى وأبكى من حوله‏. جمع ‏الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد ‏
وعن أنس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع بكاء الصبي وهو في الصلاة، فيقرأ بالسورة ‏القصيرة، ‏والسورة الخفيفة»‏ عن أبي ‏سعيد الخدري، قالا: صلى بنا رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم صلاة الغداة، وسمع بكاء صبي فخفف ‏الصلاة فقيل: يا رسول الله، خففت ‏هذه الصلاة اليوم، فقال: إنى سمعت بكاء صبي، ‏فخشيت أن يفتن أمه. ‏
وكان يرحم الضعفاء ويتنزل لهم للغاية، يقول أنس بن مالك‎:‎‏ " أن امرأة، كان في عقلها ‏شيء، فقالت يا رسول الله إن لي إليك ‏حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم فلان خذي ‏في أي الطريق شئت؟ قومي فيه، حتى ‏أقوم معك فخلا معها رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيها حتى ‏قضت حاجتها "‏‏ الأصبهاني ‏
وعن عبد الله ابن أبي أوفى، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللعن، ويطيل ‏الصلاة، ‏ويقصر الخطبة، وكان لا يأنف، ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة، والمسكين، ‏فيقضي له ‏حاجته. ‏

كان يتصف بالبهجة والتفاؤل
عن كعب بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سره الأمر استنار وجهه كأنه دارة ‏‏‏القمر.‏
ويقول أبو هريرة: ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان الشمس تجري في جبينه، ‏وما ‏‏رأيت أسرع مشيةً منه، كان الأرض تطوى له. ‏
وسئلت لعائشة رضي الله عنها: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا؟ قالت: كان أبر الناس، وأكرم ‏‏‏الناس، ‏ضحاكا بساما صلى الله عليه وسلم ‏ ‏
ويقول عبد الله بن الحارث بن جزء، يقول: ما رأيت أحدًا أكثر مزاحًا من رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ولا ‏أكثر تبسمًا منه، وإن كان ليسنو أهل الصبي إلى مزاحه. ‏
ويقول زيد ‏بن ثابت قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كنا إذا جلسنا إليه إن أخذنا بحديث في ذكر ‏‏الآخرة ‏أخذ ‏معنا، وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام ‏‏والشراب ‏أخذ ‏معنا. ‏
وعن أبي الدرداء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدث بحديث تبسم في حديثه. ‏
وعن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل، ولا يتطير. ‏
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل الحسن.‏ ‏
وعن أنس، قال: كنا نعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل بطيب ريحه ‏
و عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها‏. ‏

عفوه وصفحه
كانت أخلاقه كلها وسعة للناس، عن أنس بن مالك، أنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر ‏سنين، فما قال في شيء فعلت: لم ‏فعلت؟ ولا لشيء لم أفعله: لِمَ لَم تفعلهُ، وما سبني ‏سُبّةً قط، ولم ينتهرني يوما قط، ولم يعبس وجهه علي يوما قط. ، ‏
عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحلم الناس وأصبرهم وأكظمهم ‏‏للغيظ. ‏
وعن عائشة، رضي الله عنها قالت: «ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم امرأة قط، ولا ضرب خادما قط، ولا ‏‏ضرب بيده شيئا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله عز وجل ولا نيل منه فانتقم من ‏‏صاحبه. ‏
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه جبذة شديدة، فنظرت إلى عنق ‏‏رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثرت فيه حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من ‏‏مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحك وأمر له بعطاء. ‏
وعن عبد الله بن عمرو قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقليدة من ذهب وفضة، فقسمه بين ‏‏أصحابه، فقام رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، والله لئن أمرك الله عز وجل أن ‏‏تعدل فما أراك تعدل، فقال: ويحك، من يعدل عليك بعدي؟ ‏
يقول عبد الله بن مسعود: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقال رجل من الأنصار: إن هذه ‏القسمة ما ‏أريد بها وجه الله، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فاحمر وجهه وقال: رحمة الله على ‏موسى، قد ‏أوذي بأكثر من هذا فصبر. ‏
وعن أنس قال: " أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، ليأكل منها، فجيء بها إلى ‏النبي ‏صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت قتلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ما كان الله ليسلطك على ‏‏ذلك، أو قال: على كل مسلم، قالوا: أفلا نقتلها؟ قال: لا "‏ ‏
وعن جابر بن عبد الله، قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب بن خصفة، فرأوا من المسلمين ‏‏غرة، فجاء رجل حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: ‏‏الله، فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، فقال: من يمنعك مني؟ قال: ‏‏كن خير آخذ قدر، قال: أتشهد ألا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قال: لا، غير أني لا ‏‏أقاتلك، ولا أكون معك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فجاء أصحابه، ‏‏فقال: جئتكم من عند خير الناس. ‏
وكان لا يعيب أحدا ولا يتتبع الأخطاء، بل يغض الطرف ويتجاهل عن الزلات، يقول ‏‏أنس بن مالك، قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: هلا ‏‏فعلت ‏كذا وكذا؟ ولا عاب علي شيئا قط. الأصبهاني ‏
ولو اضطر لمواجهة أحد بخطئه للتعريف والنصح والإصلاح، لم يوقعه في الحرج، ولذلك ‏كان يقول له: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ؟ كأنه حوار اعتيادي، وليس حسابا، فقد ‏كان يكره أسلوب الحساب والتضييق، وكان يحب أن يعيش الناس في وسعة وهناء نفسي ‏ما استطاع.. عن عائشة، رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن رجل شيء، لم ‏يقل له قلت: ‏كذا وكذا، بل قال: ما بال أقوم يقولون كذا وكذا؟ "‏ ‏
وكان يرحم البسطاء والعامة من الناس، ويعاملهم على قدر عقولهم وفهمهم لا بقدر عقل ‏من ‏هم فوقهم علما وفهماً، عن أنس: بينما نحن في مسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء ‏أعرابي ‏فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : مه مه. فقال: لا تُزْرِموه. فتركوه ‏حتى ‏بال، ثم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر، إنما ‏هي ‏لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن. وأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه ‏عليه. ‏رواه مسلم والبخاري وفي رواية عن أبي هريرة أن الأعرابي لما دخل ‏صلى ركعتين ‏ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا. فقال صلى الله عليه وسلم : لقد ‏تحجرت واسعا! ثم لم ‏يلبث أن بال في ناحية المسجد، فأسرع إليه الناس، فنهاهم وقال: ‏‏إنما بعثتم ميسرين ولم ‏تبعثوا معسرين، صبوا عليه سجلا من ماء رواه أبو داود ‏‏، والترمذي ، والنسائي / ، ‏وصححه. ‏
و عن معاوية بن الحكم، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعطس رجل من القوم، ‏فقلت: ‏يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، وضربوا بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم ‏يصمتوني، ‏لكني سكت قال: فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي ما رأيت معلما أحسن تعليما ‏منه، ما ‏ضربني ولا سبني، ثم قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، ‏إنما هو ‏التسبيح والتكبير والتحميد. ‏
و عن أبي هريرة، أن أعرابيا، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في شيء، فأعطاه شيئًا، ثم قال: ‏‏أحسنت إليك؟ فقال الأعرابي: لا، ولا أجملت قال: فغضب المسلمون، وقاموا إليه، ‏‏فأشار إليهم أن كفوا. قال عكرمة: قال أبو هريرة: ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فدخل منزله، ثم ‏‏أرسل إلى الأعرابي، فدعاه إلى البيت، فقال: إنك جئتنا فسألتنا، فأعطيناك، فقلت: ما ‏‏قلته، فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، ثم قال: أحسنت إليك؟ قال الأعرابي: نعم، فجزاك الله ‏‏من أهل وعشيرة خيرًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنك كنت جئتنا فسألتنا، فأعطيناك، وقلت ما ‏‏قلت، وفى أنفس أصحابي شيءٌ من ذلك، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين ‏‏يدي، حتى تذهب من صدورهم ما فيها عليك. قال: نعم. قال عكرمة: قال أبو هريرة: ‏‏فلما كان الغد أو العشي، جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن صاحبكم هذا كان جاء فسألنا، ‏‏فأعطيناه، وقال ما قال، وإنا دعوناه إلى البيت فأعطيناه فزعم أنه قد رضي، أكذلك؟ ‏‏قال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا. قال أبو هريرة: فقال النبي صلى ‏‏الله عليه وسلم: ألا إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقةٌ فشردت عليه، ‏‏فاتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحب الناقة: خلوا بيني وبين ناقتي، فأنا ‏‏أرفق بها وأعلم، فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها وأخذ لها من قمام الأرض، فردها ‏‏هونًا هونًا هونًا حتى جاءت واستناخت وشد عليها، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما ‏‏قال، فقتلتموه، دخل النار. ‏

تواضعه
‏وكان متواضعا يألف ويؤلف، يقول أنس بن مالك: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، ‏وشممت ‏العطر كله، فلم أشم نكهة أطيب من ‏نكهته، وكان إذا لقيه واحد من أصحابه ‏قام معه ‏فلم ينصرف حتى يكون الرجل ينصرف ‏عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه، فتناول ‏يده، ‏ناولها إياه، فلم ينزع منه حتى يكون الرجل ‏هو الذي ينزع عنه وإذا لقيه أحد من ‏أصحابه ‏فتناول أذنه، ناولها إياه، فلم ينزعها عنه ‏حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها منه. ‏وما قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل قط فقام حتى يقوم. أبو ‏الشيخ الأصبهاني ‏
وكان يساوي نفسه بأصحابه ولا يرفع نفسه عليهم، حتى في البديهيات، يقول أنس: لم ‏يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا رأوه لم يقوموا ‏إليه، لما يعرفون ‏من كراهيته له.‏ ‏
وكان ‏يطوف بالبيت فانقطع شِسْعُه، فأخرج رجل شسعا من نعله فذهب يشده في نعل ‏النبى ‏صلى ‏الله عليه وسلم فانتزعها، وقال: هذه أثرة ولا أحب الأثرة أبو يعلى / ‏‏ ، ‏والأوسط / ‏.‏
وسئلت عائشة رضي الله عنها: كيف كان ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: كان يعمل كعمل أحدكم ‏‏في بيته يخيط ثوبه، ويخصف ‏نعله. الأصبهاني في أخلاق النبي ‏ ‏
يقول أنس بن مالك: إن كانت الوليدة الطفلة من ولائد المدينة تجئ فتأخذ بيد رسول الله ‏صلى ‏الله عليه وسلم، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت. ‏
وعنه قال: كانت الأَمَة الإماء أي: الخدم والعبيد من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول ‏الله صلى الله ‏عليه وسلم، فيدور بها في حوائجها حتى تفرغ، ثم ترجع. ‏
وعن عائشة، رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله: "كُل - جعلني الله فداك - متكئا فإنه ‏‏أهون عليك قالت: فأصغى برأسه، حتى كاد أن تصيب جبهته الأرض، ثم قال: لا، بل ‏‏آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد"‏ ‏
وتقول عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، لو شئت لسارت معي جبال ‏الذهب، ‏جاءني ملكٌ إن حجزته لتساوي الكعبة، فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام، ‏ويقول: إن ‏شئت نبيا عبدًا؟ وإن شئت نبيا ملكًا؟ فنظرت إلى جبريل عليه السلام، ‏فأشار إلي أن ‏ضع نفسك، فقلت: نبيا عبدًا. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا ‏يأكل متكئًا، ‏يقول: آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد. ‏
وعن أبي هريرة، وأبي ذر، قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء ‏الغريب ‏ولا يدري أيهم هو؟ حتى يسأل، فطلبنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسا يعرفه ‏الغريب إذا ‏أتاه، فبنينا له دكانا من طين، فكان يجلس عليه، ونجلس بجانبيه. ‏
ومن تواضعه أنه كان يقول لأصحابه: ‏‏سددوا، وقاربوا، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم ‏عمله الجنة قالوا: ولا أنت يا رسول ‏الله؟ ‏قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة ‏رواه البخاري .‏

اهتمامه بالتعليم والتربية
وكان يقوي أصحابه ويشد من أزرهم، ويعلمهم مواجهة ضغوط الحياة بنفس راضية ‏وتقبل، لأن هذه هي طبيعة الدنيا ما بين بلاء وعافية، ولكن عاقبة البلاء ونتائجه دائما ‏ما تكون خيرا ونفعا للإنسان، يقول ابن مسعود: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة ‏فقالوا: إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن ‏يحترق حتى يصير حممة أو يخر من السماء إلى ‏الأرض أحب إليه أن يتكلم به. قال: ذلك ‏محض الإيمان. رواه مسلم . أي أن الأسئلة ‏الفلسفية التي تثور في عقل المؤمن، مثل سؤال: من خلق الله؟ هي دليل بحث صاحبها ‏عن الله، وهذه علامة خير، وليست من الشيطان، كما أنها ليست أسئلة محظورة أو ‏محرمة أو لا يجوز الخوض فيها، كما يظن البعض، ولكنها بتعبير رسول الله صلى الله عليه ‏وآله وسلم محض الإيمان. ‏
كذلك كان يعلمهم أن المصائب والشدائد سبب للمغفرة وتجاوز الله عن العبد، فكان ‏يقول: ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولاسقم، ولاحزن ‏حتى الهم يهمه إلا ‏كفر الله به سيئاته وفي رواية: إلا حط الله له سيئاته كما تحط الشجرة ورقها.‏ البخاري ، ‏ومسلم والترمذي .‏ ‏
وكان يقول: ‏إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي ‏فله الرضا ومن ‏سخط فله السخط الترمذي ‏ ‏
ويقول: ‏ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه ‏خطيئة الترمذي ‏ ‏
ويقول: إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو ‏في ‏ولده ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى أبو داود ‏
ويقول: ‏إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين، فقال: انظروا ماذا يقول لعوداه، فإن هو ‏إذا جاءوه حمد ‏الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول: لعبدي علي إن توفيته ‏أن أدخله الجنة، وإن ‏‏شفيته أن أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفر ‏عنه سيئاته مالك / ‏
وقال: ‏إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: ‏قبضتم ثمرة ‏فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، ‏فيقول: ابنوا لعبدي ‏بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد الترمذي ‏ و
كان يقول: ‏يؤتى بالشهيد يوم القيامة فينصب للحساب، ثم يؤتى بالمتصدق فينصب ‏للحساب، ثم يؤتى ‏بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينصب لهم ديوان، فيصب عليهم ‏الأجر صبا حتى أن أهل ‏العافية ليتمنون في الموقف أن أجسادهم قرضت بالمقاريض من ‏حسن ثواب الله لهم الطبراني / - .‏
وعن مصعب بن سعد عن أبيه قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال: الأنبياء ثم ‏‏الأمثل ‏فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان ‏‏في دينه رقة ابتلاه ‏على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ‏‏وما عليه خطيئة الترمذي .‏
ولكنه مع ذلك كان يعلمهم سؤال العافية من البلاء وعدم تمنيه، ابن عباس: أن رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده في مرضه، وكان إذا دخل على مريض ‏يعوده قال: لا ‏بأس طهور إن شاء الله فقال طهور إن شاء الله فقال: قلت: طهور؟ كلا بل هي ‏حمى ‏تفور أو تثور، على شيخ كبير تزيره القبور، قال صلى الله عليه وسلم : فنعم إذا! البخاري وقوله فنعم إذا ‏هو إشارة لقانون الجذب، القانون الكوني العظيم الذي وضعه الله ليخدم ما يريده ‏الإنسان. ‏
وعن أبي الدرداء قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم العافية وما أعد الله لصاحبها من جزيل الثواب ‏إذا هو ‏شكر، وذكر البلاء وما أعد الله لصاحبه من جزيل الثواب إذا هو صبر، فقلت: ‏يا رسول الله لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر.‏‎ ‎فقال صلى الله عليه ‏وسلم : ورسول الله يحب معك العافية الطبراني في الأوسط / ، و الصغير / ‏
وكانت طريقته أن يُبَسِّط التعاليم الدينية للناس قدر الإمكان ويربطها بالمشاعر وليس فقط ‏بالفكر والعقل والقدرة على الحفظ كما نفعل نحن الآن، ‏عن أبي أمامة قال رجل: يا ‏رسول الله، ما ‏الإيمان؟ قال: إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك ‏فأنت مؤمن. رواه ‏الطبراني / ‏‏ ، وأخرجه الإمام أحمد / .‏
ولذلك كان يحرص أشد الحرص على أن يغرس فيهم مشاعر حسن الظن بالله، رحمة منه ‏بهم، لأن كل شيء في الحياة مبني على ما يفكر فيه الإنسان، فكان يقول لهم: قال الله ‏تعالى: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء أحمد / ، و الأوسط / ‏
وكما كان يعلم أصحابه طبيعة الحياة وتقبل التحديات، كان أيضا يحببهم في التخفيف ‏عن الناس ونشر روح الحب والوئام بينهم، وعيادة المريض وتزاور الأحبة غير المشروط بنية ‏مصلحة أو منفعة مادية، فكان يقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ‏فكان يعلق كمال الإيمان على مشاعر الحب للناس، رواه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ‏، والنسائي / ‏
ويقول: من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت ‏من الجنة منزلا الترمذي ،وابن ماجة ‏ ‏
وكان يقول: ‏من عاد مريضا فلا يزال في الرحمة حتى إذا قعد عنده استنقع، وإذا قام من ‏عنده فلا يزال ‏يخوض فيها حتى يرجع من حيث خرج الطبراني في الكبير / ، و ‏الأوسط / ‏ ‏
ويقول: ‏إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك، فإن دعاءه كدعاء الملائكة ابن ماجه ‏‏‏ ‏
وعن ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عزى مصابا فله مثل أجره الترمذي ‏ ‏
وكان من عادته أن يبدأ بنفسه ليكون قدوة لأصحابه، يقول زيد بن أرقم: عادني رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني‏ ‏ أبو داود .‏
ويقول رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه: ‏إن الله تعالى يقول: يوم ‏القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت ‏رب العالمين؟ قال ‏أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني ‏عنده؟ يا ‏ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: ‏‏أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ‏ذلك ‏عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب ‏العالمين؟ قال ‏استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته، لوجدت ذلك عندي ‏؟ مسلم ‏ ‏
وكان يثقف العقول وينير النفوس ويحببها في العلم، ويعلمها فضله على ‏العبادة، فكان ‏يقول لأصحابه: ‏‏يسير الفقه خير من كثير العبادة رواه الطبراني / - وكان يقول: فقيه ‏واحد أشد ‏على الشيطان من ألف عابد رواه الترمذي ‏ويقول: ‏من سلك طريقا ‏يطلب ‏به علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها ‏رضا ‏لطالب ‏العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف ‏الماء ‏‏وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن ‏العلماء ‏ورثة الأنبياء ‏وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذه ‏أخذ بحظ ‏وافر رواه أبو داود ، والترمذي ‏
‏كذلك كان من شأنه تقديم خدمة الناس على العبادة، لأن العبادة يقتصر نفعها على ‏‏صاحبها، وأما الخدمة فتنفع الناس، وهذا له أثر أكبر وأعم وأشمل.‏
عن أنس: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا منزلا في يوم ‏‏حار أكثرنا ظلا ‏صاحب الكساء، فمنا من يتقي الشمس بيده فسقط الصوام، وقام ‏‏المفطرون فضربوا الأبنية ‏وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب المفطرون اليوم ‏‏بالأجر البخاري ، ومسلم .‏
وعن أبي هريرة: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : عليّ حجة الإسلام وعلي دين؟ قال: اقض ‏‏دينك ‏ أبو يعلى / .‏‏

توسطه واعتداله وأخذه بالأيسر
عن عائشة، رضي الله عنها قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن ‏‏إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه. و قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا من ‏ظلامة ظلمها قط، إلا أن ينتهك من محارم الله ‏شيء، وإذا انتهك من محارم الله عز وجل ‏شيء كان أشدهم في ذلك، وما خير بين ‏أمرين قط إلا اختار أيسرهما. ‏
وكان من شأنه التيسير مع الفقراء والضعفاء والمساكين وأهل الإنكسار، عن أبي هريرة ‏‏‏قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل، فقال يا رسول الله: هلكت ‏‏‏‏قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، قال: هل تجد رقبة تعتقها؟ ‏قال: ‏لا، ‏‏قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: هل تجد ‏إطعام ‏ستين ‏‏مسكينا قال: لا. قال: اجلس فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، ثم قال: ‏‏أين ‏السائل؟ قال: ‏‏أنا، قال: خذ هذا فتصدق به فقال: على أفقر مني يا ‏رسول الله، ‏فوالله ما بين لابتيها ‏يريد ‏الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم ‏حتى بدت أنيابه، ثم ‏قال: أطعمه ‏أهلك ‏ البخاري ، ومسلم ‏‏.‏
وكان يكره الغلو والتشدد، بل كان التوسط هو طريقته ومنهاجه في الحياة، فكان يميل ‏للتيسير ويعلمه أصحابه ومريديه، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس قد فرض ‏عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أفي كل ‏عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا، ثم ‏قال: ذروني ما تركتكم ولو قلت: نعم لوجبت ولما ‏استطعتم، وإنما أهلك من كان قبلكم ‏كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم إذا أمرتكم بالشيء فأتوا منه ما ‏استطعتم وإذا ‏نهيتكم عن شيء فاجتنبوه‏‏ مسلم ‏
عن أنس بن مالك: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة ‏النبي صلى الله عليه وسلم فلما ‏أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما ‏تقدم من ذنبه وما تأخر ‏قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا وقال الآخر: أنا أصوم ‏الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم إليهم فقال: ‏‏أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني أخشاكم لله وأتقاكم له ‏ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد ‏وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. رواه ‏البخاري ، ومسلم ، والنسائي / وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص، ‏وكان رجلا عابدا من أصحابه، شفاف الروح يحب العبادة والتبتل والإنقطاع لله في ‏الخلوات: إنك لتصوم النهار وتقوم الليل؟. قلت: نعم قال: إذا فعلت ذلك هجمت له ‏العين ونفهت له النفس لا صام من صام الأبد، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله. قلت: ‏أطيق أكثر من ذلك. قال: صم صوم داود يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى رواه ‏البخاري وكان عبد الله يقول: يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم وذاك أني كبرت وضعفت. ‏
ولذلك كان يشجع من يراه يسلك مسلك التيسير وبساطة الحياة ومراعاة حقوق الناس ‏والنفس، ‏- أبو جحيفة: آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا ‏الدرداء فرأى أم ‏الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له ‏حاجة في الدنيا فجاء أبو ‏الدرداء فصنع له طعاما فقال له: كل فإني صائم قال: ما أنا ‏بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان الليل ‏ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام ثم ذهب ‏يقوم فقال: نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان: ‏قم الآن، فصليا فقال له سلمان: ‏إن‎ ‎لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق ‏حقه ‏فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: صدق سلمان. رواه البخاري ، والترمذي ‏‏.‏ ‏
وكان يكثر أن يقول: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا رواه البخاري ، ‏ومسلم ‏
ويقول: إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، فإن المنبت لا ‏أرضا قطع، ولا ظهرا ‏أبقى ‏رواه البزار كما في «كشف الأستار» / ‏‏، والبيهقي في الكبرى / ‏ ‏
وكان يقول: خير الأمور أوسطها رواه البيهقي في ‏‏«الشعب» / . ‏

إنصافه وتكريمه للمرأة
وكان يكرم المرأة ويرفع من شأنها وكرامتها، وكان يعلمهم أن لها تركيبة نفسية مختلفة يجب ‏أن تراعى، فكان يقول: ‏استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ‏ما في الضلع أعلاه، فإن ‏ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء ‏خيرا‏ وفي رواية: وكسرها طلاقها ‏البخاري ، ومسلم ‏
ويقول: ‏ألا واستوصوا بالنساء خيرا؛ فإنما هن عوان عندكم‏ أي أسيرات الترمذي ‏
ويقول: ‏لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم لعله يجامعها أو قال: يضاجعها في آخر ‏اليوم البخاري ، ومسلم ‏
وكان يربي أصحابه على النظر للمرأة من حيث المعنى لا المبنى، ومن حيث الأخلاق ‏والطباع لا الجمال الخارجي وحده، لأنه منفردا ربما كان وبالا على الرجل، فكان يقول: ‏‏تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ‏ويقول: ‏لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تزوجوهن لأموالهن، ‏فعسى أموالهن أن ‏تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين ‏أفضل‏ ابن ماجة ‏‏، ولذلك كان يقول أن المرأة حسنة الأخلاق خير متاع الدنيا إن كانت: ‏الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة مسلم ‏
وكان يراعي مشاعر المرأة وطبيعتها العاطفية ويعاملها من هذا المنطلق، عن أنس، قال: " ‏كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين، فأرسلت إحدى نسائه ‏بقصعة فيها طعام، ‏فضربت يد الرسول فسقطت القصعة، فانكسرت فأخذ رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم ‏إحداهما إلى الأخرى، ثم جعل يقول، ويجمع الطعام فيقول: غارت ‏أمكم‏! ‏
وعن الشفاء بنت عبد الله، قالت: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أسأله شيئا، فجعل يعتذر ‏‏إليّ» ‏
وكان يقضي حوائج زوجته في سهولة ويسر، يقول جابر بن عبد الله: «كان النبي صلى ‏الله عليه وسلم رجلا سهلا، إذا هويت، يعني عائشة رضي الله عنها، الشيء، ‏تابعها عليه» ‏
وكان يحب للرجل أن يتزوج ولا يترك نفسه عزبا، وكان يعظم من شأن الزواج لما له من ‏أثر طيب في النفس البشرية وسكون كل من الرجل والمرأة إلى بعضهما، مما يشعرهما ‏بالتراحم والحب وأن كل منهما عبد لله محتاج إلى خلقه، ولذلك كان يقول: ‏من تزوج ‏فقد استكمل نصف الإيمان، فليتق الله في النصف الباقى وكان يرى أن الزواج سبب في ‏سعة الرزق وجذبه، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ‏تزوجوا النساء يأتينكم بالأموال البزار كما في «كشف ‏الأستار» ‏
وكان يعلم الناس لزوم طلب الولد الصالح لا طلب الشهوة الجنسية فقط، ولذلك كان ‏يقول: ‏أما لو أن أحدكم قال إذا أراد أن يأتي أهله باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، ‏وجنب الشيطان ما ‏رزقتنا، ثم قدر بينهما في ذلك ولد لم يضره شيطان أبدا كان يسألهم ‏أن يدعوا بهذا الدعاء عند الجماع لكي يستحضروا المعنى والهدف من وراء الجنس، وأنه ‏ليس هدفا، وإنما هو وسيلة لغاية نبيلة، وهي إخراج نفس زكية طاهرة لهذا العالم تعمل ‏الخير وتساهم في إعمار الأرض. البخاري ، ومسلم .‏

لطفه مع الأطفال
عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء إلينا وأخ لي صغير، فيقول: يا أبا ‏‏‏عمير، ما فعل النغير؟ والنغير نوع من أنواع الطيور صغير الحجم. ‏
وعنه قال: أنه صلى الله عليه وآله وسلم مر بصبيان فسلم عليهم ‏. ‏
وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالصبيان، وكان له ابن مسترضع في ‏ناحية ‏‏المدينة، وكان يأتيه ونحن معه، وقد دخن البيت بالإذخر، فيشمه ‏ويقبله. ‏‏ ‏

رفقه بالحيوان
وكان يرفق بالحيوان ويعطف عليه ويكرم النفس التي تحرك جسده، مر ذات مرة على ‏رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهى تلحظ إليه ببصرها ‏فقال: أفلا ‏قبل هذا؟ أو تريد أن تميتها موتتين!! الطبراني / ، و «الأوسط» / ‏ ‏
وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش ‏فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم ‏خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال ‏الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش ‏مثل الذي كان بلغ منى، فنزل البئر فملأ خفه ‏ماء ثم‎ ‎أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب؛ فشكر الله له فغفر له، فقالوا: يا رسول ‏‏الله، إن لنا في البهائم أجرا فقال: في كل كبد رطبة أجر البخاري ، ومسلم وفي رواية: ‏أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له ‏موقها فغفر لها البخاري ،ومسلم . ‏
ومن الجدير بالذكر أن كل ما يشاع عن الإسلام من تنفير من نجاسة الكلاب وضرورة ‏غسل الإناء من لُعاب الكلب لأنه نجس، كل هذا غير صحيح، والدليل هو قول ابن ‏عمر: كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمانه صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون شيئا من ‏ذلك أي الماء. رواه البخاري وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد ولا ‏يطردونها. رواه أبو داود .‏ ‏
وعن ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها، ولم ‏تدعها تأكل من خشاش الأرض. ‏
وعن عبد الله بن جعفر: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسر إلى حديثا لا ‏أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به لحاجته هدفا أو حائش نخل، فدخل ‏حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه، فأتاه ‏صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه، فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟. فجاء فتى من الأنصار فقال: ‏لي يا رسول الله، فقال له: أفلا تتقى الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه شكا ‏إلى أنك تجيعه وتدئبه. أي: تتعبه باستمرار. البخاري ، ومسلم وعن سهل بن الحنظلية: ‏مر النبي صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها ‏صالحة، وكلوها صالحة أبو داود ، وصححه ابن خزيمة / ‏
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما ‏سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض ‏فعليها فاقضوا حاجتكم منابر: أي مقاعد يطيلون الجلوس عليها، رواه أبو داود ، وقال ، ‏في صحيح أبي داود : إسناده صحيح. ‏
وعن جابر بن عبد الله عن أبيه: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمّرة ‏معها الفرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تعرش، فلما جاء صلى الله عليه وسلم قال: من ‏فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد أحرقناها، فقال: من أحرق هذه؟ ‏قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بعذاب النار إلا رب النار أبو داود ،وصححه ‏الحافظ في الفتح / ‏

احترامه للناس وتكريمه للشخصية الإنسانية
عن أنس، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام، سأل عنه، ‏‏فإن كان غائبًا دعا له، وإن كان شاهدًا زاره، وإن كان مريضًا عاده»‏ ‏
وعن ابن عباس، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ‏‏‏ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك» ‏ ‏
وكان يحب استشارة أصحابه في الأمور العامة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: ما رأيت رجلًا ‏أكثر استشارةً للرجال من رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم. ‏

وعن أبي مسعود، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يكلمه، فأرعد، فقال: هون عليك، فلست ‏‏‏‏بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش، كانت تأكل القديد بمكة. ‏‏والقديد هو اللحم ‏المجفف.‏

حياؤه
عن أبي سعيد الخدري، يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، ‏وكان ‏إذا كره شيئا عرفناه في وجهه» ‏ ‏

كرمه
كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ‏‏الناس كفا، وأكرمهم عشرة، وأجرأ الناس ‏صدرا، ‏وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم بذمة، ‏وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة ‏هابه، ‏ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أر قبله ‏ولا بعده مثله، صلى الله عليه وسلم»‏. ، ‏
‏عن ابن عمر، قال: «ما رأيت أحدا أجود ‏ولا أنجد ولا أشجع ولا أرضى من رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم» ‏
‏وعن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ‏بالخير، وكان أجود ما يكون في ‏رمضان، حين يلقاه جبريل عليه السلام. ‏
‏ ‏وعن أنس بن مالك، قال: لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط على ‏الإسلام إلا أعطاه، ‏وإن رجلا أتاه فسأله، فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه، ‏فقال: أسلموا، فإن محمدا ‏يعطي عطاء ما يخشى فيه الفاقة. ‏
وعن هارون بن رياب، قال: «قدم على النبي سبعون ألف درهم، وهو أكثر مال أتي به ‏‏قط، فوضع على حصير، ثم قام إليها يقسمها فما رد سائلا حتى فرغ منه»‏ ‏
‏وعن ‏جابر بن عبد الله، قال: " ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا "‏
وعن سهل بن سعد، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حييا لا يسأل شيئا إلا أعطى. ‏
وعن ابن الخطاب، رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال: ما عندي شيء، ولكن ‏‏ابتع علي، فإذا جاءنا شيء قضيناه، قال عمر رضي الله عنه: فقلت: يا رسول الله ما كلفك الله ‏‏مالا تقدر عليه، قال: فكره النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا، ‏‏فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وعرف السرور في وجهه‏. ‏

عبادته
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل، حتى تفطرت قدماه دمًا، قالت ‏‏عائشة رضي الله عنها: قلت: تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما ‏‏تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ ‏

زهده في الدنيا
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل ‏‏شجرة في يوم حار، ثم راح وتركها. ‏
وعن ابن عباس، قال: مات والله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ترك دينارًا، ولا درهمًا، ولا عبدًا، ولا ‏‏أمةً‏. ‏
وعن عائشة، رضي الله عنها: أنها كانت تقول: كان يمر بنا هلالٌ وهلالٌ وهلالٌ، وما يوقد في منزل ‏‏رسول الله صلى الله عليه وسلم نارٌ، قلت: أي خالة، على أي شيء كنتم تعيشون؟ قالت: على ‏‏الأسودين التمر والماء.‏

"أخلاق النبي" أبو الشيخ الأصبهاني

_______________________________

للتعرف عليه أكثر تابع هذه الحلقات
https://www.youtube.com/watch?v=hI6321d3Lds
https://www.youtube.com/watch?v=08V61UzZcfk&t=17s



#إسلام_بحيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 21
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 20
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 19
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 18
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 17
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 16
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 15
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 14
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 13
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 12
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 11
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 10
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 9
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 8
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 7
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 6
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 5
- الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 4
- الحياة لعبة وهذه قوانينها | 3
- الحياة لعبة وهذه قوانينها | 2


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسلام بحيري - شخصية النبي محمد