أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمارة تقي الدين - الإعلاميون كجماعة وظيفية














المزيد.....

الإعلاميون كجماعة وظيفية


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 7077 - 2021 / 11 / 14 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دكتور محمد عمارة تقي الدين
تحاول تلك المقالة الإجابة عن سؤال مركزي مفاده: هل يمكن اعتبار مجموعة الإعلاميين الرسميين في الدول السلطوية القمعية بمثابة جماعة وظيفية؟
فالجماعة الوظيفية هو نموذج تفسيري نظَّر له المفكر الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري، واصفاً الدور الذي تلعبه تلك الجماعة داخل أي مجتمع.
إذ يجري توظيف تلك الكتلة البشرية المسماة بالجماعة الوظيفية لتنفيذ هدف أو القيام بوظيفة ما، عادة ما تكون مُشينة وقذرة.
ففي القديم جرى توظيف المماليك كجماعة وظيفية للقيام بمهام عسكرية، فهي مجموعة وظيفية عسكرية.
وفي أوروبا تم توظيف اليهود كجماعة وظيفية اقتصادية تقوم بجمع الأموال من العامة من الأوروبيين عبر إقراضهم بالربا، ومن ثم يعاد دفع معظم تلك الأموال كضريبة للسلطة الحاكمة، فالعمل بالربا كان وقتها مهمة قذرة ومحرمة في أوروبا القديمة، إذ أن الربا كان محرما في أوروبا المسيحية في ذلك الوقت، فهي مجموعة وظيفية اقتصادية.
وإسرائيل هي في حقيقة الأمر دولة وظيفية أوجدها الغرب لخدمة مشروعه الاستعماري، يقول المفكر جمال حمدان في عبرة شديدة الدلالة تفصح عن إدراكه لهذا الدور:" الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار هذا الكيان الصهيوني،هي أن يصبح قاعدة متكاملة آمنة عسكريًا، ورأس جسر ثابت استراتيجيًا، ووكيل عام اقتصاديًا، وعميل خاص احتكاريًا، وهو فوق كل ذلك يمثل فاصلًا أرضيًا يمزق اتصال المنطقة العربية، ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها، وإسفنجة غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها، ونزيفًا مزمنًا في مواردها" .
من هذا المنطلق يمكن اعتبار مجموعة الإعلاميين داخل الأنظمة السلطوية القمعية (كالتجربة الهتلرية وكثير من التجارب السلطوية المعاصرة) بمثابة جماعة وظيفية وُجهت للقيام بمهمة قذرة، هي تزييف الوعي الإنساني.
فهي بمثابة جهاز القمع الفكري للشعوب، وتسوية طموحها للتغيير بالأمر الواقع وتقليم أظافر التغيير لديها.
وهي جماعة يجري عزلها عن المجتمع لسببين: لضمان حياديتها وعدم تعاطفها مع آلامه، أو لضمان حمايتها من غضبته.
كما أن هناك عقد صامت بين تلك الجماعة والسلطة، يقول العقد: مزيد من المزايا المالية والاجتماعية مقابل مزيد من تدجين الشعوب وإخضاعها فكرياً للسلطة الحاكمة عبر ضخ سيل هائل من الأكاذيب في شرايين المجتمع.
كما يتعزز شعورها كجماعة مختارة وفوق الشعب، ومن ثم تشعر أن أي تغيير سياسي قد يهدد مكانتها الاجتماعية، أو ربما يستبدلها النظام الجديد بجماعة وظيفية جديدة، ومن ثم تساهم في اجتثاث أية نبتة ترفع رأسها مطالبة بالتغيير.
لذا فتلك الجماعة في قرارة نفسها تعلم أنها لا تحمي الأنظمة فحسب، بل تحمي امتيازاتها بالدرجة الأولى.
من هنا تجد الفرد منها ملكياً أكثر من الملك، فقد يحرق نفسه ويستهلك ذاته من مبالغته في الحرص على استمرارية النظام السلطوي القائم، عبر الدفاع المستميت عنه وتبرير ممارساته بشكل فج ومثير للسخرية، بل وإضفاء هالة من القداسة عليها إن تطلب الأمر ذلك، ولما لا وهذا الحاكم هو ظل الله في الأرض وخازن أسرار المشيئة الإلهية.
في تلك اللحظة، يضطر النظام للاستغناء عن هذا الإعلامي ككرت محروق أصبح يمثل عبئاً عليه، ومن شأنه أن يضره أكثر مما يفيده، فقد أضحى مادة للسخرية من مبالغته الفجة في مدح النظام القائم.
الأذكياء منهم من يحافظ على وجود مسافة بينه وبين النظام، فيلعب دور المعارضة الشكلية، ويجرى الترويج له بأنه يتحرى الموضوعية، ومن ثم يكتسب جمهورا واسعاً في بداية الأمر، ذلك النوع هو الأكثر استمرارية.
لكنه في القضايا الكبرى تجده وقد اصطف خلف النظام السلطوي الحاكم وكأنه استجاب لنداء الحرب فيتعرى وجهه القبيح أمام مرآة الواقع.
في لحظة ما تتّبع تلك الجماعة مع جمهورها نظرية التنفيس، فتهاجم كبار المسئولين دون الاقتراب من شخص الحاكم، ليُفرِّغ المتلقي شحنته الانفعالية في هؤلاء، ويبقى الحاكم معصوماً من الأخطاء.
هذه الجماعة لا تنمو وتترعرع إلا في بيئة ومستنقع من الجهل المفرط وانعدام الشفافية، فالرهان دائماً سيبقى على وعي الشعوب.
القاتل المأجور يغتال فرداً أو ربما عدة أفراد، أما هؤلاء فيغتالون أمماً بأكملها.
والسؤال الذي يطل برأسه الآن : متى تنتهي هذه الجماعة من الوجود لتتوقف عن ارتكاب جريمة اغتيال الوعي الجمعي للشعوب؟
الإجابة في جملة واحدة: حين يتشكل العقل الجدلي النقدي لدى المواطن ليتمكن من التمييز بين صادق القول وزائفه.
وهو ما لن يحدث إلا في ظل مناخ كامل من الحرية، لذا فالحرية بمفهومها الأكثر عمقاً هي مسألة حياة أو موت للشعوب، كل الشعوب، وشريان أمنه القومي الذي ينبغي الدفاع عنها لآخر قطرة دماء لديها.



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجاهد... فيلسوف الجمال وأمير الاغتراب
- حركة كاخ الإرهابية: داعش إسرائيل
- الصهيونية المسيحية والمشروع الصهيوني
- نفتالي بينيت واستراتيجية التمدد والانكماش
- موسوعة الصراع العربي الصهيوني
- التسامح الديني كضرورة حتمية
- جابوتنسكي : عرَّاب العنف الصهيوني
- الدين ولعنة الأيديولوجيا
- يهود ضد إسرائيل: ناطوري كارتا نموذجاً
- رأس الأفعى: عائلة روتشيلد والمشروع الصهيوني.
- إسرائيل وتوظيف الميديا كسلاح
- الإرهاب الصهيوني:الجذور الدينية والتجليات
- حين يموت الخيال على مذبح الواقع
- الشائعة: استراتيجيات الاشتباك والمواجهة
- حين يرتشف الديكتاتور نخاع الأمة.
- الأب الروحي للعنف الصهيوني (فلاديمير جابوتنسكي)
- حين يغتال الإعلام وعينا الجمعي، ما العمل؟
- الصهيونية وتحويل الدين لأيديولوجية قتل
- مسارات ما بعد كورونا، أو كيف نصنع المستقبل(2)
- مسارات ما بعد كورونا،أو كيف نصنع المستقبل؟


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمارة تقي الدين - الإعلاميون كجماعة وظيفية