أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - احمد الحمد المندلاوي - من قصص الاستاذ حسين علي آغا














المزيد.....

من قصص الاستاذ حسين علي آغا


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 22:01
المحور: حقوق الانسان
    


عازفة البيانو
بدت المدينة في ذلك النهار وكأنها سقطت تحت سطوة الإرهاب٠٠ أطلاقات نارية تسمع من كل مكان فيما الشوارع المهجورة غارقة في خوف وحذر ومع كل هذا لم أشعر بأنا أصبحنا رهائن ولم يراودني إحساس بالخوف ولم أفكر حتى في الرحيل من المدينة .
من نافذة المكتب لاحظت سيدة مسنة تترجل من سيارة حديثة ثم تحاول فتح الباب ،أسرعت وفتحت لها الباب قالت:
أنها جاءت من بغداد لمقابلتي وهي تأمل مني أن أساعدها في العثور على رفاة ابنها ثم أضافت :
ـ أنا أدرك ان أجلي قريب ويعز علي أن أموت وأدفن في قبر فيما عظام أبني الوحيد لم تزل عارية في البراري.
لما رأت الدهشة في عيوني أخرجت صوراً من حقيبة يدها وسألتني:
أن كنت التقيت هذا الفتى،الصور أعادتني سنين طويلة الى الوراء إلى زمن الحرب وليلة الهجوم على مندلي، كانت ليلة صعبة،سحب الدخان ورائحة البارود تخنق الأنفاس فيما القنابل الثقيلة تهز جدران البيوت، في تلك الأوقات الصعبة لمحت جندياً يمر من شارعنا َ،لحقناه أنا وأحد الأصدقاء،كنا نريد أن نعرف منه شيئاً عما يدور هناك لكن َملابسه المغطاة بالوحل أوحت لنا بكل شيء ،أدخلناه البيت وجففنا ملابسه ثم حذرناه من فرق الإعدام ونصحناه أن يعود إلى وحدته لكنه رفض قائلاً: ان والدته ستموت أن حدث له شيء .
أعدت الصور للسيدة وتحدثت لها عن لقائي بالفتى في تلك الليلة ، قالت السيدة التي لا تزال تحتفظ ببقايا جمال قديم :
ـ بالصدفة قرأت القصة التي نشرتها مؤخراً ومن السطور الأولى عرفت أنها تخص ولدي ثم تأكدت عندما ذكرت شيئاً عن ظلال عينيه تلك الظلال كانت علامة مميزة في وجه ولدي .
كنت نشرت تلك القصة قبل أيام في جريدة طريق الشعب وهي تدور حول جندي يافع هرب من ساحة المعركة ، أمسكت السيدة معصمي بيدين مرتعشتين ورجتني أن أذهب معها إلى أي مكان يمكن ان تجد فيه رفاة ابنها.
في تلك الفسحة الضيقة من الزمن تموجت أفكار كثيرة في ذهني لكني قررت الذهاب معها رغم مخاطر الطريق .
في السيارة لم أشأ أن أتحدث معها كثيراً كنت منشغلاً بمخاطر الطريق وهواجس تلك الليلة العصيبة ، في مندلي هب أناس كثيرون للمساعدة ، رعاة وفلاحون في قرى بعيدة ذهبوا معنا إلى مواقع وجدت فيها جثثاً مجهولة وأناس من أهل المدينة عاشوا أحداث تلك الليلة لكن عنصراً من الأمن السابق أخبرنا بأنه كان مكلفاً بمراقبة صبري المصور لأنه كان يتحدث عن الجثث المجهولة ،بحثنا كثيراً عن صبري المصور وعندما إلتقيناه شعرت السيدة بأنها أصبحت قريبة من رفاة ابنها .
أخبرنا المصور بأن مصطفى الخياط قام سراً بدفن كثير من تلك الجثث حيث كان يخرج بعد منتصف الليل ليحفر قبراً أو ليدفن جثة وأخبرنا المصور بأن مصطفى مريض ويتلقى العلاج في الخارج ،عندما عاد مصطفى ذهبنا اليه، تحدث مصطفى لنا بإسهاب عن الضحايا وعن الفتى اليافع ثم سلم السيدة متعلقات ولدها، ساعة يدوية وخاتم ذهب ونقوداً قديمة عليها أثار دم اسود أضافة لهويتين مدنيتين ورغم ضعفه ذهب معنا إلى حيث دفن الفتى اليافع على ربوة في ظل شجرة وحيدة بنى مصطفى مقبرته هناك، وضعت السيدة خدها على القبر ثم أغمضت عينيها كانت تهيم مع ولدها في دنيا بعيدة فيما أصابعها تتلمس ثنايا القبر .
انحناءات يديها وإنثناءات أصابعها على القبر لفتت نظري ، كنت احدق بتمعنٍ في تلك الأصابع الطويلة ونهايتها الدقيقة وهي تتحرك على القبر ويقين صار يترسخ عندي بأن السيدة كانت في يوم من الأيام عازفة بيانو.



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأوائل من البندنيجين -24
- سوزان المندلاوي
- سركار...
- الأوائل من البندنيجين -23
- رثاء نجوى ..
- رحلوا وهم في قلوبنا..
- فوته و لجك: فولكلور
- فريدة المشاهدي
- ذكريات لقاء بمندلي
- الأوائل من البندنيجين -22
- الأوائل من البندنيجين -21
- حفيدتي تهوى الحكم..
- بستان مندلي 1
- حلقات شئ عن مندلي
- تاريخ حافل في عالم الصحافة
- الأوائل من البندنيجين -20
- كمال ابراهيم مامي المندلاوي
- الأوائل من البندنيجين -19
- كنتُ طبيباً في مندلي
- الأوائل من البندنيجين -18


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - احمد الحمد المندلاوي - من قصص الاستاذ حسين علي آغا