أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ماريان شلوتيربك - معنى وذاكرة السياسات الراديكالية التشيلية في القرن ٢١















المزيد.....

معنى وذاكرة السياسات الراديكالية التشيلية في القرن ٢١


ماريان شلوتيربك

الحوار المتمدن-العدد: 7066 - 2021 / 11 / 3 - 09:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


خاتمة كتاب أَمضى من الطليعة الثورية (السياسات الثورية اليومية في عهد الليندي بالتشيلي)- الصادر عن يونيفرسيتي كاليفورنيا برس، ٢٠١٨

“أريدك أن تفهمي هذا الأمر: نحن لم نغير علاقات السلطة، إنما غيرنا الشعب التشيلي”، أكد العامل المتقاعد من قطاع النسيج خوان رييس. التجذر الشعبي الحاصل في لحظة تغيّر الذات وتغيير الهرمية الاجتماعية هو بعد أساسي في أي مشروع ثوري. وكما فسر رييس: “الشعب تغيّر” خلال فترة سنوات الوحدة الشعبية: “توقفوا عن أن يكونوا الشعب البسيط لأنهم أرادوا أكثر من ذلك. هناك من فتح أعينهم، وهم الآن يريدون أن يفتحوا عيون الآخرين.”(1) بعد مرور عقود، يكشف التاريخ الشفوي أن النضالية القاعدية المرتبطة بنضال الحركة اليسارية الثورية في الأوساط الشعبية فتحت مجالاً لتخيل دور مختلف لأنفسهم في المجتمع، وبالتالي هذه القصة بالذات ما زالت حية في الذاكرة الحية الشعبية.

استمرار معنى السياسات الراديكالية ضمن الأوساط القاعدية يدعونا إلى التنبه للنتائج البعيدة المدى للتعبئة النضالية أبعد من الهزيمة السياسية المباشرة. بعد أن جرت السيطرة عليها في إطار الحرب الباردة، أغلب قصص الثورة التشيلية انتهت مع الانقلاب العسكري يوم ١١ أيلول/سبتمبر ١٩٧٣. مأساة تلك اللحظة وسنوات القمع العنيف اللاحقة جعل من استرجاع تلك الحقبة أمراً صعباً. “لم أسمع أبداً بالخطة ز [قبل الانقلاب]”، يقول رييس بكل صدق في أول لقاء لنا. في البداية، قلة من التشيليين صدقوا الأكاذيب التي تقول إن الراديكاليين اليساريين يخططون لقتل كل من هو غير ماركسي في التشيلي. في ١٠ أيلول/سبتمبر ١٩٧٣، قلة أمكنها تخيّل العنف الذي تتحضر قوى الثورة المضادة لشنه ضد سلفادور الليندي ومناصريه. ولكن مع الوقت، وفي حين مكّنت الطغمة العسكرية حكمها ونشرت ثقافة الخوف، بدأ التشيليون بإعطاء الخطة ز مصداقية كبيرة: فمستوى وحشية العنف يحتاج إلى تفسير، وإلى سردية تعطي معنى لما لا يمكن تخيله.(2)

لاعبةً على المخاوف من العنف الثوري وسردية أن اليسار الماركسي يتبنى الصراع المسلح لعقد الـ 1960ات، عملت الخطة ز في أساس الذاكرة التشيلية، مبررة خلال السنوات الـ ١٧ للحكم الديكتاتوري أن ما فعلته كان ضرورياً لحماية البلد من المتمردين الماركسيين، أغلبهم من ضمن صفوف الحركة اليسارية الثورية.

تدل اللغة العنيفة لبيانات الخطة ز الصحافية خلال شهر آب/أغسطس على حملة القضاء على الحركة اليسارية الثورية بواسطة النظام العسكري والشرطة السرية DINA. بين عامي ١٩٧٣ و١٩٧٥، اعتقلت السلطة وأخفت أكثر من ٤٠٠ مناضل من الحركة اليسارية الثورية، أو أعدمتهم. بعد ذلك ركزت الشرطة السرية عملها لملاحقة الاشتراكيين والشيوعيين. معتمدة على دقة إبادية، حيث قتل عملاء النظام أكثر من ٣٢٠٠ مواطن تشيلي ضمن حملة لإزالة الثقافة السياسية من التشيلي. (3)

يظهر المؤتمر الصحفي المعقود في محافظة كونسيبسيون في شهر آب/أغسطس مدى عمق القلق والأحكام الطبقية التي رحبت بالتدخل العسكري باعتباره ضرورة لإعادة النظام الاجتماعي المقلوب. ذهبت الخروقات الجماعية والممنهجة لحقوق الإنسان لنظام الجنرال أوغوستو بينوشيه أبعد من القتل. حيث مرّ أكثر من ٣٨ ألف تشيلي تحت آلة التعذيب السرية في المراكز الأمنية للنظام واستطاعوا النجاة: بالإضافة إلى تعذيب أكثر من مئة ألف خلال المداهمات لمناطق الطبقة العاملة.(4) المناضلون اليساريون أو المؤيدون للسياسات اليسارية لم يكونوا قادة إنما أشخاصاً عاديين. لم تبلِّغ أغلبية المساجين السياسيين عن ارتباطها السياسي الرسمي بالحركة اليسارية الثورية أو أي حزب يساري. وكان فقراء المدن والأرياف يسمون “الآخرين”، وذلك فقط لأنهم حققوا وكالتهم التاريخية في الـ ١٩٦٠ات والـ ١٩٧٠ات مهددين بها النظام السائد.

يرفض العديد من الأكاديميين اعتبار أن الخطة ز أنتجها النظام، ولكنه يبقى تأثيرها على الكثير من التشيليين لدرجة أنه بعد مرور ٤ عقود عليها، ما زال خوان رييس يجد الحاجة إلى معارضتها. وكما لاحظ بيتر وين، امتنع الثوار من اليسار الماركسي وغير الماركسي عن استعمال القوة(5) لكن الخطة ز التي كانت احتكارا للسلطة والقوة- المحصورة بيد الجيش التشيلي ومناصريه بدعم من الحكومة والجيش الأميركيين- اختارت استعمال القوة ليس فقط ضد الأحزاب السياسية وخطة السلطة الانتقالية نحو الاشتراكية، إنما أيضاً ضد المجتمع التشيلي ككلّ.

عقود من القمع السياسي والاجتماعي في التشيلي نجحت في احتواء كل المواقع التي عززت الثقافة السياسية اليسارية- الجامعات، المدن الفقيرة والمصانع والنقابات- لكنها فشلت في احتواء معنى الثورة اليومية من المناضلين المحليين. بعد مرور أربعين عاماً، أغلب الشباب والطلاب الذين انضموا إلى صفوف اليسار الثوري في كونسيبسيون يناضلون في حقول التعليم والعناية الصحية والعمل الاجتماعي. بعضهم أنجز درجات جامعية عليا وعاد إلى كونسيبسيون بعد عام ١٩٩٠ كمدرسين جامعيين من أجل إعادة افتتاح فرع تعليم علم الاجتماع الذي أغلقته الديكتاتورية. وبسبب انقطاعهم عن الجامعة نتيجة نضالهم السياسي والقمع اللاحق، انتظر العديد عقود من الزمن من أجل إكمال دراستهم، بمساعدة منح حكومية قدمت للمعتقلين السياسيين السابقين. استمر العديد منهم ناشطاً في مجموعات المعتقلين السياسيين، التي تناضل من أجل الوصول إلى نظام صحي عادل ومن أجل إنشاء نُصب محلية لحقوق الإنسان.

على الرغم من عدم انتساب أغلبهم إلى الأحزاب السياسية، استمروا بتعريف أنفسهم كميريستاس [أنصار الحركة اليسارية الثورية]. كما أعلن عامل في باريو نورتي بكل فخر: “سأموت كميريستا. إنها شيء ما زلت أحمله داخلي.”(6) تعلمنا التربية السياسية المكتسبة داخل الحركة اليسارية الثورية عن مدى تغلغلها في الأوساط الشعبية. “لم أتوقف عن أن أكون مناضلاً. التجربة التي عشتها كمناضل في الحركة اليسارية الثورية، وإعداد مناضلين آخرين، كانت جميلة” يقول عامل في العناية الصحية من تومي. يكمل قائلاً: “بعض الناس يمكن أن تكون [نقدية و] تقول إنني لا أملك شيئاً [بسبب نضاليتي]،… لكن كل ما لدي، ومن أنا، أدين به للحزب.”(7) يعتبر الناس أن هذا الالتزام الأخلاقي هو “ثقافة ميريستية” وذلك للتفريق بين المستويات المتعددة للانخراط في السياسات من الالتزام المجتمعي والثقافي الجاري حالياً.(8) “ما تعلمته في الحركة اليسارية الثورية ما زال صالحاً حتى اليوم” تقول عاملة اجتماعية في مدينتها كورونيل، “ليس فقط وقتها، ولكن أيضاً الآن. ما زلت مؤمنة بضرورة تحقيق الفرص المتساوية، من أجل تعزيز حياة الناس، أن نحصل على حكومة تسمح حقاً بازدهار حياة الناس. لم أتوقف أبداً عن الإيمان بذلك.”(9) ذكريات هذه التجارب ما زالت تخبرنا عن الالتزام اليومي للناس.

خلال سنوات الوحدة الشعبية، لم تركز السياسات الراديكالية في كونسيبسيون على الاستيلاء على السلطة إنما على تغيير علاقات القوة المحلية من خلال إنشاء مساحات ديمقراطية وتشاركية. انتشار تلك المساحات ترافق مع توترات مع اليسار التشيليّ المرتبط بالنظرية الماركسية وفكرة الطليعة. في الـ 1960ات، اعتقد العديد من الناس أن الثورة هي السبيل لخلق تغيير اجتماعي وأن حصول الثورة يتطلب وجود حزب ثوري- طليعة تريد أن تقود. عنى اعتماد الحركة اليسارية الثورية على هذا النموذج من التنظيم أنه على الرغم من الإبداع الآتي من التنظيم القاعدي، فإنها تبقى حركة هرمية، حزب تحكمه نخبة. منذ إسقاط الليندي، “كان النقاش الكبير داخل اليسار التشيليّ”، كما لاحظ خوان رييس، “إذا كنا نريد [الاستيلاء على السلطة] بسرعة أو ببطء شديد”- وهذا ما يعكس ثنائية المواقف بين الثوريين مقابل الإصلاحيين التي غلبت على النقاشات في الأوساط الأكاديمية والشعبية- الحركة اليسارية الثورية ضد الليندي.(10) حتى النهاية أصر الليندي على رؤيته بكل صرامة القائمة على انتقال ديمقراطي نحو الاشتراكية، رافضاً تسليح الشعب في اللحظة الحاسمة ولم يحيد عن الفكر المؤسساتي الذي كان وجهة مشروعه. في حزيران/يونيو ١٩٧٣، عندما ضُغِط على الليندي من أجل تعبئة مناصريه بهدف التظاهر، كان جواب الليندي: “كم يبلغ عدد “الجماهير” مقابل دبابة واحدة؟”(11) فشلت الحركة اليسارية الثورية والجناح اليساري لتحالف الوحدة الشعبية في جهوده لتجذير المسار الثوري ووقف الثورة المضادة. في النهاية، أي منهما لم يكن قابلاً للحياة.

في النهاية، القيم التحويلية لسياسات الحركة كانت دليلاً على التغيرات في الممارسة السياسية والثقافة التي سببتها. على الرغم من كارثة عام ١٩٧٣، فالثقافة السياسية في التشيلي بدأت بنجاح الابتعاد عن النماذج الحزبية المركزية. بمساعدة المشاريع السياسية اليسارية خلال نهاية الـ ١٩٦٠ات وبداية الـ ١٩٧٠ات، استمرت الحركات القاعدية بالتغيير من دون مساعدة من الدولة. بذلك، تحدى النضال القاعدي الاجتماعي، كذلك، السردية الأيديولوجية بقيادة اليسار القديم واليسار الجديد حول تحقيق التغيير. ولّدت حالة الطوارئ فرصاً سياسية غير متوقعة. بدلاً من انتظار عوامل خارجية، بدأ الناس العاديون بالتحرك من أجل تحقيق رؤيتهم وأهدافهم الثورية. وعلى الرغم من عدم انتشار أفكارهم على مستوى وطني، فإن المجلس الشعبي في كونسيبسيون، على سبيل المثال، أطلق مناقشة قوية انتقد فيها المجالس الأخرى حول الديمقراطية التشاركية. كذلك، على الرغم من أن احتلال مخبز كورونيل لم ينظر إليه كنموذج للسيطرة القاعدية على الحاجات الأساسية، إلا أن الانخراط بذلك ساهم في زيادة وعي المشاركين حول ضرورة التفكير بوسائل لتحقيق التحويل الديمقراطي. كما قال أحد المشاركين في عملية احتلال المخبز: “هذه السيرورات الديمقراطية المحلية- المتميزة بالمشاركة والتنظيم الشديد وتقديم مطالب ملموسة- كانت تجارب تاريخية نحتاجها اليوم بحيث تساعدنا على التفكير بأي ديمقراطية نريد.”(12) التقاليد الثقافية والسياسية للممارسات الثورية اليومية ما زالت قائمة في المجتمعات المحلية وفي عقول المشاركين فيها بعد مرور سنوات طويلة من الديكتاتورية التي أسكتت أكثر الأصوات الصادحة في تلك الحركات اليسارية “الفاشلة”.

ما زالت تتردد الأسئلة نفسها حول المشاركة الديمقراطية والعقد الاجتماعي الجديد في الأفق التشيليّ. كما حصل خلال سنوات الوحدة الشعبية، يختبر الشباب التشيلي عام ٢٠١١ القوة الذاتية والجماعية في بناء الحركة. عام ٢٠١٠، وبعد عشرين سنة في السلطة، خسر تحالف اليسار الوسط الرئاسة. لأول مرة منذ الانتقال إلى الديمقراطية عام ١٩٩٠ يصل اليمين إلى السلطة. أشعل انتخاب رجل الأعمال سيباستيان بينيرا غضباً عارماً. متأثرين بالمسيرات الضخمة من أجل حماية البيئة وحقوق السكان الأصليين والتحرر الجنسي في بداية عام ٢٠١١، أطلق الطلاب الغارقين بالديون من الطبقة الوسطى والطبقة العاملة حركة تطالب بتعليم مجاني ولائق في شهر حزيران/يونيو. تحدّى الطلاب إرث العنف السياسي للديكتاتورية و”الإصلاح” الاقتصادي النيوليبرالي والنخبة السياسية المؤيدة لمسار الانتقال الديمقراطي البعيدة كل البعد عن واقع أغلبية المواطنين. حيث استمدوا من الذاكرة التاريخية للعمل الجماعي- خاصة الاستيلاءات المسماة في أميركا اللاتينية بالتوما toma- فاحتلوا مدارسهم وشوارعهم وسط جو احتفالي رافعين الدمى ومقيمين مسرح الشارع وغيرها من التكتيكات الاحتجاجية المبدعة. في تموز/يوليو عام ٢٠١١، تجمّع ٢٥٠٠ طالب في وسط جامعة كونسيبسيون وجسدوا بأجسامهم كلمة “لا للمزيد من الأرباح” التقطت طائرات صوراً جوية للتحرك، نُشِرَت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. بدلاً من ذكريات القمع خلال الديكتاتورية، عمّقت مظاهرات الطلاب ذكريات الفرح والتحرر لتكون اختباراً قوياً لتخيّل مستقبل بديل.

رافضين هرمية أحزاب الـ ١٩٦٠ات، ينظر الشباب خلال ٢٠١٠ات إلى الدولة والأحزاب السياسية التقليدية نظرة مشككة. تَشارك السلطة أفقياً والديمقراطية المباشرة هي التي تحرك الحركات المدارة بواسطة الجمعيات العامة القاعدية. الفارق بين الثقافة السياسية الماضية والحالية ظهر خاصة خلال الهتافات في المظاهرات الجماهيرية: فأصبح النشيد غير الرسمي للوحدة الشعبي على مدى سنوات هو- “الشعب الموحد لا يمكن أبداً هزمه”- “الشعب الموحد يمكن أن يمضي قدماً من دون أحزاب”. تبنى الطلاب فكرة أن التغيير يجب أن يأتي من المجتمع ومن الثقافة السياسية الديمقراطية الداعمة للمشاركة القاعدية. عام ٢٠١٣، انتخب أربعة قادة طلابيين إلى الكونغرس، الأخير أقر قانون الحق بمجانية التعليم. في بداية القرن الـ٢١، أكدت الحركة الطلابية التشيلية على قوة الحركات الشعبية في تغيير النقاش السياسي.

عند مشاهدتهم بقلق وفرح اندلاع الاحتجاجات، رأى العديد ممن قابلتهم من مناضلي الـ ١٩٦٠ات القاعديين صدىً لماضي نضالاتهم. فاعتبر عامل اجتماعي من كورونيل أن ثمة “حاجة لاختراع أشكال سياسية جديدة”، توقف سائلاً: “كيف يشارك المواطن في مثل هذه القرارات؟ اليوم وأكثر من أي وقت مضى يجب أن يحصل ذلك”(13) في بداية الـ ١٩٧٠ات، لم يؤمن هؤلاء الشباب أن التغيير العميق للنظام الاجتماعي ليس فقط ضرورياً، إنما أيضاً ممكناً، وأنهم يمكنهم فعل ذلك. مقيماً الحركة الطلابية، قال مدرس من كورونيل إنه عندما يحين الوقت: “سأعود إلى الشارع ليس لأقول للأولاد ما عليهم فعله، لأن الطلاب اليوم متعلمين جيداً، ويعرفون ماذا يريدون، ويعرفون إلى أين يتجهون، [لديهم أفكار] تعلموها من أجدادهم.”(14) تعكس ملاحظاته أهمية النقل العابر للأجيال للذكريات وكذلك تراجعه عن طليعيته واثقاً أن الجيل الجديد سيشق طريقه بنفسه.

عودة الحركات الاجتماعية عام ٢٠١١ فتح الباب أمام تأويل جديد للحركة اليسارية الثورية القاعدية. في لحظة مناسبة، وجد اليسار الثوري التشيلي طريقة لتظهير مشروع من أجل التغيير السياسي الراديكالي المرتكز على النضال القاعدي الاجتماعي. على امتداد أميركا اللاتينية، شهدنا نجاحاً نسبياً لمجموعات اليسار الجديد الثورية المعتمدة على افتتاح مراكز ودية عابرة للطبقات. بهذا المعنى نجحت الحركة اليسارية الثورية في كونسيبسيون. يشارك التشيليون في الحركات القاعدية الفعالة من خلال توسيع المنصات المشتركة حتى يتمكن الناس من إيصال أصواتهم، وتطوير التفكير النقدي من خلال التربية السياسية، والنضال من أجل تأمين الحقوق الاجتماعية من ضمنها: التعليم والعناية الصحية، الإسكان والحاجات الأساسية. يلهم العمل الجماعي الناس عاطفيا وسياسياً. يربط المشاركون بين عدة تجارب حياتية ويشددون على قيمة مشاركة كل شخص. شكّل استمرار إرث الثورة القاعدية في كونسيبسيون وسيلة للتغيير اليومي.

سأحتاج إلى عقود حتى أتمكن من تقييم الأثر الكامل للحركة الطلابية التشيلية لعام ٢٠١١. ولكن تدل التجارب إلى أن المكاسب السياسية الفورية ليست الوسيلة الفضلى لقياس النتائج البعيدة المدى. وفي وقت انخرط فيه الآلاف من الطلاب في المجال السياسي لأول مرة في حياتهم، فإن تجربة كونهم جزءا من الحركة ستغيرهم. حتى لو انطفأت الحركة أو ذهبت باتجاهات مختلفة، هذه التجارب ستستمر بتغيير حياتهم. فالمشاركون يحملون معهم مهارات تعلموها يوم اتخذوا موقفاً، ويوم بلوروا مواقف سياسية، ويوم قاموا بأعمال مباشرة، وباتوا، بالتالي، وكلاء عن مصيرهم.

الهوامش:

1. Juan Reyes, interviews by author, Tomé, Chile, June 2 and October 14, 2011.

2. Stern, Battling for Hearts and Minds,41–56.

3. Elizabeth Q. Hutchinsonetal.,eds., The Chile Reader: History, Culture, Politics (Durham, NC: Duke University Press, 2014), 435–36. Credible estimates range from 3,500 to 4,500. Stern, Reckoning with Pinochet, xxiii–xxiv.

4. More than 200,000 Chileans went into forced exile. Hutchinson et al., The Chile Reader, 436 Stern, Reckoning with Pinochet, 390–93.

5. Winn,”Furies of the Andes,”239–40.

6. Manuel Torres, interview by author, Concepción, Chile, September 6,2011.

7. Jorge González, interview by author, Coronel, Chile, June 16, 2011.

8. Alondra Peirano Iglesias, De la militancia revolucionaria a la militancia social: Los miristas en el Chile neoliberal (Concepción: Escaparate, 2008).

9. Grecia Quiero, interview by author, Lota, Chile, May 10, 2011.

10. Reyes interviews.

11. Winn,”Furies of the Andes,” 257.

12. Lautaro López, interview by author, Talcahuano, Chile, June 15, 2011.

13. Quiero interview, May 10, 2011.

14. “El Mono” Escalona, interview by author, Coronel, Chile, May 7, 2011.



#ماريان_شلوتيربك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معنى وذاكرة السياسات الراديكالية التشيلية في القرن ٢&# ...


المزيد.....




- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ماريان شلوتيربك - معنى وذاكرة السياسات الراديكالية التشيلية في القرن ٢١