ميادة لوباني
الحوار المتمدن-العدد: 7062 - 2021 / 10 / 30 - 13:00
المحور:
الادب والفن
انتظَرْتُها طويلا، خجلت من نفسي، اردت النهوض عن المقعد الخشبي الذي حفظ ملامحي وحركة جسدي القلقة كي أطفىء هاجسا شلّ ايقاعي وجعلني عاجزا، لماذا لا أهُبُّ وأطلق سهمي وأَتبعه حيث يطير وأرى لماذا تأخَّرَت؟ ماذا يشغلها؟ قالت دقائق وتكون هنا، لماذا اشعر اني عبيط وساذج؟ لماذا لا اهاتفها؟ ربما رسالة صغيرة تُجدي وتشفي غليلي، حتّى الانشغال بقصص الناس المارّة في هذا المكان من كرمل حيفا لم يعد يغريني، كانت يوما وجوه الناس وعيونهم تمنحني زمنا آخر من التأمل والسؤال، كنت مولعا بالنظر ورصد الحكايا والأسرار، كنت أخجل احيانا حين كانت رهينة مللي وشغفي وفضولي تصطادني وتأمرني بفظاظة الكف عن التوغل في ما لا يعنيني.
سأنتظر بضع دقائق أخر ، ستأتي كعادتها، تحمل حقيبتها، وافقتها ودفعتها للعودة الى البيت وقلت لها انتظرك هنا في هذا المكان القريب المطل على الكرمل الاخضر ، لم ادرك ان المساء غاب منذ وقت طويل ولم أعِ ان الليل بارد وان الحافلة الأخيرة تقترب من المكان.
رأيتها من بعيد تعدو، تحمل حقيبتها وشالها الأخضر الطويل، تلهث وتلوح لي بيدها ان الحق بها. التقطت عيناي طرف الحافلة الخضراء تهتز وتقبل نحونا ، قفزت من مكاني واطلقت ساقي لريح الكرمل الباردة وجعلت أعدو وهي تعدو وكلانا يلهث ويحرص ان لا يتعثر ويقع. نفخت في روحي وسدّدت خُطاي على طريق النصر . أُريد اللحاق بها ومسك يدها وشالها الأخضر الطويل، لكنها ماهرة في العدو، تعرف كيف تدير محرك الثانية والدقيقة حيث الشرارة وفتيل الحياة. أعدو ولا اقوى على اللحاق بها. حافلة بكامل كتلتها وجسمها ورائحتها تمر أمامي، تحمل وجها جميلا وشالا اخضر وحقيبة كبيرة.
#ميادة_لوباني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟