أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمزى حلمى لوقا - بدون عمل/قصة قصيرة














المزيد.....

بدون عمل/قصة قصيرة


رمزى حلمى لوقا

الحوار المتمدن-العدد: 7058 - 2021 / 10 / 26 - 23:22
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
،،،،،،،
بدون عمل
،،،،،،
شهورٌ طويلةٌ بلا عملٍ، بلا مورد رزقٍ، كانوا جميعهم يعلمون ذلك، ولم يفكر أحدهم أن يقدم لى السنارة؛ ولا حتى السّمكة ، إستدارت الدنيا لتواجهنى بوجهها القبيح، لعنة الأيام وتقلبات الزمن لا ترحم، طلبتهم ، وعدوني بالخير.

وقفت خارج أبوابهم في خشوع، نزل أحدهم من سيارته الفارهة، أشار من بعيدٍ بتحية خاطفةٍ؛ وانطلق إلى الداخل في حيويةٍ مفتعلةٍ ،اجتمعوا في مكاننا المعتاد، في مقعدي جلس آخر،
رُصّت أمامهم الأطباقُ الفاخرة، من خلال الواجهة الزجاجة ؛ عرفت ما بتلك الصحون التي يتصاعد منها الدخَّان، فلم أكن غريباً عن تلك الموائد العامرة.
تحسست جيبي، لم يكن معى حتى أجرة العودة إلى بيتي فى الجهة الأخري من العاصمة.
كان علىّ الإنتظار، فلم يعد لى خيارٌ آخر، كانت شلة الأمس القريب تمرّ من أمامي، واحد تلو الآخر، نصحني أحدُهم بالصبر عندما وجدنى أهمّ بالإنصراف، وربت آخر على كتفى، وألقى على مسامعى إحدى نكاته البذيئة، وانصرف إلى الداخل، وأخذ أحدهم آخر مليم كان معى، كى يدفعه بقشيشًا لركن سيارته.
كانت رائحة الشواء تلكُم معدتى الخاوية، بلا رحمة،أعرف تلك الروائح جيدًا، فكم كانت لي بهذا الركن صولات وجولات.
وأعرف أن فاتورة تلك المائدة تكفى لأسرتي اسبوعًا على الأقل.
لا أفهم لماذا حددوا لي هذا الموعد،، ولماذا لم يدعوني احدهم للدخول في صحبته، لقد وقفت معهم جميعًا في أزماتهم، وكنت نعم العون و السّند.
نعم تغير الحال، ولابد من الإعتراف بذلك وحفظ المقامات، حتى ملابسي لم تعد تليق بهم او بالمكان
إنتظرت طويلا
وكل الأفكار تتصارع داخلي، بيتي بلا طعام،زوجتي تبكى على الدوام، أطفالى يأكلهم الهُزال، آخر مليم أخذه هذا الصديق
الإنتظار لم يعد مملاً لمن في مثل حالتي، فليس لديّ ما أفعله، ولكن الأفكار المتصارعة بداخلي؛ تلح على بالحركة؛ تستعجلني وتضغط علىّ، لا يمكن أن يستمر هذا الوضع أكثر من ذلك، بعت ما يمكن أن يُباع، واستدنت بحيث لم يعد هناك مجال للإستدانة مجدداً.
لم أفكر طويلاً في الإنتحار، رفضت الفكرة مرارًا، رغم أنها الحل الأمثل، أصبحت عبئاً على الحياة ذاتها، أصبحت منبوذاً وعالة على أسرتي وعلى المجتمع، فهل لا يأتي الموت من تلقاء نفسه؛ بعد أن لفظتنا الحياة،لماذا يجب أن نذهب إليه بأنفسنا للخلاص من الألم والحسرة ووخز الضمير.

إذن، لم يعد لي غير الإنتظار، كيف أعود ولم تعد معى حتى أجرة العودة. وكيف أعود للأفواه الجائعة التى شارفت على الهلاك؛ بعد أن وعدتهم بالخير؛ كما وعدنى هؤلاء.
هل يمكن إن يتخلوا عنى، وقد كانت بينا شئونٌ وشجون.
طال الإنتظار، و الأطباق توضع محملة بخيرات الله، وتحمل وهي فارغة، ويتكرر المنظر فهم يعشقون الأكل ولهم معه طقوسهم المعهودة.
لماذا تُركت هكذا فى العراء؟
ربما تركونى؛ كي أفهم شيئًا كان لابد لي أن أفهمه من تلقاء نفسى، ولكن لا، يجب أن أكون صبورًا و حسن الظن،فالأمر الآن لا يحتمل إلا حسن الظن.
لم استوعب الأمر حتى بعد أن قدموا طعامي المفضل لكلابهم، تذكرت كيف كانوا ينتظرون خارج أبوابي، وكيف كنت أكرمهم.
هم يعلمون الآن إني بلا عمل، وأن معدتي وجيبي خاويان.
أراهم من بعيد، من خلال الحوائط الزجاجية الشفافة، أرى ضحكاتهم الماجنة، أعرف نكاتهم التي يرتج لها المكان، رغم قدمها وتكراراها عشرات المرات.
الوقت يمر، والجوع يزداد وحشية، قدماي استهلكتهما وقفة طالت أكثر مما ينبغى، كان المتفق ان أدخل معهم، ولكن لم يدعونى أحدهم للدخول، كم كنت كريمًا في تلك الجلسات، اللعنة على الأيام.
بدأت حركتهم في التثاقل والتململ، وبدا انهم يستعدون لمغادرة المكان، نعم هم يستدعون أحد العمال، ربما يطلبون الشيك.
أشاروا بأيديهم نحوي، يا فرج الله، أخيرًا تذكروا صديق عمرهم، أحسست بالبشر أخيرًا، و ازداد الأمل والرجاء، كنت متيقنًا أن صداقة العمر لن تهون عليهم بهذه البساطة
قد أخطأت كثيرًا عندما لم ألجأ إليهم منذ البداية، هم قادرون بلا شك على إيجاد عمل مناسب لى، لا أريد شيئًا أخرًا.
هيأت ملابسي وأزلت عن كتفى قشر الشعر الذي يلازمني منذ شهور،استعداداً للدخول أخيرًا إلى مكاني المفضل، وتهلل وجهي عندما وجدت النادل يقبل نحوى بخطوات واثقة، أخيرًا استجاب الله لدعواتى ودعوات زوجتي وأطفالى، ثقتي في الله لا تتزعزع، لا يمكن أن يتركنا دون استجابة بعد أن صبرنا كل هذا الصبر الجميل
أقبل النادل، ابتسمت له إبتسامة واسعة، فقد كنت من زبائنه المفضلين، ومن المؤكد أنه يحمل لي الكثير من الود و الإحترام، ولعله يتذكر سخائي معه في الأيام الخوالى
اتسعت ابتسامتى
نظر نحوى بعينين جامدتين ووجهٍ متحجر، وقال بحدة:
إبعد من هنا لأنك تسبب إزعاجًا لعملائنا
وأشار ناحية المطعم الفخم، حيث يقف أصدقائي وهم يشيرون نحوى في حدة وغضب مفتعل
خطوت إلى الخلف في خطوات ذاهلة،
كتمت دمعة أصرت على النزول ، وانا أتجه في طريقي نحو بيتي في الجهة الأخرى من العاصمة مشياً على الاقدام.

،،،،،
بقلم
اكتوبر٢٠٢١



#رمزى_حلمى_لوقا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء
- نائحات
- رطب
- عَطَشٌ و قَهر
- السابق ١
- قراءة في نص السائرون للخلف بقلم الشاعر عادل عبد الموجود
- السَّائِرُونَ لِلخَلف
- يُوجِينيَا
- زومبي
- محض خيال
- المقهي
- انثى
- مع يسوع
- مجرد قصة
- فركة كعب
- بنت الجيران
- ذباب
- إبنة النهر
- حفرة
- رياضيات


المزيد.....




- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمزى حلمى لوقا - بدون عمل/قصة قصيرة