أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - قاسم المحبشي - العقل الذي اشتعل فأضاء ورحل














المزيد.....

العقل الذي اشتعل فأضاء ورحل


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 7056 - 2021 / 10 / 24 - 13:43
المحور: سيرة ذاتية
    


ماذا يعني الاستماع إلى فيلسوف عربي وهو يروي تجربته الفلسفية بعظمة لسانه؟ انها تعني الكثير بالنسبة لي. وحينما يكون المتحدث حسن حنفي ذاته فالأمر في غاية الروعة والإثارة! هذا هو ما شهدته بذاتي في أمسية الجمعية الفلسفية المصرية الذي أدارها الأستاذ الدكتور مصطفى النشار رئيس الجمعية في الذكرى الخامسة والثمانين لميلاد المفكر العربي الكبير حسن حنفي المتحدث الرئيس في الأمسية بعنوان (حياتي في عصري ) على مدى ساعة ونصف عرض تجربته بتسلسل منطقي مثير للدهشة والإعجاب. وأنا استمع اليه تذكرت والدي رحمة الله فهو من جيل حسن حنفي. توفاه الأجل قبل 23 عاما. عرفت الأستاذ الدكتور حسن حنفي منذ كنت طالبا في الجامعة من خلال كتابة العمدة من التراث إلى الثورة في عدة مجلدات ومن النص إلى الواقع من النقل إلى العقل»، الجُزءان الرابع: «علوم التفسير»، والخامس: «علوم الفقه»، و«محمد إقبال»، «من الفناء إلى البقاء وفي الاستغراب. وكتاب الهوية وكتاب ذكريات الذي اشتريته موخرا من مكتبة الجمعية وقرأته بحماسة واهتمام إذ كنت متشوقا لمعرفة المزيد عن هذه الواحة الفكرية العربية المصرية المترامية الأطراف.
حينما قدمت إلى القاهرة بغرض التفرغ العلمي في جامعتها حملني استاذ الدكتور أحمد نسيم برقاوي رسالة حانية لصديقه الأثير الاستاذ حسن حنفي تواصلت معه بالتلفون وابلغته تحيات الدكتور أحمد وعرفته بنفسي فرحب بي بتواضع العالم الحكيم ودعاني للحضور في مؤتمر الجمعية الفلسفية المصرية عن العقل والثورة بمناسبة المئوية الأولى لثورة 1919 -2019 بعنوان ( العقل والثورة). استهلها الفيلسوف العربي الكبير حسن حنفي بمحاضرة ضافية بعنوان ( العقل والثورة؛ يختلفان أم يتفقان) على مدى ساعة كاملة استمعنا إلى سيل غزير من الأفكار الفلسفية المنسوجة من حرير الثقافة العميقة والأفكار الحكيمة. تلك كانت المرة الأولى التي اشاهد واستمع فيها للدكتور حسن حنفي مباشرة. وقد سنحت لي فرصة التعليق والتساؤل لم أعد اتذكر ماذا قلت!
وفي المرة الثانية حرصت على حضور أمسية ذكريات الفيلسوف الذي سبق وإن قرأتها في كتابه لكن للاستماع المباشر للذكريات لها مذاق أخر. حدثنا عن مشروعه الفكري وفصل الحديث في الدوافع التي حفزته لتقحم دروب هذا المشروع الحيوي البالغ الأهمية ومكوناته الأساسية الثلاثة الأضلاع. التراث والواقع والآخر. اختتمت الأمسية بحفلة متواضعة بعيد ميلاد الفيلسوف حسن حنفي الخامس والثمانين. ادهشني بحضوره الذهني وسرعة بديهته وقوة ذاكرته وهو يسر لنا تفاصيل النشاة والطفولة والمدرسة والمراهقة. كان مقعد الجسد وهو يتحدث بسبب المرض ولكنه كان متقد الروح والفكر والارادة. أن حكمة الفلاسفة تتجلى في تلك اللحظة الختامية من حياتهم وهو على مشارف الرحيل. كان يعي موته وقد بلغ الخامسة والثمانين من العمر ولكنه لم
يذرف الدموع ويستعطف الحياة بل قال"
كنتُ أتمنَّى أن أعيش أَطولَ ولو أني راضٍ من أني تجاوزتُ الثمانين، كي أُعطيَ أكثر مما أعطيتُ، وأن أقوم بواجبي تجاه حقوق الشعب وواجبات الدولة وأمانة الوطن. وكنتُ أُسَرُّ في رحلاتي إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي عندما أرى أجيالًا جديدةً قَرأَتني وهي في الثانوية حتى قبل الجامعة وأَسعدَتها رؤيتي، تُريد أن تتصوَّر معي وكأني أحد النجوم، وكأنني أحد المشايخ، ورئيس طريقةٍ صوفية. وأنا وزوجتي كذلك؛ فزوجة مولانا مثل مولانا في الاحترام والتقديس، وتُقارِن بين فكري الثوري وشخصيتي الهادئة، كيف يُعاديني المحافظون وأنا أَرُدُّ عليهم في هدوءٍ شديد وبمحبةٍ لهم وعُذرِهم، وتمنياتي أن يفتح الله عليهم، وأن يُنير عقولهم، يُحيون أوطانهم، ويُعبِّرون عن عصرهم؛ فكل إنسانٍ هو ابن وقته كما يقول الصوفية. ومع ذلك إني راضٍ تمام الرضى في هذه الثمانين عامًا. والحمد لله أنني أعطيتُ وأخذتُ، ولي أسرةٌ وأحفادٌ وأصدقاءُ ومُحبُّون. والأهم، أَثَري على الناس وفي التاريخ والذكرى الطيبة"
لقد أدرك الفيلسوف أن ضربات السيف تذهب أما ضربات القلم فهي آثار خالدة، فصب رحيق حياته في حروف من النور واستبدل ضجيجها كلمات لا تمحى، وأحل محل جسده الفاني أسلوباً يدل عليه وصوتاً يحمل اسمه، ومنح ذاته جسماً غير قابل للبلى والاهتراء ، إذ إنه كتب ليس لمجرد الرغبة في الكتابة ، وإنما لينحت من الفكر والكلمات جسم المجد الرفيع هذا. في صبيحة يوم الأربعاء الموافق 20 أكتوبر 2022 توهجت روح المفكر لتخرج منها عشرات الفراشات هي كتبه التي ستخفق بأجنحتها الباذخة الجمال وتحلق في فضاءات الفكر والثقافة العالمية الإنسانية، وتطير وتهبط فوق رفوف المكتبات وفِي اروقة الجامعات والمدارس والمعاهد والمنازل والمعارض والمدونات وتلك الفراشات الورقية الطائرة هي عقل حسن حنفي بعد أن اشتعل فأضاء ورحل وتجلى رمزا إبداعيًا أبى أن يموت فأضحى آلاف الصفحات وملايين الحروف والأفكار المجنحة، إنه يولد من جديد ويصبح أخيراً إنساناً كاملاً متكلما مغنياً مزمجراًيؤكد حضوره الفاعل ضد جمود المادة القاسي، ومكر الزمن القاهر!



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرقاوي ومنهجية الوعي الانعكاسي
- الكولونيالية من قلب الظلام إلى ذاكرة الرحيل
- ثورة 14 اكتوبر الحلم الذي استيقظنا على زواله
- تحصين العقل وتجفيف منابع الإرهاب
- كيف تكون النصوص المكتوبة مفيدة ولذيذة؟
- جامعة صنعاء والحرية الأكاديمية
- آمنة النصيري.. أنثى الضوء واللون والحرف والمعنى .
- اليوم؛ العيد العالمي للأب .. نحن نحبك يا أبي
- في صالون علمانيون.. نحن نصنع التاريخ
- مناظرة فكرية بين الشيخ والفيلسوف .. في معنى الإرهاب الفكري
- بشارة النجاة من فيروس كورونا : من افريقيا بدأنا واليها رجعنا
- في التواصل الكلامي في الزمن الكوروني
- حينما تتعرى الحضارة قراءة في لوحة
- الشاعرة غالية عيسى - حين يغني الحنين أوجاع الوطن -
- جمال الرموش شاعر الأعماق والآفاق
- اليوم جان بول سارتر وتهافت الحضور
- حينما تعلق الاستاذة الدكتورة وجيهة السط
- العولمة وكورونا من وجهتي نظر أمريكية وصينية
- الأسس الفلسفية والثقافية لخطاب الصحة الاجتماعية المعاصر
- من نحن؟ وماذا سنكون؟ وكيف نعيش؟ قراءة عابرة في كتاب الثورة ا ...


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - قاسم المحبشي - العقل الذي اشتعل فأضاء ورحل