أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - البرقاوي ومنهجية الوعي الانعكاسي















المزيد.....

البرقاوي ومنهجية الوعي الانعكاسي


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 7053 - 2021 / 10 / 21 - 13:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كتابات الفلاسفة لا يمكن قراءتها في أي وقت من الأوقات بل عليك أن تتحين اللحظة المناسبة للقراءة إذا اردت أن تفهم الدلالات المضمرة في بطون المفاهم المجردة. وما أسهل القراءة وما اصعب الفهم. تلك الحالة هي التي مررت بها قبل أيام وأنا أحاول قراءة مقال الفيلسوف أحمد برقاوي ( وعي الذات لذاتها) قرأته ليتها ولم اتمكن من أصطياد المعنى فارجئت قرأته إلى وقتها المناسب وليس هناك أفضل من الفجر بعد نوم مشبع أنسب لقراءة الفكر عالي التجريد وهذا ما تحقق لي فجر اليوم مع وعي الذات لذاتها مقالا محلقا في فضاءات الوعي الانعكاسي بأجنحة التجريد العالي لا يفهمه الا من أحب الفلسفة وأخلص في محبتها.
هنا يتجلى البرقاوي فيلسوفا متجاوزا ديكارت وروسو وشوبنهاور حينما جعل من الذات بنية كلية للكائن الذي يعي العالم ويمتلكه بذلك الوعي الفعال. " الذات لاتطرح على نفسها السؤال إلا في علاقتها بالموضوع، إلا إذا أدخلت الموضوع جزءًا من وعيها بذاتها، وليس للسؤال ما الذي يحدد المعنى الذات أو الموضوع. فالموضوع عندما يصبح جزءاً لا يتجزأ من الذات لا يعود خارجياً.
المعنى القابع خلف إيمان الذات بذات تدعوها للتسامي إليها، تحرك هذه الذات الخارجية إلى جزء لا يتجزأ من الذات الداخلية"
هنا يكون الوجود بذاته ولذاته ومن أجل ذاته وجودا مطلقا تجلى في احوال الذات التي تعيش وجودها الواعي بالعالم وبذلك تسقط الثنائيات
الميتافيزيقية التي اصطنعها الفلاسفة بين الفكر والواقع والذات والموضوع والجوهر والعرض والفكر والأنا أفكر.
هكذا يقدم البرقاوي في وعي الذات لذاتها خلاصة منهجية الوعي الانعكاسي بوصفها قدرة الذات على وعي العالم وتمثله ووعي وعيها ذاته. ولا يحسبن أحدٌ أن وعي الذات لذاتها عملية انفصال تقوم بها الذات بحيث تصح ذاتين واحدة تتأمل والأخرى تُتأمل، بل إن وعيها مطابقاً لذاتها حتى لو كانت غارقة في الوهم الذاتي بالذات، لأنها في حال الوهم لاتعي ذاتها على أنها تمتلك ذاتاً وهمية، فذاتها الوهمية هي عين وجودها.

الذات ليست أحاسيس وإحساسات، ليست عقلاً، ليست جسداً منفصلاً عن الروح أو روحاً منفصلاً عن الجسد، ليست جوهرين أحداهما مادي والآخر روحي، مادي ممتد وروحي يفكر، وليست بيولوجيا وليست ثقافة، ليست لغة، الذات كلية، وجود، ولهذا فهي موضوع أنطولوجي. وحدها الذات تعي ذاتها على أنها منتمية إلى الانطولوجيا من هنا فإن علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الثقافة وعلم التاريخ وعلم الطب علوم تشكل عقبات إبستيمولوجية في فهم الذات حين تتناول الذات مجزأة .
حينما نعلن الذات أحوالاً، فهذا لايعني أن الذات سابقة على أحوالها، وأن أحوالها
مخلوقة منها، أو أنها سابقة على وعيها بذاتها أو أن وعيها منفصل عنها. إنها وجود سابق منطقياً على ظهوره الدائم، لكنه ليس موجوداً دون ظهوره الدائم.
إنها ليست جوهراً، وجوداً ماهوياً، وليست ماهية منجزة بل وجود يتشكل، والذات هي الوعي الذاتي بالذات في كل لحظة من لحظات وجودها، وجودها أحوال.

الذات هنا هي ذات الإنسان المجرد بوصفه كذلك ومع ذلك هي كل ذات فردية في هذا العالم وتعي وعيها ذاته كتب البرقاوي
" لا يحسبن أحدٌ أن وعي الذات لذاتها عملية انفصال تقوم بها الذات بحيث تصح ذاتين واحدة تتأمل والأخرى تُتأمل، بل إن وعيها مطابقاً لذاتها حتى لو كانت غارقة في الوهم الذاتي بالذات، لأنها في حال الوهم لاتعي ذاتها على أنها تمتلك ذاتاً وهمية، فذاتها الوهمية هي عين وجودها"
وهذا هو معنى الفلسفة بوصفها الفكر الذي يفكر أو العقل الذي يعقل ذاته. قدرة الفكر على المزاوجة بين ملاحظة سلوكاته الذاتية” وسلوكات” الموضوعات الخارجية” السلوكات الذاتية للعقل هي عاداته وأعرافه أي، بكلمة، آليات اشتغاله. لكن لمعرفة هذه السلوكات لا بد من الإحاطة علما بصيرورة تطورها ، وهو ما دفع إلى نشوء الجينيالوجيا (علم نسابة الفكر البشري) وحدها الفلسفة هي من ستنطق الكلمات والمفاهيم والمصطلحات والافكار من أي جاءت وكيف ولدت وازهرت في سياقاتها الاجتماعية والتاريخية ولا يمكن فهم العقل بدون فهم اللغة إذ لا تفكير الا بالكلمات والصور الذهنية حتى في الأحلام. ولكل مفهوم مكان وزمان ولادة وسياق نمو وازدهار وعلاقة قوة وسلطة وحقل دلالة وفضاء تلقي وحساسية ثقافة وابتسمية خطاب.
أن الوعي الانعكاسي يتعين في مراوحة العقل بين ادراك العالم وتمثله رمزيا في الذات الواعية ثم قدرة الذات على وعي وعيها ذاته

والسؤال هو بما أن الفلسفة هي نشاط العقل فما الذي يحدث للعقل عندما ينطلق في حركة سهمية في رحلته لفهم العالم واكتشاف حقائقه؟ هل ، بقدر ما ينتهي به الأمر إلى اكتشاف “حقيقة” الأشياء ، يجهل ، بالمقابل، ذاته أي يخسرها في شكل ذوبان في تمظهرات الأشياء المادية، أو أنه يعود إلينا بغنيمة الاكتشاف مضاعفا بوعي ذاتي بضرورة التعمق في معرفة ذاته أكثر؟ بعبارة أخرى، هل يغترب العقل في دروب رحلته “السندبادية لتعقل ” الآخر” أم يعود، كما كان، عند انطلاقته صافي السماء شاحذ الأداة؟ ولأن هذه العودة الغانمة، المغتنية والمغنية هي التي لا تحدث في الغالب” فإن الحاجة إلى نقد اوثان العقل واوهامه هي حاجة حيوية ودائمة ذلك ينجم من طبيعة العقل ذاته فهو ليس مهجعا مهجورا لتخزين المعرفة والمفاهيم كما هو حال مخازن الاشياء والنقود والمجوهرات والبضائع. ومن الاخطاء الشائعة الاعتقاد بأن العقل هو عضو من اعضاء الجسم إذ يتم المطابقة عند البعض بين العقل والمخ أو الدماغ بمعنى واحد وهذا غير صحيح إذا كلنا يعلم علم اليقين بان ليس هناك شيئا ملموسا محسوسا اسمه العقل ، يمكن رؤيته بالحواس المجردة؛ العقل مفهوم مجرد وليس عضوا ماديا يطلق على ممارسة أو نشاط يباشره الانسان في أثناء ممارسته لحياته اليومية.
وهذا هو بالضبط ما ادركه البرقاوي في وعي الذات لذاتها "والموضوع عندما يكف عن أن يكون وعياً ما للذات بوجودها يعود إلى عالمه المستقل عنها بالإطلاق وإذا لم يترك أي أثر من آثارها لديها. أو إذا لم تبق الذات على شيء داخلها وهو أمر نادر الوقوع، لكنه صحيح منطقياً والدين، العقائد، الثقافة.. تعقد من وعي الذات بذاتها لكنها تشكل هوية، والهوية لاوجود لها إلا بوصفها وعياً للذات"



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكولونيالية من قلب الظلام إلى ذاكرة الرحيل
- ثورة 14 اكتوبر الحلم الذي استيقظنا على زواله
- تحصين العقل وتجفيف منابع الإرهاب
- كيف تكون النصوص المكتوبة مفيدة ولذيذة؟
- جامعة صنعاء والحرية الأكاديمية
- آمنة النصيري.. أنثى الضوء واللون والحرف والمعنى .
- اليوم؛ العيد العالمي للأب .. نحن نحبك يا أبي
- في صالون علمانيون.. نحن نصنع التاريخ
- مناظرة فكرية بين الشيخ والفيلسوف .. في معنى الإرهاب الفكري
- بشارة النجاة من فيروس كورونا : من افريقيا بدأنا واليها رجعنا
- في التواصل الكلامي في الزمن الكوروني
- حينما تتعرى الحضارة قراءة في لوحة
- الشاعرة غالية عيسى - حين يغني الحنين أوجاع الوطن -
- جمال الرموش شاعر الأعماق والآفاق
- اليوم جان بول سارتر وتهافت الحضور
- حينما تعلق الاستاذة الدكتورة وجيهة السط
- العولمة وكورونا من وجهتي نظر أمريكية وصينية
- الأسس الفلسفية والثقافية لخطاب الصحة الاجتماعية المعاصر
- من نحن؟ وماذا سنكون؟ وكيف نعيش؟ قراءة عابرة في كتاب الثورة ا ...
- في تأمل المعنى الفلسفي لفيروس كورونا


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - البرقاوي ومنهجية الوعي الانعكاسي