أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عيسى مسعود بغني - نكبات التعليم الجامعي














المزيد.....

نكبات التعليم الجامعي


عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)


الحوار المتمدن-العدد: 7050 - 2021 / 10 / 17 - 01:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


التعليم الجامعي هو مصنع الرصيد المعرفي للدولة، وهو مصدر الحل لمختنقات المؤسسات، والوسيلة الناجحة لستييرها وانفراج معضلاتها وهو سُلم النهوض والرقي بأي أمة، حتى وصل نسبة الخريجين منهم 90% في بعض الدول، هذا من حيث المبدأ، ولكن الواقع في ليبيا غير ذلك. كان العصر الذهبي للتعليم الجامعي في ليبيا في الفترة من 1965 الى 1972م؛ في تلك الآونة كان هناك جامعتان هما جامعة بنغازي ويوجد بها كلية الطب، والحقوق والاقتصاد والتجارة والأداب، أما جامعة طرابلس فكانت تحتضن كلية العلوم والهندسة والزراعة والتربية. ولقد اتسمت هذه الفترة بعودة المبعوثين للدول الغربية المؤهلين جيدا، مع وجود أفضل أساتذة مصر في النظام التعليمي بليبيا. أساتذة تلك الفترة إلى جانب تخصصاتهم الدقيقة يحملون فكر متنور من تيارات عديدة سمحت لها الظروف أن تتنامى وتزدهر، هناك اليساريون؛ القوميون العرب والشيوعيون ومن المحافظين الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي، والجميع يتحدث عن التنمية عن التطور عن التغيير إلى الأفضل عن الخروج من ثالوث الجهل والفقر والمرض.
كانت أولى نكبات التعليم الجامعي إعلان الثورة الثقافية في 15 أبريل 1973 في مدينة زواره والتي قام القذافي من خلالها بنسف كل التيارات الفكرية وزج رجالاتها في السجون، وكان جلهم من النشطاء في الجامعات والصحافة، وتلا ذلك ما يسمى بتطهير الجامعات من المعارضين للحكم بإشعال ما يسمى بثورة الطلاب في 7 أبريل سنة 1976م للتخلص من أخر معاقل التنوير وهم الطلبة وأساتذة الجامعات، وبذلك استفرد القذافي بالتنظير والسلطة.
للأسف في هذه الفترة سعى النظام إلى تكوين أساتذة جامعات لهم الولاء الكلي للنظام فقام بترشيح مئات بل ألاف من الفاشلين دراسيا والمنتمين للجان الثورية للدراسة بالخارج، وكان جلهم إلى الدول الشرقية مثل بولندا والمجر ويوغسلافيا، وهذه الدول الشيوعية في حينها تعاني من تردي كبير في النظام التعليمي والأخلاقي، مما جعل الحصول على الشهائد يسيرا لمن كان يبحث عن الترخيص للعمل وليس العلم، نتج عن ذلك انخراط ألاف من الأساتذة في السلك التعليمي بالجامعات دون الالتزام بضوابط المهنة.
بعد ألغاء عقود الوافدين من المصريين والهنود والباكستانيين حدث نقص شديد في أعضاء هيئة التدريس، فكانت تشريعات وزير التعليم أنداك أحمد أبراهيم بترك الأساتذة لمكاتبهم والبحث أن أماكن أخرى للتعاون من أجل تعويض المرتب المتهالك جراء ارتفاع سعر الدولار إلى 3.5 دينار، أي الأستاذ الجامعي مرتبه لا يزيد عن مئة دولار خلال التسعينات من القرن الماضي. وجد هؤلاء فرصتهم للتخلص من التزاماتهم التعليمية، وعقب ذلك أوغلت الدولة في تخريب التعليم الجامعي بسن قوانين تحدد عدد الساعات ب 20 ساعة كحد أقصى أسبوعيا بدلا من تغيير المرتب الأساسي، مما أفسد أخلاقيات المهنة من ناحية وشجع من هب ودب على الدخول إلى منظومة التعليم الجامعي من أجل التكسب والمكانة العالية المفتعلة، علما بأن الكثير منهم لا يجيد غير العربية والأكثر من ذلك من ليس له أبجديات استعمال وسائط المعلوماتية بل أن الكثير منهم لا إيميل له للتواصل.
ما زاد الأمر سؤا هو في فترة التسعينات تعريب المناهج بلا كتب منهجية ولا خبرة سابقة ولا مكتبة، جعل أولئك الأساتذة حتى النبهاء منهم تضطرهم الظروف الى تلقين وريقات معدودة لكل مادة مع إنقاع الطالب عن الكتاب المرجعي. وبسبب فتح مئات الأقسام والكليات في جميع ربوع ليبيا حتى وصل عددها إلى 60 جامعة جلهم من المعاهد العليا التي تغير اسمها على جامعات، اصبح هناك نقص شديد في أعضاء هيئة التدريس، فكان حافزا لفتح أقسام للدراسات العليا على رأسهم الأكاديمية الليبية في جنزور وفي الكثير من الجامعات، حتى أصبح عدد أعضاء هيئة التدريس بكل الجامعات اليوم يقارب 30 ألف، وعدد المعيدين يناهز عشرة ألف حسب إحصائيات نقابة أعضاء هيئة التدريس الجامعي لسنة 2021. قد تكون البرامج جيدة لسد النقص في العلوم الإنسانية والإدارية ولكنها كانت طامة كبرى في مجال العلوم الطبيعية والهندسية والطبية حيث لا معامل ولا مكتبات ورقية أو إليكترونية.
هذه الصورة المأساوية أفقدت عضو هيئة التدريس رونقه وهيبته ومكانته وزادت سؤا لسببين أساسين أولاهما أن استثمار الدولة في هذا القطاع منذ 2005 م عند صدور قرار تعديل مرتبات أعضاء هيئة التدريس بزيادة عدد الساعات وقيمة الساعة لم يثمر في مشاركة الجامعة لحل مشاكل مؤسسات الدولة، بل وضع سنة سيئة للخروج من قانون 15 لسنة 1981 الخاص بالمرتبات عند قطاعات أخرى مثل النفط والشرطة والقضاء والديوان مما أوجد تشوه كبير في نظام المرتبات للدولة، والأمر الثاني أن التعريب ساهم كثيرا في تدني التعليم الجامعي بالتحول من الكتاب المنهجي والمرجعي إلى وريقات يتم نسخها وتلقينها ليعطى لها رقم مادة كمنهج دراسي اضافة إلى غياب وسائل الإيضاح والمعامل والمكتبة .
القشة التي قسمت ظهر البعير تصرف إدارة الجامعات في السنوات الخمس الماضية، حيث كان هناك إضراب في سنة 2017 ثم إضراب موظفو الجامعات ثم إضراب أعضاء هيئة التدريس في سنة 2019 ثم توقف الدراسة بسبب الحرب في سنة 2020م ، وتوقف الدراسة بسبب كرونا سنة خلال فصول الخريف والربيع للعام الجامعي 2020- 2021م واليوم إضراب أخر للمطالبة بتعديل الرواتب وتسديد ساعات العمل الإضافية، وجلهم لا وجود له في المكاتب خلال الدوام الرسمي.
هؤلاء اصبحوا عبئا ثقيلا على الدولة (مع احترام القلة من الذين قدموا ويقدمون الكثير من الجهد والوقت في سبيل هذا الوطن)، فهم خلال كل هذه الأزمات لم يقوموا بإنشاء منصات تدريس عن بعد ولا تجهيز مواد إليكترونية للدراسة ولا اقتراح حلول لأكثر من نصف مليون طالب ضاعت أوقاتهم بسبب النقابة السيئة السمعة وبعض أعضاء هيئة تدريس غير مسؤولين.



#عيسى_مسعود_بغني (هاشتاغ)       Issa__Baghni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القطيعة مع لاعقلانية المشارقة
- التخدير الشعبوي للأمة: هل هناك انتخابات؟
- تطور الاحداث في تونس وانعكاساتها
- واقع العمل الحزبي في ليبيا
- السبيل إلى أحزاب فاعلة
- دعوة لتنشيط العمل السياسي الحزبي
- هل أصبحت الفيدرالية مطلباً لكل الليبيين
- مجلس النواب أم مجلس الذئاب
- رد الملام على إهانة رموز الإسلام
- لماذا فشلت مفاوضات تونس
- عن بعد: بيانات تقاسم السلطة
- نواب الأمة أم نواب العجز والتواطؤ
- جنوب طرابلس بين حرب الإستنزاف وحرب الإنهاك
- كرونا: جائحة الأغنياء
- جور المثقف في دولة الإستبداد
- الموقف الروسي: مماحكات سياسية ومرتزقة
- مؤتمر برلين: حصاد الشوك أم بارقة أمل
- عدوان عرب الإستبداد على ليبيا وهاجس أمنهم القومي
- المغيبة قصراً سهام سرقيوة
- أزمة الكهرباء بين غياب الرؤية وسؤ الإدارة


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عيسى مسعود بغني - نكبات التعليم الجامعي