نصر حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 10:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الخطاب الهيستيري الذي ألقاه بشار أسد أمام الصحفيين بدمشق بتاريخ :15/8/2006 , وضوح شديد وتلخيص كبير لما تعيشه سورية من غوغائية النظام فيها ومن فجور وطني وسياسي وحتى أخلاقي , وتدني معيب من قبل رئيس واحدة من أهم الدول العربية في الحرب والسلم ,وانحدارخطيرعن حساب المصالح الوطنية والقومية في هذه الظروف الكئيبة التي يعيشها لبنان الذي مازال ينزف ويئن بكبرياء تحت مخلفات العدوان الهمجي عليه ,الخطاب الخبطة المتناقضة وهذا الخلط المهين بين المتخازلين والمقاومين والمتاجرين بأرواح الأبرياء ودماء اللبنانيين التي استباحها النظام السوري والعدوان معا ً على مدى أكثر ثلاثين عاما ً.
واستمرارا ً بنفس السياق الذي بدأ به بشار أسد مسيرته الرئاسية الوراثية المبنية أساسا ً على الكذب على النفس وعلى الشعب وعلى الأمة وعلى الأصدقاء والأعداء معا ً, يستمر بنفس الطريقة الكارثية على سورية وعلى ولبنان وعلى الأمة العربية , بمايشبه خطاب عصبي وعصابي خارج عن العصر وخارج عن الزمن وخارج عن المألوف وخارج عن الأدب والذوق وأدنى من الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة من خطورة لاتزال ماثلة على المدى المنظور.
ويبدوا للوهلة الأولى أن الرئيس بشار أسد تقمص بشكل فعلي شخصية المقاوم والمدافع عن لبنان والمواجه للعدوان واسترسل على طريقة المنتصرين والخارجين لتوهم والتي لاتزال عليهم غبار معارك التحرير الوطني والقومي بما لم يبق شيئا ً للمقاومة اللبنانية وأبطالها الحقيقيين , وحاول أن يوقع الجميع بوهم البطولة التي يتقمصها وكأن ليس للناس عيون وليس لهم آذان وليس لهم عقول ,بل وكأنه يتحدث إلى ناس قادمين من المريخ ولايعلمون شيئا ً عن هزائم الرئيس وخداع الرئيس وكذب الرئيس على نفسه وعلى الاخرين وعن أفعال الرئيس على الساحة السورية .
وبكل الأحوال كان الرئيس صغيرا ً للغاية , وكان على سجيته الصغيرة والمتناقضة التي أفرزت هذا الكلام والخربطة السياسية والوطنية والأخلاقية والفلسفية وعلى كافة محاور الخطاب الغير منضبطة والغير متناسقة والغير لائقة حتى برئيس بلدية في الواق الواق , فمابالكم بأن الخطيب هو رئيس سورية !.
يا للعجب العجاب ...في هذه الظروف التي وصلت نيرانها إلى كل الأبواب على امتداد الساحة العربية , وبعد أن قدم لبنان من التضحيات ومن الصمود ومن العقل والحكمة التي أفشلت العدوان وأفشلت قصفه الهمجي على أطفال لبنان ونساء لبنان وأشجار وأحجار لبنان وتاريخ وحاضر ومستقبل لبنان ,وأحدث فيه كل هذا القتل والخراب وصمد لبنان ولم ينهار , ينبري الرئيس بشار أسد إلى قصف لبنان من جديد نيابة ً عن العدو ويكمل مافشل به العدوان , يقصف لبنان في وحدته التي كانت رهان المقاومة ورهان كل الأحرار في لبنان وسورية والوطن العربي ,يقصفه في قلبه الذي لم يتمكن العدوان من الوصول إليه ,وكسرت المقاومة ومعها كل اللبنانيون قنابل حقده وحممه على صخرة الوحدة اللبنانية الصلبة أكثر مما يتوقع الرئيس السوري....!.
والغريب أن الرئيس السوري الذي يعرف جيدا ً وساهم جيدا ً وبذل كل مايستطيع لدفع لبنان إلى التدمير والهاوية , وهو على علم بالعدوان أنه ظل صامتا ً طيلة فترة العدوان الهمجي ولم يحرك متحركا ً ولاساكنا ً سوى بمغازلة الأعداء على أنين اللبنانيين وعذابهم بل وحتى موتهم ليثبت أن له دور على أنقاض لبنان واللبنانيين .
والغريب أن الرئيس بشار يتحدث عن المقاومة في سياق لبناني حصرا ً , وبنغمة ثورية يخجل منها حتى عتاولة المقاومين الثوريين الحقيقيين , وكأن ليس له حدود مع العدو , وكأن الجولان أرض مشاع والشعب السوري في الجولان المحتلة شعب مباع , وكأن المقاومة لايمكن أن تمر سوى عن طريق الجنوب اللبناني والشعب اللبناني والدماء اللبنانية , على مقولة أن لبنان ومزارع شبعا هي الطريق الوحيد لتحرير الجولان ..!.
والغريب العجيب في خطاب بشار أسد هو استمرار الحلم الخبيث , والأمل اللعين بإمكانية سرقة انتصار المقاومة ورغبة المتاجرة بدماء اللبنانين ووحدتهم وإرادتهم واستقلالهم , ونسي الرئيس أنه كان هناك في لبنان لأكثر من عشرين عاما ً لم ينتج خلالها سوى الحرب الأهلية واحتلال بيروت وإبادة المقاومة اللبنانية والفلسطينية وطرد بقاياها إلى آلاف الكيلومترات بعدا ً عن فلسطين .
وغير المفهوم في خطاب الرئيس ونوايا ه هو لماذا يتعامل مع اللبنانيين على أنهم مقاومين والساحة اللبنانية هي حلبة مقاومة ؟ ويتعامل مع السوريين بالقمع والإهانة وإغلاق أفواه المقاومين وإغلاق كل الطرق أمامهم وإلغاء مفردة المقاومة في سورية بشكل مطلق , لماذا يصر أن تكون الساحة اللبنانية ساحة مقاومة والساحة السورية ساحة متاجرة ومساومة ؟ لماذا يصرعلى أن يكون لبنان ساحة مفتوحة للصراع مع العدو ؟ رغم أن الجبهة السورية مقفلة كليا ً حتى أمام مرور العصافير المهاجرة ولانقول السوريين الخاضعين لذل الإحتلال وإهانة النظام نفسه وبالشكل الذي أذهل حتى الأعداء على هذه القدرة على ضبط الحدود لأكثر من ثلاثين عاما ً...!.
وبالمقابل لقد عبرموقف المقاومة من خطاب الرئيس عن سلوك المنتصرين وترفعهم عن النزول إلى مستوى خطاب الرئيس الذي يلخص سلوك المهزومين نفسيا ً ووطنيا ً وقوميا ً , وحرصهم على إهداء النصر للبنان أولا ً وليس للمتاجرين بلبنان , وفات الرئيس الصغير في كل شيء أن المقاومة التي استطاعت أن تقاوم العدوان هي كبيرة بحجم لبنان بل تزيد , وحساباتها وطنية وقومية وليست تجارية , ومواقفها تنظمها وحدة مجتمع ومصير شعب وهدف سامي وليس الحفاظ على سلطة فاسدة وكراسي حكم مهزوزة وتبادل أدوار مشبوهة مع الأعداء والتلاقي معهم على تدمير لبنان وإحراقه وإحراق المنطقة بسمومها ووساوسها.
وأخيرا ً مابين فعل المقاومة اللبنانية وفعل الرئيس السوري هو الفرق بين من يحرس الوطن ولايسمح بالتعدي عليه وبين من يساهم بالإعتداء على الوطن , ومابين قول المقاومة وقول الرئيس هو صدق المنتصر وكذب المهزوم وحقد العاجز المتفرج على عمل شجاع غير قادرعلى القيام به, وبين حرص المقاومة وحرص الرئيس هو حرص الإبن الوفي لأرضه وشعبه ومبادئه وبين رئيس خاوي من كل تلك القيم النبيلة التي تحقق الإنتصارويقمع شعبه وينسى أرضه المحتلة ويبيع ويشتري بكرامة الشعب والوطن في" البازارات " الإقليمية والدولية على الدوام , الفرق بين مشروع المقاومة ومشروع الرئيس هو الفرق بين الحرية والديموقراطية التي أفرزت المقاومة والوحدة الوطنية والقوة في مواجهة الأعداء والإنتصار عليهم وبين الإستبداد ومصادرة الحريات وقمع الشعب وتفتيته التي أفرزت العجز والهزيمة وهذا الخطاب المأزوم والمهزوم والملغوم ...
#نصر_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟