أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟














المزيد.....

سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7010 - 2021 / 9 / 5 - 14:09
المحور: حقوق الانسان
    


Twitter: @FatimaNaoot


قبل سنوات، كنتُ أنا والصديق الروائي الكبير "يوسف القعيد" ضيفين على الإعلامية "فضيلة سويسي” في برنامج "مثير للجدل" بقناة أبو ظبي، نُشكّل فريقَ دفاع عن كنوز "نجيب محفوظ" الأدبية، ضدّ متطّرف يرى أن روايات صاحب نوبل يجب أن تُصادر، وفق ثقافاته المحدودة التي تمنعه من لوج عوالم الأدب الثرية! بالطبع نسيتُ اسم ذلك الشخص الذي كفّر "نجيب محفوظ"، مثلما نسينا اسم الشابين التعسين اللذين طعناه في عنقه بخنجر عام 1995 وتسببا في إعاقات حركية لازمته حتى رحل عن عالمنا في مثل هذه الأيام عام 2006. لا نعرفُ اسم قاتل "المتنبي"، ولا قاتل "السهروردي"، ولا صالب "الحلاج"، ولا قاتل "فرج فودة"، ولا قناص "سميرة موسى"، ولا ساحِل الفيلسوفة "هيباتيا"، ولا شانق "عمر المختار"، ونسينا أسماء الذين كفّروا ابن عربي وابن الفارض وابن رشد وابن المقفع ولسان الدين الخطيب ونصر حامد أبو زيد وطه حسين، وغيرهم الكثير ممن أسقطهم التاريخُ من حساباته ليُفسِح صفحاته المضيئة لتخليد أسماء اللامعين في هذا العالم. لهذا قال المختارُ مقولتَه الخالدة: “سيكون عمري أطول من عمر شانقي"، وهذا ما كان.
حين التقيتُ بالخالد "نجيب محفوظ" في ڤيلا الدكتور "يحيى الرخاوي" بحي المقطم، عام 2003، همستُ له بسؤال: “هل تذكر اسم طاعنيك يا أستاذ؟"، فابتسم وحرك رأسَه دلالة النفي، ثم همس لي: “لكنني سامحتهما!” هكذا العمالقةُ أمام الصغار. يغفرون لأنهم يعلمون أن الصغار لا يعلمون ماذا يفعلون.
أما لقائي الأخير به فكان قبل رحيله بعام في فندق "شبرد" الذي يُطلُّ على نيل مصر. قاعةٌ ضوءُها الخافتُ رفيقٌ بشبكية رجل جاوز التسعين، بينما فرادةُ عقله قد أثبتت أنها تحيا خارج الزمن. تحدث معنا بمحبة كعادته مع حوارييه. أخذني الإنصاتُ، وفجأة تذكّرتُ أنني على كثرة ما أقتني من فرائد نجيب محفوظ، لم أحظَ بعدُ بتوقيع منه على أيّ منها؟! نهضتُ من مقعدي وخرجت مسرعةً من القاعة وسط دهشة الجميع وركضتُ إلى فندق "سميراميس" المواجه حيث المكتبة التي تضم معظم أعمال الكاتب الكبير. لم أتحيّر كثيرًا أمام الاختيارات، واختارت أصابعي رأسًا "الطريق". الرواية الأقرب إلى قلبي. حيث "البحث عن هوية"، "البحث عن حُلم”. عدتُ إلى صالون الأستاذ ركضًا وكان الأستاذُ ينتظرني بقلمه لكي يوقّع باسمه على "الطريق”: نجيب محفوظ. بعد حادثة الخنجر، أصبح يكتب ببطء شديد وبخط كبير الحجم. بعدما كتب اسمَه حاولتُ سحب الرواية من بين يديه وأنا أشعر بالخجل لما سببته له من جهد دقائقَ طوالا كأنها الدهرُ. لكنه رفع عينيه نحوي ونظر مباشرة في عيني قائلا: “أوعي توقعي اسمَك دون تاريخ، أبدًا.” وكان درسًا لم أخلفه أبدًا كلما وقّعت أحد كتبي لقارئ. وصار ذلك التوقيعُ المرتعش اليوم أحب توقيع لدى المصريين، والعرب. دسستُ كتابي/ الكنز، في حقيبتي ثم أخذني الصمتُ الطويل. أستمعُ له وأستمتعُ بخفة ظلّه وقفشاته السياسية وإلماحاته الذكية التي تشير إلى نصاعة وعي لم تهزمه السنوات. هذا لقائي الأخير به. أما لقائي الأول به فكان في كازينو "قصر النيل". كان عمري تسع سنوات. أشارت إليه أمي قائلة: “اللي قاعد هناك ده هوالكاتب الكبير نجيب محفوظ، واللي حواليه اسمهم الحرافيش"، شببتُ على أطراف أصابعي لكي أراه بوضوح وأتأمل تلك "الحَسَنَة" الكبيرة جوار أنفه. يسمونها "زبيبة". أحاول أن أربط بين الحسنة الكبيرة وبين الكاتب الكبير. كان هذا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، قبل عقد من حصوله على نوبل. أدفسُ وجهي في كأس الكاساتا بالفراولة والڤانيليا، وأشبُّ بين الحين والآخر على قدمي كي أحدّق في الكاتب الكبير. هل يختبئ الإبداعُ الكبيرُ داخل هذه الزبيبة الكبيرة؟ عند المساء، أفحصُ وجهي في مرآة غرفتي ، فلا أجد أية زبيبة. هذا يعني أنني أبدًا لن أكون كاتبة كبيرة!
اليوم أتمّ "نجيب محفوظ" عامه الخامس عشر بعيدًا عن صخب العالم، بعدما انحنى له العالمُ احترامًا حين حصد لمصر وللعرب نوبل الآداب عام 1988. لم ينسه أحدٌ، بينما نسينا منذ اللحظة الأولى أولئك الذين على عقولهم أقفالُها، ممن أهانوا اسمَه وتراثه الرفيع، وأفتوا بكفره وزندقته. كل سنة وأنت نجيبٌ محفوظٌ في ذاكرة العالم. كل سنة وأنت أكثر وجودًا وحياة ممن أخفقوا في قراءتك وإدراك قيمتك.
“الدينُ لله، والوطنُ لمن يُثري عقولَ الوطن"

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس السيسي … فارسُ التنوير الجسور
- أعلنها الرئيسُ: مسألة وعي!
- السيسي … قائدٌ يُنجِزُ … ثم يُعلن
- سمير الاسكندراني … وأبي!
- هاتزعل منّي يا ريس!
- فريال … فارسةُ مصرَ الذهبية
- العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي
- العيّل بيجي … من رزقنا!
- صحوةُ الضمير الإنساني
- فنُّ التعليم … عبقريةُ مُعلّمة
- في الوحدةِ يصنعُ الإنسانُ كُرةً … أو يُطلقُ رصاصة
- درس علا غبور… في مناهج التعليم المصري
- نستحقُّ حياة كريمة… ولا يليقُ بنا أن نقلق!
- أنا سوّدت عيشة أهلي ... يا عمو حسين يعقوب!
- نفرتيتي تقولُ: -مِن مصرَ دعوتُ حابي-!
- هكذا كلّمنا الرئيسُ ... قبل سبع سنوات
- 30 يونيو حياةٌ … والقراءةُ حياة
- مدينة نور … مستقبلُ مصرَ الأخضر
- هديةُ الِله للمصريين بعد 30 يونيو
- ثورةُ فستان


المزيد.....




- حرب غزة: قصف متواصل على القطاع واعتقال مشتبه به حاول مهاجمة ...
- -اليونيسكو- تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين ...
- لاوغاي.. معسكرات الاعتقال في الصين (الجزء الأول)
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: الدمار في غزة هو الأسوأ منذ ا ...
- اليونيسكو تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين في ...
- وكالة -أ ب-: اعتقال ما لا يقل عن 2000 شخص في احتجاجات مؤيدة ...
- مجلس رؤساء الجمعية العامة للأمم المتحدة يناقش بالدوحة مستقبل ...
- لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال ...
- الأمم المتحدة: بناء منازل غزة المهدمة قد يستغرق عقودا
- اللاجئون.. رحلة الهروب (الجزء الثاني)


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - سألتُ نجيب محفوظ: هل تعرفُ اسمَ طاعنك؟