|
غزة المُحررة، الضفة المحتلة، اختلاط المفاهيم!
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 7002 - 2021 / 8 / 28 - 13:39
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد مرور ستة عشر عاما على خروج جيش الاحتلال من داخل قطاع غزة في مثل هذه الأيام من عام 2005 فإن قطاع غزة (المُحرر) كما تقول فصائل المقاومة يشهد تصعيدا عسكريا ومناوشات مع الاحتلال الذي خرج من غزة، بينما في الضفة المحتلة منذ 1967 يوجد مقر منظمة التحرير وتوجد سلطة وطنية ومؤسسات وطنية وسفارات وممثليات اجنبية، ولا توجد فصائل مقاومة مسلحة ولا صواريخ ولا أنفاق أو عمليات ارباك ليلي أو بالونات حارقة لمواجهة الاحتلال والمستوطنين، بل يتظاهر معارضون ومنتمون لفصائل المقاومة ضد السلطة الوطنية !!!. هذا المشهد مستمر منذ سنوات وبرز أخيرا في ذكرى حرق المسجد الأقصى21أغسطس الجاري، حيث تزامن حدثان، الأول في غزة حيث مناوشات وصدامات بين متظاهرين وجيش الاحتلال على حدود القطاع، والحدث الثاني عندما فضـت أجهزة امن السلطة وبالقوة تجمعا لمئات في دوار المنارة في رام الله خرجوا منددين بتقاعس السلطة في حماية حرية الرأي والتعبير وعدم معاقبة رجال الأمن الذين قتلوا نزار بنات. ربما كان التزامن عفوياً وغير مقصود أو مبرمَجا له ولكن الانطباع الذي تولَّد عند المتابعين للأحداث في الداخل والخارج وغير ملمين بخفايا الأمور هو أن الفلسطينيين في غزة يواجهون الاحتلال وفي الضفة يواجهون السلطة وكانه لا يوجد احتلال !!!!. كان من المفروض أن التظاهرات والمسيرات بمناسبة ذكرى حرق المسجد الأقصى –أو أية مناسبة وطنية- تشمل كل ربوع فلسطين وفي الشتات وفي كل العالم الإسلامي أو على الأقل أن تكون في الضفة وغزة، لأن القدس والمسجد الأقصى ليس شأناً غزاوياً، ايضاَ أن تكون حالة الاشتباك مع الاحتلال في الضفة المحتلة وليس فقط في غزة، التي خرج منها جيش الاحتلال، وفي المقابل كان من المفروض أن تكون الوقفات الاحتجاجية ضد القمع والحد من الحريات في الضفة وغزة، لأن الانتهاكات موجودة في المنطقتين. ولكن الانقسام المقيت والحسابات الحزبية الضيقة أخرجت هكذا مظاهرات ووقفات احتجاجية وصدامات مع الاحتلال عن سياقها الوطني وأفقدتها تأثيرها بل شوهت الرسالة السامية التي كان يجب توصيلها. الاحتلال في الضفة أكثر حضوراً و خطورة مما هو في غزة، وكان يجب أن تكون المظاهرات والتصادم مع الاحتلال أكثر فعالية وزخماً في الضفة مما هو في غزة (المُحررة)، كما أن الحد من الحريات في غزة لا يقل عما هو في الضفة، ولكن الأمور جرت بشكل مقلوب ومعكوس ومشوه. إن سير الأمور بالمعكوس في مناطق السلطة ليس وليد الساعة، بل هو خطأ موجود منذ خروج الجيش الإسرائيلي من داخل قطاع غزة خريف 2005، فمنذ ذاك الوقت كان يُفترض أن تنتقل المقاومة المسلحة من قطاع غزة (المُحَرَر) كما تقول فصائل المقاومة إلى الضفة الغربية المحتلة، وأن تتفرغ السلطة وفصائل المقاومة في غزة لإعادة بناء القطاع وخلق مشاريع تنمية، و تحويله لنموذج مُشرف ومتميز لقدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم، ولكن للأسف وبتخطيط خبيث تعاظَم شأن ووجود الجماعات المسلحة في القطاع (المحرر) وغاب وجودها عن الضفة المحتلة، مع أن الفصائل والأحزاب في غزة نفسها في الضفة، ولم يحدث لا مزيد من تحرير الأرض ولا تنمية وبناء لا في الضفة ولا في غزة. لا نقلل من شأن النضال من أجل احترام الحريات العامة ومواجهة التسلط والفساد او نقلل من شأن الناشطين السياسيين والمجتمعيين الفاعلين في هذا المجال سواء في الضفة أو غزة ولكن يجب عدم الخلط بين العدو الرئيس وهو إسرائيل حيث يجب تكاثف الجهود لمواجهته وبين الخصم السياسي الوطني، بحيث لا تصبح مقارعة الخصم السياسي الوطني لها الاولوية على مقارعة العدو. أن تقول السلطة في رام الله إنها سلطة وطنية وعنوان المشروع الوطني، فهذا لا يعني ان من يتولى أمر السلطة ملائكة أو منزهون عن الخطأ، أو يجب السكوت عن أية انتهاك للحريات أو حالات فساد وشطط في استعمال السلطة، والسلطة الوطنية في الضفة تتحمل مسؤولية قتل نزار بنات بالشكل الفج الذي جرى، والسلطة أخطأت عندما تأخرت في محاسبة القَتَلة وهم معروفون لديها وأخطأت مرة أخرى عندما قمعت واعتقلت مشاركين في وقفة احتجاجية سلمية على دوار المنارة، بينهم مثقفون وأكاديميون، وأسرى محررون لا يمكن التشكيك في وطنيتهم جميعاً، حتى وإن كان بين المتظاهرين مندسون لا يريدون خيرا للسلطة وللوطن. وفي المقابل على (فصائل المقاومة) وكل من يعارض السلطة الوطنية الابتعاد عن تصنيف هذه الأخيرة كعدو ، وتصبح كل جهودهم موجهة لتشويه السلطة ومحاولة إسقاطها حتى بدعم أطراف خارجية لا تريد خيرا لفلسطين والفلسطينيين، متجاهلين الاحتلال وممارساته، فبالرغم من كل المآخذ على السلطة ومطالبتنا المتواصلة بضرورة تغيير وظيفتها وتصليب مواقفها في مواجهة الاحتلال، إلا أن وجودها في الاراضي المحتلة كمؤسسات تعبر وتجسد الشخصية والهوية الوطنية يشكل حالة تحدي لمزاعم إسرائيل بأن الضفة والقدس جزء من دولة الكيان . أيضا ستفقد كل فصائل المقاومة، وطنية كانت أم إسلامية، قيمتها بل وصفة المقاومة إن اكتفت بما تقوم به في غزة و مناوشة السلطة في الضفة وتركت العدو يواصل مشاريعه الاستيطانية في الضفة والقدس، ونقولها بصراحة على فصائل المقاومة ومعارضي السلطة عدم توظيف واستغلال تجاوزات واخطاء السلطة الوطنية شماعة يعلقون عليها تقاعسهم وجبنهم في مواجهة الاحتلال في الضفة والقدس وبقية فلسطين ما داموا يقولون بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر وعدم الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني. وأخير، ما يجري يستحضر الجدل الذي ثار في بداية تأسيس السلطة حول إمكانية التوفيق بين مسار النضال ضد الاحتلال و مسار النضال من أجل الديمقراطية والتنمية واحترام حقوق الإنسان، ويبدو أن عملية التوفيق بين بين المسارين لم يُكتب لها النجاح.
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رهانات متعددة ومتضاربة على فطاع غزة
-
لماذا العرب مستهدفون دون غيرهم؟
-
هل يفعلها الرئيس أبو مازن أم فات الأوان؟
-
مأزق الواقعيين السياسيين في فلسطين
-
اسرائيل تجسد كل المحرمات دولياً
-
إعمال العقل فيما يجري في فلسطين
-
المقاومة الفلسطينية وأزعومة الأجندة الخارجية
-
نجح الشعب في الانتفاضة وفشل السياسيون في حصاد نتائجها
-
الحذر من تجزئة القضية وتعدد مسارات التفاوض
-
تعيير النظام السياسي مطلوب، ولكن كيف؟
-
الشعب الفلسطيني يقاوم من أجل السلام العادل
-
لماذا غزة؟ وما الذي يُخطط لها؟
-
الفلسطينيون الجُدد يصوبون مسار قضيتهم
-
مشروع سلام فلسطيني جديد ضرورة وطنية الآن
-
حتى لا تعود الأمور إلى ما كانت عليه
-
صواريخ غزة مقاومة مشروعة ولكنها ليست وحدها المقاومة
-
في الذكرى 73 للنكبة الفلسطينيون يصوبون المسار
-
أين القيادة الفلسطينية مما يجري؟
-
من حق الشعب الفلسطيني ايضاً الدفاع عن نفسه
-
ارهاصات ثورة فلسطينية معاصرة
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|