أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إلهام مانع - عن رياضة المشي وانقطاع الدورة الشهرية















المزيد.....

عن رياضة المشي وانقطاع الدورة الشهرية


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 6960 - 2021 / 7 / 16 - 12:09
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عادة ما أخرج في الصباح الباكر لممارسة رياضة المشي السريع.
رياضة لها اسم: المشي الإسكندنافي.
تعرفت عليها منذ نحو عقد من الزمان. أستخدم فيها عصاتين خاصتين، كعصاتي التزلج، تساعدان على توازن الجسم أثناء المشي، وتعتمد كل منها على وسادة مطاطية. ابتكرتها فنلندا في أربعينيات القرن الماضي، لكنها انتشرت في العالم منذ نحو ثلاثين عاماً فقط.
تساعد على تنشيط عمل عضلات الجسم الخاملة، لأنها، إذا ما مورست بشكل صحيح، تضبط حركة الجسم بشكل رائع، فالحركة المتناسبة بين اليد اليمني والرجل اليسرى أو بالعكس تنظم نبضات القلب وتقوي العضلات في الوقت ذاته.
رياضة تناسبني. تخُرجني إلى الطبيعة. لمدة ساعة.
أخرج وأمشي، سريعا، على امتداد نهر الآر، أعود بعدها لأشرب قهوتي وأتناول إفطاري وأبدأ في العمل.
قلت إنها تناسبني، لأن طبيعة عملي الأكاديمية، تتطلب مني في أوقات التحضير والكتابة الجلوس كثيرا. وزاد الأمر إلحاحاً مع جائحة الكورونا التي منعتني قيودها، وحالة الإغلاق التي فرضتها، من الذهاب إلى الجامعة، وحرمتني من سفر البحث الميداني، لأتحول إلى التدريس عن بعد وإجراء لقاءاتي البحثية عبر برنامج الزووم.
هذه الساعة، عندما أصر عليها، تُخرجني من الجدران إلى أحضان الطبيعة، في كل أطوارها.
في الربيع والخريف، في الصيف والشتاء.
لا يمنعني عنها سوى المطر، عندما يكون مُنْهَمِراً.
لو كان رهاماً، أخرج ولا أبالي.
لكنه عندما يكون غزيراً يتركني منقوعة ماءاً.
أفضل الاستحمام في البيت، لا تحت المطر.
------
عندما امشي أرهف السمع.
اعشق صوت النهر- عجيجه. وخريره هادئاً، في الخريف، ثم ساكناً في الشتاء، أو نجيخه عندما يهدر متلاطما مضطرباً كما هو في هذه الأيام. موسم ممطر على غير العادة. يهدد بفيضان. ولذا يبدو غاضباً، ماءه عكره، معجونة بطين جرفها معه، ويمنعنا بطينه من السباحة فيه كما العادة في هذا الوقت من الصيف.
مع هديره استمع إلى أصوات الطيور بأنواعها.
طبعا الطيور لا تغرد من اجل إمتاعنا.
هذه ما يعتقده الإنسان. تغرد له! يا الله ما أشد نرجسية الإنسان.
يحسب أنه هو، هو فقط ، مركز الكون.
ويظن، وبعض الظن هذيان، أن الكون بأسره مسخّر له. اعتقاد لا يتماشى مع الاتساع اللامتناهي لهذا الكون. تلسكوب هابل الفضائي (الذي تم إطلاقه في مدار ارضي منخفض عام 1990 ولايزال قيد التشغيل) كشف عن ما يقدر بنحو 100 مليار مجرة في الكون، ومن المرجح ان يرتفع العدد إلى حوالي 200 مليار مع تحسن تكنولوجيا التلسكوب في الفضاء.
كون يمتد، لا نهاية له. مليء بالمجرات، وعوالم وحيوات متعددة. والإنسان على كوكبنا الصغير يعتقد أنه هو مركزه.
نكتة.
نحن فيه ذرة.
ذرة لا أكثر ولا أقل.
ما علينا.
نعود إلى الطيور وتغريدها.
لعل الطيور وهي تغرد تحذر بعضها البعض من هذا الكائن، ذاك الذي كثيراً ما يؤذي، كثيرا ما يهدم، وغالباً لا يعبأ لما حوله.
لا للطبيعة. لا للطيور. أو للأشجار.
كم منكن نظرت إلى الشجرة على حافة الطريق وتأملتها؟ كم منكم نظر إليها فعلاً ككائن حي. حي. يستشعر وجودك من حوله؟
إذن. لا.
الطيور لا تغرد للإنسان.
تستخدم أصواتها للتواصل مع نظيراتها. تتكلم مع بعضها!
تحذر زملائها، رفيقها وفراخها من خطر محدق، ترسل رسالة تحذير إلى طائر دخيل، تُبلغ بمصدر للغذاء، تحدد مكان وجودها، وفي أوقات التزاوج ترسل رسائل مودة وغزل بحثاً عن رفيق. وفي غياب الضوضاء التي يتسبب بها الإنسان يمكن لأصوات الطيور أن تنتقل لمسافة عدة أميال.
أحاول في ساعة المشي الصباحية أن اصغي لأصوات الطيور. زقزقة العصافير. هديل الحمام. بَطبَطة البط. نعيق الغربان. تغاريد السنونو، الشحرور، والسماميات..
أصبحت قادرة على تمييز التغاريد في تواصلها.
تغريدة ممتدة. تتوقف لتقابلها تغريدة مشابهة من الضفة الأخرى للنهر.
واعترف أن الغربان تزعجني. صوتها ناعق. لكنها ذكية. ذكاء حاد. ولعلي أزعجها بوجودي كما تزعجني هي بصوتها.
أما هديل الحمام، فأحبه. منذ طفولتي. وكنت استيقظ على صوتها في بيتنا في صنعاء. كما أستيقظ على صوتها في الربيع والصيف في شقتي في سويسرا.
لكنها تصمت عندما أتوقف تحت شجرتها في ساعة المشي لأصغي إلى هَديلَها. كأني أقطع عليها ترانيمها الصباحية. ولذا اعتدت على التمهل عندما اسمع صوتها، وأمشي ببطء...ببطء أسترق السمع. قلت لكما أحب هَديلَها.
وفي الصيف، عادة ما أتوقف تحت جسر معروف على النهر في ساعة المشي. أتوقف لأراقب سرب السماميات وهي تحلق عالياً مجتمعة – تدور معاً في حلقات سريعة – لتتناول وجبة فطورها من الحشرات. في اليوم الواحد، يمكن لسرب سماميات أن يمسك بعشرين ألف حشرة. تخيلن؟ تخيلوا؟ وجبة عامرة بالبروتين.. . وكنت في المغرب وأنا مراهقة اتابع من نافذة غرفتي وقت الغروب قبل إفطار رمضان أسراب السماميات وهي تتماوج معاً في دوائرها.
هنا أو هناك، الحشرات وجبتها المفضلة.
-----
قلت لكما أن رياضة المشي السريع تناسبني.
وهي تناسبني بشكل أكثر إلحاحاً في مرحلتي العمرية الحالية.
في الإنجليزية يسمونها Menopause ، وترجمتها الحرفية هي "انقطاع الدورة الشهرية". وفي الألمانية يسمينها
Wech¬sel¬jah¬re، أي سنوات التغيير.
ونحن، في العربية، نسميها "سن اليأس".
كأنها همٌ، أو مصيبة، حالة من الكآبة والحزن، حطت على المرأة، وعليها أن تنوح وهي تلطم عويلاً.
تسميه تبدو لي مرتبطة بقناعة سائدة أن الدور الرئيسي للمرأة هو الإنجاب.
فانقطاع الدورة الشهرية يعني وصول المرأة إلى السن الذي لا تستطيع فيه أن تنجب أطفالاً، لتصبح المرحلة مرحلة يأس!
غريب أمر هذه التسمية.
كأن المرأة أداة للتفريخ، وعندما تتوقف عن التفريخ، تنتهي سن صلاحيتها.

بالنسبة لي ليست سن يأس.
هي مرحلة من العمر.
طبيعية.
وجميلة كسابقاتها.
وكما أن النبيذ أنواع، فإن بعض المعتق منه، يظل أجمل نكهة.
كياقوت أحمر. فريد في تجليه.
هذا ما أشعر به في هذه المرحلة من عمري.
جذوري راسخة. لست في عجلة من أمري. أحيا بتعمد. أحب ما أعمله. وليأتي ما يأتي.
أعيش اللحظة.
هنا.
الآن.

هذا لا يعني أني رحبت بأعراض انقطاع الدورة الشهرية، وتغييراتها الهرمونية، والتعرق الليلي وهبات الحرارة الساخنة، وعدم المقدرة على النوم.
أزعجني كل هذا.
عندما بدأ ذلك في الحدوث لجأت إلى صيدلانية اثق فيها، التي نصحتني بتناول دواء طبيعي. وبالفعل اختفت مع الوقت تلك الأعراض. ولم تعترض طبيبتي النسائية على هذا الاختيار عندما ذهبت لها لاحقاً.

تماما كما أني لم أرحب بعودة الدورة الشهرية من جديد بعد انقطاع دام نحو عام.
كنت قد تصورت أنها غابت ولن تعود. وبالعامية السورية الدارجة "درب يسد ما يرد". وبالمصرية، "كسرت وراها قلة" وأنا أزغرد. لكنها ردت.
عادت تخرج لي لسانها من جديد، فأخرجت لساني لها أنا الأخرى. لا بأس. وقتك سيأتي، وسنرى.
هي دورة طبيعية.
نعيشها كما تعيشها كل الكائنات العضوية على هذه المعمورة.

ما علاقة كل هذا برياضة المشي السريع؟
أحد الأعراض السلبية لانقطاع الدورة الشهرية هو زيادة الوزن.
فانخفاض مستويات هرمون الإستروجين في المراحل المتأخرة من إقطاع الطمث، يضعف وظيفة الهرمونات التي تتحكم في الشهية والشعور بالشبع.
باختصار، قد يزيد وزن المرأة في هذه المرحلة.
وأفضل طريقة لتفادي ذلك هو النشاط الحركي ونظام غذائي صحي.

وبالعربي الفصيح، زاد وزني.
ابتسم الآن لكما.
ولذا تجداني عزيزتي القارئة عزيزي القارئ مواظبة كتلميذة مجتهدة على هذه الرياضة.
رياضة تناسبني. تخُرجني إلى الطبيعة. لمدة ساعة.
وهي تناسبني بشكل أكثر إلحاحاً في مرحلتي العمرية الحالية.
مرحلة نسميها بالعربية "سن اليأس".
وأنا اسميها سن النضوج.
طبيعية.
كما الحياة بحلوها ومرها.
وجميلة مثل سابقاتها من المراحل العمرية..
ياقوت أحمر.
فريد في تجليه.



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه إنسان في قصاصة
- دردشة على هامش الضجيج!
- صمت الإسلاموفوبيا (3)
- صمت الأسلاموفوبيا 2
- صمت الإسلاموفوبيا!
- عن جدل الطلاق الشفهي
- ماكرون والإسلام السياسي: لا تلعنوا حامل الرسالة!
- -نعم-، الإسلام يمر بأزمة
- تطرف الإسلام أو أسلمة التطرف؟ أو على حد قول ماكرون، هل الإسل ...
- أن تختار دينك!
- عن فيينا ورائف بدوي أتحدث!
- عن محاكم الشريعة في بريطانيا
- شيفا يلتقي بسوفا!
- عن اليمن أكتب
- يَحدث أن تَضطر إلى التأقلم مرغماً - يوميات كورونية 4
- يوميات كورونية 3 علينا أن نختار
- عن العنصرية لدينا! إلى من عايرت ناشطة يمنية مخضرمة بهوية أمه ...
- من منكم يحُب اليمن؟
- يوميات كورونية 2 لكن الربيع يأتي دوماً.
- يوميات كورونية 1


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إلهام مانع - عن رياضة المشي وانقطاع الدورة الشهرية