أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد موجد - (بقجة من Contour العائلة)














المزيد.....

(بقجة من Contour العائلة)


ماجد موجد

الحوار المتمدن-العدد: 6958 - 2021 / 7 / 14 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


كلُّ بيتٍ تأتي إليهِ عمَّتُهُ، يسقطُ في الصحو،
لا نومَ في الظهيرةِ بوجودِ عَمّة،
قال ذلك أبي، أخوها الأصغر،
وكانت تضحكُ وهي تطردُ شبحَ الوسواس بطقطقةِ البخور.
من وصاياها:
إذا شفتَ نعلاً مقلوباً الى السماء أرجعْهُ على الأرض.

2
كلّما سألتُ عنها، الأختِ الصغيرةِ، نهشَ بدنَها المرضُ ونهشَ موتُها روحي،
قالوا: أخذَها ملاكٌ الى رحمةِ الله.
صرتُ أبغضُ أولئك الذين يردّون التحيَّةَ على أبي:
عليكَ السلامُ ورحمةُ الله.

3
كان جدي يمازحُها بشدّة،
قالَ مرةً: كلُّ جَدَّةٍ اسمُ أخيها سلمان
لها وجْهُ قنفذ.
ضحكنا وغضبتْ جدتُنا سليمة.
وكان يحبُّها بشدّة.
حين ماتتْ، ماتَ بعدها بليلةٍ واحدة.

4
في كلِّ شيء له اسمٌ ومعنى داخل المدرسة،
في غيمةِ الطباشير حول المعلِّم،
في السّاحةِ التي تعضّها الشمسُ من خاصرتِها،
في لهجةِ صاحبِ الحانوتِ الغريبة، كنَا لا نسمع الكلماتِ التي يقولها، بل نراها.
في الخطأ الإنساني الشنيعِ الذي يحدثُ، يحدثُ لي شخصياً، كلّما رنَّ جرسُ وقتِ انتهاء آخرِ درس،
في كلِّ شيء كنتُ أبحثُ عن مريمَ، أبحث كثيراً، لأرى مريمَ كثيراً،
حتى حين تمضي الى بيتِها،
أعودُ بها الى بيتي.
مرةً سألَتْ أمي، عندما رأتني أبكي: ما اسمُ أبيها؟
قلتُ: عيسى.
تمتمتْ وهي تأخذُ رشفةً طويلة من استكان الشاي:
صارتْ مريمُ بنتَ عيسى؟ والله زمان.

5
كان معنا سجينٌ، اسمَهُ أحمد،
في الفجر ِالأخيرِ الذي كان فيهِ حيّاً، حلقَ ذقنَهُ، دَهنَ شعرَه ورشَّ كلَّ ما تبقى في شيشة الكولونيا، ثم وقفَ ليلقي علينا ما يلقيه سلطانٌ جبار على رعيتهِ:
مَنْ كان لديهِ مثلُ اسمي تُفتحُ له نوافذُ الغيمِ،
يبرقُ في خيالِهِ طيفُ الماضين،
ينبضُ في أحشائهِ النظيفةِ قلبُ الأبد،
مَنْ لديه مثلُ أسمي، يرى ما لا ترون في الأسواق وفي طيّاتِ الوجوه،
يمشي ويمشي الى جانبهِ حارسٌ أمينٌ مثل فهدٍ بقوائم حصان،
وإنْ مسَّهُ تعبٌ حملهُ غزالٌ على ظهرهِ وطارَ به خلفَ الشمس.
حين جاء الحرس وسحلوه من بيننا، أغمى عليه وهو يرتعد.
هذه الحكاية هي الوحيدة التي جاء بها عمُّنا الشيوعيُّ من سِجنهِ.

6
كلُّ عقيل شعرُهُ كثيفٌ ولحمُ خدّيهِ أصفر،
كلُّ سُعادَ تُحبُّ ابنَ الجيران،
كلُّ فاضل له أنفٌ يشبه الكمثرى.
كلُّ مديحةَ خالةٌ لولدٍ وخمسِ بنات،
كلُّ سهامَ نحيفةٌ وعادة ما يكون زوجُها أسمرٌ وطويل.
قالت أختي في غروبٍ على سطح البيت.
وكنّا عادة ما نجلسُ ونفكّرُ، ما لذي تعنيه الأسماء، على الأرجح ماذا تعني لكلِّ واحدٍ منا.

7
كلُّ سليم دَرَجاتُهُ عاليةٌ في جدولِ الحب،
كلُّ بثينةَ شقراء، مازال ثوبُها الطريُّ على حالتِهِ،
ما زال شذى رقبتِها يملأُ أسفلَ الدرجِ بلذَّةِ الخوف،
تكفي قَرْصَةٌ واحدةٌ من حلَمةِ التفاح،
نقطتان من قلمي على كلمةٍ تحتَ السرّةِ وأرتاح.
هذا ما قاله الخالُ السكرانُ بحزنٍ،
وسَكَرتْ منه وجوهُ البناتِ خجلاً.

8
كلُّ حيدرَ غاضبٌ، فمُهُ يرتعشُ وله خَرزٌ أحمرُ في بياضِ العين.
كلُّ حسينٍ أخٌ أكبر لأخٍ غريب،
كلُّ ذكرى جَسدٌ وطعن،
كلُّ ماضٍ شهيدٌ،
كلُّ دمعةٍ.....!
قبل أنْ أكمل ندهوا عليَّ جميعاً: يكفي، يكفي، كلّ شيء عندك لازم فيه العويل والحزن.

9
"لا تكنْ ليّناً فتُعصر ولا تكنْ يابساً فتُكْسَر"
دخلتْ جارتُنا بهذه العبارة الى غرفةِ الضيوف،
وشوَشَتِ الخالةُ المثقفةُ لِمنْ قربها:
حتى لو كنتَ كذلك،
يُعصرُ الليّنُ فيكَ حتى يجفَّ،
ليأتي مَنْ يَكسرُكْ.

10
كلُّ زمنٍ له خيطٌ نارٍ يلسعُ الروحَ ويطيرُ بها
الى الحنينِ و"الدرابين"،
الدرابين المحشوّة ببخارِ القدور والأفئدة
كلُّ عائلةٍ لها رائحةٌ وطعم،
كنّا نشمُّ أسرارَ البيوتِ من شبابيك المطابخ
ونأكلها مع العشاء.
كلُّ مئذنةٍ لهاثٌ وجسدٌ عارٍ، مرميّاً فوق التّعب.
كلُّ زمنٍ له خيطٌ يطيرُ بنا،
بكتبِ المدارس، بطيّاتِ أوراقِها الدبقة،
بحنفيّاتِ الماء المتوترة، بعشبِ الفتياتِ الرطب،
ببكاء الظهيراتِ في أضرحةِ الظلال،
بالتعبِ السعيدِ وعيونِ الفرحِ المليئة بالدموع،
بالخجلِ المسفوحِ تحت الناموسيّات،
بريشِ القبلِ المدفونِ في الوسائد،
بالأنين الناعم الحلوِ، كانت توزّعُهُ ساحراتُ الليالي
في الليالي.
كلٌّ منّا كانَ يقول حكايةً تشبه هذه،
قبل أنْ يسكتَ عن الكلامِ وينام.


1_ الأسماء الواردة وصفاتها هي من تصورات مفترضة عنها تطلبها النص، ولا تمثل بالضرورة واقعيتها أو أية علاقة شخصية بها.



#ماجد_موجد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعريف صورة
- فِطنة
- مجرد حجة لأطوف حولكِ
- لم تردْ في الأغاني... رُبَّما عن زيد بن حارثة


المزيد.....




- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد موجد - (بقجة من Contour العائلة)