أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادور مولود - شيخ ديوب أننا، وأي بديل لأزمة الواحات المغربية















المزيد.....

شيخ ديوب أننا، وأي بديل لأزمة الواحات المغربية


ادور مولود

الحوار المتمدن-العدد: 6953 - 2021 / 7 / 9 - 08:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ولد المفكر ديوب في ديسمبر 1923، في السينغال عندما كانت تحت جور الاستعمار الفرنسي. ليكون من السباقين إلى نقد الخطاب العلمي الاستعماري، الذي يعتبر الأوربيين أرقى الأعراق، وبرر (الخطاب الأوربي) إبادة الهنود الحمر، وتزوير اسم امريكا الجنوبية وجعلها لاتينية، واستعباد بعض الأفارقة السود والبيض منذ القرن 15م، بالاكتشافات الجغرافية، أو حاجات علم الجغرافيا، ومبررات أخرى لا حصر لها. ولم تخرج من سطوة الاستعمار إلا المعجزة اليابانية كما يقال، وهي حقيقة ليست بمعجزة، إذا عرفنا أنها أرخبيلات ضعيفة الموارد الطبيعية، وبعيدة جغرافيا عن المركز الأوربي الباحث عن الذهب والفضة، مع التأكيد على دور الإنسان الياباني. واستعباد الأحرار ذوي البنيات الجسمانية القوية، والقطن...
تخصص ديوب في مرحلته الجامعية بباريس في الفيزياء. لكن احتكاكه بالطلبة الافارقة، الذين يحملون هم القارة المهمومة، في فرنسا السياق الاستعماري، أيقض فيه الحس الوطني الافريقي، فتوجه إلى الاهتمام (عن قصد) بالعلوم الانسانية. وأنجز أطروحة سنة 1951، لكنها رفضت. وكانت 10 سنوات كافية لإعادة النظر فيها، وقبولها في جامعة السربون.
إن قوة فكر ديوب كما فهمت، تكمن في تشكيكه في منطلقات الخطاب العلمي الأوربي، الذي يعتبر جميع الاعراق الخارجة عن مجاله الجغرافي أقل درجة، ولم تساهم بشيء في الحضارة الانسانية. قاده هذا الشك إلى الاشتغال على الحضارة المصرية القديمة، والاشتباك مع المؤلفين الأوربيين، بالاعتماد على فلسفاتهم، والتراث المكتوب باللغات الشرقية، وعلم الاثار، والتاريخ القديم... ليخلص إلى أن الحضارة المصرية القديمة زنجية. وهذا جلى اليوم، بعد الإفراج عن تراث المصريين القدامى المدهش، وتحويله إلى متاحف لخدمة السياحة والعلم.
إن الغاية من استحضار السينغالي شيخ ديوب، محاولة لإعادة الجسور بين الجنوب المغربي(الواحات) والصحراء الافريقية، حيث تمبكتو، التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الشعبية بفم الحصن (طاطا) على الأقل الذي أنتمي إليه. فالحديث مع أي شيخ بمعناه البيولوجي بالصدفة، بجانب تكمي "ندلبداز" (منزل فاخر أو قصر صحراوي في ملكية عائلة بفم الحصن، كانت تمارس التجارة مع تمبكتبو قبل الاستعمار الفرنسي لها) المقابلة للمسجد حول أوضاع المنطقة، يؤدي إلى الحديث بحميمية عن دور المنطقة في التجارة الصحراوية، وعلاقتنا التجارية مع تمبكتو، وتيندوف، حيث السوق الذي تتسوقه أغلب العامة إلى حدود السبعينيات. وينتهي الحديث غالبا إما بضحايا حروب البوليساريو، أو الكيفية التي شيد بها "العملاق العاوج" تكمي ن إدلبداز.
إن الغرض من استحضار تمبكتو، أهميتها التجارية والعلمية. فمعروف أنها كانت مركزا للعلماء، خصوصا في القرن 15م، واحتضنت جامعتها الالاف من المخطوطات، المكتوبة باللغة العربية، في علوم متنوعة، المعرضة اليوم للتلف بسبب رصاص الجهاديين الطائش بمالي، ونقل الكثير منها إلى باماكو(عاصمة مالي).
لا شك أن هذا التراث سيكون مفيدا.
إذا تعزز بمشاريع المفكرين المغاربة بمعناه الواسع، والمشرقيين (بحكم علاقات الاسلام كدين، ووضعية التنمية المعاقة المشتركة): كإدوارد سعيد، المجتهد من أجل تأزيم الخطاب الاستعماري. والجغرافي محمد الناصري، المشتغل على الهامش والمدن. وصادق جلال العظم الفيلسوف المدافع عن المادية والتاريخ، ومحمد أركون الساعي إلى بناء انسانيات تنطلق من التراث الاسلامي. والانتروبولوجي عبد الله حمودي، صاحب "الشيخ والمريد"، والرهان الثقافي الذي اشتغل في جزء من حياته على واحات درعة وسوس. وأطروحة أحمد توفيق. والمؤرخ عبد الله العروي، ومشروع الدولة الوطنية. وجلبير الأشقر الماركسي المنفتح، الباحث في التنمية، الذي لم يقبل مفهوم "الحضارة" كما هي واقع في الغرب، واستبدله بلفظ أكثر دقة "الهمجية" واخرون كثر فيهم من نعرف ومن لا نعرف ...
وتعزز بالفلسفات الأوربية والمناهج النقدية، التي تسعى إلى نقد الواقع الأوروبي وغيره، ومحاولة تجريبها في الميدان الواحي(بما فيه المكتوب)، لمعرفة الجانب الذي يتمتع فيها بالصحة، والجانب المريض، أي الجانب المؤدلج. وقد سبق لأرنست ماندل الاقتصادي والمؤرخ الماركسي، أن دعا إلى تجريب المنهج الماركسي، في البلدان خارج أوربا، لمعرفة قوة أو ضعف هذه النظرية.
السبب الثاني، الذي جعلني استحضر الاستاذ ديوب، التشابه بين مصر القديمة (هبة النيل) التي درسها، والواحات المغربية هبة أسيف درعة وفروعه، ويعني أسيف في اللغة الأمازيغية بما فيها تقبايليت "واد"، وفي اللغة العربية (مهمل) للدلالة على الأرض التي لا تنبت، والعلاقة بين معنياي اللفظ واضحة لأننا في مجال صحراوي، ويمكن طرح سؤال حول وجود أو غياب هذا اللفظ في اللغة المصرية القديمة.
ويتضح التشابه أيضا في وجود تمساح النيل سابقا "بأمدا" (كانت بركة مائية دائمة) بتنزيضا، التي جفت بالكامل في التسعنيات، وانقرض جزء كبير من وحيشها، ولم يبق إلا ما نسج حول هذا الحيوان من أساطير (وادمن: اسمك ن ومان أي عبد الماء بالعربية).
والتشابه الأخير أن الحضارة المصرية القديمة أصبحت اليوم في المتاحف، والواحات المغربية تسير في هذا المسلسل، خصوصا إذا علمنا أن تمدولت أقا/طاطا (من المدن الوسيطية التي بقيت في اللغة، ومختبر للدراسات الأثرية) كانت مركزا تجاريا، وسكت فيها العملة. والمدن والمراكز التي تشبه تمدولت متعددة، بل نعيش اليوم لحظة احتضار العديد من الواحات. بسبب حدة أزمة الماء التي زاد من حدتها زراعة البطيخ الأحمر، والفلاحة الرأسمالية المضاربة بسوس، والانفجار "الحضري بالمدن الصحراوية الساحلية"، حتى أصبحت هذه الظاهرة من الأسباب الجمة لاحتجاجات العامة (زاكورة، طاطا...). دون أن نغفل عوامل المناخ...
إجمالا، الهدف من استحضار فكر السينغالي ديوب أنتا، والاشارة لذوي المشاريع الفكرية، في المنطقة الناطقة بالعربية. والمفكرين الأوربيين النقديين وتراث جامعة تمبكتو المكتوب بالعربية، الذي يصعب الحصول عليه لأسباب الوضع الأمني بمالي. ليس الدعوة إلى تكوين شوفينية جديدة، بل الدعوة إلى بناء خطابات/علوم (أي تسمية، المهم ملئ الفراغ بالمفيد) إنسانية، تدرس الانسان كائنا مركبا، يتفاعل فيه البيولوجي والاقتصادي والنفسي والروحي والاجتماعي والثقافي. وتجعل من العالم، وليس الغربي وفقط، تراثا لها. ولا تعيد في جوهرها كتابات الاخرين، أو تدوين ما يوجد في الذاكرة الشعبية بدون نقد، فمثلا مازال العديد من المغاربة أشخاص معنويين أو ذاتيين يحتفلون بالشاي ثقافة وطنية، وهذا حاضر بالجنوب بشكل قوي، رغم الدراسة المفيدة التي أنجزها الباحثين عبد الأحد السبتي وعبد الرحمان الخصاصي. وتنطلق من هم تنميتنا المعاقة، أو سير الواحات نحو التدهور. بالتسليح بالمناهج "العلمية" القادرة على تفكيك الظواهر، وطرح البدائل بغض النظر عن أصولها الجغرافية. مكتوبة بأي لغة يمكن أن تعبر على فكر الباحث. والساعية إلى المصالحة مع التاريخ (بابا أحمد كان أسيرا في المغرب السعدي).
ورصد التجاوزات ...
إن هذا السبيل، هو الأنجع في اعتقادي، لفهم وتفسير بنيات وظواهر الواحات، والوصول إلى الأسباب الكامنة وراء حضور الأبوية، وعلاقات الشيخ والمريد، والقبلية اليوم بها وبالمغرب بشكل عام، التي تسربت، إلى الفضاء العام، وأصبحت علاقة الشيخ والمريد بحمولتها الوجدانية، تسكن جزءا مهما من المجتمع المدني، وحتى مؤسسات التعليم... والقبلية والمال (كما ترصد الصحافة) تقرر في الانتخابات سواء التشريعية أو المحلية، عوض أن تكون محطة للمقارعة بالأقلام والمشاريع والبرامج. رغم الاموال الطائلة التي صرفت على الحمالات الانتخابية.
كما أظن أنها قادرة على بناء دينامية السكان بالمنطقة عبر التاريخ، ما بين المجال الواحي، وتنيدوف، والصحراء إلى تنمبكتو على الأقل، لتأزيم خطاب البوليساريو المأزوم أصلا، بفضح الجرائم التي ارتكبتها في حق سكان باني في الحرب القذرة، المتوقفة في التسعينيات، التي تسعى الى إقامة دولة عربية، في مجال جغرافي كان فيه العرب اخر الملتحقين وهذا معروف. ومعروف أيضا في الدراسات الجدية حول المنطقة (P53(1982) Jacque MEUNIE . حمودي عبد الله، 2015 ص 174، واخرون كثر)أن السود من أقدم العناصر بالمنطقة، كما أكد التاريخ كبناء للمؤرخين. بحكم الجغرافيا، وقد تناول ابن خلدون تأثير الهواء في ألوان البشر. وكانت موطنا دائما لأنواع متعددة من الاثنيات الأخرى، كالأمازيغ، واليهود (انظر عمر بوم، ترجمة خالد بن صغير) والمسحيين، والشرفاء، و"اكرامن" الصلحاء(راجع توفيق أحمد)، مع التسجيل أن العنصريات الذهنية مازالت حاضرة.
كما يمكن أن تساهم في بلورة برامج تنموية تسعى إلى إدماج المجال الواحي في الدورة الاقتصادية، عن طريق السياحة الايكولوجية والعلمية، وتثمين المنتوجات المحلية... مع التفكير في تهيئة تليق بالصحراء، ومناخها الحار، ومقتصدة للماء(حضارة الجفاف)، مادامت التهيئة تسعى الى مصالحة الشعب مع المجال.
عموما لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة وأخرى، إلا بتكوين مراكز إقليمية، أو جهوية، أو حتى محلية، يجتمع فيها الخبراء، والجامعيين، والطلاب، وذوي التكوين الجامعي المهتمين بالثقافة، والبحث العلمي، والمثقفين المحليين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، العارفين بالشؤون المحلية. ففي الواحات مثلا متخصصين في تدبير الماء باستعمال الحساب الذهني وبشكل دقيق. والمنقبين على الماء بطرق "تقليدية"، وذوي المعرفة في علم الأنساب والتاريخ المحلي. والعارفين بخبايا توزيع السكان في المجال. وأصحاب المتاحف المحلية كمتحف الشيخ عمر بأقا (انظر عمر بوم). والروائيين المحليين أصحاب الخيال الواسع.
07 يوليوز 2021



#ادور_مولود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيخ ديوب أننا، وأي بديل لأزمة الواحات المغربية


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ادور مولود - شيخ ديوب أننا، وأي بديل لأزمة الواحات المغربية