أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - مئة عام وأكثر على ميلاد ابي الغضنفر















المزيد.....

مئة عام وأكثر على ميلاد ابي الغضنفر


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 6944 - 2021 / 6 / 30 - 14:02
المحور: الادب والفن
    


من مذكرات ابو الجليل الشخصية جدًا.
(ملهاة الحقيقة البكماء)
خرافية: زاهد عزت حرش
خلفية تاريخية:
هي غابة تقع في واحة تمتاز بمناخها العليل ودوحها الظليل ومائها العليل.. في بقعة من "أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ".. تحُدُها من الغرب مدينة الميناء ومن الشمال مدينة اللواء من الجنوب مدينة الرجاء. تناوب على اغتصابها الاقدمون، من زمن بني عثمون حتى زمن بني صهيون.. فاعترها العز والفخار وانتابها القحط والمرار.. وتبدلت في حكمها الادوار، ما بين المصلحين والأخيار وما بين الاذناب والاشرار، وفي آخر الزمان، تحالف في فضائها الخلان، وعم في ربوعها الأمان، فجلس على سدة حكمها الغضنفر بحكمة وقاره المسطر.
فقام الباحث الغريب يشحذ فكره النجيب، ليكتب قصة البلد العجيب. اسمها مشتق من بوق الشفاء، نبعها العافية صافيّ الماء، تلالها في سبعة ارجاء، اهلها من ثلاثة اجزاء، طوائف، مذاهب وفرقاء، كلهم في الهَّم سواء. فلم يجد ذلك الباحث الى مراده سبيل، في كتب التوراة والقرآن والإنجيل، فعرج على كتب الأولين في الهند والصين، فعثر على كتاب يروي قصص الضياع على لسان الاسود والطيور والضباع، فدرس في عدد من اللغات بحوثًا عن الغايات. حتى وجد ابن المقفع.. فحضر الباحث قصته مع سُفيان بن مُعاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة والي البصرة في زمن الخليفة ابو جعفر المنصور.. حيث شد الوالي عليه الحبل والوثاق، بعد أن اشعل نارًا حارقة في الوجاق، فقطَّع اطراف ابن المقفع فلا التوسل ولا الرجاء له كان يشفع، فاقترب الباحث من المغدور، وطلب ان يروي له عن المحظور، فدله ابن المقفع على كتاب بيدبا المرصع، بلسان الطيور والأسود والظباء، وحذره من الفتنة والبغاء، ومن ان يصيبه صد من الاعداء، فلا ينفعه الدمع والبكاء، فيموت كمدًا وحسدًا وشقاء.
ففتح الباحث صفحات الكتاب، وبدأ يقرأ في عِلّم المجهول والغياب، ويبحث في الدوافع والاسباب، عن جذور العائلات والانساب، من تولى ومن تخلى ومن غاب، من الحضر والبدو والأعراب، فسال على شفة يراعه اللّعُاب، وانهال كالسيل يروي قصة ابي غضنفر الخأَب(1).
فكتب الباحث رسالته على أوراق الدوالي والاعناب...


(1) الخأَب: اسم من اسماء الاسد

الحكاية:
في احدى أيام الصيف نعق الغراب، في واحة "بوق الشفاء"، يزف خبر موت سيد القوم في الغاب، فعم الحزن والحداد، وتسربل العوام حلة السواد. وبعد ايام شداد، قامت سلطة البلاد، بتنصيب عامل لها من خيرة الجياد، وجعلته واليًا على الاسياد. فما كان من شعب الواحة الأغر، الا ان حملوا السيد الغضنفر، وجعلوه ملك الواحة المظفر، فساد السلم والوئام وحل في الربوع السلام. فانجب الغضنفر عددًا من الذكور والإناث، الليث، الضرغام، الهصمصم، المهراع، والهزاع (2). وأصبح الغضنفر يكنى بابي الليث الغضنفر بن المهراع، فخدم رعيل الواحة باللين والبتاع (3)، وتعلم من قصص ابن القفع، في حكاية الثعلب والطبل، حيث جاء فيها: "زعموا أن ثعلبًا أتى أجمة فيها طبل معلق على شجرة، و كلما هبت الريح على أغصان تلك الشجرة حرَكتها، فضربت الطبل، فسُمع له صوتٌ عظيم باهر. فتوجه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته، فلما أتاه وجده ضخــمًا، فأيقن في نفسه بكثرة الشحم و اللحم فيهِ، فعالجه حتى شقه. فلما رآه أجوف لا شيء فيه قال: لا أدري لعل أفشل الأشياء أجهرها صوتا، و أعظمها جثة." فصار الغضنفر ابي الليث يتوجس من اصحاب الاصوات العالية، بأنهم يشبهون الطبول العاتية، فلا يحسب لضوضائهم حساب، ولا يخشى من فضولهم عقاب. فشب ابنه الليث ينهل من كنز معرفة ابيه، ليكون واليًا من بعده ويليه، فما كان منه إلا ان تعلم قشرة الامور، وغاب عنه اللب المكنون في الجذور، فشب على طموحه المغمور.
وتوالت السنين بالأيام الشهور، واصبح الليث بصيت والده مسرور، يجول بين الناس والجمهور، مفعمًا بالترف والغرور، فاقتنى دكانًا لبيع التمور والخمور، واشترى اربعة خيول تجر له الحنطور، وصار يومه في المباع يزداد، واكتراء الحنطور في الاعياد.. فتكدس المال بين يديه، وتقرب الاتراب من كفيه، وذاع صيته فيما عليه. فضج كبار القوم وذهبوا الى الغضنفر، يشكون له ما قام به الليث الموقر، من اكتراء الخيول وبيع الكحول، فزمجر الغضنفر المهول، ووعدهم بزوال عمل ليثه الجهول، فالتأم الوفاق بين الحضور، وعم في النفوس الحبور، وغادروا على موعد مبرور.
ويومًا بعد ايام عجاف، حضر الليث دون أن يخاف، ووقف بين يدي الغضنفر الوهاب، يشرح الامور والاسباب، عن اعماله بين الجُهال والشباب، وبعد اخذ ورد وعتاب، وعد والده بالعودة للرشد والصواب، والبحث في سبيل العلم والآداب.
ترك الليث عرين "بوق الشفاء"، واستقر مقامه في دارة العلم والعلماء، ينهل من منبع النجباء والفقهاء، يتعلم منطق الالسن واللغات، فحاز على التقدير والهبات، وبعد سنوات وسنوات، عاد يحمل الشهادات، من اعلى الفئات، ليتم تعينه في مكتب الاعانات، موظفًا ومديرًا لنفسه بالذات.

(2) الهزاع: اسم من اسماء الاسد.
(3) البتاع: قصيدة البتاع للشاعر الفاجومي فؤاد نجم.
وفي احدى ايام الدوام المجلجل، دخل عليه شاب بمشية العرنجلي، يطلب العون بشرع قانون مبجلي، فطفق الليث يشرح له ويغربل، قال لا تقرب السياسة وحزبها الشيوعيلالي(4)، فأصحابها اعداء قوم المحفل، فغضب الفتى من قول ذاك الرجل، فقبقب وشقلب وعقب بالجُمَلِ، وقال يا هذا.. يا ذا المقام المعرقل، اما زلت في درب العمالة تعمل، والغيظ كتم عزة.. وغادر مهرول.
وعُرف عن الليث عونه للأقربون، يغدق العطاء لمن لا يستحقون، فهذا ابن خالته، وذاك ابن عمته، وزيد عريف جلدته، وجاد ابن حارته، حتى عم في السواد(5) الجفاء، وخف في الافق الوفاء.
ودارت الايام دورة السنين، فاعتزل الغضنفر ابي الليث بن المهراع، سدة العرين، فما آلت الى ولده الليث السيادة، حيث انقلب الحكم على غير العادة، فمن كانوا بالأمس غرباء، صاروا القادة النجباء، لكن قبيلة المهراع، اصابها اندفاع، وعم الشقاق، وانتشر النفاق، كأن الواحة على مفرق الافتراق.
وفي الدورة التالية لاختيار سيد العرين، انقسمت الواحة بين الشدة واللين، لا يسار ولا يمين، انما المصلحة راس الدين. فأطلق الليث فكرة مهولة، هرول اللفيف حولها بسهولة، فحملوا قصعة النحاس، وطافوا على بيوت الناس، فما نالهم منها الا الخيبة والافلاس. فتربع على اريكة العرين، مختار دانت له السنين، فالتف حول مجلسه النواب، وتكاثر حولة الاصحاب والخلان والاحباب، من كل ذي مصلحة وكساب، فهاج بهم الديوان، ووصلت اخبارهم سائر الواحات والبلدان.
وحين لم يجد الليث ابي الغضنفر له من مكان، واصبح في تقاعد ما كان في الحسبان، اللف في وسط الواحة عنوان، فأقام علاقات خارج الغابة، بمراسلات وزيارات مهيبة خلابة، فجادت اريحيته بالكتابة، مصدرها والده الغضنفر.. ابو الغلابة، فجاءت اليه الوفود من كل الهضاب، وتردد اسمه وراء كل باب، تحت حماية الشيخ وسيد الأكواب.
وفي غفلة من الزمان، ارتقى الليث في سدة الديوان، وصار قائم بعمل الكيان، خلف مكتب انيق من خشب الزان، وخلفه صورة للعدل ميزان، فطفق لا يهش ولا ينش، لكنه يبتسم ويبش، ايامه صمت وسكون، وليله حلم وشجون، والامل في كيانه مسجون، ينتظر القادم من الزمان.. وكيف يكون؟
فاجتمع بالعشائر مع الاصحاب، بمحاذاتهم يسير عاقد الأحقاب(6)، وراية الإصلاح علو السحاب. فالصلح سيد الاحكام، بين الخراف والاغنام، يعقدها في حضرة الإمام، علّ وعسى يحل في ربوع الواحة السلام. وعام مضى وبعد مئة عام، حتى اجتمع السواد والعوام، وعقدوا العزم على الاكرام، لليث في يوم من الايام، لا عتاب، لا خلاف، ولا انتقام، فتسابق كلهم الى المنبر بحلو الكلام.
فهل عرفتم ايها السادة الكرام، من هو الليث ابو الغضنفر الهمام، صاحب حفلة الاكرام. اعطوه ما لديكم من نفاق وانفصام، كالذين قيل فيهم.. "يزنون بالكلام"(7).
(4) الشيوعلالية: نسبة لأصحاب الفكر الشيوعي.
(5) السواد: عامة الناس.
(6) الأحقاب: اِحْتَبَسَ مَطَرُهُ. "حَقِبَ عَطَاءُ الرَّجُلِ"، "حَقِبَ أَمْرُ النَّاسِ"، فَسَدَ، "حَقِبَ الْمَعْدِنُ"، لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ.
(7) "يزنون بالكلام": من قصائد الشاعر نزار قباني.

شفاعمرو - تموز 2021



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتجوزها تتخلف له ولد
- حكايات ابو الجليل (1) ابو الجليل وابو النواس طيزين بلباس
- الوطن
- عشرون عامًا على رحيل الفنان بطرس لوسيا
- ذاب الثلج، ليطفو التطرف الديني الآن، هنا!
- حذاري.. أن يأتي يوم نشكر فيه اسرائيل على أننا نعيش فيها!!
- محاولة في نقد الديانات السماوية (2)
- محاولة في نقد الديانات السماوية (1)
- ما بين برهوم والبلاشفة (3)
- ما بين برهوم والبلاشفة (2)
- ما بين برهوم والبلاشفة (1)
- سيرة وانفتحت مع -سيرة حكواتي من فلسطين-
- كلاب الغاب وقانون الارهاب
- دَخّلَك.. على شو داعمينوا
- موعد الجفاف
- غزة 2018
- حين يرسم القلب تجليات عشقٍ ووطن
- نَبْع الّهَوَى زاهد عزَّت حرَش
- ليّش يا دكتور مروان
- يا بحر حيفا


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - مئة عام وأكثر على ميلاد ابي الغضنفر