أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي البعزاوي - حكومة الفصل الأخير من الالتفاف على المسار الثّوري















المزيد.....

حكومة الفصل الأخير من الالتفاف على المسار الثّوري


علي البعزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6936 - 2021 / 6 / 22 - 22:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تعود تونس تدريجيا وكنتيجة حتمية لمسار طويل من مساعي الالتفاف على ثورة الحرية والكرامة وعلى طموحات ومطالب الشعب التونسي بأغلب طبقاته وفئاته إلى مربع القمع والتّأطير الأمني الذي دأب عليه النظام القديم باعتباره الأسلوب الوحيد والأنجع لكبح جماح قوى التغيير وسد الباب أمام أي إمكانية للمساس بمصالح البورجوازية الكمبرادورية المحلية وكبرى الشركات والمؤسسات والدول الامبريالية التي تهيمن على بلادنا وتستنزف مقدّراتها وتستغل قوة عمل الشغيلة المحلية.
العنف كآليّة لحسم الصّراعات

ما حصل في شارع الحبيب بورقيبة يوم السبت 12 جوان وقبله في سيدي حسين هو تتويج وتطوير لحلقات سابقة من سلسلة أعمال القمع والإيقافات والمحاكمات الجائرة لمئات النشطاء الشباب بمناسبة ذكرى الثورة وقبلها. وهو يؤكّد أنّ الحكم دخل مرحلة جديدة مختلفة عن المرحلة السابقة التي لم تخلُ لا محالة من محاولات القمع لكنها لم تكن بهذه الحدة وهذا التصميم.

العنف أصبح ممارسة مألوفة تتمّ داخل أسوار البرلمان حيث تابع النظارة في عديد المناسبات ألوانا من العنف اللفظي والمادي. وفي لقاءات أطراف الحكم المتصارعة بلا انقطاع وفي وسائل الإعلام وفي الشارع وعبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث تتجند جيوش من الذباب المأجور لشن حملات القصف والسب والشتم. العملية ممنهجة ومخطط لها بعناية والهدف هو إشاعة الفوضى والتطبيع مع ظاهرة العنف واعتماده كوسيلة لحسم الصراعات بدلا عن الصراع الفكري والسياسي الذي لم يعد الشكل المفضل مثلما يحصل في المجتمعات الديمقراطية. فالكل على عجلة من أمره والحسم السريع هو الهدف مهما كان الثمن. والعنف بات الآلية المفضلة في هذا السياق. والطرف الذي له مصلحة في العنف هو معسكر الحكم دون سواه باعتبار انسداد آفاق التنازل أمامه. أما الشعب المغدور فصاحب حق ومطالبه في الشغل والعيش الكريم مشروعة وطبيعية. وهو بحاجة من أجل تحقيقها إلى تنظيم صفوفه والانخراط في مشروع تغيير حقيقي والنضال السلمي المدني المنظم والممنهج للوصول إلى ذلك. ولا حاجة له بالتالي إلى العنف.

العنف كجواب على تعارض المصالح
الصراع الاجتماعي والسياسي لم يهدأ منذ 2011 إلى اليوم. وهو مرتبط بتناقض المصالح والأهداف بين البورجوازية الكبيرة العميلة المتربّعة على عرش السلطة وتعبيراتها السياسية من جهة (الحكومة والأغلبية البرلمانية وأحزاب الائتلاف الحاكم والرئاسة التي لم يعفها صراعها مع باقي أطراف الحكم من الانحياز لمصالح الأقلية الثرية) والشعب بمختلف طبقاته وفئاته والأطراف السياسية المعبّرة عنه من جهة أخرى. لكنّ الأزمة العامة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتخبط فيها البلاد لم تلق طريق الحل بل ازدادت سعة وعمقا في الأشهر الأخيرة لعدة أسباب سياسية وتتعلق بالخيارات إلى جانب تداعيات الوباء على الوضع. وليس هناك من إمكانية في مثل ظروف البلاد اليوم لتنازلات إضافية يمكن أن يقدّمها الحكم كتحسين القدرة الشرائية والخدمات الأساسية والتشغيل وغيرها. وبات الحل الوحيد الممكن منحصرا في تحميل تبعات الأزمة للأغلبية الشعبية خدمة لمصالح حفنة من السماسرة تسيطر على المؤسسات ومقدّرات البلاد وتنتصب كوكيل للقوى الاستعمارية والإقليمية المهيمنة على بلادنا.

إنّ الحصول على قروض جديدة من المؤسسات المالية العالمية النهّابة أصبح الحل الوحيد من وجهة نظر منظومة الحكم لخلاص الأجور والقروض القديمة. وهو غير ممكن دون تنفيذ الإملاءات التي تتمثل في التفويت ورفع الدعم والضغط على كتلة الأجور ودهورة الخدمات وغيرها، أي مزيد دهورة الأوضاع المعيشية للشعب.
المسألة تتعلق بخيارات طبقية وأسلوب توزيع للثروة لم يعد يستجيب لانتظارات الأغلبية التي لم تعد اليوم تقبل بالعيش بهذه الطريقة. هذا التناقض وصل اليوم إلى مرحلة من الحدة والوضوح تفرض على الجميع اختيار أحد المعسكرين لا غير: أمّا معسكر المنظومة بأقليتها المالكة لوسائل الإنتاج والثروة وأحزابها ونوّابها البرلمانيين ورئيس دولتها ومؤسساتها المختلفة، وأمّا معسكر الشعب المغدور وتعبيراته السياسية الذي سفّهت المنظومة أحلامه في الشغل والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

أيّ دورلحكومة المشيشي
الأكيد أنّ الأطراف التي تدير دفة الحكم اليوم هي الائتلاف الداعم لحكومة المشيشي بأغلبيته البرلمانية وأحزابه السياسية والمؤسسات التي يديرها والخيارات التي يدافع عنها. هذا الائتلاف المتشكل من النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس وتوابعهم هو من يخطط ويشرّع وينفّذ بالاعتماد على حكومة المشيشي التي لا تضع خيطا في إبرة إلاّ بأمر منه. أما الرئاسة كأحد مكونات منظومة الحكم فرغم تباينها مع الائتلاف المذكور وصراعها المستمر معه حول الصلاحيات والمواقع فهي لا ترفض السياسات والخيارات وكل ما يسلّط على الشعب من تهميش واستغلال ومظالم وإجراءات. وهي بهذا السلوك جزء من معسكر أعداء الشعب.

إنّ دور حكومة المشيشي المخطط له باعتبارها رأس حربة منظومة الحكم يتمثل في المضيّ بالسرعة القصوى في تنفيذ المشروع اللاّوطني واللاّشعبي المملى من دوائر النهب الاستعماري والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي المراد تمريرها تحت مسميات كاذبة:”الإصلاحات الكبرى” و”الإجراءات المؤلمة التي لابد منها” باعتبارها الشرط الضروري لإنهاء المسار الثوري وحسم مسألة السلطة نهائيا لصالح البورجوازية الكبيرة العميلة وتثبيت حكمها وسدّ الباب أمام أيّ إمكانية للتغيير الجذري والمساس بمصالح القوى والمؤسسات الاستعمارية الجديدة الداعمة لها.

حكومة المشيشي هي حكومة بلا طعم ولا رائحة وهي ليست مسؤولة بأيّ شكل من الأشكال إلاّ أمام مشغلّيها من القوى الماسكة بالسلطة التي تُدين لهم بالولاء لأجل الاستمرار في الحكم وإدارة الشأن العام مقابل منافع وجرايات وامتيازات. إنها مجرد مجموعة من الموظفين المكلفين بمهمات. وكما يقول المثل الشعبي “داخلة في الربح خارجة من الخسارة”. وهي تمثل بهذا المعنى خطرا كبيرا على مستقبل البلاد وعلى أمنها واستقرارها وسيادتها وعلى مصالح الأغلبية الشعبية التي تتعرض للنهب والتنكيل والعنف. وهي عاجزة تمام العجز عن معالجة أوضاع البلاد. لذا بات من الضروري إسقاطها قبل حصول الكارثة. وهذه مهمة مباشرة لا تستدعي الانتظار. فإمّا الشعب والمسار الثوري والمراكمة على طريق التغيير الجذري وإمّا حكومة التدمير والخراب.



#علي_البعزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع السياسي في تونس والمنعرج الجديد
- لماذا الشّارع اليوم؟
- صراعات لا علاقة لها بقضايا الشعب والبلاد
- الزّمن الثّوري غير الزمن العادي
- 10 سنوات من المسار الثوري 10 سنوات من النضال
- هل ينفع الإصلاح في ما أفسدته الخيارات؟
- الرأسمالية أمام امتحان كورونا
- أيّ مستقبل للجبهة الشعبية في الذكرى السادسة للثورة ؟
- ضرورة من أجل تغيير حقيقي
- مبادرة الجبهة هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد
- مؤتمر النهضة: تغيّر الخطاب وظلّ المشروع
- دكتاتوريّة الأغلبيّة أم -دكتاتوريّة الأقلّيّة-
- أيّ خطر يمثّله المشروع التكفيري؟


المزيد.....




- -ستارة من الألوان-.. مسافرة تصف ما رصدته كاميرتها للشفق القط ...
- قائد -سنتكوم- يلتقي قادة عسكريين بالسعودية.. وهكذا وصف دور ق ...
- أنور قرقاش: أمن واستقرار الكويت جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار ...
- نقل الوفد الإسرائيلي المشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية بسب ...
- -ليس في رفح-.. إسرائيل تعلن مكان اختباء يحيى السنوار في غزة ...
- في الذكرى لـ10 لإستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.. زاخاروفا ...
- ناريشكين لا يستبعد إجراء اتصالات مع رئيس وكالة الاستخبارات ا ...
- زاخاروفا: أوكرانيا حولت نفسها إلى دولة منبوذة ذاتيا خلال الس ...
- أمير الكويت ورئيس الإمارات يجريان مباحثات عقب قرارات حل مجلس ...
- الإمارات: التصويت الأممي بشأن منح فلسطين العضوية الكاملة -خط ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي البعزاوي - حكومة الفصل الأخير من الالتفاف على المسار الثّوري