أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد هيكل - المعتزلة وأزمة العقل المسلم مع التنوير














المزيد.....

المعتزلة وأزمة العقل المسلم مع التنوير


أحمد هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 6936 - 2021 / 6 / 22 - 01:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أدرى لم يشدنى الحنين بين الحين والآخر إلى ما خلف المعتزلة من فكر ومنهج، عسى أن نجد فيه ضالتنا، أو نتكئ عليه كمرتكز معرفىّ نصل به ما انقطع من علاقتنا بالعصر وثقافته. وفى الحقيقة، يمثل المعتزلة التيار الأكثر عقلانية فى الإسلام، فحضور مفرداتهم الثقافية على مستوى الخطاب الثقافى، واستخدام أدواتهم المعرفية فى كثير من الأطروحات والمشروعات الفكرية، يعدُّ رمزية دالة على قوة الوعى العربىّ بأهمية العقل كمرجعية ثقافية. ومن بين الأطروحات الثقافية التى أولت فكر المعتزلة اهتماما بالغا وسلطت الضوء على مشروعهم الفكرى، كان كتاب الدكتور نصر حامد أبو زيد" المجاز فى القرآن عند المعتزلة"، والذى تناول منهج المعتزلة فى تفسيرهم للقرآن. وقد امتلأت المكتبة العربية بالعديد من الكتب والمؤلفات التى توضح حقيقة الاعتزال وتبين منهجهم وتكشف مذهبهم.
وتكمن أهمية فكر المعتزلة فى اعتمادهم على العقل وتقديمهم إياه على ظاهر النصوص عند توهم التعارض، بخلاف الأشاعرة الذين يأخذون بظاهر النصوص ويطرحون الدليل العقلىّ، كما يرجع الفضل إليهم فى تقرير مبدأ حرية الإرادة الإنسانية وأن الإنسان ليس مجبرا على أفعاله، فجعلوا القدر غير متعلق بأفعال الإنسان، وأكدوا على استقلالية أفعال البشر عن الإرادة الإلهية، بعكس الأشاعرة الذين يربطون بين أفعال الإنسان والإرادة الإلهية فيما يسمى بنظرية الكسب، والتى تعنى أن الإنسان يكسب أفعاله بإرادته ويحاسب عليها بذلك الكسب، وبذلك كان موقف الأشاعرة وسطا بين الجبر المحض كما هو الأمر عند الجهمية والحرية المطلقة التى نادى بها مذهب الاعتزال.
ومن المسائل التى تتميز بها المعتزلة مسألة الطبائع أو مذهب الطبائع، حيث يذهبون إلى أن الطبيعة تفعل بذاتها وأن الله أودع بها خصائص عملها، فالكون وَفق هذه الرؤية له قوانينه وسننه ونواميسه التى لا تتخلف، وهذا لا ينفى بحسب اعتقادهم الإرادة او القوة الإلهية، وهذا على عكس مذهب الأشاعرة الذين نفوا وجود علة فاعلة للأشياء أو الموجودات الطبيعية، بل إن العلاقة عندهم بين الأسباب والمسببات هى مجرد اقتران أو عادة، فتنتفى بذلك الحتمية المادية، ويصبح الكون غير محكوم بقوانين علمية، فما نراه من ظواهر هو فقط مجرد اقتران وليس له قانون حتمىّ!
ومن أكثر القضايا التى شغلت حيِّزا كبيرا من اهتمام المعتزلة قضية خلق القرآن، بل تعد القضية المحورية والمركزية فى فكر المعتزلة، حيث تفرَّع عن إيمان المعتزلة بتنزيه الذات الإلهية وتجريدها من التجسيد والتشبيه، وإيمانهم بوحدة الذات والصفات وأن صفات الله هى عين ذاته، عدةُ مسائلَ منها، قضية إبصار الله يوم القيامة ومسألة خلق القرآن. حيث يرى المعتزلة أن استقلال الصفات عن الذات يؤدى إلى القول بقدم الصفة، وبذلك نقع فى الشرك والتعدد، ومن هنا كان نفى المعتزلة للصفات، ومن هذا النفى جاء اعتبارهم للقرآن مخلوقا أى محدثا، وفى هذا المعنى يقول القاضى عبد الجبار أحد أبرز أركان المعتزلة فى شرحه لمبررات القول بخلق القرآن: " إن القرآن كلام الله ووحيه، وهو مخلوق محدث، أنزله الله على نبيه ليكون علما ودالاً على نبوته، وجعله دلالة لنا على الأحكام لنرجع إليه في الحلال والحرام، واستوجب منا بذلك الحمد والشكر والتحميد والتقديس... القرآن يتقدم بعضه على بعض، وما هذا سبيله لا يجوز أن يكون قديماً، إذ القديم هو ما لا يتقدمه غيره... وآخر، ونصف وربع، وسدس وسبع، وما يكون بهذا الوصف، كيف يجوز أن يكون قديما؟".
ولا يمثل الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة فى قضية خلق القرآن مجرد خلاف فرعى، أو خلافا يزكيه التلاعب بالألفاظ، بل كان خلافا جوهريا ومركزيا يعبر عن انحياز فئة معينة إلى العقل ورفضها كلَّ ما يتعارض معه من رؤى وتصورات، ودلالة على تطبيق المعتزلة منهجهم العقلى بدون خوف أو مجاملة، فكل ما استقر لديهم من أسس اعتقادية وفكرية دافعوا عنها دفاعا قويا مستميتا. والقول بخلق القرآن هو انتصار للتنوير والعقلانية والحداثة، لأن اعتماد هذا الرأى يؤدى عملا إلى الإيمان بتاريخية النص الدينى وأنه جزء من الواقع والتاريخ والثقافة وليس متعاليا عليهم، وأنه ليس هناك نص خارج إطار الزمان والمكان، بل إن النص نشأ من الواقع وتشكل من رَحِمه، وفى هذا دعوة لإعادة تأويل النصوص، ورفع الحرج التاريخىّ عن المسلمين إذا ما قرروا اتباع ما يريدون من نظام تشريعى أو اجتماعى، حيث يغدو الماضى تجربة تاريخية، ولا يصبح للنص سلطان على العقل؛ إذ تبين أن النص تاريخىّ بلا إشكال.



#أحمد_هيكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة الذكورية وجسد المرأة
- جمود الحركة الإسلامية نذير بزوالها
- عرىّ الجسد.. بين النظرة الجمالية والشهوانية
- هل الأسرة التقليدية هي أفضل أشكال الروابط الاجتماعية ؟
- عن الأسرة والتحولات الاجتماعية مرة أخري
- كيف نشأت العائلة ؟
- الحرية بين الإسلام والثقافة الغربية
- الصراع بين الدين والعلم من جديد
- ماذا بعد الكورونا ؟
- العالم بعد كورونا


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد هيكل - المعتزلة وأزمة العقل المسلم مع التنوير