أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بشارة - الكتاب الخالد أنستليشن للفنان زياد جسام














المزيد.....

الكتاب الخالد أنستليشن للفنان زياد جسام


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 6930 - 2021 / 6 / 16 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


الكتاب الخالد

عندما نشأ الحرف وولدت الكتابة في حضارة سومر في وادي الرافدين قبل خمسة آلاف سنة تقريباً، نمت بذرة الكتاب واختزنت معلومة المعرفة والتاريخ والتطور. نشأ الكتاب وترعرع وتحول إلى سلاح لايقهر في وجه الجهل والتجهيل والقمع والتضليل. انتبهت السلطات الشمولية والطغاة والأنظمة الديكتاتورية على مر العصور، إلى خطر الكتاب في خزن ونشر الحقائق وتعبئة وتوجيه الناس إلى طريق المقاومة ، فقاموا بإغراق الكتب والمكتبات وحرقها وإتلافها علنا وسن القوانين التي تعاقب من يمتلك كتاباً. فعندما غزى المسلمون مصر أحرقوا مكتبة الاسكندرية المليئة بالكتب بذريعة أن المسلمين لديهم كتاب الله وهو يكفيهم ولاحاجة له بالكتب الأخرى، وعندما اجتاح هولاكو بغداد أحرق وأغرق الكتب والمكتبات العامرة في بغداد الحضارة العباسية كما قام السلاطين والغوغاء بإحراق كتب إبن رشد وإبن سينا وغيرهم بتهمة الزندقة والهرطقة، ولم يتغير هذا الموقف من الكتب والكتاب والمكتبات حتى العصر الحديث مثلما قامت داعش الإرهابية مؤخراً بحرق الكتب في الشوارع أمام الكاميرات ، ويكفي أن نتذكر رواية 451 فهرنهايت وهي درجة حرارة إحراق الكتب بسرعة وتحويلها إلى رماد والتي أعدها للسينما المخرج الفرنسي الراحل وأحدة أعمدة الموجة الجديدة في السينما الفرنسية فرانسوا تروفو بفيلم جميل يحمل نفس العنوان يتحدث عن نظام ديكتاتوري دموي وتعسفي يشرع قانون بمنع إمتلاك التب وتكوين مكتبات ويحرق كل كتب البلاد ويأمر بقتل كل من يضبط متلبساً وبحوزته كتاب فكان رد فعل المثقفين والفنانين والمفكرين هو أن يحفظا الكتب عن ظهر قلب ويتحول كل واحد منهم إلى كتاب حي متحرك وربما يحفظ أكثر من كتاب حسب قدر كل شخص ، وهذه دلالة جلية على مقاومة الكتاب وإصراره على البقاء على قيد الحياة لأنه كائن حي خالد لايموت . هذه الفكرة الوجودية والفلسفية الهائلة جسدها الفنان المبدع والمجدد دوماً زياد جسام في عمل تشكيلي مفهومي عرضه - الانستليشن ( الحياة كتاب) - بمناسبة معرض الكتاب الدولي في بغداد المقام الآن بين 10 و20 حزيران، والذي جلب إليه الأنظار وإعجاب كل من شاهده من مثقفي ومفكري ومبدعي العراق الذين زاروا المعرض ، وهذا النصب عبارة عن كتب مختلفة الأحجام كانت غارقة في الوحل ومغطاة بالطين والطحالب ويتفرع منها أغصان نباتات دلالة على نشأة الحياة من جديد من الكتب فهي تلد كائنات حية لأنها كائنات حية خالدة لاتموت ومن هنا جاء عنوان النصب " حياة كتاب" . وفيما يتعدى المضمون الفلسفي الرائع الذي يوحيه هذا النصب الفني الفريد فإنه ينم عن قدرة حرفية ومهنية وتقنية عالية تتسم بلمسات فنية في توزيع الألوان سيما لوني الطين وخضرة الأغصان والأعشاب والطحالب الخضراء. الفنان زياد جسام فنان مرهف وذو مخيلة ثرية وعميقة ومجددة ومبتكرة دوماً ففي عمل سابق صنع عرشاً من كتب بمختلف الألوان وكان عملاً رائعاً واليوم يعود مرة أخرى لثيمة الكتاب الحي المقاوم للموت والمصر على الحياة مهما كان الخطر الحيط به . إنه عمل خارق يفوق التصور والخيال الواقعي المحدود وبتيك بالحس والروحانية والجمال والعمق الفكري الذي يجسد حقيقة المقاومة وإن الفن والحضارة والإبداع مرزوعة في عقل الإنسان موطن المعرفة والذكريات خاصة تلك الآتية من قراءة الكتب . عندما أقف قبالة هذا الإبداع الرؤيوي أبحر في أروقة سطوره الخفية وأرحل بين طيات ملاحمه المكنونة أبحث عن طريق المعرفة الذي حرمته المؤسسات القمعية والأيديولوجيات الفاشية والنازية التي لم تتوان عن حرق الكتب المناوئة عندما كانت في سدة الحكم.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيفي إعادة كتابة قوانين الفيزياء بلغة الاستحالة
- اللانهاية والتعدد الكوني
- البحث عن الكون الموازي والكون المجاور والكون المتداخل
- مقدمة كتاب الكون المتسامي
- المادة الأصلية والمادة الخفية في الكون المرئي
- رغوة الزمكان
- هل نظرية الانفجار العظيم ى تقبل المنافسة في علم الكونيات؟
- فرضيات البداية الكونية ومكونات الكون البدئي
- بغداد بين مطرقة طهران وسندان واشنطن وحدادة تل أبيب
- النماذج الكونية الافتراضية
- الذكاء الصطناعي
- الخصائص الكمومية في الأنظمة الفيزيائية
- ثورات الفيزياء المعاصرة وآخر المستجدات الفيزيائية
- الكون المرئي والأكوان اللامرئية في التعدد الكوني الكلي المطل ...
- هل ولد كوننا المرئي من فراغ؟
- الكون الآينشتايني
- كيفية كشف الغموض العظيم للكون من خلال تجاوز جدار الضوء
- نحن والآخرون في هذا الكون الشاسع
- هل يحتاج الكون للبغ بانغ؟
- الحلقة العاشرة من دراسة نظرية الانفجار العظيم 10


المزيد.....




- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمود عباس: الأزمة والمخرج!


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بشارة - الكتاب الخالد أنستليشن للفنان زياد جسام