أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصر عطاالله - قراءة في رواية-ملائكة في غزة-














المزيد.....

قراءة في رواية-ملائكة في غزة-


ناصر عطاالله

الحوار المتمدن-العدد: 6922 - 2021 / 6 / 8 - 18:41
المحور: الادب والفن
    


"ملائكة في غزة" رواية الماضي الجريح في حاضر يواصل النزيف للأستاذ الدكتور محمد بكر البوجي
قراءة: ناصر عطاالله
يضعنا الأستاذ الدكتور محمد بكر البوجي، في روايته الأخيرة " ملائكة في غزة" الصادرة عن دار المفكر العربي في جمهورية مصر العربية عام 2020، أمام بانوراما لنكبة الشعب الفلسطيني، ضمن أحداث متداخلة شكلاً، ولكنها عميقة وسخية معلوماتيًا، وذلك من خلال قصة الشاب خالد الذي يخرج من قطاع غزة بجواز سفر مزور، على أمل أن يصل بواسطته إلى لندن عبر أوغندا، فتجري عليه مفاعيل التعاسة، وتضيق عليه حلقات التتبع وسلطة الجغرافيا، حتى يعود أدراجه بمشقة بالغة إلى القطاع، ليواجه المصير المعقد الذي هرب منه بشكل أكثر تعقيدًا.
قصة خالد في الرواية فرشت بساط الأحداث في ممر الزمن الواصل بين نكبة 1948 حتى حاضر الخاتمة عام 2020 ليجعل الدكتور البوجي من السرد تفاعيل الوجع الفلسطيني بكل بساطة الكتابة البليغة إرشاداً لا تكلفًا فسار كدليل حاذق في هضاب كثيفة حول المعاناة، ودخل أودية على تفاصيلها الصغيرة، ليثبت الشهادة التاريخية على المجازر المرتكبة بحق شعبه، ويخرج منها بموجب الصمود رغم خذلانٍ مركبٍ أبطاله قادة جبهات الصراع مع العدو أو الذين تخلوا عن واجبهم أمام الغاصبين.
لا يغفل الروائي الدور الخبيث للانتداب البريطاني ولا التدخلات الخارجية في استغلال براءة الشعب الفلسطيني وفطرته التي جاءت على ثغور الوطن وحولتها إلى بوابة مشرعة للغرباء الخارجين من أفران القهر، ليندسوا كإبرة في ثوب لا تنقصه الخيوط، ولا تعفيه الألوان من كمالٍ، ولذا اعتمد في أسلوبه السردي شخصيات حقيقية بأسمائها وصفاتها وأحداثها ليجعل من الكتابة الروائية شهادة حقيقية في محاكم القراء، ومطرقة القضاة صوتها أعلى من ضجيج التحريف، والتزييف الذي يحاول الاحتلال ممارسته منذ قدومه برًا وبحرًا وجوًا إلى فلسطين، لهذا الأمر وما جعله مختلفًا عن بقية الروائيين الذين يتناولون جزئية في مكان ويحاصرون الزمن بفترة ماء ليخرجوا شهادة أكثر تفصيلاً، عن قصة واحدة أو قصص مركزها واحد أو زمكانها واحد، والمختلف هنا أنه يضع الجرح كاملاً ويسلط عدسته الحبرية من قمة عالية ليمرر الصورة من زواياها العديدة، فتجد يافا وحكايات سكانها وتجد حيفا وشوارعها، وترى القدس من عين صافية، كما تقرأ قصة جاره أبو سمعان، وتعرف قصة فيلا هارون الرشيد في حي الطالبية في القدس، قبل أن يدوس المحتلين أرضها، وقبل أن تصير الأملاك بعيدة عن مالكيها ليسيطر عليها الغرباء بقانون "أملاك الغائبين" .
الرواية تمزج بين الأزمنة المخصصة بالوجع الفلسطيني، بطريقة مبدعة وحذرة جدًا، وتأتي على الحديث المعاصر بكل ما فيه من تقنيات وتكنولوجيا وانفتاح كوني، لإعادة فهم الماضي التجريدي في حوصلة لغوية شديدة الأناقة، تلملم المعاناة، وتجمع عليها ما فعله الفلسطيني بنفسه وكيف قسى عليها بانقلاب أسود فائض عن القدرة العامة، وعن التوقيت الضيق للأجيال لطالما الوطن مفتوحًا من جهة صدره العاري أمام نيران الأطماع، وثورة التغيير لشطب الهوية، وتعكير الوجود الفلسطيني تمهيدًا لتحويل الفلسطينيين إلى هنود حمر كما هو الحال في أمريكا!.
انتباهات الروائي البوجي مبررة وذكية لدرجة يمكن الاستفادة منها بشكل واقعي في تفصيل الأحداث وغربلة المواقع والشخصيات، ليخرج منها روايات تسند الحقيقة وتثبتها في ضمائر حية تبحث عن العدالة.
ولم يعف الكاتب حسه الأكاديمي وهو صاحب سيرة طويلة محمودة في هذا المضمار لكي يعالج الكثير من القضايا السابحة في تيارات المأساة الفلسطينية، مستخدمًا أدواته البلاغية، والعلمية في ترطيب الجاف منها، وتجفيف المبلل لأنه يرى في انعكاس المرايا فوائد، فجعل من استشهاد بلقيس زوجة الشاعر العربي نزار قباني، شأناً فلسطينياً داخلياً، ولم يترك إميل حبيبي خارج المدار الشخصي والعام فكتب عنه ما عاشه معه في غزة، ولم يترك مشوار النضال الوطني المستمر بعيدًا عن عدسته الرصينة فكانت دلال المغربي، وبلدة العراقيب التي دمرها الاحتلال مئات المرات، ليقارن بين نوعين من النضال والكفاح والمقاومة، فأما الكفاح المسلح فكان لدلال وأما المقاومة الشعبية فكانت من أجل العراقيب، وأما الحكم عليهما يواصل مداولاته في قاعة الوجود الفلسطيني، إلى أن يختم بسخرية على مرحلة قاسية يعيشها الشعب الفلسطيني رغم سعي متواتر لوضع حدٍ لها وهي مرحلة الانقسام الداخلي، وهنا يفترش سماء غزة لأجنحة ملائكية عجائبية ترى بالآخر حلال الدم، غارمًا وإن أقام الليل كله، موجبات مرحلة السيطرة، التي أبعدت الوحدة كضامن للتحرك نحو الغاية الأهم وهي كنس الاحتلال، وجعلتها في الهوامش الباهتة، رغم انصراف أدوات النداء كلها لخروجها من كهف غارق بالظلمات.
الرواية بأبعادها تخلد لمرحلة مهمة من حياة الشعب الفلسطيني، كما أنها دليل أخضر على سهول الذاكرة النضرة، رغم كثافة الأملاح في التربة، وعليه يمكن القول أن "ملائكة في غزة" تعني نقيضها في المعنى إلى أن تصوب الحالة، وتترفع النفوس عن شهوة الحكم والسيطرة، و الفصائلية بمفاهيمها السلبية وتصحيح بوصلتها التي انحرفت كثيرًا عن المرمى الصائب، وفي استحضار الهالة الكبيرة التي تحولت إلى رمز للوطنية ياسر عرفات كقريب كان وحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني، وقضى نحبه من أجلها وأن السير على خطاه علاج العلل كلها التي أصابت وأوهنت الجسد الوطني وغيبت الاستعطاف العربي والدولي مع عدالة قضية الإنسان الفلسطيني، وكما تركيزه ضبط الواقع الفلسطيني ككل، كان قطاع غزة واحدًا من أهم محاوره التي سلط عليه عدسته لأنه ابن هذا القطاع وفيه عاش الصبا والطموح والرجولة والأبوة ولم نقش على جدرانه ذكرياته التي أصبحت خميرة طازجة في راوية كتبها عن وطنه الحلم.



#ناصر_عطاالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصويب لموضوع منشور
- رواية نضال الصالح -خبر عاجل- قدود حلبية بعد رماد ولهب
- قراءة في رواية( الحاجة كريستينا) للروائي عاطف أبوسيف
- قراءة في رواية (إيربن هاوس) لطلال أبو شاويش
- قراءة في ( ماقالته الرواة عن الحواري) لعبدالله تايه
- قراءة غير ناقدة في مجموعة -ناي ونرد- للشاعرة وسام عاشور البن ...
- يسرا الخطيب - الكائن بيقيني- إتباع الهايكو لوطن أجمل.. ( ناص ...
- لا تموت هناك
- الصنم


المزيد.....




- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصر عطاالله - قراءة في رواية-ملائكة في غزة-