|
.. حمّال الآسية
محمد ربيع
كاتب مصري
(Mohamedrabie)
الحوار المتمدن-العدد: 6917 - 2021 / 6 / 3 - 03:36
المحور:
الادب والفن
" الحمار" مخلوق ذكى وعنيد وأصيل يرضى بأقل القليل ، قوى التحمل.. صبور .. كثيرا ما نجده يصر على بلوغ هدفه ، وقد عاصر الحمار فترات الظلم الرهيبة والاستبداد التى مر بها الفلاح المصري عبر التاريخ ، فكان يضرب حماره نفس عدد السياط التى يضربه بها الحاكم فتلهب ظهره ، لأجل ذلك تولدت له أخلاق تناسب العبودية التى أحبها الفلاح المصرى ويقدرها وهى تقبله للقيود والنظر إلى الأرض وحب التمرغ فى التراب والطاعة المطلقة وحفظ الأماكن والمهمات والرضا بالقليل من الطعام ، وحب الإناث وتحمل ركلات أنثاه من أجل لحظات الحب والمتعة . وقد أشترك الحمار دون أن يدرى فى موروثنا الدينى ، فعلى ظهره انتقلت العائلة المقدسة من فلسطين إلى مصر ، ولو رأينا المسافة المقطوعه بمقاييس الآن سنجد أن هناك نوعا من العبقرية والتدخل الإلهى بالمساعدة والتأييد من الله وقد ذكر فى الكثير من الآيات القرآنية ، وتم تشبيه الجاهل بالحمار الذى يحمل أسفارا ، والأسفار قد تكون الكتب وهو تشبيه بالغ الدلالة على حال الجاهل الذى يحمل الكتب. رافق الحمار الفلاح المصرى فى رحلته عبر الزمان ، ولم يتخل عنه مثل زميليه الحصان والجمل ، فقد ذهب الحصان الى المعارك الحربية وأصبح صاحب مؤسسة حربية ، وبإسمه سميت أسلحة الجيوش وعصور الحضارة ، فيقال سلاح الفرسان وعصر الفرسان وذهب الجمل إلى الجبال ، وسمى باسم سفينة الصحراء ، كما خرج الحمار من أحلام البنات ، وبقى الحصان فى الحظيرة ، ينتظر فارس الأحلام ليمتطيه ويخطف الفتاه الحالمه ولم تحلم فتاة يوما بفتى يخطفها على ظهر حمار !! وهناك روايات كثيرة كتبت ، وكان بطلها حمارا ومنها " الحمار الذهبى" للكاتب العالمى " لوكيوس أبوليس " وقد لعب الحمار فيها دور البطل الذى يروى الأحداث التى تجرى مع البشر وفى الرواية الشهيرة " مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل ، جاء ذكر الحمار فيها تحت أسم " بنجامين " صديق الحصان المسكين ، والذى يكتشف خداع الخنازير فى حكمها ، وكلما قال أورويل : بأننا لانفهم فقط لغته ، لأنه يضحك علينا ، فعقله ناضج ، ولكن لايستعمله الا فى السخافات وهناك رواية " بلاتيرو وأنا " من أهم أعمال الشاعر الاسبانى " خوان رامون خيمنيز" والحمار فى قرى مصر يدل على حالة صاحبه المالية والاجتماعية ، فإذا كان الحمار ضخما وكبيرا فهو يدل على علو منزلة صاحبه وكان عمد قرى مصر يتباهون بالجحوش المطهمة ، وإن كان ضامرا وهزيلا فهو لشدة فقر صاحبه . ويعتبر توفيق الحكيم أول كاتب عربى فى العصر الحديث يضع الحمار عنوانا على أحد كتبه وهو "الحمار وأنا" أو حمارى الحكيم ويروى فيه صداقته له ، مع أحاديثه التى يعتبرها أسهل من كلامه مع البشر ، وقد أهداه الكتاب قائلا : إلى صديقى الذى عاش ومات دون أن يكلمنى !! تعانى الحيوانات وخاصة الحمير من قسوة الأدميين لذلك أصدرت الحكومة المصرية القانون رقم 53 لسنة 1966م والذى ينص فى المادة 119 على مصادرة الحيوانات وخصوصا الحمير لعلاجها والاهتمام بها لحين استرداد صحتها مرة أخرى ، مع أخذ تعهد على صاحبها بعدم الإساءة إليها والا يتم مصادرة الحيوان للأبد لصالح جمعية الرفق بالحيوان . منذ سنوات كان بجوار كل محطة سكه حديد موقف للحمير والمكارية ، يتلقفون الزبائن ويلحون عليهم ويتخاطفونهم ويغالون فى أجرتهم تماما كما يفعل سائقوالتاكسيات الآن ، كما كانت للحميرفؤائد كثيرة ، منها أنها كانت تساعدنا فى تأدية واجب العزاء . والحمار مشهور بالعناد كأغلب السياسيين وعندما يقبض به يرفس ويركل لايهم من يركله لكن يقال أنه يستعمل حدسه الطبيعى للبقاء ، فمن الصعب إرغامه أو تهديده على فعل شئ ما ضد رغبته . الدراسات العلمية والاكاديمية الرصينة تظهر الحمار ذكيا حذرا حميما لعوبا متعلما متحمسا يميل الى مصادقة الأحصنة لطبيعتها وبالتجربة اذا وضع مهر جوار الحمار وحصان فسيتوجه الحمار بعد ان يبتعد عن امه الفرس وتكفى ثقة الحمار بصاحبه لكى يكون المعين المخلص له والحمار هو الحيوان الوحيد الذى تسمح له بريطانيا ببقائه حرا طليقا فى حدائقها .
#محمد_ربيع (هاشتاغ)
Mohamedrabie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو دِماغ طقَّةٌ
-
- اللي يعوزه الجامع-...
-
فهم التجربة العقلية للموت وتجربة الإقتراب منه - مقال مترجم م
...
-
المقاومة الفلسطينية .. نقاط ايجابية
-
- آكلو أموال اليتامى -
-
-موليير الأدب التركي-
-
المواطن العادي - ولا مؤاخذه -
المزيد.....
-
الكورية الجنوبية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب لعام 2024
...
-
كوميدي أوروبي يشرح أسباب خوفه من رفع العلم الفلسطيني فوق منز
...
-
رحيل شوقي أبي شقرا.. أحد الرواد المؤسسين لقصيدة النثر العربي
...
-
الرئيس بزشكيان: الصلات الثقافية عريقة جدا بين ايران وتركمنست
...
-
من بوريس جونسون إلى كيت موس .. أهلا بالتنوع الأدبي!
-
مديرة -برليناله- تريد جذب جمهور أصغر سنا لمهرجان السينما
-
من حياة البذخ إلى السجن.. مصدر يكشف لـCNN كيف يمضي الموسيقي
...
-
رأي.. سلمان الأنصاري يكتب لـCNN: لبنان أمام مفترق طرق تاريخي
...
-
الهند تحيي الذكرى الـ150 لميلاد المفكر والفنان التشكيلي الرو
...
-
جائزة نوبل في الأدب تذهب إلى الروائية هان كانغ
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|