أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد صالح اميدي - إبادة الارمن،هل هي حقيقة تاريخية ، ام خيال كما تصورتها الحكومة التركية !!















المزيد.....


إبادة الارمن،هل هي حقيقة تاريخية ، ام خيال كما تصورتها الحكومة التركية !!


محمد صالح اميدي

الحوار المتمدن-العدد: 6917 - 2021 / 6 / 3 - 01:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إبادة الارمن،هل هي حقيقة تاريخية ، ام خيال كما تصورها الحكومة التركية !!
محمد صالح أميدي

ابادة الشعوب جريمة دولية بشعة، تستوجب دراستها دراسة اكاديمية و واقعية، دون مبالغة او سرد لاحداث التاريخ،و قد ارتكبت هذه الجريمة على طول التاريخ البشري،و في بقع جغرافية عديدة..سواءاً ارتكبت للقضاء على شعب و انسلاخه من الوجود تحت رايات او شعارات الحقد و الكراهية الدينية او الاثنية او العقائدية .فمنذ نشئة البشرية،و دخولها في معترك العيش و الانتماء الى فئات و قبائل و شعوب، فقد بدأ الصراع من اجل السيطرة و البقاء على حساب الفئات الاخرى ، معتبرين ذلك امل وجود المسيطرين على حساب فناء الاخرين..هذه الاحداث التاريخية قد بدأت في المراحل الاولى لتاريخ البشرية،و اتخذت اشكال عديدة و لم يكن الشعب الكوردي بعيداً عن تلك الابادات عبر تاريخه القديم و الحديث.الا ان الغاية الاساسية هو فناء و ابادة فئة سكانية معينة ،لها خصوصياتها الاثنية و العقائدية و الدينية و الجنسية.و دون غطاء قانوني دولي ،حيث كانت هذه العملية سبباً رئيساً، دفع المحامي البولوني (( رافاييل ليمكين )) في عام 1943م لتعريف الإبادة الجماعية على أنها جريمةً تشمل الإبادة الممنهجة لشعب ما. تتفق غالبية الباحثين والمؤرخين على أن ما حصل للأرمن كان إبادة جماعية، في حين ترفض الجمهورية التركية استعمال كلمة "إبادة" لوصف هذه العملية وتصفه بأنها تعبير غير دقيق. وقد وصفت الحكومات والمجالس النيابية،في عام 2019م،الاثنين وثلاثين بلداً بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وألمانيا هذه العملية على أنها إبادة جماعية بالإضافة لتجريم بعض من هذه الحكومات عمليات إنكار حدوثها و قد جرت عدة منظمات دولية دراسات عن الفضائح ضد الأرمن، وأستنتجت كل منها أن مصطلح "الإبادة الجماعية" يصف على نحو مناسب "المجزرة العثمانية ضد الأرمن في 1915- 1916 ومن بين المنظمات التي تؤكد هذا الإستنتاج، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، والجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، واللجنة الفرعية للأمم المتحدة المعنية بمحاربة التمييز وحماية الأقليات.
بما ان جريمة الابادة الجماعية هي جريمة دولية، فلا بد ان يتم تعريفها تعريفاَ دقيقاً، تتوفر فيها جميع الشروط و الاركان المعروفة لها،كونها تتعلق بابادة شعب او اثنية معينة، وارتكبت بمنهجية منظمة، و تتوفر فيها القصد الجنائي و الباعث الجرمي ،بالاضافة الى الركن الخاص الذي يميز هذه الجريمة عن باقي جرائم القتل العام الذي ورد ضمن جرائم ضد الانسانية في احكام نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية.حيث لا يعتبر كل قتل عام لمجموعة بشرية مختلفة ، جريمة ابادة جماعية،بل يستوجب توفر الركن الخاص الهادف والممنهج لابادة شعب او اثنية معينة ..وفق الاركان الواردة في المعاهدة الدولية لمكافحة و تحريم الابادة البشرية الصادرة من الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 1948.
لم تكن جريمة الابادة الجماعية جريمة ذات غطاء قانوني دولي و معترف بها، الا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، و تأسيس محكمة نورنبيرك في المانيا ،لادانة القادة النازيين ومحاكمتهم بتهمة ابادة اليهود في جريمة الهولوكست والبولونيين، و الغجر و جرائم الحرب..كونها شعوب واطئة لا ترقى الى درجة العنصر اللآري(النورماندي) المتميز!!.و قد فقد المحامي البولوني ( رافاييل ليمكين في عام 1943)عائلته و هرب الى امريكا ، و بحكم اكاديميته اصبح مستشاراً للرئيس الامريكي و صاغ مشروع معاهدة دولية تحت اسم (معاهدة مكافحة وتحريم ابادة الجنس البشري) و صادقت عليها الجمعية العامة للامم المتحدة في سنة 1948..كمعاهدة دولية ملزمة لجميع دول العالم..مما اصبحت جريمة الجنس البشري ذات غطاء قانوني دولي.و من خلال هذه المعاهدة، بدأ فقهاء القانون الجنائي الدولي، بدراسة اركان تلك الجريمة البشعة،و وضع شروط و اركان لها تعبر عن منهجية ارتكاب الجريمة و تنظيمها المسبق من قبل الجناة سواءا كانوا حكام في السلطة او فئات من ذوي مراكز النفوذ في المجتمعات المختلطة دينياً او عقائدياً او اثنياً او غير ذلك من الخصوصيات التراثية.
وبعد صدور المعاهدة المذكورة فقد ارتكبت نظم عديدة جرائم الابادة الجماعية،و منها بشكل خاص نظام صدام حسين ضد المدنيين الكورد بما يسمى بحملة الانفال سيئة الصيت وقصف حلبجة وابادة الفيليين والذكور البارزانيين،كما ان نظام بول بوت قد ارتكب فضائع جرمية ضد ابناء شعبه في كمبوجيا ونظام عمر البشير في دارفور، وقبائل الهوتو والتوتسي في افريقيا ،مما دعى المجتمع الدولي باصدار نظام روما الخاص بالجرائم الدولية التي تتضمن تحريم ومعاقبة مرتكبي تلك الجرائم الدولية الاربعة (جريمة ابادة الجنس البشري وجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان) التي اصبحت اساساً لنظام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في الوقت الحاضر..
كما ان اثبات وقائع تلك الجريمة قضائياً،تحتاج الى اركان جرمية ومنهجية ومنظمة وبقرار مسبق من المرتكبين،لكي تأخذ الجريمة موقعها القانوني والقضائي في سلم الابادة الجماعية..من هنا اود ان اشير الى بعض الوثائق القضائية و افادات الشهود امام المحكمة الجنائية في برلين ، و الوثائق المعروضة بشكل دقيق من خلال محاكمة الطالب الارمني (سوغومون تهليريان) الذي قام باغتيال (طلعت باشا) بتاريخ (15/اذار/1921) الوزير التركي السابق للشؤون الداخلية في حكومة جمعية الاتحاد والترقي اثناء الحرب العالمية الاولى والذي اشرف على عملية الابادة و التهجير مع وزير الدفاع انور باشا.و التي صدرت على شكل كتاب تحت اسم (مسألة إبادة الارمن امام المحكمة) و الذي صدر باللغة الالمانية و ترجمه (غسان نعسان)..و الكتاب يحتوي على شهادات عيانية ووثائق صادرة من السفارات الاجنبية في استنبول والمدن التركية الاخرى،انه كتاب قيم ويحتوي على وقائع دامغة بدلالة خبراء و دبلوماسين ،اطلعوا على حيثيات واوامر حكومة الاتحاد و الترقي ومذيل بتواقيع وزير الدفاع (انور باشا) و وزير الداخلية طلعت باشا المقتول على يد الطالب الارمني في برلين.
ولكون الكتاب يحتوي على محاضر جلسات المحكمة الجنائية في برلين،و بلغ عدد صفحاته (472) صفحة من الحجم المتوسط، فقد اخترت بعض الشهادات المدونة في محاضر جلسات المحاكمة ..كدليل على وصف جريمة الابادة الجماعية للشعب الارمني..
تتلخص وقائع قتل طلعت باشا وزير الداخلية لحكومة الاتحاد والترقي التركي،الذي هربَ الى المانيا واستقر في مدينة برلين وقتل على يد الطالب الارمني (سوغومون تهليريان) الذي اعترف امام المحكمة في برلين وايدت بشهادة الشهود الذين شاهدوا لحظة اطلاقه الرصاص على ضحيته في احد شوارع برلين.
قد يشبه القارئ هذه القضية بحبكة درامية لفيلم أجاد مؤلفه بنائه الدرامي ليصبح في غاية التشويق والاثارة و التي تعكس اسباب موضوعية وتاريخية ونفسية وانسانية وراء تلك التطورات المثيرة للعجب والاستغراب وهي التي حولت الضحية المغدورة الى متهم تلطخت يداه بدماء مليون و نصف ضحية ارمنية بريئة وحولت الضحية القاتل الى ضحية ارمنية بريئة قد نجا من المذبحة باعجوبة..
سوغومون تهليريان شاب ارمني كان في الثامنة عشرة من عمر،من مدينة ارزينجيان،عندما ساق جنود الجيش التركي وعناصر الجندرمة اهالي المدينة من الارمن في حزيران سنة (1915) كان برفقة عائلته مع قافلة المهجرين ،ابوه كان في الخامسة والخمسين وامه في الثانية والخمسين وشقيقه في الثانية والعشرين وشقيقه الاخر في الخامسة عشرة من العمر كما كانت ترافقهم شقيقته المتزوجة في الثانية والعشرين مع طفليها بعمر سنة واحدة والاخرى بسنتين مع زوجها الذي كان في الثلاثين ،بطش الجنود الاتراك والجندرمة بجميع افراد عائلته الكبيرة،كان هو الناجي الوحيد منهم،بعد ان رأي بام عينيه تسلسل البطش بابيه وامه واشقائه في اللحظات ذاتها التي جرت شقيقاته اليافعات ليجري اغتصابهن على بعد امتار قليلة منهم،و كان عليهم سماع صراخهن وبكائهن وهن تطلبن الرحمة من الجزارين والمغتصبيهن دون جدوى،لم يتمكن من تقديم المساعدة لشقيقاته او نجدتهن ،رأى نصل بلطة تلمع امام ناظريه وهي تهوي على رأس شقيقه الاكبر ابن الثانية والعشرين عاماً فانشق الى جزئين وقبل ان يفيق من هول ما يجري بعائلته من حوله تهوي على رأسه ضربة من الخلف وسقط مغشياً عليه بين الجثث والضحايا المتناثرة ،ظل طول يوميين فاقداً وعيه بين الجثث ، و عندما استفاق إضطر لازاحة جثة شقيقه التي كانت نلقاه فوقه كي يتمكن من النهوض ،كان مصاباً بجروح في رأسه ويديه وفخذه وثيابه ملطخة بدمائه ودماء شقيقه.تفقد الجثث بحثاً عن ناجين من افراد عائلته و لكن من دون جدوى،هام على وجهه مجرجراً جراحه دون ان يدرك هل انه يعيش كابوساً ام ان ما جرى وما يرى كان هو واقع.لم يدر الى اين يذهب،فقد كان خائفاً من ان يعثر عليه الجنود او الجندرمة التركية وتجهز عليه كما فعلوا ببقية افراد عائلته..سأل رئيس المحكمة عما فعله المتهم تهليريان بعد نجاته من المذبحة، وجرى بينهما الحوار الآتي:
((رئيس المحكمة :اذن كنت بلا حيلة و لا تملك شيئاًماذا فعلت بعد ذلك..؟
المتهم:لجأت الى احدى القرى في الجبال ،و كانت هناك امرأة مسنة اعطتني مأوى،و عندما شفيت جروحي قالوا لي انهم لا يمكنهم ايوائي مدة اطول،لان الحكومة منعت ذلك و كل من يأوى الارمن يلقي عقوبة الاعدام.
رئيس المحكمة:هل كانوا ارمن الذين آووك..؟
المتهم :كانوا اكراد.
رئيس المحكمة:و الى اين ذهبت من هناك..؟
المتهم:لقد كانوا اناس طيبين ،الكورد نصحوني بالذهاب الى ايران، اعطوني ملابس كوردية لان ملابسي قديمة و ملوثة بالدماء،لقد احرقتها.
رئيس المحكمة:لكنك لم تكن تملك المال ....من ماذا كنت تعيش؟
المتهم: من العطايا.
رئيس المحكمة:كم من الوقت إحتاجت جروحك كي تشفى؟
المتهم:تقريباً عشرين يوماً حتى شهر .
رئيس المحكمة:اين وجدت مآوى خلال هذه الفترة الطويلة لاقامتك؟
المتهم: في البداية لدى الاكراد.
رئيس المحكمة: كم من الوقت ؟حدثت المذبحة في شهر حزيران من سنة 1915.
المتهم: بقيت حوالي شهرين لدى عائلة كوردية في ديرسيم.وانضم الي هناك شخصان ارمنيان هاربان مثلي ،ومنهم علمت بان مذبحة اخرى قد حدث في خربوط... استأذنت من اصدقائي ، وذهبت سراً الى ارزينجان مرة اخرى..وتعرفت على بيتي المهدوم ، وقد تعرضت لصدمة صرع عند مشاهدة بيتنا المهدوم، والقائي نظرة على الملابس القديمة لوالدتي وشقيقاتي،و بعد شفائي من الصرع ،قمت بحفر الموقع الذي اخفى فيه والدي النقود و الذهب وقد اخرجت الذهب والنقود ..بعد ذلك عدت الى القرية الكوردية في ديرسيم والتقيت مع صديقي ..وسافرنا نحن الثلاثة الى ايران عبر الجبال و المناطق الوعرة..و استحصلنا على وثائق من منظمة ارمنية في طهران..و بدعم من الجالية الارمنية توجهت الى جنيف و من ثم الى فرنسا ..و بعد مدة معينة توجهت الى برلين..بعد ان تأكدت بان المجرم طلعت باشا يسكن هناك...
جلسات محاكمة (سوغومون تهليريان) المتهم بقتل المجرم (طلعت باشا) وزير الداخلية لحكومة الاتحاد والترقي التركية،مليئة بالمفاجئات القانونية و القضائية..واصبحت تلك الجلسات وثيقة تاريخية مهمة للبشرية جمعاء حول جريمة الابادة الجماعية للشعب الارمني ، ودليلاً موثقاً عن دور الكورد في انقاذ عوائل بكاملها من تلك التهلكة الانسانية....ان هذه المحاكمة اصبحت فعلاً محاكمة تاريخية لحكومة الاتحاد و الترقي التركية التي نادت بالحداثة و المدنية!!.
من ضمن تلك الشهادات والوثائق التي دونت في محاضر المحاكمة ،نود ان نسرد شهادة الشاهدة (كرسيتنا تيرزيباشيان – ربة بيت –العمر 26 سنة – الواردة في صفحة (188) من كتاب (مسألة ابادة الارمن) امام المحكمة الجنائية(محكمة الامبراطورية الالمانية) في برلين بما يلي:
بعد اداء اليمين القانونية
رئيس المحكمة:عن الحادثة ، ماذا تعلمين.؟
الشاهدة :كلا (قصد الشاهدة حادثة قتل طلعت باشا في برلين).
المدافع فون غوردون: ارجو سؤال الشاهدة حول المذابح، و قبل كل شئ فيما اذا كانت اثناء الحرب في وطنها ، و اين كانت تقيمين ؟
الشاهدة:كنت مقيمة في مدينة ارزروم.
الرئيس:هل هذه المدينة موطنك..؟
الشاهدة:نعم.
الرئيس:هل حدث تهجير هناك..؟
الشاهدة:تم تجميع جميع السكان هناك في شهر تموز سنة (1915).و قالوا لهم ان عليكم مغادرة المدينة .
الرئيس:هل ظهرت هجمات هناك ،بحيث ارغم الارمن على الهجر..؟
الشاهدة:في البداية تم ابلاغ الاغنياء في المدينة عن طريق الجندرمة و الموظفين،بعد ذلك قالوا ان علينا مغادرة المدينة لانها تابعة للحرب و يجب اجلاء المدنيين عنها.و تم ابلاغ الاغنياء قبل ثمانية ايام اما الاخرون فقد تم ابلاغهم قبل التهجير بساعة واحدة .فيما بعد علمنا ان الامر كان مجرد خدعة ، انه توجب تهجير سكان الارمن فقط.
الرئيس:هل جرى ابعاد جميع السكان دفعة واحدةعن المدينة؟
الشاهدة:على اربع دفعات
الرئيس:في اربع قوافل.
الشاهدة:اربع قوافل في ثمانية ايام.
هل علم المتأخرونبمصير القوافل التي سبقتهم..؟
الشاهدة :كلا
الرئيس:هل تم اعلان الهدف الذي على القوافل ان تتجه اليه؟
الشاهدة: توجب علينا التوجه نحو ارزنيجان.
الرئيس:مع اية قافلة توجب عليك الرحيل؟
الشاهدة :مع الثانية.
الرئيس:صفي لنا كم كان تعداد القافلة، و كيف جرى الامر و الى اي مدى وصلتم و ماذا جرى..؟
الشاهدة:كانت عائلتي تتكون من (21) شخصاً ثلاثة منهم بقوا ..
الرئيس: كم كان حجم القافلة ؟
الشاهدة:خمسمائة عائلة.
الرئيس:كيف قتل افراد عائلتك..؟
الشاهدة:عائلتنا كانت تتكون من (21) شخص.استأجرنا ثلاث عربات تجرها الثيران ،و اخذنا معنا ما امكننا تحميله.من الطعام و النقود ، و اعتقدنا اننا سوف نذهب الى ارزينجان،كان والدي معنا و ثلاثة اشقاء الاكبر عمره (30) سنة،و ثلاثة فتيان،كان عمر الصغير ستة اشهرو الاخت المتزوجة مع لاوجها و ستة اطفال،الاكبر عمره (22) سنة رأيت بام عيني ضياع الجميع،ثلاثة منهم فقط بقوا و انقذوا .انا اقسم بانهم قتلوا بناء على أوامر من استنبول.
الرئيس: باية طريقة ؟
الشاهدة:عندما غادرنا المدينة و وصلنا الى ابواب قلعة ارزروم،جاء الجندرمة و فتشوا بحثاً عن الاسلحة و السكاكين و المظلات المطرية،و ما شابه ذلك وتمت مصادرتها .وصلنا من ارزروم الى بايبوت.عندما تجاوزنا هذه المدينة رأينا الجثث مكومة اكواماً و اضطررت انا للسير باقدامي فوق الجثث بحيث تلطخت اقدامي بالدماء.
الرئيس:هل كانت الجثث من القافلة ،التي اتت قبلكم من ارزروم؟
الشاهدة: لا هذه الجثث كانت لاهالي بايبورت،ثم وصلنا الى ارزينجان لقد وعدونا باماكن النوم،الا انهم منعونا من الاقامة بل حتى لم يسمحوا لنا بشرب الماء ايضاً،و اجبرونا بان نعطيهم الثيران التي ساقوها الى الجبال ايضاً.
الرئيس:و كيف حدثت المذبحة التي قتل فيها اهلك؟
الشاهدة:كبلوهم جميعا ًمع بعضهم الاخر و القوا بهم في الماء.
الرئيس: كيف عرفت هذا..؟
الشاهدة: رأيته بام عيني.
الرئيس: بانهم القوا بالرجال في النهر..؟
الشاهدة :نعم ،لقد القوا بهم في النهر،و التيار كان من القوة بمكان ،بحيث انه سحب معه كل الذين القوا في الماء.
الرئيس:و ماذا حصل للذين بقوا؟
الشاهدة:صرخنا و بكينا و لم نعلم ما الذي علينا فعله،الا انهم لم يسمحوا لنا بالبكاء بل تابعوا سوقنا بالضرب و النهب.
الرئيس: من فعل هذا..؟
الشاهدة:ثلاثون عنصراً من الجندرمة و فصيلة من الجنود.
الرئيس:و ضربوكم اثناء ذلك؟
الشاهدة:نعم
الرئيس:ماذا حدث لاقربائك بعدئذ؟
الشاهدة :وصلنا مع ما استطعنا حمله على ظهورنا الى ملاطيا،هناك ساقونا الى الجبل،وعزلوا الرجال عن النساء ،و كانت النساء تبعد عن الرجال مسافة عشرة امتار و كن يستطعن رؤية ما يحدث بام اعينهن.
الرئيس:ماذا حدث:للرجال؟
الشاهدة:قتلوهم بالبلطات و جرهم من الطريق و القوا بهم في النهر.
الرئيس: هل ذبحت النساء و الرجال حقيقة بهذه الطريقة؟
الشاهدة:الرجال فقط قتلوا بهذه الطريقة.عندما حل الظلام قليلاً جاء الجندرمة و اختاروا اجمل النساء و الفتيات،و اخذوهن معهم كزوجات، جاء احد الجندرمة اليَايضاً و كان يريد اخذي لزوجة له.تلك اللواتي لم يردن الرضوخ،و لم يستسلمن كن يطعن بالحراب و تشق افخاذهن و يفصلن عن بعضهم الاخر حتى ان الحوامل كن يتعرضن لشق بطونهن و اخراج الاجنة من احشائهن و رميهم على الارض!!.
((ضجة كبيرة في قاعة المحكمة))
الشاهدة:ترفع يدها و تقول (اقسم اني اقول الحقيقة).
الرئيس: كيف تمكنت من النجاة.؟
الشاهدة:قطعوا رأس شقيقي ايضاً ،عندما رأيت هذا المشهد ،و سقطت امي على الارض و فارقت الحياة على الفور بعدها جاء تركي الي ...يريدني زوجة له،و عندما رفضت اخذ طفلي مني و رماه.
الرئيس: و كيف خرجت من هذا المأزق؟
الشاهدة:رأيت دخاناً يعلو من بعيد، فذهبت باتجاهه، وهنا التقيت شقيقي وزوجته التي كانت حاملة وعلى وش الولادة، وهنا قيل ،علينا مغادرة المكان في ذات المساءو كان علينا ترك زوجة شقيقي هناك لانها كانت حاملاً
الرئيس:ثم وصلتم الى سامسيك كم كان عددكم؟
الشاهدة:600 شخص تقريباً.
الرئيس:و من عائلتك؟
الشاهدة:الوالد و شقيقان و انا.
الرئيس: اذاً انت ذاتك وصلت الى سامسيك؟
الشاهدة: نعم هنا اصاب الوالد بمرض، وهنا جاء الامر ان المرضى لا يمكنهم مرافقتنا،بل يجب رميهم في الماء..و اخرج الوالد من الخيمة،الا ان شقيقي اعاده فيما بعد لكنه مات ذات الليلة.
الرئيس:و الشقيقان الاثنان؟
الشاهدة:ظلوا على قيد الحياة.
الرئيس:و هل هذا كله حقيقة؟اليس خيالاً؟
الشاهدة:ما رويته هذا كله حقيقة، و لا يزال اقل بكثير من الحقيقة،ما جرى هو اسوء بكثير.
الرئيس: هل بقيت اذا في سامسيك؟
الشاهدة:لم يكن بوسعي البقاء في سامسيك،كان علينا الذهاب الى سوريتش وفي النهاية ساقونا الى الجبل و سلبوا اخر ما كنا نملكه.
الرئيس: من كنتم لآنذاك تحملون مسؤولية هذه الفضائح؟
الشاهدة:حصل ذلك بناءاً على اوامر انور باشا و الجنود اجبروا المهجرين على الركوع على ركبتهم و الهتاف ((يعيش الباشا))لان الباشا سمح لهم البقاء احياء (حركة في قاعة المحكمة)!!!.



#محمد_صالح_اميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة غزة و اطفالها ضحية لجرائم حماس و الجهاد الاسلاميين!!
- مبادرات صياغة دستور الاقليم خطوة مهمة و ضرورية
- الم يحن الاوان، بوقف اطلاق النار من قبل الحزب العمال الكوردس ...
- هل كان ضرورياً ان تشارك قوات سوريا الديمقراطية(قسد) في التحا ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد صالح اميدي - إبادة الارمن،هل هي حقيقة تاريخية ، ام خيال كما تصورتها الحكومة التركية !!