أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أيمان حسون محمد عبدالرضا - حركة التيار السلفي المصري ودوره في النظام السياسي















المزيد.....



حركة التيار السلفي المصري ودوره في النظام السياسي


أيمان حسون محمد عبدالرضا

الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 25 - 10:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المقدمة
تتناول هذه الدراسة موضوع يهم المواطن العربي عامة والمواطن المصري خاصة أال وهو" التيار السلفي المعاصر
ودوره في النظام السياسي المصري "حيث ظهر إنتشار واسع للتيارات السلفية وحدث تغير مفاجئ في تفاعل هذه
التيارات مع المتغيرات التي حدثت في أعقاب" الربيع العربي "في بداية العام2011 م، بعد أن خرجت الجماهير في
العديد من العواصم العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا تطالب بإسقاط أنظمة الحكم وتطالب بممارسة
الديمقراطية .
كان ظهور الجماعات السلفية في الحياة السياسية المصرية أمرا مفاجئا للعديد من المحللين السياسيين؛ فعندما
اندلعت الثورة في الخامس والعشرين من يناير عام 2011 م رفض العديد من قادة الحركات السلفية فكرة إسقاط
النظام، متبنين مبدأ طاعة ولي األمر وتجنب أي فتنة من شأنها أن تؤثر على وحدة المسلمين .وبالرغم من ذلك فإن
بعض المنتمين للجماعات السلفية قد شارك في الثورة، مستندة إلى اآلراء التي تؤكد دعوة اإلسالم لمقاومة الظلم
وفي زخم التغيرات ونجاح الثورات في بعض الدول العربية قام التيار السلفي بمحاولة التكيف مع األوضاع السائدة
والقبول بالعملية االنتخابية التي وجد فيها السبيل الوحيد للوصول الى السلطة السياسية التي تمكنه من طرح أفكاره
ونشر الدعوة.
شكلت السنوات األخيرة منعطفا هاما في تاريخ السلفية المصرية نتيجة ظهور الفضائيات الدينية والحضور
المكثف المشايخ التيار السلفي فيها بعدما ظلت السلفية لعقود أسيرة الخطاب دعوي ضيق والتأثير الذي ال يتعدى
محيط المساجد التابعة لجمعية أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية والتي غالبا ما يكون روداها من السلفيين
)1 )أنفسهم.
وعقب سقوط نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك أثارت مواقف السلفيين المتباينة من الثورة المصرية الكثير
من الجدل الذي تستحق معه المزيد من التأمل والدراسة، فلم يكن للسلفيين يد قوية في إنجاح الثورة أو المساهمة
الفاعلة فيها لكن عقب سقوط النظام أظهر السلفيون نشاطا ملحوظا ومحاولة فاعلة لالستفادة من الوضع الجديد،
فسعى السلفيون إلى التعاطي مع المتغيرات وهو األمر الذي جعل الحالة السلفية في مصر تحت األضواء أكثر من
) 2 )أي وقت مضى.
وبالرغم من التراجع الذي اصاب التيار السلفي فال زال هذا التيار من أبرز الفاعلين اإلسالميين في المشهد
المصري بشكل خاص سياسية واجتماعيا وثقافيا حيث تنامت فاعليته عقب ثورة يناير 2011 ولم تنل ظاهرة التيار
)1 (
،http://eslamyon.blogspot.com/2012/03 /blog-post_2054.html الثورة بعد ما مصر في السلفيون ، ماهر، فرغلي
2012
لمليجي، عمر، السلفيون في مصر بعد الثورة، اليوم السابع2012-3-6 ، على الرابط.: com.youm7.www://http ( 2)3
السلفي القسط الكافي من الدراسة وال يزال الموضوع حقال دراسيا يثير التساؤالت المتعلقة بالفكر السلفي واألدوار
) 1 )السياسية واإلجتماعية التي يقوم بها ورؤيته لقضايا مثل الديمقراطية والحريات العامة والعالقة بين الدين والدولة.
مشكلة الدراسة وتساؤالتها
جاءت الثورة المصرية لتكشف عن حجم التيار السلفي في مصر، كما دفعت بهذا التيار إلى إعادة النظر في
بعض ثوابته الفكرية والسياسية .وكان للثورة الفضل أيضا في تعرية العديد من اإلشكاليات المهمة التي يثيرها صعود
هذا التيار والتحوالت المهمة التي شهدها بعد الثورة، والفجوة القائمة بينه وبين غيره من القوى السياسية، سواء األحزاب
والقوى الليبرالية العلمانية، أو القوى اإلسالمية والسياسية األخرى ذات المرجعية اإلسالمية، وتتلخص مشكلة الدراسة
بالسؤال الرئيس األتي :ما هو دور التيار السلفي المصري في النظام السياسي الجديد في أعقاب ثورة 25 يناير
2011وسقوط نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك ؟
ويتفرع عن السؤال الرئيس األسئلة الفرعية اآلتية - :ما هي التحوالت في خطاب السلفيين خصوصا من ارتأى
دخول العمل السياسي؟ وما أسباب ذلك التحول؟ - ما هي التحوالت داخل ظاهرة السلفية، خاصة فيما يتعلق بالموقف
من فكرة التنظيم والعمل الحزبي، والمشاركة السياسية، والعمل من داخل البرلمان؟ - ما هو موقف التيار السلفي
من القضايا المتعلقة بمفهوم الدولة المدنية، والديمقراطية، والمرأة، واالقباط؟ - ما اثر المشاركة السياسية على وحدة
الصف السلفي؟ - ما اسباب التراجع السياسي للتيار السلفي بعد صعوده في أعقاب الثورة؟ - ما المستقبل السياسي
للتيار السلفي المعاصر؟
أهمية الدراسة ومبرر اتها
تنبع أهمية الدراسة من أهمية التيار السلفي وصعوده السياسي على الساحة المصرية، وكشف وتحليل التباين في
المواقف المتذبذبة لهذا التيار قبل وبعد ثورة 25 يناير، ومن دور االنفتاح السياسي الذي عرفته مصر بعد الثورة في
تشجيع الحركات واألحزاب للخروج إلى المجال العام واالنفتاح عليه، فدخول التيار السلفي للمعترك السياسي وحصوله
على نسبة مرتفعة في مجلس الشعب والتطور الذي طرأ على فكره يعتبر مهم للدارسة في ظل قلة الدراسات التي
تناولت هذا الجانب، كما أن التطور الذي لحق بسلوك التيار السلفي في مصر بعد الثورة بوجه عام وسلوكه السياسي
بوجه خاص يحتاج مزيدا من البحث .
شتيوي، موسی، مؤتمر " التحوالت السلفية :"الدالالت، التداعيات واآلفاق األول من تموز، مركز الدراسات االستراتيجية الجامعة األردنية، ) 1)
مؤسسة فريدريش ايبرت، عمان 2013 ،ص 15 .4
وان ما يبرر الدراسة اآلتي - :شكلت الجماعات السلفية في الواقع المصري بعد ثورة يناير ظاهرة فريدة تستدعي
الدراسة والنظر الكتشاف أبعادها - .الصعود الواضح للتيار السلفي شكل ارتباك واضح عند جمهور السلفيين في
كيفية التعامل مع
الظاهرة خصوص هذا التيار ومدى استعداده للجمع والتوفيق بين األصالة التي يجنح اليها باستلهام خطى السلف
وبين المعاصرة بقيمها وآلياتها، إلى جانب وجود مخاوف أخرى بشأن صعود التيار السلفي تنبع من حقيقة أنه
جماعات متباينة .
أهداف الدراسة
تهدف الدراسة بشكل رئيس إلى التعرف على دور التيار السلفي في النظام السياسي المصري بعد ثورة 25 يناير
2011م، كما وتهدف إلى - :معرفة طبيعة التفاعل بين الفكر السلفي والتيار السلفي والبيئة المحيطة - .التعرف
على التحول في الدور السياسي للتيار السلفي - التعرف على مواقف التيار السلفي من القضايا المتعلقة بمفهوم
الدولة المدنية والديمقراطية
والمرأة، واالقباط والتغيرات التي طرأت على هذه المواقف - التعرف على اسباب التراجع السياسي للتيار السلفي
بعد الصعود - .تصور المستقبل السياسي للتيار السلفي المعاصر .
منهجية الدراسة
اعتمدت هذه الدراسة المنهج التاريخي حيث يستخدم في وصف األحداث والوقائع التي جرت وتمت في الماضي
أن المنهج التاريخي يدرس وقائع وأحداث الماضي ويعمل )1 )فاالعتماد عليه يعد مناسبا لهذه الدراسة حيث يشير
على تفسيرها وتحليلها على أسس منهجية علمية دقيقة تضمن التوصل الى حقائق وتعميمات تساعد على فهم
الماضي والحاضر والتنبؤ بالمستقبل كما اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي لوصف الظاهرة نوعية وبحثها في سياقها
التاريخي ودراستها بالنقد والتحليل
المذحجي، احمد علوان، األسلوب العلمي العداد الورقة البحثية، مطابع المتنوعة، صنعاء، 2007 ،ص13 ( 1)5
المبحث األول: الموقف السلفي من الديمقراطية والدولة المدنية والمواطنة
تعتبر الشروط الموضوعية عامال مهمة ومؤثرة في تشكيل الهوية السلفية وتحوالتها بين عصر وآخر، فموقف
التيار السلفي في مصر من ثورة 25 يناير يوضح مدى التغير في االيديولوجية والرؤى السياسية بما يتناسب مع
)1 )تحوالت الواقع السياسي، حيث تكيفت مع الواقع الجديد بما فرضه من تحديات مختلفة.
فالطرح السلفي فرض نفسه في مصر النه ذو قوة تأثير تربط قضية الفكر والممارسة السياسية بمنهج التدين
والثواب والعقاب ويجعل الموقف السياسي جزءا من الدين، كما ويتميز بنشر الفكر السياسي الذي يتبناه خارج دائرة
السلفية وهو ما يجعله مؤثرة في الجهات األخرى فالفكر السياسي الذي يتباه السلفيون في ممارستهم للسياسة يتجلى
في مواقفهم ونظرتهم حيال العديد من المسائل والمفاهيم كمفهومهم للدولة وقضايا المواطنة والديمقراطية، األمر الذي
يستدعي التعرف على مواقف التيار السلفي من هذه القضايا السياسية .
المطلب األول: تصور السلفيين عن ما هية العمل السياسي
التشريع حق خالص لل عز وجل .القوانين الوضعية مخالفة للشريعة االسالمية .النظام قسمان اداري وشرعي،
فاالداري ال مانع منه اذا كان ال يخالف الشرع، واما الشرعي المخالف لتشريع للا عز وجل فتحكيمه ال يجوز، وهناك
فارق اساسي وكبير بين الحكم االسالمي والحكم العلماني الديمقراطي ال يجوز عرض الشريعة على األفراد ألخذ
موافقتهم على تطبيقه المجالس التشريعية التي تسن قوانين مخالفة للشرع تعتبر مجالس كفرية .التبرؤ من األحزاب
السياسية التي تقوم على مبادئ العلمانية والديمقراطية واالشتراكية .
فالسلفيون ال يعارضون السياسة التي تحقق المصلحة العامة للشعب وان لم يشرع بها الدين االسالمي
)2(
مسترشدين بقول ابن القيم عن عالقة الواجب بالواقع أن يعطي الواجب حقه من الواقع كما يعطي الواقع حقه من
(3 (الواجب
"فالتصرف السياسي منوط بمعرفة الشريعة ومعرفة الواقع والمطابقة بين الشريعة والواقع، وفق قواعد
المصالح والمفاسد التي تقول بدفع أعلى المفسدتين وإن تحققت أدناهما وتقول بتحقيق أعلى المصلحتين وإن فاتت
أدناهم ويالحظ أن التيار السلفي قد تحصن بالعديد من الفتاوي التي استخدمت من خالل كياناته كالدعوة السلفية
وانصار السنة وقياداته لمهاجمة االسالميين لممارستهم السياسية ما جعلهم في تشابه مع موقف الحكومة الرسمي
من المعارضة السياسية بشكل عام واالسالمية بشكل خاص، كما شكلت حسابات موازين القوى وتجنب الفتنة والصدام
)4 )واهمية التربية اإليمانية دورا حاسما وتبريرا الخيارات السلفيين السياسية.
)1 (
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص14 .
ابراهيم خليل، الدولة الدينية والدولة المدنية، بحث مقدم لمؤتمر بيت المقدس الثالث في فلسطين، 2012 ،ص،190 ( 2)
بن القيم، احکام اهل الذمة، رمادي اللنشر، الدمام، المجلد األول، ط 1997 ، ص8 ( 3)
فايد، عمار أحمد، السلفيون في مصر :من شرعية الفتوى إلى شرعية االنتخاب، الظاهرة السلفية :التعددية التنظيمة والسياسات، بشير ) 4)
موسی نافع وآخرون محررون، مركز الجزيرة للدراسات الدوحة، ص726
فالمقوالت التبريرية والفتاوى الشرعية التي ساقها التيار السلفي ما قبل الثورة وظفت نفسها إلنتاج تحوالت ما بعد
الثورة فموازين القوى تغيرت، وتجنب الصدام لم يعد خيارة، ألن الفرصة حانت
التواجد التيار السلفي في المشهد السياسي واصبحت المجالس التشريعية وسيلة للحفاظ على الشريعة، فضال عن
قبولها برامج االحزاب السلفية مجتمعة بمبادئ طالما رفضتها كالديمقراطية والمواطنة وقد تمت هذه التحوالت دون
أي مراجعة حقيقية إلرث الماضي، ولم توضع في سياق اجتهاد جديد بل روج لها باعتبارها برهانا على سالمة
وصواب االجتهاد القديم فقد اعتبر التيار السلفي العمل السياسي بعد الثورة اسلوب معاصر من اساليب التأثير في
الواقع ايجابية على اعتباره رافدا من روافد السياسة الشرعية، والموازنة بين مصالحه ومفاسده وتختلف فيه الفتاوي
)1 )باختالف الزمان والمكان .
المطلب الثاني: موقف التيار السلفي من الديمقراطية
بعد امتناع التيار السلفي عن المشاركة الحزبية استنادا في الموقف الشرعي المعلن، اال انه اباح استخدام بعض
ادوات الديمقراطية مع الرفض لمفهوم الديمقراطية بمعناه الغربي كالتشريع.
كما يرى أن ممارسة الديمقراطية مشروطة بعدم مخالفة
المجلس التشريعي األحكام الشريعة االسالمية، وهذا ما حال بينه وبين المشاركة في االنتخابات البرلمانية سابقا
فالسلفيون على اختالف تياراتهم يعتقدون في ما قاله ياسر برهامي منظرهم بعدم جواز عرض الشريعة االسالمية
على األفراد ألخذ رأيهم فيها؛ ألن تطبيق الشريعة امر واجب، باإلضافة لفكرة الحاكمية، وبأن الحكم لل وحدة وليس
)2 )للمجالس التشريعية، فمهاجمة الديمقراطية تأتي من هذا المنطلق ألنها تتخذ من المجالس التشريعية آلية لها.
وال يخرج موقف التيار السلفي العلمي من الديمقراطية كنظام عن اطارين :االطار االول :رفض المشاركة بالعملية
الديمقراطية ايمانا بعدم مشروعيتها وكونها تتنافى مع اصول االسالم، اما الثاني :فيبرر أن المشاركة في العملية
) 3 )الديمقراطية تحت شعار الضرورة مع االعتراض على مبدأ النظام الديمقراطي لتعارضه مع اصول اإلسالم،
ويالحظ انخراط التيار السلفي في العمل السياسي والحزبي دون مراجعة كاملة لموروثه الفكري السلفي تجاه
الديمقراطية والحزبية وتداول السلطة وشروط اللعبة السياسية، وبالرغم من اعالنه بقبول الديمقراطية وتداول السلطة
واظهاره مرونة في الحوار والتحالف مع القوى السياسية المختلفة، اال انه رفض اإلقرار بالدولة المدنية وأصر على
فايد، عمار أحمد، السلفيون في مصر :من شرعية الفتوى إلى شرعية االنتخاب، الظاهرة السلفية :التعددية التنظيمة والسياسات، بشير ) 1)
موسی نافع وآخرون محررون، مركز الجزيرة للدراسات الدوحة، ص73
)2 (
عبد اللطيف، مجموعة الرسائل والمسائل النجدية .مطبعة المنار، مصر، ج 3 ،ص 11 .
القديمي، نواف القديمي، اشواق الحرية مقاربة للموقف السلفي من الديمقراطية، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2009 ، ص12 ( 3)7
)1 )هدف إقامة الدولة اإلسالمية،
احدى الدالالت على التحول السلفي في الموقف من الديمقراطية، من حيث تحريمها
وتكفيرها سابقا ألنها" نظاما كافرة مستورد من الغرب "وقبولها الحقا هو االحتجاج بالتمييز بين فلسفة الديمقراطية
وآلياتها حيث يرفض التيار الفلسفة ويقبل باآلليات واالدعاء بقبول الديمقراطية المقيدة بالشريعة االسالمية، مع تأكيدهم
في الوقت نفسه على التزامهم بنتائج الديمقراطية وصندوق االقتراح ومبدأ تداول السلطة والقبول بالتعددية السياسية،
) 2 )وهذا دليل على تحوالت و تغيرات جذرية في الموقف حيال مفهوم الديمقراطية .
ولم يكتف شيوخ الدعوة السلفية التي ينحدر منها حزب النور بمسألة جواز تكوين األحزاب والمشاركة في
االنتخابات بل عمدوا إلى تأثيم من لم يشارك فيها ومن يحرم تلك المشاركة.
وكان الفتا تحول بعض االتجاهات السلفية، كما في حالة حزب النور السلفي الذراع السياسية للدعوة السلفية في
اإلسكندرية التي كانت تبتعد عن المشاركة في الحياة السياسية من قبل، وتعتبر الديمقراطية نظاما غربيا كافرا، إلى
القبول بالديمقراطية، والمشاركة في االنتخابات البرلمانية، بعد ثورة 25 يناير.
يشير الباحث في شؤون الفرق والحركات اإلسالمية اسامة شحادة :أن السلفيين لم يؤمنوا يوما بالديمقراطية، حتى
الذين انخرطوا منهم في الممارسة الحزبية والبرلمانية، مازالوا يعتبرون الديمقراطية كفرة، وال يصفون الدولة القائمة
باإلسالمية، ولم يكن قبولهم بها إال للضرورة، التي حتمت عليهم ممارسة ذلك الدور للوصول إلى الحكم اإلسالمي
الذي ينشدونه، فالعزوف السلفي عن الديمقراطية في العقود الخمسة الماضية كان وفق المبررات.
المطلب الثالث: موقف التيار السلفي من الدولة المدنية
الدولة المدنية دولة ديمقراطية تسمو فيها االرادة الشعبية لتكون المحدد في اختيار من يحكم ومن يقرر ومن يشرع
ويحاسب، فهي تخضع إلرادة األغلبية وتحترم حقوق األقلية، وتنظم التداول السلمي للسلطة، وتقرر بمبدأ فصل
) 3 )السلطات.
ان المشاركة السياسية ال تعني قبول السلفيين الدولة العلمانية، إليمانهم بالنظام المستند لمبادئ الشريعة االسالمية
، فالتصريحات الرسمية لحزب النور السلفي ترفض بشكل كامل مصطلح الدولة المدنية المرادف ) 4 )في حكم المسلمين
للدولة العلمانية وتؤكد سعي الحزب الدولة ذات مرجعية إسالمية كاملة في األحكام والمبادئ.
)1 (
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص 82 .
)2 (
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص 149 .
األنصاري، احمد بو عشرين، مفهوم الدولة المدنية في الفكر الغربي واالسالمي - دراسة مقارنة لبعض النصوص التأسيسة، سلسلة ) 3)
دراسات، المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات، ابريل، 2014 ، ص 21.
ب ارون، جوناثان، السلفيون والصوفيون في مصر، مؤسسة كارنيجي للسالم الدولي، ديسمبر 2011 ، ص4 ( 4)8
كما أن تأكيد السلفيين على المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن )مبادئ الشريعة اإلسالمية هي المصدر
)1 )الرئيسي للتشريع (يدخل في سياق هوية الدولة االسالمية وبالتالي مدخال مهما لمنح خطابهم السياسي المشروعية )
وبالرغم من الرفض للدولة المدنية اال أن التيار السلفي شكل األحزاب وشارك في االنتخابات متجاه "الخطوط
الحمراء من االنخراط في السياسات الديمقراطية التي أجمع عليها الفقهاء السلفيين في العصر الحديث، وبالتالي
أصبح في قطيعة مع الموقف السلفي النموذجي
)2 )أجمل الباحث محمد فتحي حصان مفهوم الدولة المدنية عند السلفيين في اآلتي :
ان التيار السلفي يرفض المفهوم الغربي للدولة المدنية الحديثة النه يقوم على مرتكزات مرفوضة من جانبه و
المتمثلة بالعلمانية والوطنية والديمقراطية.
رفض الدولة الدينية الثيوقراطية التي تضفي على الحاكم وقراراته قدسية دينية االعتراض عليها ومخالفتها .
الرفض من اغلبية التيارات السلفية للدولة المدنية ذات المرجعية االسالمية النه محاولة للتوفيق بين متناقضين .
الدولة االسالمية التي يريدها السلفيون هي دولة ال تفصل الدين عن الدولة، دولة سلطة الحكم فيها للشعب ولكن
سلطة التشريع للشرع، فهي توافق في المضمون الدولة المدنية في أن السلطة الحاكمة فيها للشعب وتخالفها في
حرمان الشعب من حق التشريع، فالشعب فيها يحكم نفسه بنفسه وفق شرع للا ودستورها الكتاب والسنة
تسيطر فكرة الهوية االسالمية بشكل رئيس على الفكر السياسي الوليد للتيار السلفي وتمثل الدافع والمحرك
الرئيس للمشاركة السياسية وتشكيل األحزاب واالشتراك في تنظيم المظاهرات، فالدافع وراء هذه الممارسة السياسية
هو الحفاظ على الهوية االسالمية لمصر .
المبحث الثاني: موقف التيار السلفي من حقوق المواطنة والمرأة
يمكن التعرف على الموقف السلفي من حقوق المواطنة من خالل معرفة مواقفهم من حقوق المرأة واالقباط التي
تكفل بها الدستور المصري كما هو واضح في مواده اآلتية: مادة 37 من الدستور المصري التي تنص على أن
"حرية االعتقاد مصونة وتكفل الدولة حرية اقامة دور العبادة لالديان السماوية وعلى النحو الذي ينظمه القانون المادة
30 ،التي تنص على أن" المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ال تمييز بينهم
في ذلك بسبب الجنس او االصل او اللغة او الدين او العقيدة او الراي او الوضع االجتماعي او االعاقة ماده68،
التي تنص على أن" تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجاالت الحياة السياسية
والثقافية واالقتصادية واالجتماعية وسائر المجاالت االخرى دون اخالل باحكام الشريعة اإلسالمية ."
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص 112 ( 1)
حصان، محمد فتحي، الفكر السياسي للتيارات السلفية في مصر، المكتب العربي للمعارف، 2013 ،ص 280 ( 2)9
المطلب األول: موقف التيار السلفي من حقوق المرأة
بالرغم من المحاذير والقيود السلفية على مشاركة المرأة المصرية في الحياة االجتماعية، إال أنهم يؤكدون في
نفس الوقت على أهمية وجودها في الساحة على شكل المرأة الداعية الن الدعوة االسالمية تكليف عام للجنسين، كما
أن للنساء أدوار يكن فيها أفضل من الرجال كوجودها في المؤسسات التي تكثر بها النساء كالمؤسسات الصحية
والتعليمية واالجتماعية.
ويرتبط المنظور السلفي للمرأة بشكل عام بأنماط محددة في التراث الفقهي اإلسالمي، فالخطاب السلفي نشر ثقافة
الحجاب بمعنى العزل أو اإلقصاء، واعتبر مشاركة المرأة في الحياة العامة وخروجها من البيت نوعا من السفور،
وشكل الخروج غير المسبوق للنساء إلى الشوارع تحت شعار السلفيين ابان الثورة اختبارا لهذا التيار من موقفه التقليدي
من المرأة، وهو ما اعتبر بداية مراجعة للموقف السلفي تجاهها اال ان موقفه من والية المرأة ظل موضوع خالف
فكري باستثناء حزب النور الذي سمح بخوض النساء المعترك السياسي فقد رشح المرأة في االنتخابات البرلمانية التي
)1 )خاضها
، وجاء ذلك باألساس تطبيقا لقانون االنتخابات الذي فرض وجود المرأة على قوائم الترشح .
وبالرغم من تعارض فكرة مشاركة المرأة في العمل السياسي ألفكارهم، اال أن القوة التصويتية الكبيرة للمرأة
المصرية التي تعادل % 5 . 48 جعلت التيار السلفي يتنازل عن فكرة تحريم خروج المرأة ومشاركتها في العملية
السياسية لصالح مرشحيه
) 2 )وتحريم ترشح المرأة عند السلفيين مبني على اراء فقهية أبانوا عنها باآلتي :
1 .أن األصل الذي أثبته القرآن الكريم أن الرجال قوامون على النساء، وأن ترشح المرأة للبرلمان يقلب الوضع
وبالتالي تصبح النساء قوامات على الرجال
2 .وجود المرأة كمرشح للبرلمان يجعل من مهامها التشريع ووضع القوانين ويعتبر هذا أخطر من الوالية واإلمارة
لكونها تشرع للدولة، ولخطورة هذه المهمة على المرأة مزاولتها.
لقد وصف ياسر برهامي ترشح المرأة للبرلمان بالمفسدة اال ان ترشيح المرأة على قائمة حزب النور كان اضط ارري
بسبب اشتراط القانون وجود امرأة في قوائم األحزاب، كما أشار بعدم جواز دخول المرأة للبرلمان؛ ألنه يعتبر والية
منها على الرجل، اال انهم مجبرين ومضطرين؛ ألن الرفض معناه ترك الساحة والخروج من المشهد، فمفسدة ترشح
المرأة للبرلمان من وجهة نظر التيار السلفي أقل من مفسدة ترك المشهد لمن يريدون تغيير هوية األمة اإلسالمية،
فال يجوز تولي المرأة الوالية، فالخروج على الثوابت ما كان اال ألجل المصلحة .
فريج، ريتا، السلفيون الجدد ماذا تغير بعد الثورة، تعليق على كتاب السلفيون في مصر بعد الثورة، صحيفة األخبار المصرية، العدد ) 1)
14 ص، 1678
عالني، اعلية، المرأة في الخطاب السلفي بعد الربيع العربي من خالل بعض النماذج، المراة وربيع الثورات، وقائع مؤتمر اقليمي، مركز ) 2)
القدس للدراسات السياسية، عمان، 2015 ،ص24110
كما يرى التيار السلفي أن المرأة غير مؤهلة لتولي منصب الرئاسة، ولم يدفع بممثالت له في جمعية الدستور،
اال أن حزب النور لم يعترض على تولي امرأة للجنة التحقيق الخاصة بأحداث الفتنة الطائفية التي حدثت باإلسكندرية
في فبراير فالموقف السلفي يشكل حالة لمسألة التضارب بين مبدأ الضرورة ومبدأ التعامل االجتهادي مع قضية المرأة
، وبالرغم من حسم حزب النور السلفي العديد من المسائل حول المشاركة السياسية للمرأة، وخوضه االنتخابات
بمشاركتها، إال أنه بقي أسير تلك األنماط التقليدية في النظر إلى المرأة، وال تزال التيارات السلفية تختزل دور المرأة
في خدمة المجتمع وتربية األبناء المتمثلة باألدوار التقليدية للمرأة التي تبتعد عن مفهوم المواطنة بمعنى الشراكة على
) 1 )قدم المساواة في الحياة المجتمعية، أو أن تتولي المناصب العليا كأن تكون وزيرة او قاضية أو رئيسة دولة.
الموقف من حقوق المواطنة لالقباط :
بالرغم من تأكيد كل الدساتير المصرية على مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المصريين
دون أي تمييز بسبب االصل او اللغة او الدين اال ان قضية المواطنة والعالقة بين الدين والدولة ظلت مصدر قلق
وخوف لالقباط من المساس بحوقهم وتقييد حرياتهم، وخاصة في ظل الصعود السياسي للتيارات االسالمية وبشكل
)2 )خاص الصعود السلفي المتمثل بحزب النور.
وتعد قضية االقباط احد ابرز القضايا في الخطاب السلفي فأهمية الموضوع تكمن من مخاوف األقباط انفسهم
من السلفيين واتهامهم بحمل اجندة معادية لالقباط وحقوقهم في المواطنة الكاملة، وكذلك بسبب وقوف السلفيين في
الصفوف األولى على خط االشتباك السياسي واالجتماعي مع األقباط وتركيزهم على موضوع الهوية االسالمية
، فالسلفيون ما زالوا يؤكدون على الهوية االسالمية لمصر وجعل ) 3 )لمصر الذي يقلق االقباط والتيارات العلمانية
االسالم الصفة االساسية للدولة ويرفضون الدولة المدنية لكونها دولة علمانية، وهذا ما يتعارض مع مواقف االقباط
والليبراليين الذين يريدون الدولة المدنية الديمقراطية.
ومع ذلك لوحظ تراجع في حدة موقف التيار السلفي من مسألة المواطنة لألقباط فقد استنكرت حركة الدعوة
السلفية التهجم من قبل بعض الدعاة عليهم مؤكدة على حقهم في المواطنة وممارسة شعائرهم الدينية، كما رحبت
بمادة الدستور التي تسمح برجوع غير المسلمين إلى شرائعهم في القضايا الشخصية والدينية، اال أن هذا التراجع لم
يصل إلى درجة القبول بتولي األقباط مناصب قيادية في الدولة في المعهد األلماني وتؤكد برامج االحزاب السلفية
على مبدأ السلم االجتماعي واالمن الداخلي وحرمة االعتداء على األموال األعراض والممتلكات والحريات الدينية
حصان، محمد فتحي، الفكر السياسي للتيارات السلفية في مصر، رسالة ماجستير، جامعة الدول العربية، مصر ، ص 222 ( 1)
فهمي، جورج، مستقبل السلفية السياسية في مصر وتونس، مركز كارينغي، 16 نوفمبر2015 ، ص 40 ( 2)
)3 (
عبد للا، عصام، السلفيون واألقباط في مصر رؤية في الجذور واالشكاليات والتحديات، مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2012،
ص18411
لالقباط، وبخصوص حقوقهم السياسية فقد التزم السلفيون بقواعد اللعبة السياسية وحدودها واعلنوا قبول التعددية
) 1 )وتداول السلطة والعمل السلمي، والتزموا بأحقية االقباط بالترشح للمواقع العليا
،
ومع ذلك يبقى االرتباك لدى التيار السلفي بشأن األقباط وحقوقهم السياسية، فحزب النور اعتبر األقباط شركاء
الوطن اال انه لم يحدد موقفه من وصول قبطي إلى رئاسة الجمهورية، ولم يغير موقفه من والية غير المسلم معتبرا
ذلك من الثوابت التي لم يمسها أي تغيير.
فالمجتمع المصري ما زال غير مهيأ لقبول رئاسة القبطي وفقا للمبررات التي قدمها حزب النور لتوضيح موقفه
الرافض لتولي قبطي منصب رئيس الجمهورية مستندة إلى المادة الثانية من الدستور والتي تنص أن دين الدولة
الرسمي هو اإلسالم وهو مايقتضي تلقائيا أن يكون رئيس الدولة مسلمة.
من جهة اخرى رفض السلفيون المصريون تهديد القاعدة للكنيسة المصرية وألقباط مصر، وقدمت بعض الدراسات
في تحريم ذلك فذهب بعض المشايخ مثل محمد حسان إلى تحريم استهداف المسيحيين، مؤكدا على أهمية الدور
للدعوة السلفية في مساعدتها بتخفيف الغضب الذي ثار بسبب بعض الحوادث والتي اغلقت بعض القنوات الدينية
على اثرها، ومن أخطر مواقف السلفيين مواقفهم الدينية المتشددة من األحداث الطائفية التي جرت بعد ثورة يناير،
مثل هدم كنيسة صول بأطفيح، إلى قطع أذن الشاب القبطي ديمتري بمحافظة قنا، وانتهاء بأحداث إمبابة في 8
مايو /آيار عام 2011 ، وقد اتخذ السلفيون الموقف نفسه عند تعيين محافظ مسيحي لمحافظة قنا في إبريل /نيسان
2011م، حيث شاركوا بكثافة في االعتصام االحتجاجي على هذا التعيين استنادا إلى أنه ال والية لكافر على مسلم،
وذهب السلفيون أيضا إلى ضرورة أن تعيد الكنيسة في مصر النظر في دورها بخصوص المتحولين دينيا، بما يضمن
حرية االعتقاد، وتمشيا مع هذا المبدأ أسس عدد من السلفيين ائتالفا للدفاع عن المسلمين والمسلمات الجدد، تحت
اسم ائتالف دعم المسلمين الجدد .
ورغم مواقف حزب النور المعادية لألقباط منذ تأسيسه في أعقاب ثورة 25 يناير اال أنه دخل االنتخابات البرلمانية
عام 2011 ب 12 مرشحة مسيحية على قوائمه حيث وصف خصومه اجراءات الحزب باستخدام األقباط على
قوائمه االنتخابية كمحلل شرعي لخوض االنتخابات، مدللين على ذلك بتصريح رئيس الحزب يونس مخيون، الذي
أدلى به على الفضائيات بقوله :لوال اشتراط القانون وجود نسبة من األقباط في جميع القوائم لما قام أي حزب بوضع
مسيحيين على قوائمه، وهذا ما أثار استياء لدى بعض مرشحى األقباط داخل قوائم الحزب، إذ أن القانون هو من
ألزمهم بوضع األقباط ولواله ما رشحوا أقباط في قوائمهم .
كما وأثار قرار حزب النور بحجب صور المرشحات على قوائمه االنتخابية من الدعاية االنتخابية جدال واسعا
في األوساط السياسية، خصوصا أن القرار يشمل المرشحات القبطيات على قوائمه.
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص 150 ( 1)12
وفسر حزب النور قراره بأن البرنامج االنتخابي أهم من صور المرشحات، وسط اتهامات من األحزاب الليبرالية
واألقباط لحزب النور بأنه ال يؤمن بحقوق المرأة واألقباط .
وبالرغم من تأكيد حزب النور التزامه بالتعامل مع األقباط وفقا لمبادئ الشريعة اإلسالمية اال انه اظهر مواقف
مناوئة لحقوق األقباط واألقليات النوعية في مصر، كما أعلن في العديد من المناسبات أنه ال يحتفل بأعياد المسيحيين
وال يقدم لهم التهنئة مستندة إلى فتوى للشيخ ابن عثيمين في تحريم تهنئة المسلمين لألقباط بأعياد الميالد، حيث جاء
فيها أن تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام باالتفاق، وفتوى ابن القيم في كتاب أحكام
أهل الذمة التي تبين تحريم التهنئة بشعائرهم كالتهنئة بأعيادهم وصومهم واعتبر ذلك بمنزلة تهنئته المسيحي بسجوده
للصليب.
ومع ذلك لم يصدر عن حزب النور أي تعليق على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الكنيسة التهنئة األقباط
في عيدهم، في حين عبر الحزب عن تأييده زيارة الرئيس المعزول محمد مرسی للكنيسة وكانت وجهة النظر حينها
أن حضور مرسی احتفال أعياد القيامة أمر مقبول بهدف لم شمل جميع المصريين، ولتحسين صورة اإلسالميين
والرئيس ذي الخلفية اإلسالمية.
لقد اكتفى حزب النور في برنامجه االنتخابي بخصوص موقفه من األقباط بالتركيز على المبدأ التقليدي للتيار
السلفي المتمثل في عبارة الهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وبقي تصور الشريعة كمرجعية عليا بما في ذلك الحرية الدينية
لألقباط.
المطلب الثاني: الفكر السياسي للتيار السلفي وأثره على وحدة صفه
خالف سلفي حول فهم الواقع إن نظرة السلفيين للواقع وتفاعلهم مع معطياته كتحديد الموقف من األنظمة السياسية
القائمة، وآلية التعاطي معها من ابرز األسباب في اختالفات السلفيين وتباين مواقفهم السياسية وبالتالي اختالف
الرؤية السلفية في فهم الواقع ومن الصعوبة بمكان الحديث عن سلفية واحدة وانما سلفيات تنوعت خالفاتها باختالف
أدبياتها وتقريراتها
فهي ال تتفق على نمط واحد بالنسبة لرؤيتها السياسية، فالفكر السلفي يضم من يؤمن بمساواة جميع المواطنين،
ويعجب بالعديد من األفكار الليبرالية، وال يرى حرجا في التعامل مع التيارات األخرى، كما يضم من يصل بأفكاره
إلى العنف واإلرهاب .
فاالختالفات حول المواقف انعكست في ظهور أحزاب سياسية مختلفة، ولكل منها تصور خاص فالتباين في
المواقف يعكس الرؤية السياسية حوله وبالتالي ال يمكن النظر إلى التيار السلفي على انه جماعة دينية محضة وانما
ككتلة اجتماعية تعكس تركيبة طبقية وثقافية لها مصالحها واهدافها13
فالخالف بين السلفيين التقليديين والجدد ال يتخذ بعدا عقائدية حيث يتفقون على الخطوط الحمراء العريضة للمنهج
السلفي لكنهم يختلفون بشأن آلية التطبيق، حيث كشفت أحداث الثورة عن الشقاق الكبير الذي نال من وحدتهم،
واظهرت مزيدا من التباين بين الشيوخ التقليديين واالتجاه الجديد الذي يرى أن الظروف الراهنة تسمح بتطبيق المشروع
) 1 )السياسي بعدما تم اعداد القاعدة الشعبية لذلك
،
ان عجز التيارات السلفية في التوحد لمواجهة التيارات العلمانية التي تمتلك خبرة اكبر في المجال السياسي
باالضافة إلى التشظي بسبب التناقض بين مبادئها المعلنة وبين مبادئ العملية السياسية الحديثة زاد حدة االختالفات
في الرؤى حول حجم التنازالت المسموح تقديمها وبالتالي انشطار األحزاب امر ال مفر منه، ومما زاد األمر سوءا
) 2 )غياب اطار موحد لهذه األحزاب ينظمها في مواجهة التيارات الفكرية األخرى،
وظهرت االنقسامات في الشهور التي تلت سقوط النظام وتنحي مبارك عن الحكم حيث كان ذلك بمنزلة مخاض
تاريخي وفكري للسلفية، وشهدت نقاشات داخل التيارات السلفية اسفرت عن مواقف متباينة تجاه العمل السياسي
عموما، وتمخض عن ذلك تأسيس حزب النور ومن ثم حزب الفضيلة تاله حزب
افراز سلفيين جهاديين :
التجربة السياسية التي خاضها التيار السلفي كان من نتائجها ترك بعض السلفيين العمل السياسي والعودة إلى
العمل الدعوي، في حين فضل آخرون االنضمام إلى المجموعات السلفية الجهادية لبناء دولة إسالمية بالقوة، معتبرين
اإلنجازات التي حققتها بعض المجموعات كتنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام وجبهة النصرة في سورية الكبر
دليل على فعالية خيار استخدام القوة لتحقيق األهداف المنشودة .
فاالتجاهات داخل الفكر السلفي تنوعت لتصل إلى الجماعات الجهادية التي تؤمن وتمارس العمل المسلح لتحقق
أهدافها، وظهر لها نشاط ملموس في سيناء واعمال عدائية على ممتلكات الدولة وهناك تشابه بين السلفية الجهادية
مع السلفية التقليدية والحركية بانها تصاغ بصورة كبيرة على اساس الهوية الدينية التي تحتل مساحة واسعة من
منظورها الفكري وممارساتها اليومية، فهي عقائدية بامتياز بما في ذلك المنظور السياسي، فموقفها من الحكومات
واالنظمة واللعبة السياسية والديمقراطية واالحزاب السياسية مرتبط بالعقيدة والتوحيد، فالسلفية الجهادية تعارض أي
محاوالت التبني العمل السلمي أو تأطير التيار عبر البرلمانات أو تبنيه األدوات سلمية مثل المسيرات واالحتجاجات
فريج، ريتا، السلفيون الجدد ماذا تغير بعد الثورة، تعليق على كتاب السلفيون في مصر بعد الثورة، صحيفة األخبار المصرية، العدد ) 1)
14 ص ، 1678
عبد الهادي، مجدي، مصر السلفية ازمة الهوية والصيرورة، 2013 ،ص 126 ( 2)14
إن اإلصرار واالستعداد للحرب من أجل الهوية اإلسالمية للدولة المصرية الظاهر في الخطاب السلفي المصري
بعد الثورة يؤكد على أن التحول السلفي للتنظيم الحزبي يجعله يقترب من حركات اإلسالم السياسي، لكنه على
المستوى الخطابي يبقى أقرب للجهاديين من اإلخوان وغيرهم .
فاالختالف في فهم السلفية للواقع وتوصيف هذا الواقع وكيفية التعامل معه افرز سلفيات متعددة مثل السلفية
الجهادية التي ترى أن الجانب العسكري مقدم للتعامل مع الواقع مستندة إلى نصوص شرعية تثبت فيها نظرتها، وفي
المقابل هناك السلفية الجامية الموالية للحكومات وشرعيتها وتستند في ذلك الى النصوص التي توجب طاعة ولي
) 1 )األمر وتغلبها .
كما أن الولوج للعمل السياسي افرز خالفات داخلية كبيرة حول مشروعية التغيير، فالقبول بالديمقراطية واللعبة
السياسية وشروطها واالختالفات الجوهرية بين طبيعة العمل الحزبي والدعوي، لم يكن موضع اتفاق وتوافق كامل في
األوساط السلفية، فهناك تيارات ترفض هذا التحول وتصر اما على رفض العمل السياسي او ولوج التغيير من غير
بوابة الديمقراطية مثل السلفيين الجهاديين .
فقد واجه حزب النور السلفي تحديات كبيرة من حركة السلفية الجهادية بعد أن دعم هذا الحزب التدخل العسكري
ضد جماعة اإلخوان المسلمين في يوليو2013 ، كما واجه انتقادات من قبل بعض مؤيديه الذين اعتبروا أنه قد تخلى
عن المشروع اإلسالمي، وتصاعدت هذه التوترات في تشرين األول /أكتوبر 2015 مع اغتيال المرشح البرلماني عن
حزب النور في شمال سيناء من قبل مقاتلين سلفيين جهاديين .
المبحث الثالث: الخطاب السياسي للسلفيين
افرزت الثورة المصرية في يناير 2011 سجاالت جوهرية مشكلة صدمة كبيرة لمقوالت وخطابات السلفيين في
التركيز على العمل الدعوي والتربوي واالستنكاف عن العمل السياسي، ودفعت بالتيار السلفي الى العمل السياسي
وفرض واقع جديد .
حيث قامت بعض التيارات السلفية بالتراجع عن المواقف الخاصة بشرعية العمل الحزبي بعد أن اشتركت جميع
هذه التيارات سابقة في رفض الديمقراطية او المشاركة البرلمانية، فقد تم انشاء حزب الفضيلة تاله حزب النور وسط
صمت شيوخ الدعوة تجاه دعمهم المباشر لهذه التجربة، اال ان خطاب السلفية المدخلية لم يطرأ عليه أي تغيير حيث
ظل يرفض العمل السياسي ويعتبر طاعة ولي األمر من أولى أدبياته.
رشدي، حسن، السلفيون وقواعد اللعبة السياسية، الخيارات السياسية للتيارات السلفية، تحرير احمد عمرو، المركز العربي للدراسات ) 1)
اإلنسانية، القاهرة، 2011 ،ص3215
كان مستبعد أن يحدث التحول في خطاب سياسي للسلفيين الذين يمتلكون موروثا فكرية دعوية ورؤى فقهية تمثل
األصول والقواعد، مثل حرمة التحزب وتكوين األحزاب السياسية، وحرمة الدخول للمجالس التي تشرع بغير ما أنزل
للا، وحرمة دخول المرأة للمجالس النيابية، وحرمة الديموقراطية وحرمة الخروج على الحاكم وحرمة التظاهر .
اال أن هذه األصول والقواعد والفتاوي تغيرت دفعة واحدة، فتسليط الضوء على ماهية الخطاب السياسي للسلفيين
يعتبر ضرورة ملحة لمعرفة التغيرات الكبيرة التي طرأت عليه، وفي هذا المبحث تم تناول الخطاب السياسي للسلفيين
قبل الثورة واثنائها وبعدها .
المطلب األول: الخطاب السياسي للسلفيين قبل الثورة 25 يناير2011 م
اتسمت الجماعات السلفية قبل الثورة باالنغالق على أعضائها وعدم االنفتاح على تيارات المجتمع بتوجهاتها
الفكرية المختلفة كما كانت بعيدة عن المشهد السياسي وتركز كل جهودها على العمل التعليمي والتربوي والدعوي
رافضة ومحرمة الدخول إلى اللعبة السياسية .
ورغم عدم وجود اطر حزبية وسياسية واضحة لدى أغلب التيارات السلفية، اال أن االختالفات في مواقفها كانت
واضحة تجاه الشأن السياسي تحديدا، وبينما فضل أغلبهم عدم الخوض في الشأن السياسي بشكل مباشر، مثل الدعوة
السلفية في االسكندرية، اال أن رؤيتهم الفكرية تباينت في الموقف من الحكومات والسياسات من رؤى شيوخ آخرين
)1 )كانوا يمنحون الشرعية للحكومات المصرية، وتتلخص الحالة السلفية في مصر قبل الثورة كما بينها باآلتي :
خارطة متشعبة من الجماعات والمجموعات والدعاة، الذين يشتركون في العقائد الدينية السلفية، وفي المواقف
الفكرية عموما تجاه العلمانية والديمقراطية والليبرالية، لكنهم يختلفون في قضايا أخرى، مثل الموقف من الحكام
المعاصرين تركيز النشاط على الجانب الدعوي والتربوي والعلمي والخيري، واالبتعاد عن العمل السياسي المباشر .
بروز السلفيين في مصر في العقدين األخيرين، عبر الفضائيات والكتيبات والنشاطات الدعوية والعلمية والخيرية،
واالعتماد وبدرجة كبيرة على المساجد في نشر أفكارهم، عبر الخطب والمواعظ والدروس العلمية، وساعدهم في هذا
االنتشار تضييق السلطات على االخوان المسلمين ومطاردته تبني موقف رافض لالنتخابات .
المطلب الثاني: الخطاب السياسي أثناء الثورة 25 يناير2011 م
كشفت أحداث يناير 2011 عن بروز التيار السلفي كعنصر أساسي من العناصر المحركة لألحداث، حيث
لوحظ الحضور الفعال لهذا التيار وانصاره في الساحة المصرية، سواء على مستوى الحضور البشري المباشر، أو
على مستوى حضور الخطاب والشعار .
)1 (
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص95 .16
كان موقف التيار السلفي في بداية الثورة موقفا سلبية حيث دعا إلى وقف التظاهرات والحوار وعدم االنجرار إلى
الفتنة، مما جعلهم عرضة للكثير من االنتقادات، التي وصلت إلى حد االتهام بالعمالة الحساب أمن الدولة، حيث
شكلت الثورة المصرية صدمة ايديولوجية وسياسية لعموم التيار السلفي الذي التزم االبتعاد عن العمل السياسي و
عدم المشاركة في التظاهرات واالعتصامات، مما جعل هذا التيار امام مواقف متناقضة تماما عن مواقفهم السابقة
فاما االنخراط في االحتجاجات وهذا ما يعتبر تحول فكري وسياسي كبيرين، واما االلتزام بمواقفهم الرافضة للعمل
السياسي والمشاركة في االحتجاجات وهو ما يجعلهم عرضة للنقد الشعبي والسياسي، او يلتزمون الصمت تجنبا
)1 )للرهانات السابقة، والمفارقة انهم توزعوا على المواقف السابقه جميعا .
فالسلفيون الحركيون وقفوا منذ البداية مع الثورة، وقدموا فتاوی بشرعيتها، بينما وقفت مجموعة من كبار مشايخ
السلفية ضدها من أبرزهم محمود المصري الذي حث المتظاهرين على العودة إلى ديارهم وترك االعتصام، وكذلك
مصطفى العدوي والذي نفي صفة الشهادة عن ضحايا الثورة، ومحمد حسين يعقوب الذي وصف الثورة بالفتنة حيث
دعا المتظاهرين إلى العودة لديارهم ولزوم المساجد وعدم الجدل .
وفي األيام األولى لثورة2011 م صدر عن جماعة أنصار السنة المحمدية بيانا اعلنوا فيه عدم المشاركة في
التظاهرات واستنكروا اعمال التخريب والنهب والسلب والسرقات واالعتداء على الناس وشددوا على ضرورة التعاون
مع قوات الجيش، حيث قامت السلفية الحركية بالمشاركة في اللجان الشعبية وحماية الممتلكات وتنظيم الندوات
والمؤتمرات في معظم المحافظات المصرية بغرض فرض وجودهم على الساحة السياسية واصدروا اكثر من بيان
يحث على التواجد في الساحة السياسية .
ويمكن تلخيص موقف السلفية المصرية من الثورة بمدارسها المختلفة ورموزها المتعددة في دراسة عن ثوره /1/
2011م باآلتي :
موقف تأييد الثورة ودعم ناشطيها :من المدارس السلفية التي أيدت الثورة منذ البداية المجموعات السلفية في
القاهرة، وتمثل بمشاركة العديد من رموزها منهم :محمد عبد المقصود والشيخ نشأت أحمد والشيخ فوزي السعيد،
وشارك أتباع هذا التيار الشيخ محمد حسان في المظاهرات واالعتصامات حتى لحظة تنحي الرئيس المصري السابق
محمد حسني مبارك يوم 11 / 2 / 2011 م
مواقف معارضة للثورة :ويمثلها الشيخ محمود المصري ومصطفى العدوي الذي نفي صفة الشهادة عن ضحايا
الثورة، وكذلك الشيخ محمد حسين يعقوب الذي سمى الثورات بهيشات األسواق، واستخدم عددا من أحاديث الفتن
وأسقطها على الثور في مواقف ملتبسة :كانت من قبل اكبر تجمع سلفي في المشهد المصري والمتمثل بالدعوة
السلفية في اإلسكندرية، فقد جاء رفضها لثورة يناير خالل فتوى للدكتور ياسر برهامي جاء فيها " :انطالقا من تمسكنا
بديننا وشعورنا بالمسؤولية تجاه بالدنا، وحرصا على مصلحتها، وتقديما وتغليبة ألمن البالد والعباد في هذه الفترة
العصيبة، وتفويتا لمقاصد األعداء التي تهدف إلى نشر الفتن، نرى عدم المشاركة في تظاهرات الخامس والعشرين
ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش ايبرن، 2014 ،ص 98 ( 1)17
من يناير "، وبعد ذلك تطور الموقف بتوقيع أقطاب السلفية في اإلسكندرية على بيان اللجنة الشرعية األول الذي أيد
المظاهرات .وهو األمر الذي بدا فيه التناقض واضحة مع الموقف األول وقد تم تبرير هذا الموقف بأن المشاركة في
المظاهرات غير تأييدها.
المطلب الثالث: الخطاب السياسي بعد الثورة 25 يناير2011 م
بعد سقوط نظام محمد حسني مبارك وانتصار الثورة سارع شيوخ السلفية المستقلون مثل محمد حسان وأبو إسحاق
الحويني ومحمد يعقوب ومصطفى العدوي وأبو بكر الحنبلي ووحيد عبد السالم بالي وسعيد عبد العظيم ومعهم رئيس
جمعية أنصار السنة عبد للا شاكر وجمال المراكبي إلى تأسيس مجلس شورى العلماء، والذي أباح المشاركة السياسية
باعتبارها احدى الوسائل المجتمعية التي تساعد على نشر الدعوة مبررين بعدهم عن السياسة في الحقبة الماضية
بتعرضهم للقمع
والتهميش في ظل النظام السابق، وإن المشاركة السياسية كانت تستدعي تقديم تنازالت شرعية منها على سبيل
المثال، العمل في مؤسسات الدولة التي يرون أنها ال اسالمية وهو ما ال يقبله السلفيون، ولذلك فضلوا عدم الخوض
في السياسة خاصة عام2005 م رغم وجود حالة من الحراك السياسي والمجتمعي في البالد حينذاك، وأن عودتهم
هي رجوع للحق وبالتالي فالمشاركة هي طريق لتطبيق شريعة للا في األرض .وان األهداف السياسية البد وأن تكون
ضمن األهداف الشرعية ألن الغاية واحدة وهي تحقيق العبودية لل وإن اختلفت الوسائل، ومن ثم صدر البيان األول
في 10 مارس2011 م الذي يدعو إلى الموافقة على التعديالت الدستورية، ويرحب بالمشاركة في االنتخابات
التشريعية، مع عدم ترشح العلماء والدعاة .كما عقد السلفيون مؤتمرات حاشدة في اإلسكندرية ومرسي مطروح
والمنصورة لمناقشة األوضاع في مصر بعد ثورة 25 يناير، تحدث فيه محمد حسان عن ضرورة مراجعة االجتهادات
السلفية فيما يتعلق بالدخول إلى الحلبة السياسية والمشاركة في االنتخابات التشريعية والبرلمانية .
المبحث الرابع: الممارسة السياسية للسلفيين
أدت ثورة 25 يناير الى احداث تغيرات جذرية في بنية النظام السياسي بإحالل تيارات االسالم السياسي فيه ومع
هذه التطورات اتجهت تيارات سلفية للعمل السياسي وتصدرت االحداث و اصبحت مصدرا للتأثير في المعادلة
السياسية.
وللتعرف على طبيعة هذه المشاركة ومداها على الساحة المصرية ال بد من الحديث عن طبيعة الممارسة السياسية
للسلفين قبل الثورة مرورا بالمرحلة االنتقالية عقب الثورة وتشكيل األحزاب السياسية إلى الدخول في االنتخابات والترشح
لها وصداها على الشارع المصري والقوى السلفية .18
المطلب األول: الممارسة السياسية قبل الثورة وموانعها
كان السلفيون يرفضون العمل السياسي كآلية من آليات اإلصالح، لمخالفتها الصريحة لعقيدة التوحيد فالنظام
الديمقراطي يتنافى مع مبدأ حاكمية التشريع، وتعد الممارسة السياسية لجماعة االخوان احد اهم االشكاليات مع
السلفيين وكان رفض بعض التيارات السلفية للمشاركة السياسية لكونها تأتي
بمفاسد تفوق ما يرجى منها من مصالح .وكانت على خالف مع جماعة اإلخوان، حيث رأت أن ممارسة االخوان
للعملية السياسية تسوقها إلى تقديم الكثير من التنازالت مما يوقعها في مخالفات شرعية تتنافى مع الهدف الدعوي.
لم يكن التيار السلفي حاضرا في المشهد السياسي قبل الثورة حيث فضل االنصراف الى الدعوة واالرشاد على
االنخراط في حكومة التي اعتبروها فاقدة للشرعية ألنها ال تحكم باسم الدين االسالمي، فنبذوا الديمقراطية واعتبروها
كفرة الستمدادها شريعتها من األغلبية ال من الوحي االلهي قلبها فالنشاط السلفي قبل الثورة تركز على الخطاب
الدعوي الذي من خصائصه :
رؤية فردية الطابع، ينطلق اإلصالح فيها من تزكية الفرد المسلم بضبط اعتقاده على نهج السلف الصالح .التركيز
على دعوة الفرد الى االجتهاد في الطاعات باعتبارها اساس االصالح الفردي، كما ويركز على الهدى الظاهر من
اطالق اللحية وتقصير الثوب و النقاب .اعطاء األهمية لبعض السلوكيات مثل حكم سماع الغناء ومصافحة المرأة
والتصوير وغيره .
التركيز على اهمية طلب العلم الشرعي في سبيل تزكية الفرد وحفظ الشريع عدم اعطاء االهمية لقضايا تمس
واقع األمة اإلسالمية مثل القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا، حيث يعتبر ان اصالح الفرد هو السبيل االمثل
لخدمة مثل تلك القضايا.
المطلب الثاني: موانع الممارسة السياسية قبل الثورة
الموانع التي وضعها السلفيين لعدم االنخراط بالعمل السياسي قبل الثورة التي حالت بينهم وبين الممارسة
السياسية، كما اشار اليها اآلتي :
وجود اعتقاد بأن ذلك يجلب المفاسد ولذلك ابتعدوا عن المشاركة في المجالس سواء بالترشيح او االنتخاب او
المساعدة ألي من االتجاهات المشاركة فيها، معتبرين ذلك نفاق سياسي .انشغالهم بالسياسة الشرعية .
وجود ثوابت لديهم ال يمكن التنازل عنها وال تسمح لهم بالعمل الحزبي بالشروط القائمة فاالحزاب السياسية تقوم
على مبادئ العلمانية والديمقراطية فهي مخالفة للشريعة االسالمية کفصل الدين عن الدولة وانظمة المجتم أي حزب
سلفي سيعد حزبا دينية قائمة على ثوابت ال تعترف بالعمل السياسي المعاصر مما سيؤدي إلى سرعة حل الحزب
لمخالفته ألسس الدولة المدنية والمواطنة وهذا يؤدي إلى مزيد من العزلة والتهميش19
أن الممارسة السياسية كانت تدخل السلفيين بإشكاليات عدة منها :
اشكاليات مفاهيمية منهجية :تتعلق بأفكار التيارات السلفية وعالقتها بالسياسة وتكمن في عدة امور منها :التفرقة
بين الثوابت والمتغيرات، فمن الثوابت في المجال السياسي هو التحاكم الى الشرع اال أن مساحة االجتهادات والمتغيرات
في السياسة واسعة، وان ما جاء به الوحي في تفاصيل النظام االسالمي قليل وان اغلبه يندرج تحت المقاصد و
القواعد العامة .
مفهوم العالم الشرعي في العصر الحالي، من الصعب في الوقت الحالي وجود العالم الفقيه المتبحر في مسائل
الشريعة والخبير في نفس الوقت بتحقيق المسائل السياسية، ولذا توجب على علماء الشرع اللجوء إلى المختصين
بهذه المسائل .
اشكاليات سلوكية منها قلبي :يتعلق باإلخالص والتجرد من الهوى وحب الزعامة، واحساس الفصائل األكبر بان
الجماعات الصغيرة يجب أن تنطوي تحتها، ومنها علمي :يتعلق بفقه الخالف ومحاولة ايجاد مظلة استراتيجية تنطلق
فيها التيارات السلفية للعمل السياسي تحت راية واحدة مع بقاء جماعتها الدعوية تمضي في عملها مستقلة
كما أن عزوفهم عن العمل السياسي يعود ايضا لضعف أدائهم السياسي، فال يوجد سياسات كبرى ذات توجه
سلفي، وال مظلة سياسية سلفية مما يجعلهم عرضة لتوغالت السلطة والتهميش االعالمي واالجتماعي واالبتزاز
األمني، ومما أعاق الحضور والمشاركة السياسية طاعتهم لولي األمر الذي يحكم وعدم جواز الخروج عنه، كما أن
ضعف هامش الحريات جعلهم يبتعدون عن العمل السياسي.
السياسة العامة خالل المرحلة االنتقالية للثورة:
شارك التيار السلفي مع كافة القوى الوطنية في الثورة، و أرسل عدة رسائل طمأنة لقوى الداخل والخارج، بأنه في
حال رحيل الرئيس لن يرشح أحدا منه لمنصب الرئاسة، ولن ينافسوا إال على 30 % من مقاعد البرلمان، وأعلنوا
إيمانهم بالدولة المدنية ذات المرجعية اإلسالمية وتتلخص السياسة العامة للسلفيين في المرحلة االنتقالية باآلتي :
كان خطابهم غير صدامي مع المجلس العسكري حتى في المواقف المصيرية .االحتجاج السلمي على بعض
التصرفات للمجلس العسكري كمحاولته التحكم في صياغة الدستور2011 ، وقراره بحل مجلس الشعب، واصداره
اعالن دستوري عام2012 م. 20
الخاتمة
نتائج الدراسة
اظهرت الدراسة العديد من النتائج والمتمثلة باآلتي :
طرأت تغيرات جذرية في خطاب وافكار التيار السلفي بسبب انخراطه في العملية السياسية .آن ازدواجية الخطاب
للتيار السلفي وتخبط قرارته يعود إلى غياب الخبرة السياسية وخلط الدعوي بالسياسي.
أن حسابات الواقع في سياق المكاسب والخسائر والتي تدخل ضمن باب المصالح والمفاسد هي من دفعت التيار
السلفي باتجاه النشاط السياسي والحضور في المجال العام، فموقفهم من المشاركة السياسية كان بالنسبة لهم امرأ
مؤجال وليس محره بالرغم من االنجازات التي حققها التيار السلفي والمتمثل بحزب النور في خمسة استحقاقات
انتخابية منذ العام 2011( االستفتاء على دستوري2011 ، و2012 ،واالنتخابات البرلمانية في العام 2012،
وانتخابات رئاسة الجمهورية في العام2012 ، وانتخابات مجلس الشورى في العام2012 ،) اال انه مني بخسارة
فادحة في االنتخابات البرلمانية 2015 التي خاضها منفردا العجزه على التوفيق بين الدعوي والسياسي حيث خسر
تحالفاته و عجز عن تشكيل التحالفات مع القوى السياسية المختلفة .االنقسامات في صفوف السلفيين في الغالب
هي اسباب سياسية وليس فكرية فقط .
شكلت برامج االحزاب السياسية السلفية التي أنشأت بعد الثورة تحوال جذرية في موقف التيار السلفي من الديمقراطية
كممارسة فتعاملوا مع الديمقراطية بإيجابية عموما، فقد تبنوا حق الشعب في تعيين حكامه ومحاسبتهم واعتماد آلية
االنتخاب، تراجعت فكرتهم بأن التيارات العلمانية معادية للدين، وأصبحوا ينظرون إليهم على أنهم خصم سياسي .
الدولة التي يريدها السلفيون هي دولة ال تفصل الدين عن الدولة، دولة سلطة الحكم فيها للشعب ولكن سلطة
التشريع للشرع فهي توافق في المضمون الدولة المدنية في أن السلطة الحاكمة فيها للشعب وتخالفها في حرمان
الشعب من حق التشريع.
بالرغم من التغيرات االيجابية التي طرأت على موقف التيار السلفي بخصوص حقوق المواطنة لكل من المرأة
واألقباط اال أن هذا الموقف ال يتضمن التزاما حقوقية واضد المبررات والذرائع التي قدمها التيار السلفي للتوفيق بين
المكون الدعوي والمكون السياسي لم تخدمه وجلبت له نتائج سلبية في سعيه للمنافسة على المستقبل السياسي
المصري حيث جعلته عرضة لالنتقادات من داخل معسكره وخارجه نجم عنه انشقاقات في صفوفه و ازدياد حمالت
التحريض من القوى العلمانية مما همش دوره في رسم النظام السياسي .
أن التجربة السياسية التي خاضها التيار السلفي وفشله في الوصول إلى مبتغاه أدى الى ترك بعض السلفيين
العمل السياسي والعودة إلى العمل الدعوي، في حين فضل آخرون االنضمام إلى المجموعات الجهادية لبناء دولة21
إسالمية بالقوة، معتبرين اإلنجازات التي حققتها بعض المجموعات االسالمية في العراق وسوريا أكبر دليل على
فعالية خيار استخدام القوة التحقيق األهداف المنشود
بعد دخول السلفييين للمعترك السياسي المصري أثبتوا انعدام التجر بة السياسية وقلة الخبرة في العمل السياسي،
حيث تم استغاللهم لضرب اإلخوان وكانوا أدوات الدول اقليمية ,كما أن بنيتهم الفكرية هشة ولم تستطع أن ترد على
األسئلة المطروحة .
كان للسلفيين دور في اثراء الحياة السياسية والمشاركة في البرلمان والتنافس بين األحزاب بات السياسية .
تغيرت الرؤية السلفية تجاه الدولة ونظام الحكم حيث قامت باعطائها الشرعية ولم يقدموا مساهمات فكرية وسياسية
للقضايا الخالفية للدولة الحديثة، وسمحت لبعض الدول بالتدخل في النظام السياسي .
نتج عن مشاركة األحزاب السلفية محاولة تنظيم األقباط في أحزاب سياسية مما أضعف الرؤية االسالمية وبين
عريه
تسبب السلفيون باظهار النشاط الحزبي فلم يعتمد النظام على القوى المجتمعي 22
قائمة المصادر والمراجع
1 .ابراهيم خليل، الدولة الدينية والدولة المدنية، بحث مقدم لمؤتمر بيت المقدس الثالث في فلسطين، 2012
2 .ابن القيم، احکام اهل الذمة، رمادي اللنشر، الدمام، المجلد األول، ط1997
3 .ابو رمان، محمد، انا سلفي :بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفية، عمان مؤسسة فريدريش
ايبرن، 2014
4 .األنصاري، احمد بو عشرين، مفهوم الدولة المدنية في الفكر الغربي واالسالمي - دراسة مقارنة لبعض
النصوص التأسيسة، سلسلة دراسات، المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات، ابريل، 2014
5 .ب ارون، جوناثان، السلفيون والصوفيون في مصر، مؤسسة كارنيجي للسالم الدولي، ديسمبر 2011
6 .حصان، محمد فتحي، الفكر السياسي للتيارات السلفية في مصر، المكتب العربي للمعارف، 2013
7 .رشدي، حسن، السلفيون وقواعد اللعبة السياسية، الخيارات السياسية للتيارات السلفية، تحرير احمد عمرو،
المركز العربي للدراسات اإلنسانية، القاهرة، 2011
8 .شتيوي، موسی، مؤتمر" التحوالت السلفية :"الدالالت، التداعيات واآلفاق األول من تموز ، مركز الدراسات
االستراتيجية الجامعة األردنية، مؤسسة فريدريش ايبرت، عمان 2013
9 .عبد اللطيف، مجموعة الرسائل والمسائل النجدية .مطبعة المنار، مصر، ج3
10.عبد للا، عصام، السلفيون واألقباط في مصر رؤية في الجذور واالشكاليات والتحديات، مركز المسبار
للدراسات والبحوث، 2012
11 .عبد الهادي، مجدي، مصر السلفية ازمة الهوية والصيرورة، 2013
12.عالني، اعلية، المرأة في الخطاب السلفي بعد الربيع العربي من خالل بعض النماذج، المراة وربيع الثورات،
وقائع مؤتمر اقليمي، مركز القدس للدراسات السياسية، عمان، 2015
13.فايد، عمار أحمد، السلفيون في مصر :من شرعية الفتوى إلى شرعية االنتخاب، الظاهرة السلفية :التعددية
التنظيمة والسياسات، بشير موسی نافع وآخرون محررون، مركز الجزيرة للدراسات الدوحة
14.فرغلي، ماهر ، السلفيون في مصر ما بعد الثورة 03/2012/com.blogspot.eslamyon://http
2012 ،/blog-post_2054.html
15.فريج، ريتا، السلفيون الجدد ماذا تغير بعد الثورة، تعليق على كتاب السلفيون في مصر بعد الثورة، صحيفة
األخبار المصرية، العدد 1678
16.فهمي، جورج، مستقبل السلفية السياسية في مصر وتونس، مركز كارينغي، 16 نوفمبر2015
17.القديمي، نواف القديمي، اشواق الحرية مقاربة للموقف السلفي من الديمقراطية، بيروت، المركز الثقافي
العربي، 2009
18.لمليجي، عمر، السلفيون في مصر بعد الثورة، اليوم السابع2012-3-6 ، على الرابط.:
http://www.youm7.com
19.المذحجي، احمد علوان، األسلوب العلمي العداد الورقة البحثية، مطابع المتنوعة، صنعاء، 20



#أيمان_حسون_محمد_عبدالرضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة الأجتماعية للعلماء في العصر الأموي


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أيمان حسون محمد عبدالرضا - حركة التيار السلفي المصري ودوره في النظام السياسي