أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عمر زعبار - الملحمة الفلسطينية.. عودة الروح وأشياء أخرى















المزيد.....

الملحمة الفلسطينية.. عودة الروح وأشياء أخرى


أحمد عمر زعبار
شاعر وإعلامي

(Ahmed Zaabar)


الحوار المتمدن-العدد: 6906 - 2021 / 5 / 22 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هذا المقال تحليلا سياسيا "فوقيا" للصراع العربي الصهيوني ولا هو سعي لوضع الصراع في إطاره التاريخي وصولا إلى هبّة القدس بل هو محاولة لاستكشاف وعرض بعض النقاط التي يمكن استخلاصها من ملحمة فلسطين الأخيرة وهي نقاط بعضها ثابت وبعضها الآخر متحوّل
هناك تغيرات حصلت وتحصل في صلب الصراع كشفت عنها الحرب الأخيرة لعل أهمها وأكثرها تأثيرا هي:
-انه للمرة الأولى في تاريخ الصراع نلاحظ تغطيات إعلامية عالمية أقل حدة في عدائها للفلسطينيين, بل إن بعضها وصل حد التعاطف مع القضية الفلسطينية, أصبحت هناك تغطية ولو محتشمة لوجهة النظر الفلسطينية التي كانت غائبة أو شبه غائبة حيث لم يكن إظهار الفلسطيني إلا كإرهابيٍ قاتلِ أطفال ومحبا لسفك الدماء في حين يتم إبراز صورة اليهودي الضحية المسكين المضطر اضطرارا للدفاع عن نفسه.. هذا "التحوّل" شمل بعض أهم القنوات والصحف العالمية كنيويوك تايمز وواشنطن بوست اللتان اتخذتا لأول مرة في تاريخهما موقفا حياديا يميل إلى انتقاد إسرائيل, واكب هذا التحوّل مظاهرات حاشدة في دول العالم للتضامن مع الفلسطينيين كما شاهدنا عددا كبيرا من مشاهير العالم المؤثرين يُعَبّرون عن اشمئزازهم من الممارسات اللاأخلاقية الإسرائيلية بل واعتبرها بعضهم ممارسات إجرامية, والأكيد أنه يجب استغلال هذه الظاهرة نظرا لما للمشاهير من تأثير في المجتمعات الغربية
-هذا التحوّل لم يحصل نتيجة صحوة ضمير أو استفاقة لإنسانية كانت نائمة بل حدث نتيجة جهود جبّارة لشباب فلسطيني وعربي يتقن ويُحسن استخدام وسائط التواصل الافتراضي وهذه نقطة هامة جدا في سلسلة التحولات المفصلية الطارئة. (ولعلّه من المفيد هنا استذكار أهمية وسائط التواصل الافتراضي, فايسبوك وغيره التي كان لها التأثير الأهم في ما يسمى بثورات الربيع العربي)
-وجود منصات جديدة غير أمريكية, صينية تحديدا تكتوك وتلغرام وغيرها التي نشرت إلى حد كتابة هذه السطور مئات ملاين الصور ومقاطع الفيديو لما يحدث في الأراضي المحتلة من قمع وقتل (ترندات أنقذوا الشيخ جراح وغزة تحت القصف وأنقذوا غزة وغيرها تقترب من المليار ونصف المليار متابعة), معنى هذا أن العالم لم يعد ينظر إلى القضية الفلسطينية من خلال كامرات وعيون الإعلام الغربي أو الإعلام العربي الصهيوني التابع له, الوسائط الافتراضية والتطبيقات المختلفة التابعة لها خصوصا الصينية منها أعطت للفلسطينيين وسيلة فتح عيون العالم على قضيتهم وحين يرفض الفايسبوك الأمريكي نشر صور قتل الفلسطينيين يجد الفلسطيني منصات أخرى متوفرة في هاتفه النقال في متناول يده لينشر ما يريد وأصبح كل متظاهر "إعلاميا" يُصوَر وينشر ويفضح وبالتالي أصبحت مراقبة النشر أمرا مستحيلا
-هذا التحول مؤشر واضح لمن لم ينتبه بعد على التحولات الاستراتيجية في العالم.. مركز القوة يتحول تدريجيا وببطيء ولكن بثبات باتجاه المشرق مركز الثقل السكاني العالمي ومركز الثقل الاقتصادي العالمي في المستقبل القريب (الصين وروسيا والهند) أمّا تمسك الحكام العرب بالخيارات الصهيونية فهو لعب في الوقت الضائع, لم يعد الغرب المؤثر الوحيد في مسارات السياسة العالمية بل أصبح واحدا ضمن عدد من الفاعلين وقبضته على عنق العالم تضعف يوما بعد يوم, ما يعني خروج القضية الفلسطينية من عنق الزجاجة الغربية الصهيونية وهو أمر -مهما اختلفت زاويا النظر إليه- سيكون حتما في صالح فلسطين وقضيتها وما نراه حاليا يؤشر بقوة على ذلك.
-نلاحظ أيضا تغيرات كبيرة لا تخفى في المعادلة العسكرية, لم تعد غزة تقاوم وحدها فكل فلسطين تقاوم وإن اختلفت الطرق والوسائل (ولا أعني هنا "مقاومة" عباس "السلمية" القائمة على التنسيق الأمني ومطاردة المناضلين) الأمر الآخر أن المقاومة العسكرية في غزة أصبح وراءها محور مقاومة يزودها بالسلاح ويقوم بتدريبها والتعاون معها في وضع الخطط, وهذا باعتراف قادة فصائل المقاومة أنفسهم.. بصمات المقاومة اللبنانية واضحة في طريقة وخطط المواجهة في غزة ما انعكس على معادلات ميزان الرعب واتضح في الميدان وفي سعي إسرائيل لإنهاء الحرب دون تحقيق نتائج, إسرائيل التي هزمت العرب في 5 أيام -البعض يقول زيادة في السخرية والإهانة في 5 ساعات- أصبحت غزة ترعبها, إسرائيل التي يوهمنا البعض أنها رابع قوة في العالم لا تقدر على اقتحام أو احتلال غزة وغزة ليست دولة بل منطقة صغيرة مكتظة بالسكان 365 كيلومتر مربع, لا جبال فيها ولا أدغال تساعد على المقاومة والتصدي ورغم ذلك تمكنت المقاومة فيها من قصف تل أبيب لأول مرة في تاريخها وخلقت ميزانا جديدا للرعب ستكون له تداعياته العسكرية الأكيدة والواضحة. غزة عَلّمت (الجيش الذي يُقهر) درسا سنة 2014 حين حاول اقتحام القطاع وعاد هاربا مدحورا يجر إلى جانب أذيال الخيبة أذيال جثامين 15 من جنوده. هشاشة إسرائيل كشفتها قبل ذلك حرب تموز 2006 وأكدتها وتؤكدها كل وقائع الحرب الأخيرة وليس من باب المبالغة أنها أوهن من بيت العنكبوت فقوة إسرائيل ليست ذاتية بل مرتبطة ارتباطا عضويا بأمرين, الأول الدعم الخارجي, والثاني هوان الحكومات العربية وعمالتها وتَصَهيُنِ بعضها وتآمرها على القضية الفلسطينية سعيا وراء تصفيتها (وأؤكد هنا هوان الحكومات العربية وليس ضعف الدول العربية)
-المتغير الآخر الذي قد يراه البعض الأكثر أهمية هو ما يمكن أن نطلق عليه عودة الروح فليس خافيا على أحد أنه خلال العشر سنوات الماضية تم محاصرة القضية الفلسطينية بصفقة القرن وتهميشها من خلال تهافت غير مسبوق على التطبيع وصل حد المساهمة في تنشيط الاقتصاد الإسرائيلي بل وتجاوز ذلك إلى مرحلة التعاون العسكري والتخطيط للتحالف الاستراتيجي معها, كما تم تجزئة القضية وتشتيتها بين غزة والضفة الغربية والقدس بل والتضييق عليها وحصرها في الأقصى أو في أحياء بعينها من القدس وكأنها مسارات لقضايا لا علاقة لها ببعضها, رافق ذلك تركيز على فصل وسلخ فلسطين عن العالم العربي لتصبح فلسطين مشكلة الفلسطينيين وحدهم وليواجه الفلسطينيون مصيرهم منفردين ليهتم كل قُطر عربي بمشاكله الداخلية ويتخذ موقف الحياد من إسرائيل وربما موقف الحليف ضد الفلسطيني إلا أنّ الملحمة الفلسطينية الأخيرة ألغت كل ذلك وأثبتت أنَّ فلسطين أرض واحدة وأن الشعب الفلسطيني كله واحد وأن مثله كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والمقاومة, غزة تدافع عن القدس والقدس تدافع عن غزة وآلاف المتظاهرين في كل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية يرفعونه صوتا واحدا موحدا في وجه محاولات العزل والتشتيت والتشويه والتدجين, شباب في العشرينات أغلبهم ولد بعد اسلو, ظنَّ البعض أنه انصهر في المجتمع الإسرائيلي, يفاجئ الجميع بأنه عصب القضية الفلسطينية النابض, يمسك بزمام المبادرة ويقدّم الشهداء ويصحح مسار القضية ويثبت أنه أكثر وعيا من القوى السياسية الفلسطينية التي كرّسها أسلو
من جهة ثانية أثبتت هذه الملحمة وأكدت المؤكد وهو:
أن القضية الفلسطينية هي كل فلسطين وليست جزء منها وأن الشعب الفلسطيني واحد وأن محاولات التشتيت والتفرقة فشلت في إقناع الطفل والشاب الفلسطيني بالتخلي عن غزة أو القدس أو رام الله. وأن عرب الداخل هم أبناء غزة وأن أبناء غزة هم أبناء القدس
-أن القضية الفلسطينية هي أهم مُوّحِّد للشعوب العربية وأنها قضيتهم الأولى مهما كانت مشاغلهم الداخلية ومهما كانت قضاياهم القُطرية, أقطار عربية تواجه مؤامرات خارجية لتقسيمها وتعاني حروبا أهلية تتظاهر شعوبها بمئات الالاف نصرة لفلسطين فالدم العربي دم فلسطيني
-أنّ إسرائيل مشروع استعماري لا يفهم غير منطق القوة والحرب وبقاؤها مرتبط عضويا بإقصاء الفلسطيني, ومن هذا المنطلق فالحياد خيانة تامة المواصفات
- أن سعي المطبعين لحماية إسرائيلية لعروشهم وَهْمٌ مريض ففاقد الشيء لا يعطيه.. دولة تهزمها غزة وتعرّيها عسكريا لا يمكنها حماية عُملائها من المطبّعين وأن حُبَ إسرائيل للمطبعين العرب هو حب المُدخّن لسيجارته يشعلها, يمتصها, يدخنها ثم يرميها فمصيرها الحتمي المزبلة
-أنّ سكوت الجامعة العربية وسكوت شيوخ الفتنة وشيوخ جهاد النكاح وسكوت المؤسسات الدينية الرسمية وبالنظر إلى تاريخهم المشين فإن صمتهم موقف طبيعي ونحمد الله عليه فلو تكلموا لصرّحوا بما يخزي .. ونوم الظالم عبادة
-أنّ الإعلام العربي صحفا ومجلات وقنوات هو تابع ويقاد كما يقاد القطيع وهو بالتالي خارج المعادلة الفاعلة إلا من جهة اعتماده واستغلاله كوسيلة لتزييف الحقائق وتشويه الوعي وتدجين العقول على أمل تصفية القضية, بعض هذه القنوات تقدّم نفسها على أنها حاملة راية التحرير وحاملة لواء فلسطين وهي في الواقع عدو داخلي ضد كل قضايا الأمّة, ولا يحتاج الأمر لأكثر من متابعة المصطلحات المعتمدة لإدراك الدور الحقيقي لتلك القنوات حيث يصبح جيش الاحتلال جيش الدفاع ويصبح التهجير القسري إخلاء والمقاومة إرهابا والاحتلال الاستيطاني نزاعا عقاريا
-أن الذباب الأزرق المكمل لدور الإعلام العربي والموازي له يركز بشكل كبير على نشر إشاعات كاذبة تتحدث كلها عن مناصرة هذا الحاكم أو ذاك الملك للقضية الفلسطينية, إشاعات من قبيل ان الأمير الفلاني تبرّع بملايين الدولارات للناشطين الفلسطينيين أو أنّ الدولة الفلانية أرسلت أسلحة لغزة أو أن حاكما فتح مستشفيات بلاده لجرحى وضحايا العدوان. مثل هذه الإشاعات الكاذبة التي عوضت إشاعات وتعليقات سابقة تدين الفلسطينيين وتشتمهم إن دلت على شيء فتدل على أنّ فلسطين تفرض رؤيتها عليهم وتجبرهم على مجاراتها ولو ظاهريا فقط وأن المعادلات تتغير لصالح أصحاب الحق.
*
شاعر وإعلامي تونسي مقيم في لندن



#أحمد_عمر_زعبار (هاشتاغ)       Ahmed_Zaabar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسلمون الخدمْ تحت أحذية الأممْ


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عمر زعبار - الملحمة الفلسطينية.. عودة الروح وأشياء أخرى