أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن خليل غريب - عندما يعزُّ زمن الحكام الرجال أم فلسطينية تحمل نعش ابنها الشهيد














المزيد.....

عندما يعزُّ زمن الحكام الرجال أم فلسطينية تحمل نعش ابنها الشهيد


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6901 - 2021 / 5 / 17 - 23:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


غفوت ليلة أمس على صورة أم فلسطينية تحمل نعش ابنها الشهيد الذي سقط في مواجهة مع قوات الاحتلال الصهيوني. وإذا كانت مواجهة الفلسطينيين مستمرة للاحتلال ولم تهدأ إلاَّ لتتفجَّر من جديد، فقد كانت مواجهات ما بعد ثورة القدس، قبل أيام، من أكثر المواجهات حدة وشراسة وبطولة ومعاني ودلالات. ومن أهم دلالاتها أنها جاءت لتشكل صفعة قوية لطمت وجوه الأنظمة العربية الرسمية بحدة وشدة وصرامة. أولئك الحكام الذين ناموا على وسادة حرير (التطبيع الرسمي)، وكأن السلام الموهوم سيطمئنهم على حماية كراسيهم وثرواتهم. ناموا وهم غافلون عن أن قرار التنازل عن الأرض ليس بأيديهم. وكانوا أكثر غفلة عن أن قرار التنازل عن الأرض هو بيد الشعب، وليس بيد الحكام.
لكل ذلك، لم تغب عن بالي صورة الأم الفلسطينية التي حملت نعش ابنها، لأنها هي صورة من يتخذ القرار في المواجهات الحادة، مواجهات العزة والكرامة، مواجهة الدبابات والطائرات باللحم الحي، وبالشعور بالكرامة، فلا كرامة لإنسان من دون أرضه.
ولأن تلك الصورة، أهم وأبلغ من كلام جامعة الدول العربية وما تمثل من أشكال وألوان رسمية، قرَّرت أن لا أكتب بالسياسة، بل أن أكتب عمن هو صاحب القرار الفعلي بـ(التطبيع) قبولاً أو رفضاً. فتبلغت قرار الرفض من تلك الأم، وهو ما سوف أعتنقه وأدافع عنه، وأدعو كل المخلصين لعروبتهم أن ينفذوا قرار الأم التي حملت نعش ابنها الشهيد.
صورتها لا تدفع إلى البكاء والرثاء
بل تدفع إلى الفخر والاعتزاز
حملته قبل استشهاده وهناً على وهن. وولدته وهناً على وهن. وربَّته (كل شبر بنذر). واكتحلت عيناها به حتى صار بعمر الشهادة. ونذرته شهيداً يدافع عن فلسطين منذ الولادة. ودفع النذر مختاراً ودخل النعش بقدميه. وكانت أمه تنتظره حتى تحمل نعشه لتلد ابناً آخر، وآخر، وآخر. وبين الحملين كانت أرض فلسطين ثالثهما.
فلسطين أمها وأمه. وفلسطين والدها ووالده. أمر الله ببر الوالدين. وأمر الله بأن لا نقل لهما أف، وأن لا ننهرهما. وأن نقدم لهما شهادة كريمة.
في مشهد الأم الفلسطينية التي تحمل نعش ابنها تكريم للحامل والمحمول. فأرضهما الحامل، وهما المحمولان. بوركت الأرض التي تحمل أماً تحمل ابنها الشهيد. ولو لم يكن لديهما أرض حملتهما لتاها في صحارى العالم الشاسعة، والسراب بحياة كريمة على أرض لهما ملكاً، يلفُّ أحلامهما.
ففي أرضهم ولدوا، وعلى أرضهم يموتون، وفي باطنها يخلدون إلى السكينة. سيبقى هو، وستبقى هي، متمسكين بأرض ولدوا عليها أحياء، ودفنوا فيها أبطالاً شهداء. وهكذا يكون التحام الإنسان بالأرض. وسوف تحضنهم إلى أبد الآبدين. كانوا جزءاً منها، وهكذا أقسموا أن يبقوا ذلك الجزء المتمم للحياة الكريمة.
يا أم الشهيد، تحية لك في زمن افتقدنا فيه حكاماً يمتلكون الحس بالكرامة. لكنهم لم يهاجروا نزعتهم الوحشية بالتمسك بالكراسي، وتكديس الثروات الخاصة. يا ليتهم يستطيعون أن ينقلوها معهم بعد مماتهم، لكنا غفرنا لهم. ولكن هيهات، فقد فقدوا الصواب. لقد سرقوا الشعوب، وخسروا حقوقهم في ثروات بلادهم ونتاج أرضهم، ولم يكسب الحكام منها شيئاً بعد مماتهم.
لم يكتفوا بتلك الخسائر بل راحوا يبيعون أرض فلسطين، نيابة عن الشعب الفلسطيني. والأدهى من ذلك، باعوها وهم يعرفون أنهم لن ينالوا من جناها حبة قمح أو حبة زيتون. فهم باعوها إلى لصوص الصهيونية. فيا لعارهم لقد باعوا أرضاً لا يملكونها، للصوص لا يستحقون ملكيتها.
هكذا يا أم الشهيد تكون الأمهات الحاملات لنعوش أبنائهن الشهداء. أمهات تُؤمِنَّ بأن الحياة ستبقى كريمة طالما نمتلك التراب، ونحافظ على التراب، ونعفِّر وجوهنا بالتراب، ونُدفن بالتراب.
وهكذا يكون الشهداء المحمولين. هكذا يريدون الأرض أن تكون. أرض لا أوصياء عليها ممن لا يعرفون أن كرامتهم متعلقة بها. وأرض لا تخضع لسلطة لصوص أتوا من مشارق الأرض ومغاربها ليسطوا عليها، بتأييد الأقزام من حكامنا، وبحماية دعاة الرأسمالية في العالم.
ولأنهم جميعاً، أعداء لحقوق الإنسان، ويزعمون أنهم لا مردَّ لمشيئتهم، فقد كانت صورة أم الشهيد الذي تحمل نعشه، هي القرار الأقوى من كل قرارات حكامنا، والأقوى من كل قرارات دول اللصوصية والعدوان. ولذلك عاد قرار الدفاع عن الأرض الفلسطينية إلى من هم أصحاب القرار، إلى قرار أمهات الشهداء، وإلى قرار الشهداء على أرض فلسطين.
سيري يا أم الشهيد، متصدرة ساحات الرفض، وسيسير وراءك كل الأحرار العرب. وسيصفق لك كل أحرار العالم.
وأخيراً يا أم الشهيد، لي أمنية أختم بها مقالي، وهي: أن تأمري كل التنظيمات ممن يتعاطون الِشأن الفلسطيني أن يعلنوا وثيقة (توحيد شهداء فلسطين)، والشهداء وأمهاتهم مستعدون لمهر الوثيقة بالدم والروح والدموع.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين العراق وفلسطين وحدة النضال والمصير
- التحرك السياسي للمملكة العربية السعودية في هذه المرحلة إلى أ ...
- التنمية الفريضة الغائبة عن مناهج النظام الطائفي السياسي في ل ...
- من مبادرة فرنسية لإنقاذ لبنان إلى مبادرة لإنقاذ المبادرة
- وداعاً مشاريع حركات الإسلام السياسي المتخلَّفة والغيبية
- بعد الاهتمام العربي المفاجئ بالقضية اللبنانية: لا حلَّ بدون ...
- بين تغريب القضية العراقية وتعريبها الحل في استراتيجية ثورة ا ...
- النظام النيو ميليشياوي الطائفي في لبنان
- دراسة ظاهرة الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العرب ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- قبضات الفقراء وغضبهم في مواجهة أولاد الأفاعي من أحزاب السلطة
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن خليل غريب - عندما يعزُّ زمن الحكام الرجال أم فلسطينية تحمل نعش ابنها الشهيد