أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - النظام النيو ميليشياوي الطائفي في لبنان















المزيد.....

النظام النيو ميليشياوي الطائفي في لبنان


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6849 - 2021 / 3 / 23 - 20:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لكي يكون توصيفنا موضوعياً لهوية النظام اللبناني الحاكم حالياً، سنمهِّد للتوصيف بمقدمة تاريخية موجزة لما كان عليه هذا النظام قبل أن يتحوَّل إلى نظام نيو ميليشياوي.
عود على بدء نعيد التذكير بأن النظام اللبناني نظام للمحاصصة الطائفية بين أمراء الإقطاع الطائفي التقليدي. وكانت المجالس النيابية، وكذلك الحكومات المتعاقبة، تتشكَّل على قواعد التوزيع الطائفي حسب معادلة 6 و 6 مكرر، أي تقاسمها بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين. بحيث كان يشغل مقاعدها نخب من أبناء العائلات الإقطاعية. تلك العائلات التي توارثت الألقاب من العصر العثماني. ولكن قواعد المحاصصات لم تشهد صراعات في إشغالها سوى بين النخب الإقطاعية في الطائفة الواحدة. وعلى العموم لم تأخذ الصراعات الطائفية أشكالاً حادة.
كانت الدولة اللبنانية تشكل سقفاً للجميع، ولذلك ظلَّت التسويات تُطبخ على نار هادئة، اللهم باستثناء ما كان منها يخرج عن مسارات الاتفاق الذي حصل بين الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح: أن لا يكون لبنان (للاستعمار ممراً ولا مستقراً)، كما حصل في العام 1958 حينما عمدت أميركا إلى تغيير المعادلة من أجل تعميق دور حلف بغداد.
نعم لبنان في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب، بعصره الذهبي في النصف الأول من الستينيات من القرن العشرين أخذ يبني الدولة اللبنانية ببناء المؤسسات البعيدة عن التأثير الطائفي، اللهم إلاَّ أنها كانت تختار الأكفأ بين أبناء الطوائف بواسطة المباريات التي لا يستطيع أحد أن يقوم بتزويرها. ولم تكن تشكو سوى من إطلاق يد (الشعبة الثانية) للمخابرات في قمع الحريات العامة. ولكن التي على الرغم من القمع الذي كانت تمارسه انتشرت الأحزاب الوطنية والقومية التي كانت تعمل من أجل استكمال البناء المؤسساتي للدولة الحديثة، وتعميقها لبناء دولة مدنية تحكمها المبادئ الديموقراطية.
تأصيل تاريخي لتأسيس الميليشيات في لبنان؟
منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين، دخل لبنان نفق التناقضات بالنظر إلى القضايا القومية، وكان في طليعتها الموقف من المقاومة الفلسطينية المسلحة التي أجيز لها بقرار عربي في العام 1968، أن تنطلق من لبنان. حينذاك، وخاصة بعد دخول مصر نفق عقد (اتفاقية سلام) مع العدو الصهيوني، استُنهضت بعض القوى السياسية في لبنان من أجل منع المقاومة الفلسطينية من الانطلاق من لبنان في عملياتها العسكرية ضد الكيان الصهيوني، الأمر الذي أخذ يفرز الساحة إلى طرفين: الحركة الوطنية اللبنانية كطرف أول عمل حماية حق المقاومة الفلسطينية في استخدام أية ساحة عربية. والأحزاب الطائفية السياسية المسيحية، كطرف ثاني، في منع هذا الحق.
قاد هذا التناقض إلى حرب أهلية ابتدأت أول مظاهرها في 13 نيسان من العام 1975. وكانت السبب في تأسيس الحركة الوطنية فصائل مسلحة لحماية المقاومة الفلسطينية. وتحت هذه الذريعة أخذت تنشأ ميليشيات طائفية مسلحة في المناطق التي كانت تسيطر عليها الحركة الوطنية. وبفعل تدخل النظام السوري بضوء أخضر عربي – أميركي، تمَّ العمل على إضعاف الحركة الوطنية اللبنانية. وكان البديل في تفعيل دور الميليشيات الطائفية لأنها كانت أكثر استجابة لتنفيذ مخطط النظام السوري. وهكذا انتزعت تلك الميليشيات مهمة إدارة تلك المناطق بعد الاجتياح الصهيوني في العام 1982. وفي المقلب المقابل استمرت الميليشيات الطائفية السياسية المسيحية في بنيتها التي ابتدأت في أوائل السبعينيات من القرن العشرين. وهكذا تنامى التأثير السياسي للحكم الميليشياوي على القرار السياسي للدولة اللبنانية، خاصة بعد ترحيل القوات العسكرية للمقاومة الفلسطينية من لبنان بعد العدوان الصهيوني الواسع للأراضي اللبنانية في حزيران من العام 1982.
في تلك المرحلة الانتقالية، التي تُعتبر مرحلة التأسيس للنظام الميليشياوي الطائفي، تمَّ إقصاء عاملين أساسيين عن التأثير السياسي في تركيب النظام الجديد، وهما: تأثير الحركة الوطنية اللبنانية من جهة، وتأثير السياسيين التقليديين من جهة أخرى.
وإذا كانت الحركة الوطنية اللبنانية قد أصبحت خارج دائرة التأثير كلياً، فإن تأثير السياسيين التقليديين قد أصبح شكلياً يُستعان به لتوقيع الاتفاقيات فقط، تلك التي كانت تصوغها أجهزة النظام السوري، وكانوا بحاجة إلى تواقيعهم لشرعنة تلك الاتفاقيات، لسبب أنهم كانوا يشغلون المواقع السياسية والإدارية في المؤسسات الرسمية.
ولهذا اقتصرت الحركة السياسية على الاستعانة بالمؤسسات الميليشياوية في رسم هيكلية السلطة الجديدة. واستمر الحال على هذه الشاكلة في كل المؤتمرات التي كانت أجهزة النظام السوري تجمعهم في سويسرا، وكانت المؤتمرات تلك مقدِّمة لتتويج نتائجها باتفاق الطائف في العام 1989. وباتفاق الطائف تمَّ تأسيس الجمهورية الجديدة التي احتل المواقع فيها أمراء الميليشيات مواقع السلطة في شتى أشكالها. وكان من أهم نتائج اتفاق الطائف أنه نقل الجمهورية اللبنانية من سلطة إقطاع العائلات الطائفية إلى العصر الطائفي النيو ميليشياوي؛ أي العصر الذي استلم فيه أمراء الميليشيات الطائفية السلطة في لبنان بكل مفاصلها.
ماذا كانت نتائج جمهورية العصر النيو ميليشياوي؟
كما أن الإناء ينضح بما فيه، فإن الثقافة تنضح بالمبادئ التي تربى عليها أصحابها. وهل من نام على وسادة ميليشياوية طائفية، وقاد أزلاماً ميليشياويين يمجِّدون زعيمهم الطائفي، وتنازل عن قرار لبنان السيادي للخارج ثمناً لوصوله إلى السلطة، أن ينضح مبادئ في بناء دولة على قواعد وطنية، وبناء دولة العدالة الاجتماعية؟
ولذلك، وعلى الرغم من أنه حمل بعض الإيجابيات، فقد أدَّت آليات تطبيق اتفاق الطائف، إلى تأسيس الجمهورية النيو ميليشياوية، بواسطة انتخابات نيابية في العام 1992 بلوائح شكَّلها أمراء تلك الميليشيات، وفازت فيها بالأكثرية التي تستطيع أن تفرض تشكيل حكومات على مقاييس مصالحها.
وعلى مثال المناهج السياسية الوصولية لأمراء الميليشيات، استباح مؤسسو الجمهورية النيو ميليشياوية كل مفاصل الدولة، وبناء مؤسساتهم الطائفية على قواعد ميليشياوية. فهم إضافة إلى توزيع المؤسسات الرسمية حصصاً فيما بينهم، زرعوا فيها أزلامهم الموالين لهم في المفاصل الرئيسية، خاصة منهم أولئك الذين تربوا على التشبيح والرشوة والبلطجة. والأخطر من كل ذلك، أنهم تقاسموا المواقع القيادية في المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية، والتي لم يستطع الوصول إليها سوى من يدين بالولاء لهم ويأتمرون بأوامرهم.
فعصر جمهورية النيو ميليشياوية نقل معه كل أمراض المفهوم الميليشاوي السابق وتمسَّك بها وطبَّقها على إدارة أجهزة الدولة.
سمات النظام النيو ميليشياوي:
بالإضافة إلى استئثار أمراء الميليشيات الطائفية بالسلطة، وبكل مؤسساتها، حيث قاموا بتعيين أنصارهم في شتى مفاصلها من قاعدة الهرم حتى أعلاه، وذلك ضماناً لبقاء بيئة حاضنة تستند إلى أصواتها في الانتخابات النيابية، وحماية كوادرها ومقارها في شتى مناطق تواجد حاضنتها الشعبية، ولهذا فقد شرعنت امتلاكها السلاح الخفيف والمتوسط، ولا تجد بيتاً من بيوتات أنصارهم خالياً من سلاح مرخَّص أو غير مرخَّص. وهذا الواقع يوجب إبقاء الآلاف منهم على لوائح التفرغ أو المساعدات الهزيلة أو الموسمية كخيط يربطهم بتنظيماتهم الميليشياوية. هذا وقد تميَّزت بعضها بتفريغ عشرات الآلاف من أنصارها، وتقديم المساعدات إلى عشرات الآلاف الآخرين.
ولذلك جرى التنافس بين أمراء ميليشيات السلطة على الحصول على أكثر ما يمكن من أوراق القوة، كان من أهم وسائله الحصول على تسليح أكبر، وأرصدة مالية أكثر، اعتمد كل منهم إلى موردين رئيسين، وهما:
-اعتبار السلطة مزرعة للفساد، يتقاسم فيها أمراء الميليشيات السلطوية عوائد الرشاوى والكومسيونات، والتهرب الضريبي، والتهريب، وتلزيم المشاريع، والسطو على أملاك الدولة من أجل تكديس ثرواتهم الخاصة من جهة، وتوفير قسم منها لتمويل الآلاف من المتفرغين أو لعشرات الآلاف منهم.
-الاستناد إلى مصادر التمويل من الخارج وهو المعروف بـ(المال السياسي) الذي يوفره الخارج، العربي أو الأجنبي لقواعد إسنادهم من التنظيمات الميليشياوبة.
وهذه الحقائق تؤكد أن من أهم سمات النظام النيو ميليشياوي الذي يحكم لبنان الآن لا يكترث ببناء دولة، لا مدنية حتى ولا دينية، أكثر من بناء دويلات تحكمها قواعد الأعراف الميليشياوية. والغاية منها المحافظة على بقائهم على رأس سلطة تدر عليهم مئات الملايين من الدولارات من جهة، وتضمن تدفق المساعدات الخارجية من جهة أخرى.
وفي الخلاصة،
وإذا كان من الضروري المؤجل إسقاط النظام الطائفي السياسي لأنه يحتاج إلى وقت طويل؛ فإنه من المعجَّل، ومن أجل إنقاذ لبنان من هوة السقوط الاقتصادي والاجتماعي في هذه المرحلة، يأتي هدف إسقاط النظام النيو ميليشياوي في مقدمة الأولويات.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة ظاهرة الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العرب ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- قبضات الفقراء وغضبهم في مواجهة أولاد الأفاعي من أحزاب السلطة
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- الحراك الشعبي في مرحلة ما قبل (ربيع الشباب العربي) الحلقة ال ...
- من المغرب تشرق شمس العروبة (الحلقة الثانية) (2/ 2)


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - النظام النيو ميليشياوي الطائفي في لبنان