أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيمن -غالى - - لعبة نيوتن - .. جدلية درامية متعددة المستويات















المزيد.....



- لعبة نيوتن - .. جدلية درامية متعددة المستويات


أيمن -غالى

الحوار المتمدن-العدد: 6900 - 2021 / 5 / 16 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


مما لاشك فيه أن مسلسل "لعبة نيوتن" الذى عُرض فى الموسم الرمضانى 2021 من أهم المسلسلات التى أثارت الكثير من التساؤلات والجدل ، سواء جدل فنى أو جدل موضوعى متعدد النواحى والمستويات ، مما يدفع الحركة النقدية لتناوله بالتحليل والدراسه ومحاولة الغوص فى أعماقه المتعددة كتجربة نقدية ممتعة تشحذ العقل والوجدان للمتلقى عموماً .
منذ الوهلة الأولى إختار المسلسل مَوضِعاً مُتَفَردا على الخريطة الدرامية شكلا وموضوعاً ، بداية من الفكرة والقصة مروراً بكافة مراحل صياغتها الفنية وسردها ومعالجتها درامياً وأدائها وتجسيدها بصرياً وصوتياً ، مبتعداً عن الكلاشيهات التقليدية السطحية الشعبوية فى قالب فنى مركب ومتعدد مستويات الإبداع والتلقى مما زاد من تعميق الحالة الدرامية وزيادة ثقلها الفنى لكن فى بساطة السهل الممتنع دون مبالغات مفتعلة أو إبهار مصطنع أجوف او إستعراض فارغ للعضلات الفنية .
نحن أمام بنية درامية غير تقليدية فى سردها - أسَّسَ لها السيناريو فى المقام الأول ، فلم تتطور الدراما فى مسار خطى تقليدى وإنما إنتهجت نهجا مغايرا يعتمد على إنتقال طاقة "زخم" الحكى والسرد من طبقة إلى أخرى ، فكلما تكشفت طبقة ظهرت طبقة أخرى مرتكزة عليها ومختلفة عنها ، فإنتقلت الطاقة الدرامية "الزخم الدرامى" من حدث إلى آخر ومن شخصية لأخرى وهو ماخلق ديناميكية شديدة فى إيقاع العمل .
فلم يعتمد السيناريو على خلق حبكات جزئية تنتهى بنهاية ما ومع نهايتها تخرج وتختفى من سياق الدفع الدرامى وينتهى أثرها ، وإنما كانت كل حبكة من حبكاته الجزئية بمثابة مقدمة ودافع لحبكة أكبر وأوسع وكأننا ننتقل فى مدارات وطبقات تراكمية متوالية مستمرة فيما يشبه حالة تدحرج كرات الثلج التى تزداد تدريجيا كلما تقدمت فى مسارها فى تدفق درامى متوالٍ ومستمر يثير شغف وإنتباه المتلقى بإستمرار ، حيث حافظت حبكات الأحداث والشخصيات على عنصر التشويق من خلال عملية التكشف التدريجى المحسوب بدقة لنقاط وأسباب تحول كل شخصية وعدم كشفها منذ البداية مما خلق أجواءً من الغموض السحرى للشخصيات لدى المتلقى فأثار حراكاً وتفاعلاً متبادلاً بين العمل والمتلقى وهو ما أخرج المسلسل من دوائر المَط والتطويل الغير مبرر درامياً ولم يشعر المتفرج بأى ملل فى أى مرحلة من مراحله طوال الثلاثين حلقة .
لم يلتزم السرد الدرامى بالتتابع الزمنى الطبيعى بل كانت عملية السرد تتقدم على محورين متوازيين ومتضادين فى الإتجاه من خلال السرد المتوازى بين االحاضر والماضى (فلاش باك) فكان الحدث الحالى "الحاضر" يقوم بفعل البناء الدرامى فى حين يقوم الفلاش باك "الماضى" بفعل التفكيك والتكشف الدرامى خالقا تاريخية للشخصيات ، فلم يقم الفلاش باك بعملية الربط الحدثى مكتفياً باستكمال ماضى الحَكى فقط وإنما قام بعملية ربط نفسي لتأسيس الدوافع النفسية المرتبطة بالموقف لكل شخصية وكشف طبقاتها النفسية المتراكمة زمنياً كخيوط مشدودة إليها كل شخصية ، فيؤسس لوصف الموضع الدرامى الحالى بأنه رد فعل ونتاج للدوافع النفسية والإجتماعية فى ماضي الشخصيات .
وهو القانون والمبدأ العام الغالب على كل عناصر الدراما فى هذا العمل ، حيث تحركت الدراما وفق مبدأ الفعل الدافع ورد الفعل العكسي فى حركة ديناميكية بندولية مستمرة ، حيث يصل البندول إلى أعلى نقطة ثم يعكس إتجاه حركته ، وعند تصادم هذا البندول (الشخصية/ الحدث) مع بندول آخر فتنتقل الطاقة الحركية "الزخم" إليه فيكون رد فعل مضاد له فى الإتجاه ، وهو مايحيلنا مباشرة إلى لعبة "مهد نيوتن" ومن هنا جاء إسم المسلسل "لعبة نيوتن" ، القائمة على قانون الفعل ورد الفعل لنيوتن .

والمعروف فى الدراما أن الشخصية الدرامية هى الركيزة الأولى والمحورية التى تبنى عليها وتدور حولها الدراما ، لذا كانت نقطة إرتكاز المسلسل على قوة بناء شخصياته ومنطقية تطورها وتحولاتها الدرامية بناءً على منطق درامى سليم ونسق دلالى متسق مع مقدماته ومعطياته ، وقد تأثرت البنية الدرامية للشخصيات بحركة الأحداث البندولية الناقلة للزخم الدرامى فلم تكن شخصيات تقليدية – رغم واقعيتها – ليست أحادية التكوين ليست ثابتة الموضع بين الخير والشر ، هى شخصيات حية ، متحركة ، متقاطعة ، متصادمة ، شخصيات مركبة متعددة الأبعاد ومتضادة الحالات متأرجحة الحركة متغيرة السلوك والمواقف والأفكار وفقا لمسارها وموضعها الدرامى المتجدد من قانون الفعل ورد الفعل .
فنحن أمام شخصيات تتصادم مع بعضها وتتصادم مع ذاتها وظروفها وخلفياتها الإجتماعية والنفسية ، وعند تصادمها تزادا طاقتها الحركية وتتسع دوائر رد فعلها وتتغير إتجاهاتها من اقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس وتزداد قوة إهتزازها ويهتز معها الخيط المشدود بها وفق قوانين الجذب والتنافر والفعل ورد الفعل بينها .
لم تبدأ الدراما من نقطة سكون أو ثبات وإنما بدأت الدراما فى رصد وملاحقة المسار الحركى الكائن منذ البداية لكل شخصية حيث إستُخدِم الفلاش باك لوضع إمتدادات زمنية لحركة الشخصيات فى الماضى أى أن الشخصيات حاليا على مسار متحرك فى إتجاه ما ، فلم تهدأ حركة الشخصيات سواء فى إتجاه تطورها أو تحولها العكسي طوال المسلسل

فنجد شخصية "هَنا / منى زكى" وهى أحد النماذج الواقعية المباشرة من المجتمع المصري ، تحاول الخروج والفكاك من ممارسات تهميشها وإفقادها الثقة بنفسها وإبعادها عن أدوار تحمل المسئولية كالكرة المربوطة إلى خيطها المشدود من أمها فى طفولتها حتى يتسلم زوجها هذا الخيط ويزيد من شَدِه أكثر وأكثر حول روحها حتى يحولها إلى كائن إعتمادى على شخصية زوجها فتصل إلى أقصى نقطة من الإقتناع الإستسلامى بفقد الثقة بذاتها فيما يبدو ظاهريا أنها وصلت لنقطة سكون ، لكنه فى الحقيقة وصول لنقطة سكون ظاهري ولحظى ماقبل إنعكاس إتجاه حركة بندولها للإتجاه الآخر ، وبسفرها لأمريكا تحاول الفكاك من خيطها المشدود من زوحها حتى تصل إلى أبعد نقطة فى علاقتها به "الطلاق" فيكاد هذا الخيط أن ينقطع ، فيعتيرها الخوف والفزع من الفشل خصوصا وأنها وحيدة فى غربتها وبعيدة عن خيوط إتزانها "الأم والزوج" ، ومع قوة شد زوجها لهذا الخيط تندفع كَرَد فِعل عكسي فى التحدى والعِند بلا أدنى سيطرة منها على مسارها العكسي ، وخصوصا إن تواجدت فى طريقها نقاط جذب تُنَمى وتُضَخِم تلك الدوافع لديها متمثلة فى شخصية "مؤنس" التى تزيد من سرعة وقوة وطاقة إندفاعها العكسي وأيضا فى شخصية "بيج زى" التى تكشف لها أحقيتها فى تقرير مصيرها بنفسها وفق إرادتها الحرة ، لكنها مازالت لم تتحرر بشكل حقيقى من سلوكها الإعتمادى على الغير فتزداد قوة الجذب والإقتراب بينها وبين "مؤنس" الذى يحاول جاهداً تسلم خيط مسئوليتها نيابة عن زوجها ، فتتزوج "مؤنس" كبديل إعتمادى جديد ، وتتحول إلى الإتجاه العكسي المادى العملى القوى ظاهريا لكنها مازالت من داخلها مشدودة الى خيط حبها لحازم فتقع بين قوتين تحاولان شد خيطها فى إتجاهين متضادين ، بين طلاق مشكوك فى شرعيته وزواج مشكوك فى قانونيته ، فتبدا مرحلة التأرجح والإهتزاز البندولى العنيف بينهما ، فتقرر الهروب والإحتماء بصديقها "بيج زى" فتقطع كل خيوطها المقيدة لها وتتحول إلى مرحلة جديدة من التخبط والعشوائية فى محاولة للبحث عن ذاتها ، وفى لحظة تكتشف ان حلمها "طفلها" كاد ان يضيع منها تعود مستاسدة فى الدفاع عنه ليصبح خيطها الجديد الذى تدور حوله .
فهى على المستوى الإجتماعى فهى احد نماذج المرأة فى الطبقة المتوسطة بكل أدوارها وأبعادها وحالاتها ومكوناتها الإجتماعية فهى الزوجة – الإبنة – الأم – المرأة العاملة المتعلمة – الأخت – ثم المهاجرة/الهاربة تجاه الحلم الامريكى – المطلقة – المتزوجة للمرة الثانية – المديرة ... وعلى المستوى النفسي نموذج للتردد والضعف والإعتمادية النفسية نموذج للطاقات والأحلام المكتومة المقهورة التى تنتظر اى فرصة للتفجر هى الحالمة المُحبة المُهمَشة الفاقدة الثقة الخائفة التائهة المقهورة الانتهازية الضعيفة القوية المتسلطة المنتقمة .

وعلى الناحية الأخرى نجد شخصية "حازم – محمد ممدوح" المتوهمة أنها شخصية فاعلة تجاه "هَنا" نكتشف أن فعل تهميشه لزوجته وممارسة فرض السيطرة عليها ماهو إلا رد فعل لتهميشه هو شخصيا وإفقاده الثقة فى نفسه من قِبل عائلته التى تحتفى بأخيه الأصغر فى حين تراه العائلة أنه "الإبن الخايب العويل اللى مابيعرفش يمسك قرش فى إيده" فهو أيضا مشدود بخيط تجاه عائلته وكرد فعل يفشل فى الحفاظ على وظيفته الثابتة فى البنك ويبدأ مشروعه الخاص "المَنحَل" المشترك مع "هَنا" ، وهذا دال على ان علاقة الفعل ورد الفعل هى علاقة متبادلة بينهما منذ البداية فهما كحائطين مائلين مسندوان على بعضهما ، فمع تحدى "هَنا" له بعد سفرها وإهتزاز أو إنفلات خيطها معه يفقد إتزانه النفسي التى كانت تحققه "هَنا" له ، حيث كان تَعامله معها تعويضا لعقد النقص التى رسختها فيه عائلته ويحقق له إتزاناً نفسياً ظاهرياً ، حتى يصل لنقطة إنعكاس المسار ويدرك انه تحول من وهم أنه فاعل تجاه "هَنا" إلى رد فعل عكسي ، وهو مايبرر هيستيرية غضبه وإندفاعه للخطأ اللفظى تجاهها كمحاولة هيستيرية يائسة لإنكار هذا التحول ، ويصل لأقصى نقطة من الإهتزاز النفسي لحظة "الطلاق" ، ثم يسقط فى مسار عكسي تماماً مع وجود نقطة جذب قوية متمثلة فى شخصية "بدر – سيد رجب" التى تزيد من سرعة وقوة وطاقة إندفاعه العكسي فتفتح له أبواب التحقق والتحرر والنجاح فتمثل له بديلا "إعتماديا" تعويضيا لدوافع نقصه الأولى مع العائلة فيحل محل "هنا" ويدخل "حازم" فى مجال وإطار سلطته فيكون خيطا بديلا يدور حوله ويجذبه للإتجاه العكسي ، ويدفعه تجاه علاقة حرة إختيارية دون إمتلاك مع "أمينة" فتكون سبباً فى تحول مسار شخصيته قتميل إلى الهدوء والإتزان والعملية والعقلانية ويتحول الى فاعل يتخذ القرارات العملية بعلاج أمينة طبياً وهو الموقف المضاد لإتجاه "بدر" فقد تحولت شخصيته من رد الفعل الى فاعل لكنه يكتشف أن توقيت تحوله جاء متأخرا بعد فوات الأوان ، وبفقدان أمينة يبدأ فى الإنهيار ولا ينقذه سوى لحظة شعوره بضياع حلمه الأصلى "طفله" .
فحازم هو النموذج الثانى من النماذج الواقعية المباشرة من المجتمع المصري ، هو على المستوى الإجتماعى أحد النماذج للرجل من الطبقة المتوسطة بكل أدواره وأبعاده وحالاته ومكوناته الإجتماعية فهو الزوج – الإبن – الأخ – الموظف – الأب – ثم المطلق - صاحب المشروع الخاص – المتزوج للمرة الثانية ... وعلى المستوى النفسي هو نموذج لقوة المشاعر المتضخمة الغشيمة ولطاقة الغضب المتفجرة عاطفيا بعشوائية هو المُحِب الحالم العاجز الفاشل المُهمّش التائه المتسلط القوى المندفع المنتقم الضعيف .
.

ثم تدخل فى الأحداث شخصية "مؤنس/ محمد فرّاج" وهى شخصية تنقلنا الى درجة أعلى على سلم الشخصيات الدرامية بالمسلسل ، فهى شخصية تختلف عن شخصيتَي "هَنا وحازم" ، فشخصيتَي "هَنا وحازم" هما نموذجان عامان من الواقع الإجتماعى فى حين أن شخصية "مؤنس" هى نموذج خاص من هذا الواقع ، فهو شخصية تعبر عن الإمتداد المستقبلى لخط العلاقة بين "هنا وحازم" ، فهو النموذج المستقبلى لطفلهما "إبراهيم" ، فهو ذلك الطفل الذى ظل يعانى من فكرة ترك أمه له وإنشغالها عنه ورفضها له وهى الفكرة التى زرعها أبوه داخله فى طفولته وعاش بها طوال حياته ، وهى الرابط الأساسي الذى جذب "مؤنس" تجاه "هنا" ، حيث وجد فيها شدة التمسك بطفلها ودفاعها عنه بكل الطرق وبكل قوة وضد كل الناس وهو مازلزل الكيان النفسي لمؤنس فوجد فيها الأم المفقودة فى حياته ، فمؤنس أحب "هنا الأم المقاتلة من أجل إبنها" وليس "هنا الأنثى" فزوجته الأولى تفوق "هنا" أنثويا ، وهذا أحد أهم أسباب إختيار ممثلة جميلة أُنثويا للقيام بدور زوجته الاولى وتعمد المسلسل إظهار هذا الجانب الانثوي فيها لنفى إحتمالية إرتباط مؤنس بهنا بهدف الإشتهاء الجنسي ، وهومايفسر مشهد محاولة الإغتصاب الزوجى من مؤنس لهنا على أنه رد فعل هيستيري لشعوره بأن رفض هنا للعلاقة الزوجية بينهما لم يكن بسبب شكها فى عدم شرعية زواجهما وإنما كان رفضا لذاته ولشخصه هو ، وهو مافجربداخله شعوره برفض أمه له فى طفولته فهاجم أمه فى جسد "هنا" ، وهو ما وضح بعد ذلك مباشرة فى حواره مع والده ، فلم يكن ذلك إغتصابا جنسيا لكنه كان هجوما جسديا على جسد "هنا" موازيا لعقدته تجاه جسد أمه .
فشخصية مؤنس شخصية مركبة بدرجة أعقد نفسيا من شخصيات هنا وحازم حيث نستطيع القول بأنها شخصية مأزومة نفسياً وليست مجرد شخصية مضغوطة نفسياً مثل هنا وحازم ، هى على المستوى الدرامى تعتبر الإمتداد المستقبلى الناتج عن تشوه العلاقة بين هنا وحازم الذى سينعكس على إبراهيم إبنهما فيما بعد ، وهو مايتضح فى مشهد حوار مؤنس مع الطفل إبراهيم فى المطار عن مستقبله الذى يخطط له وأنه سيضعه على نفس المسار الذى وضع هو نفسه عليه سابقا ، ، فشخصية مؤنس فى أحد أبعادها الدرامية مرآة المستقبل التى يقف أمامها حازم وهنا فى مواجهة مع الذات والحوار الذاتى أمام المرآة أحد أهم الوسائل الفنية التى إستخدمها المسلسل بفنية عالية فى كشف تناقض الشخصيات فى لحظات مواجهتها لذاتها فكانت شخصية مؤنس أحد هذه المرايا لكن فى قالب شخصية درامية حية ، وفى قانون الفعل ورد الفعل هى شخصية دافعة للإتجاه العكسي فى مسار علاقة هنا وحازم ، فعلى المستوى الإجتماعى هى شخصية نموذج عاكس لتناقض المجتمع ذاتيا ، نتاج مجتمعين متناقضين تماما ، مجتمع الأب المتزمت دينيا الملتزم بالقيود الشكلية والقشرة الصلبة الخارجية للمتاجرة بالدين والهش الاجوف من داخله ومجتمع عكسه تماماً هو مجتمع الأم الفنانة "الراقصة وصاحبة ومدربة مدرسة الرقص الحديث" فيكون نتاج هذين المجتمعين نفسيا مجرد مسخ إنسانى يعانى من فصام نفسي يُظهِر عكس مايُبطِن فهو مزج بين عدة عقد نفسية فهو خليط بين عقدة أوديب وأزمة هاملت .

ومع ظهور شخصية "بدر/ سيد رجب" نجد أنفسنا أمام نوع آخر من الشخصيات الدرامية الذى يميل الى منهج التعبيرية رغم واقعيتها ، فشخصية "بدر" تحديدا ظلت فترة درامية طويلة خارج إطار شخصيات النماذج الواقعية المباشرة - وإن كان هذا أحد أبعادها - لكنها شخصية تحمل من الدلالات الفكرية والفلسفية أكثر من إنخراطها المباشر فى الأحداث ، فإن كانت شخصية مؤنس شخصية تسعى نحو التقوقع والتحصن متمترسة خلف القشرة الظاهرية للدين فى سلوك هروبى للخلف ، فشخصية "بدر" على العكس تماماً تُمثِل مسار وقانون التحرر المُطلَق فى سلوك هروبى أيضا لكن للأمام .
فتبدأ شخصية "بدر" الظهور فى أحداث الدراما بشكل "وجودى - عبثى" منذ مشهد أستقباله لـ "حازم" فى منزله العتيق وحتى مشهد عزاء "شاهين" . وظلت شخصية بدر غامضة طوال المسلسل ، وهذا الغموض الذى أحاط بها خلق هالة مغناطيسية للشخصية تضافرت مع طبيعة تكوين الشخصية ذاتها التى إتسمت بالميل إلى المجردات التعبيرية مما أضاف لها بعداً فلسفياً يميزها عن باقى الشخصيات ،
فشخصية "بدر" بداية من دلالة إسمه "بدر" لايتحقق سوى فى الإكتمال ، ودلالة إسم إبنته "نور" يؤكد ذلك التفسير ، فبداية هو البدر الذى فقد نوره !! ، فهو شخصية تسعى إلى الترقى والتسامى الإنسانى وتجسد ذلك جليا أثناء لعبه الشطرنج مع حازم فى البداية حيث مات وزيره "إشارة إلى موت شاهين" فقام بترقية أحد عساكره إلى وزير ، فهو يؤمن بتحرر وإرتقاء الروح من مادية الجسد والإرتقاء عن متطلباته الشهوانية وتحرر العواطف من الاحتياج وتحرر الحب من الإمتلاك ، يؤمن بتسامي الروح إلى فطرتها الطبيعية البكر "الأورجانيك" ، يؤمن بالإنسان الإله ، الذى يتماس مع فكرة "الإنسان الأعلى" وفق فلسفة "نيتشة" الذى يقرأ له كثيرا ، ويتماس مع فكرة المسيح فى حالتيه اللاهوتية والناسوتية ، ويتماس مع فكرة "القطب الصوفى المُرتقِى لِحَد الفَناء فى الذات الإلهية" ، هو صاحب البيت الكبير بتكويناته التجريدية التعبيرية من زخارف ووزجاج معشق ومشربيات خشبية كأننا فى دار عبادة تعطى له بعدا تاريخيا عتيقاً فى الزمن ، فهو القديم الذى تبدا من عنده كل الخيوط ، صاحب الأرض الجديدة التى تشبه الجنة بما فيها من فواكه مختلفة أشكالها وعسل ، هو المتعالى على الأحداث فلايتدخل فيها بشكل مباشر وإنما يحركها ويؤثر فيها عن بعد ولايتأثر بها ولا يتفاجأ بها وعالم بتحركات كل من حوله ، يمنح عطاياه بحب بلاحدود ويسحبها عقاباً لكل من يحاول الخروج من ملكوته ، هو الإنسان المُتَسامى المُتألِه المطلق الإرادة .
هذا هو البعد الفلسفى / التعبيري لشخصية "بدر" لكن ذلك لم يمنع دراميا أن ينسحب عليها طابع الواقعية أيضا ، فنكتشف بعد كل هذه الهالة المحيطة بها أنها أيضا شخصية "او فكرة" خاضعة لقانون الفعل ورد الفعل بعد أن ظل خارج سياقها لفترة طويلة نسبيا ، فنعرف أنه كان أحد أهم رجال الصناعة وصاحب إحدى أكبر الشركات الصناعية فى الماضى ودخل مصحة للأمراض النفسية حتى تكشفت أزمتها النفسية أخيراً فى الحلقة 28 ، فنعرف سب صدمته النفسية وهو موت إبنته "نور" ، ونكتشف موت إبنته دراميا لحظة موت "أمينة" لتفسير أنه إعتبرها بديلا تعويضيا عن إبنته وهو مايفسر عذرية علاقته بها مما عمق إحساسنا كمشاهدين بآلام الفقد ، وهنا تتضح منطقية وواقعية رد فعل تلك الشخصية التى إتخذت موقفاً نفسياً هروبياً بالإنكار النفسي لموت إبنته وإعتبرها تركته ورحلت فقط ، لذا كان هروبه النفسي العكسي "رد الفعل" بالتحرر والتخلى عن فكرة الإرتباط بأى شخص لتجنب صدمة الفقد التى أصيب بها ، مما أدى إلى رفض كافة أشكال الإرتباط والملكية المؤسسية "سواء الإقتصادية أو الإجتماعية" حتى إنسحب ذلك على رفضه لمؤسسة الزواج نفسها ، فكان أهم الأقطاب المؤثرة فى علاقة زواج "هَنا وحازم" محاولا تفكيكها لتحريرها من قيودها ، فلعب على نقاط ضعفهما تارة بالترغيب وتارة بالترهيب فهو المُخَلِّص لعلاقتهما من كل قيد ، فهو القوة المضادة فى الإتجاه لقوة "مؤنس". لكنه فى النهاية أكتشف أنه احب أمينة فعلا وأرتبط بها وأن حبه لها كان به جزء إمتلاكى بالفعل "رجعهالى ياحازم" .
فكأنه دار فى مسار دائرى فعاد لنقطة البداية كسائر شخصيات المسلسل التى إكتشفت فى النهاية أنها دارت فى مسار دائرى وعادت لبداياتها الأولى لكن بخبرات مختلفة غيرت من طبيعة علاقاتها ببعضها . فهل ستكون حركتها الجديدة فى نفس المسار أم أن التغير الذى حدث فى طبيعة تكوينهم سيؤدى إلى مسارات مختلفة ؟!! وهو سؤال تركه المسلسل مفتوحا ليجيب عليه المتلقى نفسه وفق قناعاته هو . فالمتلقى الذى شارك الشخصيات فى رحلتها السابقة بالتأكيد تغيرت مفاهيمه وقناعاته للواقع الذى يحيط به . وإن كنت أنا شخصيا كمتلقى لم أقتنع بنهاية المسلسل التى دارت بالشخصيات فى مسار دائرى وكنت اعتقد ان رحلة هذه الشخصيات وطبيعة حركتها وردود فعلها لابد ان يكون لها عواقب "ردود فعل" اعنف من ذلك ، لكن يبدو ان المؤلف آثر النهاية السعيدة او الهادئة وهو حر طبعا فى وجهة نظره .
إتسمت علاقات الشخصيات بالقطبية بين القوى المتضادة ، وتنوعت تلك القطبية فى عدة أشكال او مستويات ، فنجد قطبية ذاتية فى إنقسام الشخصيات على نفسها فى علاقة مواجهات ذاتية ، ونجد علاقات قطبية ثنائية مثل هنا وحازم – هنا وأمها - هنا ومؤنس – هنا وبيج زى - هنا وزوجة مؤنس – هنا وبدر - حازم ومؤنس - حازم وبدر - حازم وامينة – حازم ووالده - اخت هنا واخت مؤنس - مؤنس وبدر – بدر وامينة ، ونجد علاقات قطبية ثلاثية هنا وحازم ومؤنس – هنا وحازم وبدر – حازم وبدر وامينة – حازم وشاهين وبدر – هنا ومؤنس وزوجته – هنا وحازم وامينة – مؤنس ووالده ووالدته .
تلك القطبية المتنوعة خلقت شكبة متشعبة من التقاطعات ونقاط الجذب والتنافر فيما بينها مما خلق طاقة درامية متزايدة فيما يشبه مجالاً مغناطيسياً متعدد الأقطاب ومع التغير المستمر لوضعية وترتيب هذه الأقطاب تغيرت إتجاهات العلاقات بين الشخصيات بشكل جدلى مستمر وكأننا نواجهة موجات درامية متلاطمة ومتجددة ومتلاحقة .
تلك الجاذبية المغناطيسية للدراما إنعكست على كافة مستويات التلقى وكافة مستويات التفسير والتأويل فتحولت دلالة الشخصيات من مجرد نماذج واقعية فى الحياة إلى إرتقائها لمستوى تعبيرى آخر له أبعاد ودلالات فلسفية وفكرية مجردة . نوع مغاير من الشخصيات الدرامية ، نوع يميل الى منهج الواقعية السحرية التى تميل إلى التعبيرية رغم واقعيتها ، وهو تصعيد فنى فى منهج الكتابة والتمثيل مازالت الدراما المصرية التليفزيونية لم تستخدمه بشكل شائع نظرا لصعوبته على المبدع والمتلقى فى آن واحد لما يتطلبه من خلفيات ثقافية للمبدع وللمتلقى ، ما قد يؤدى إلى إنحصار العمل الفنى فى دوائر المتلقى النخبوى فقط فيفقد جماهيريته وشعبويته ، وهو المأزق الذى تمكن مسلسل "لعبة نيوتن" من تجاوزه بكل عناصره الفنية ، فحافظ على بساطة وواقعية بنيته (احداثه وشخصياته) فضَمَن المستوى الأدنى للتلقى بوضوح فى إطار التفسيرات الإجتماعية والنفسية البسيطة ، وفى نفس الوقت أضفى مسحة من التعبيرية السحرية إلى هذه البنية الفنية كرافعة لتصعيد التأويل والتفسير إلى مستويات فلسفية وفكرية مجردة ، وهذا الملمح التعبيرى لايصل إلى مستوى الإجادة والتميز سوى بتضافر كافة عناصر العمل الفنى وتناغمها الدلالى ، وهو مايعنى فرض إتجاهات وطرائق فنية ممنهجة على أداء الممثل تضمن تناغم أدائه مع باقى العناصر الفنية ومع باقى الشخصيات ، أى أن الأداء التمثيلى هنا لم يكن حراً او خاضعاً لتصور الممثل الشخصي فقط وإنما خاضع للرؤية العامة للعمل الفنى .
إعتمد الأداء التمثيلى على المنهج الواقعى بالتنويع بين مدرستي الأداء "الأسلوبية" و "الأسلوبية الحديثة" ، و"الأسلوبية" هى مدرسة من مدارس التمثيل تتبع الإتجاه الواقعى وقد أسس لها المخرج الرائد "قسطنطين ستانيسلافِسكي" وتطورت على يد مدرب التمثيل العملاق "لى إستراسبرج" ، حيث تركز هذه المدرسة على النواحى الداخلية الشعورية للشخصية وإنفعالاتها النفسية وربطها بحياة الممثل الشخصية فيما عُرِفَ بإسم "الذاكرة الإنفعالية" بهدف الوصول إلى أعلى درجة من درجات تقمص الممثل للشخصية ، أما "الأسلوبية الحديثة" فهى مزج بين الأسلوبية وبين والمدرسة الكلاسيكية التى تهتم بالمظاهر الخارجية للشخصية مثل الوضع الجسدى والإيماءات والتنويعات الصوتية الحِرفية ، فمزجت بين النسق الخيالى والنسق التقنى ، وفى بعض المناطق التمثيلية أضيفت مسحة من التعبيرية . فبناء الشخصيات جاء فى سياق المنهج الواقعى لكن بميول مختلفة بين الواقعية المباشرة والواقعية السحرية والواقعية التعبيرية والواقعية الرمزية .

فجاء أداء الفنانة "منى زكى" متوازيا مع المنهج الواقعى المباشر متبعا المدرسة الأسلوبية فوصلت إلى درجة عالية من المصداقية التى أدت فى بعض المراحل إلى توحد بعض المشاهدين نفسيا مع الشخصية لولا أنَ تطور الأحداث فَكّكَ هذا التوحد النفسي فيما بعد نتيجة للتحولات الشديدة فى الشخصية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والمسار البندولى التى سارت عليه الدراما فتحولت بؤرة إهتمام المشاهد معه إلى محاولة اللحاق والملاحقة الذهنية والنفسية لتفسير هذه الترددات السريعة بإسقاطها على مستويات التفسير الإجتماعية (الأخلاقية - القانونية – الدينية ) ومستويات التفاعل والتفسير النفسي (التوحد - التعاطف – الإقتناع - الرفض) ، فجاء الناتج النهائى للشخصية فنياً فى أقوى وأعلى درجاته الفنية ، ويُعتبر من أقوى الأدوار التى أدتها الفنانة منى زكى فى حياتها الفنية ، فوصلت إلى مستويات فنية غير مسبوقة وستظل معيارا قياسيا لفترات طويلة بعدها فى بعض المشاهد مثل مشهد الولادة ومشهد الطلاق .
أما الفنان "محمد ممدوح" كعادتنا به أدى الشخصية بدرجة عالية من "الواقعية- الأسلوبية" سواء فى لحظات القوة او الضعف وبإنفعالات شديدة المصداقية خصوصا فى لحظات الغضب الهيستيري سواء امام "هنا" أو "مؤنس" معبرا عن طبيعة الشخصية الإندفاعية عاطفيا المتهورة سلوكيا فى مرحلة علاقتها بهنا وطلاقه منها . وعلى النقيض نجده أجاد تجسيد الجانب الرومانسي الحالم المتسامى المتأنى الفاعل المتعقل الذى ظهر فى شخصيته فى علاقته بـ "امينة" ، فهو ممثل "كتلة مشاعر" قادر على تجسيد مختلف تنويعات الحالة الإنفعالية للشخصية فى سياق المشهد الدرامى بمنتهى الحساسية الفنية والإنسانية .


وبعين واعية من المخرج يتم تسكين الفنان "محمد فراج" لأداء شخصية "مؤنس" ، وهو القدير فى أداء الشخصيات المركبة بل المعقدة نفسيا لما يملكه من أدوات ممثل شديد الموهبة والحرفية والحساسية الفنية فجاء أداؤه متبعا أيضا المنهج الواقعى لكن وفق المدرسة "الأسلوبية الحديثة" فأجاد إستخدام حركة الجسد والإيماءات الرمزية وتعبيرات الوجه الحِرفية وأضفى مسحة رمزية على تلك التقنيات تجلت بشكل واضح فى وضعية جسده لحظة إنهياره بعد هروب هنا منه ولحظة ندمه على مصارحته لهنا بحبه لها .. ومشهد رفع المصحف فى وجه حازم وهذا الإسقاط الرمزى كان مقبولا نظرا لرمزية القالب الدينى التى وُضعت فيه الشخصية كعنصر ضاغط وسجن مقيِد لسلوكه ... الخ .
ونأتى إلى نوع مغاير من الأداء التمثيلى مع الفنان "سيد رجب" الذى أدى شخصية "بدر" لما لها من أبعاد درامية تعبيرية وأبعاد موضوعية فلسفية تجريدية فجاء أداؤه متوازيا ومتناغما مع تلك الأبعاد فى الأداء حيث أضاف إليه مسحات تعبيرية سحرية لكى يضفى هالة من الغموض السحرى الميتافيزيقى على الشخصية فى بدايتها ، فظل يعزف فنيا فى مساحة سماوية منفردة طوال المسلسل حتى حطَّ على أرض الواقع فى النهاية أمام قبر إبنته عائدا إلى المنهج الواقعى الأسلوبى المباشر ، وهذا الأداء المائل للتعبيرية هو طريقة أداء غير شائعة الإنتشار لدى متلقى الدراما التليفزيونة المصرية لذا كثر الجدل حولها طوال عرض المسلسل حتى تكشفت فى النهاية وعاد الى الأداء الواقعى ففسر للجمهور أسباب هذا الأداء الغرائبى بالنسبة له .
وقد توازى تصميم ملابس وإكسسوارات وماكياج الشخصيات مع المنهج الواقعى فى بنية الشخصيات دراميا لكن مالت التصميمات الى الرمزية ، فكان دالاً على الخلفية الإجتماعية والفكرية "الظاهرية" ودالاً فى نفس الوقت على التطورات النفسية "الباطنة" لها ، فكان الإستايل الفورمال او الكاجوال مرتبطا بطبيعة تكوين الشخصيات إجتماعيا والمرحلة الاجتماعية التى يمر بها ، أما الألوان مابين الزاهية و الاسود و الرماديات ونقشات الملابس مابين السادة و الخطوط و الكاروهات و الزخارف النباتية والزركشة والورود كانت دالا على الطبيعة النفسية لكل شخصية وتطوارتها . بل كان ضيق الملابس او إتساعها الفضفاض دالا على مدى إنغلاق الشخصيات وتفتحها سواء النفسي ام الفكرى والاجتماعى . وجاءت الإكسسوارات متماشية مع الحالة المالية التى تمر بها الشخصية من ناحية إكسسوارات عادية ام انها براندات .

وإنعكس ذلك الطابع الواقعى أيضا على إختيار أماكن ومواقع التصوير فى حياة كل شخصية وفق المحددات السابقة . وتوزيعات الإضاءة التى شملت محددات الشخصيات وموضعها من الضوء وإتجاه وقوته وفقا للحالة الدرامية للمشهد ودلالاته .
ونصل إلى إحدى أرقى العناصر الفنية بالمسلسل وهى الموسيقى التصويرية للفنان "تامر كروان" التى إرتكزت على ملمحين هامين اولهما تلك النغمات الوترية وكأننا نسمع صوت إهتزاز خيوط "أوتار" كل شخصية وتنوعت بين النغمات القصيرة الدالة على هزات أوتار الشخصيات نفسيا دون شوشرة على حوار الشخصيات الحامل الرئيسى للحالة الشعورية للمشهد فتجنبت التكثيف المفتعل والزائد او المكرر لتلك الحالة الشعورية ، وبين نغمات طويلة بسيطة دالة ومسايرة وموحية بمسارات حركة الدراما البندولية ذاتها . فإنتهجت الموسيقى المنهج التعبيرى "النفسى" والتجريدى فلم تزاحم الدراما السائرة على المنهج الواقعى .
وهكذا كانت كافة عناصر العمل قادرة على رسم ملامح الشخصيات ومحدداتها المتناقضة بدقة واقعية عالية وهو مايحسب لكل فريق العمل بداية من السيناريو الذى وضع اللبنة الأولى لمحددات الشخصيات والحوار الذى إمتاز بجمل حوارية غاية فى بساطة السهل الممتنع مراعية لواقع الطبقة الإجتماعية للشخصيات من ناحية مستوى تعليمها وقناعاتها الأخلاقية وإنتماءاتها الفكرية والدينية ومظاهر بيئتها وحياتها اليومية ومراعية لتغيرات وتحولات حالاتها النفسية المتغيرة بإستمرار بين حالات الضعف والقوة والإهتزاز والإرتداد والإنهيار .

وهذه الهارمونية الشديدة فى بين عناصر العمل كلها تنم عن وجود نسق فنى واحد حاكم للعمل يقف خلفه فنان مبدع يمتلك وعياً يمكنه من تحديد دلالاته بفهم ويمتلك من الحرفيات الفنية التى تمكنه من الوصول إليها بدقة ووضوح ويمتلك خيالا إبداعياً مغايرا وحساسية فنية تمكنه من شد إنتباه المتلقى طوال الوقت وهو المؤلف والمخرج الفنان : تامر محسن فهو قادر على توصيل رؤيته بوضوح للجميع فيحاولون تحقيقها كل فى مكانه وفى تخصصه فخرج الهدف الفنى من دائرة التميز او الظهور الفردى إلى هدف تميز وظهور العمل الفنى ذاته ، فأثار الجدل حول كافة عناصر العمل الفنية بلا إستثناء فكان تألقاً جماعياً مما يضعه فى مصاف الأعمال الدرامية الكبرى المتميزة لفترات طويلة .



#أيمن_-غالى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيمن -غالى - - لعبة نيوتن - .. جدلية درامية متعددة المستويات