أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فالح عبد الجبار - مفهوم العنف، مفهوم الإرهاب















المزيد.....

مفهوم العنف، مفهوم الإرهاب


فالح عبد الجبار

الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:14
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مع اننا معشر العرب أفشل أمم المعمورة في تنظيم العنف (الحروب، الجيوش)، فإننا أكثرها زعيقاً في تأليه هذه الوسيلة النهائية، القصوى، في حل النزاعات. وبينما تبلور أمم كثيرة أساليب وميكانيزمات للتسويات، والحلول الوسط، مطورة النظم الديمقراطية خصوصاً في المجتمعات غير المتجانسة، نرفع نحن عقيرتنا بتجانس متخيل، وانسجام من نسج الأوهام. غير أن ثمة فرصة لخرق هذه القاعدة، في العراق.
ثمة حالة من النزاع مستمرة منذ 1968 عند كثرة من العراقيين، ومنذ 2003 عند بعضهم. لا مراء في ان نزاع الحقبة الثانية منكشف للملأ، بخلاف نزاعات الحقبة الأولى، الجارية بمعظمها في الخفاء.
النزاع بذاته ليس سالباً بإطلاق ، فهو مصدر حيوية، وسبب للتطوير، شريطة أن يجري بوسائل مدنية، اي عن طريق المؤسسات. وهو بلا شك ليس ايجابياً بل مصدر تدمير وتقهقر، ان جرى بوسائل عنيفة. ثمة مساع عراقية لحل النزاع اسمها مشروع المصالحة الوطنية. وما من تسوية أو مصالحة ستلغي الفروق والخلافات، بل تظل مسعى لايجاد حلول وسط، وارساء وسائل جديدة لتلطيف الخلافات والتعايش معها .
يبدو ان هذه التصورات، الجديدة على عالم السياسة العراقي، المعروف بحديته وحدته وقطعيته، أخذت تشق طريقها الى تفكير معظم السياسيين. ولعل مبادرة رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، تندرج في هذا السياق، وتشكل نقطة افتراق بينة عن تفكير سلفه. فهل نحن امام فرصة جديدة لحل النزاع، أم حسب الصياغة الرسمية: « المصالحة الوطنية»؟ ربما.
يلاحظ في برنامج المالكي ثلاثة عناصر محورية اولها واخطرها هو: المبادئ الناظمة، وثانيها: السياسات المطلوبة، وثالثها الآليات، اي وسائل التنفيذ. لعل هذا التقسيم لبرنامج او خطة المصالحة، او حل النزاع، يشي بقدر من الوضوح مفتقد عادة في العمل السياسي.
ويلاحظ ان حقل المبادئ مليء بألغام الخلاف والاختلاف. ثمة في الاقل ثلاث مقاربات لهذه المبادئ، الناظمة لعملية المصالحة. ثمة المقاربة الايديولوجية التي ترى الى اصحاب العنف بمنظار جماعة ايديولوجية مرفوضة ومنبوذة بقضها وقضيضها، وذلك انطلاقاً من اعتبار البعث، المنظم الاساس للعنف، حركة ايديولوجية عنصرية واجبة الاجتثاث، واعتبار الاصولية المحاربة (القاعدة وسواها) جماعة تكفيرية، تنحو منحى طائفياً، لا قبل للتعايش معه. ولعل الشق الاول من النظرة الايديولوجية (الخاص باعتبار البعث عنصرياً) مستمد من ترسانة فكر حداثي ، يستنسخ دون ابداع تجربة اجتثاث النازية في المانيا، باعتبارها نمطاً من العنصرية التدميرية. وقد تلقفت الاحزاب الاسلامية الشيعية هذه الفكرة وتمسكت بها، مدعمة بإيران، التي تحبذ ازالة البعث، لاعتبارات ايديولوجية واستراتيجية في آن.
هناك مقاربة ثانية لمسألة العنف والبعث، ذات طابع قانوني، ترى الى اقطاب النظام السابق على قاعدة التزام القانون أم خرقه وبالتالي تمييز البعث ليس على اساس الانتماء( المرتبة الحزبية)، بل على اساس نظافة السجل القانوني. بتعبير آخر، ان اجتثاث البعث، كسياسة رسمية، ينبغي ان يحل في اروقة القضاء، وليس في ادراج هيئة شبحية اتهمت، مراراً، بأنها تبيع خدماتها في الاقصاء والادراج، بيعاً سياسياً او تجارياً.
هناك مقاربة ثالثة لمسألة العنف واجتثاث البعث، هي مقاربة براغماتية، او عملية تقوم على ارجاع الحقوق المدنية، والسياسية، لقاء وقف العنف، بصرف النظر عن حصول خروقات قانونية (عدا عن قيادات الصف الاول). والمفارقة ان هذه السياسة كانت موضع تطبيق فعلي عند سائر الاحزاب، وبخاصة الاسلامية الشيعية، حيث ضمت الكثير من البعثيين السابقين مقابل الولاء الجديد لها ، ولكن هذه النزعة البراغماتية بقيت بمثابة السر المعلن، سياسة متاحة للاحزاب، ممثلة المصالح الضيقة ومحظورة على الدولة، ممثلة المصالح الكلية للمجتمع.
ونلاحظ ان هذه المقاربات الثلاث، الايديولوجية والقانونية والبراغماتية، تكاد ان تكون ماثلة في عدد من حالات الانتقال من مجتمع الواحدية الى مجتمع التعددية، في المانيا النازية (1945)، وفي تشيلي، وجنوب افريقيا.
في المانيا النازية، طبقت المقاربة الايديولوجية وان يكن بوسائل قانونية، حيث حوكم كل النازيين على انتمائهم، مثلما حوكم النازيون وغير النازيين على ضلوعهم في جرائم ضد الانسانية. ورغم الصرامة في تطبيق هذه السياسة تراجع الحلفاء عنها لحظة احتدام الحرب الباردة .
وفي تشيلي، مثال معاكس تماماً، على غلق كل ملفات الماضي بما فيها من انتهاكات وخروقات وقتول، مقابل فتح الباب اما انتقال سلمي. لم يكتب السياسيون حرفاً عن هذه المساومة التي كانت مؤلمة من الوجهة الاخلاقية، حيث رأت الضحية جلادها يتبختر ببزته الرسمية ونياشينه، مخفياً دماء قتلاه تحت قناع بطولة قومية زائفة. وكان من نصيب الادب ان يسجل الحقائق في مسرحية بعنوان: الموت والعذراءن التي تلقفتها هوليوود لحسن الحظ.
واخيراً ثمة الحل الجنوب افريقي: الحوار والمكاشفة، والمصالحة والعفو، اعتماداً على تقاليد الاعتراف المسيحية.
يحتاج العراق الى هذا كله، فثمة اصحاب القرارات المدمرة، الذين زجوا العراق في أتون حروب مدمرة، او مزقوا نسيج الوئام الوطني، وانزلوا الأمة الى درك قبيلة مهلهلة.لا شفاء لأولاء الا بالحل الالماني. وثمة حاجة الى غلق الملفات، على الغرار التشيلي، بروح براغماتية هدفها الاسمى هو السلم المدني. واخيراً ثمة حاجة الى محاكاة نموذج مانديلا.
ويلاحظ ان الحوار او الخلاف الدائر حول تعريف «الارهاب» و»الارهابي»، يحوي كل هذه العناصر، بين من يرى الارهاب تعريفاً ينطبق على كل هيئة غير قانونية(دولة) تمارس العنف لتحقيق اغراض سياسية (التعريف الاميركي الشامل).
في المقابل يردد السياسيون العراقيون ان الارهاب تعريف ينطبق على كل من مارس او يمارس العنف ضد العراقيين، وهو تعريف يستثني كل من استهدف ويستهدف القوات الاجنبية، وثمة تعريف ثالث، يرى ان الارهاب هو كل اعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين بعامة والمؤسسات العراقية، بعد تأسيس مشروعية هذه الاخيرة عبر الانتخابات.
هذه الآراء المتضاربة تشي بالتنوع. وتميل الحكومة الحالية الى النأي بنفسها عن الموقف الحكومي السابق، والاتجاه الى مزيج من نظرة قانونية-براغماتية، لعل لها حظاً أوفر من النجاح.



#فالح_عبد_الجبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق الميليشيا، منطق الدولة
- مائة عام على ثورة المشروطة مائة عام من الزمن الضائع
- العراق: صراع المقدس والدنيوي في بناء الأمة
- العراق: تصادم القبيلة والأصولية الوافدة
- على الهامش العراقي: الرئيس قانونياً
- أكتوبر البلاشفة، أو الثورة المنسية
- الدستور العراقي قبل الانتخابات وبعدها
- لائحة التعديل الدستوري
- العراق: الأوجه الكثيرة للإستفتاء على الدستور
- الدستور العراقي واستدراك التفويض
- العراق وسواه من أوضاع مشابهة: الوسطية الضائعة منذ نصف قرن
- انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة -الاشتراكية
- نحن والعالم في ظلال 11 أيلول
- المنهج النظري و التجريبية في كتاب الطبقات الاجتماعي لحنا بطا ...
- العراق: صراع العروبة والأسلمة في الدستور وحوله
- الدستور العراقي:المعركة الاخيرة ؟
- سوسيولوجيا البداوة والمجتمع العراقي 2-2
- المجتمع العراق و سوسيولوجيا البداوة 1-2
- اطلالة على مفهوم العولمة
- الفقهاء في النجف 3-3


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فالح عبد الجبار - مفهوم العنف، مفهوم الإرهاب