أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عياشي بالسايحية - الإنسان أثمن رأس مال














المزيد.....

الإنسان أثمن رأس مال


عياشي بالسايحية

الحوار المتمدن-العدد: 6898 - 2021 / 5 / 14 - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يؤكّد الاقتصاد السّياسي المعاصر أن الإنسان هو أساس الثّروة. فلا تنمية بدون إنسانٍ جهدًا وفكرًا وعلمًا، ولا تنمية دون قدرات بشريّة. ورغم هذه الحقيقة، فإن استغلال الإنسان يبقى الحلقة الرّئيسية، بل الشّرط الأساسي لتكديس الرّبح والثروات.

ويختلف الاستغلال من دولة إلى أخرى، فالدول الرأسمالية الكبرى (الامبريالية) توفّر لليد العاملة ظروفا أفضل وأجورا أرفع باعتبار ما تجنيه هذه الدول من عائدات الهيمنة ومن عائدات صادراتها الصّناعية التي تفرضها على المستعمرات وأشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة. ويختلف الوضع بالنسبة للدول المتخلفة والفاقدة للسّيادة في سياساتها واختياراتها الاقتصادية والاجتماعية …الخ، إذ أن الأجراء مطالبون بمردوديّةٍ أكبر، باعتبارهم مطالبين بتحقيق الرّبح لربّ عمل مزدوج: الرّبح للوكيل أو السمسار أو الكمبرادور المحلّي والرّبح لربّ العمل الأصلي وهو الدوائر المالية الاستعمارية الكبرى.

في هذه الخانة يمكن تصنيف سياسات الحكومة التونسية؛ فهي مجرّد وسيط يتقاضى عمولات من هذه الدوائر مقابل تحصيل الموارد وحراسة الثروة الوطنية التي تتحوّل بمقتضى العمالة إلى ثروات لفائدة هذه الدوائر. ومن هذا المنطلق تعمل الحكومة، بل كل الحكومات المتعاقبة، على الضغط على التكاليف وخاصة الأجور بمفهومها الواسع، (الأجر الأدنى، المنح، التغطية الاجتماعية، صندوق الدعم، التعليم، الصحة، النقل، السكن، بعض الامتيازات… وهذا طبعا يعتبر وفق رأي الخبراء هو من مكوّنات الأجر بالنّظر لكون الأجراء يساهمون بشكل مباشر في تمويل الصناديق وخزينة الدولة عبر دفع الأداءات والضرائب)، وهذا طبعا وفق وصفة محدّدة مسبقا من الدوائر المالية (صندوق النهب الدولي والبنك العالمي وغيرهما) وكلّ الحكومات التي لا تلتزم بهذه الوصفات مآلها السقوط ولهذه الدوائر آلياتها الاستخباراتية والاقتصادية لإسقاط كل من يخرج عن مخطّطها وعن توجيهات سياساتها الاستعمارية.

في هذا الإطار ما انفكّت الحكومات المتعاقبة، وآخرها حكومة المشيشي، تصمّ آذاننا بالحديث المغالط عن ارتفاع كتلة أجور موظّفي الدولة وبأنها “الأرفع في العالم”… الخ، ولكن في الحقيقة فإن هذه الكتلة ليست كذلك باعتبار وأن الميزانية والميزانيات المتعاقبة هي الأضعف مقارنة حتى بالدول المشابهة لاقتصادنا ولمقدراتنا.

فالفرق شاسع بين الدّولة الاجتماعية الرّاعية والتي تبقى المشغّل والضامن للتوازنات الاجتماعية والمحتكر للقطاعات الاستراتيجية، وبين الدولة الليبرالية التي تتملّص من دورها الاجتماعي وتتحوّل إلى مجرّد مؤسّسة تتمعّش من الضرائب والعمولات، وهذا هو “مربط الفرس”؛ فالشعب التونسي لمّا ثار هو في الحقيقة قد ثار على نظام ليبرالي عميل تحكّمت في سياساته الدوائر المالية الاستعمارية، ولكن من سطوا على الحكم بعد الثورة لم يغيّروا هذه السياسات بل حافظوا عليها وعمّقوا ليبراليتها وعمالتها، ممّا شجّع على الفساد والتّهريب والنهب.

ومن هنا، فإن النضال من أجل سيادة البلاد يعتبر أكثر من أيّ وقت مضى، المفتاح لتحقيق العدالة الاجتماعية في ظلّ دولة مستقلّة في قراراتها وراعية للتوازنات الاجتماعية وضامنة لمجانية الخدمات الاجتماعية (التعليم والصحة والنقل والسّكن…) وبهذا الشّكل فقط يمكن المحافظة على كرامة الأجراء بصورة خاصة، وعلى كرامة الشعب بصورة عامة، وبهذا الشكل فقط يتوقّف الحديث عن التخفيض في أجور الشغيلة وإلغاء صندوق الدعم، وبهذا الشكل فقط نحافظ على المقدرة الشرائية للسّواد الأعظم من الشعب.

هي ذي السّياسة الوطنية والشعبية التي تثمّن الإنسان وتقدّر دوره في بناء الاقتصاد والمجتمع والحضارة. فالإنسان كان ولا يزال وسيظلّ أثمن رأس مال.



#عياشي_بالسايحية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان أثمن رأس مال


المزيد.....




- وزارة الخارجية الهندية: نيودلهي مارست حقها في منع الهجمات ال ...
- كتائب -القسام- تعلن تنفيذ كمين بقوة إسرائيلية شرق خان يونس
- قناة هندية: مقتل 70 مسلحا على الأقل في غارات هندية على باكست ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح ترامب بشأن الدور الأمريكي في الحرب ا ...
- مراسلنا: 16 قتيلا وعشرات الإصابات بقصف إسرائيلي على قطاع غزة ...
- مصر تعلق على وقف إطلاق النار بين واشنطن والحوثيين
- تعليق الرحلات بمطار صنعاء عقب الهجوم الإسرائيلي
- هكذا يطوّع الأميركيون القوانين لمكافحة مقاطعة إسرائيل
- فيتنام وغزة.. مقارنة بين مقاومتين
- إسرائيل تدعم الهند وتحذير عالمي من تداعيات الاشتباكات مع باك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عياشي بالسايحية - الإنسان أثمن رأس مال