أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مؤيد الحسيني العابد - الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 30















المزيد.....


الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 30


مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)


الحوار المتمدن-العدد: 6892 - 2021 / 5 / 8 - 09:03
المحور: الطب , والعلوم
    


الكون الواسع والعقول الضيّقة 30
The vast universe and narrow minds 30

إنّ الحديث عن الإفتراض والفرضيّة، له نكهته الخاصّة، وله طعم لا يستسيغه من لا يعرف الولوج في عالم الجّسيمات والطّاقة العالية والإستغراق في كون صغير يكون صورة من كوننا الكبير.
والفرضيّة والإفتراض بالنّسبة لي، لا يمكن أن أستغني عنهما، فهما حبيبان، عازفان لحناً ما أجمله وما ألطفه!
لقد تطرّقت إلى الجّسيمات الإفتراضيّة على أنّها تلك الجّسيمات التي تساعد في حلّ الكثير من المشاكل العلميّة في هذا الإطار، لكن عند البعض من الباحثين يكون وجود هذه الجّسيمات نقمة وليست نعمة! ولا أعرف لِمَ هم محتجّون على التطرّق لها بهذا الوصف الإحتجاجيّ! سيّما وهم يثيرون الجّدل بشكل آخر على أساس، ما فائدة وجود جسيمات لا ينفع معها تطبيق قوانين الطّاقة والزّخم والكتلة كقوانين حفظ لها. حيث يكون وجودها مؤثّراً سلبيّاً على حساب تلك القوانين. والصّحيح كما أراه أنّ وجود هذه الجّسيمات، كان ومازال إستناداً على علميّة عالية كما فعلها هيغز المحترم والذي ذكرناه في أكثر من مرّة. وبذلك يكون وجود هذه الجّسيمات مساعداً في سدّ أيّ ثغرة في حساب قوانين الحفظ المذكورة وليس العكس. وإنْ لم يوجد أيّ تطابق في القوانين يكون عندذاك قد سُدّت الثّغرة تلقائيّاً. وفي حالة وجودها سيقوم الغالي بسدّ ثغرة الحساب بسهولة (رغم بساطة الكلام عن هذا، أقول هو بالفعل هكذا، حيث لم يأتِ أحدهم من الشّارع ليفترض هذا الفرض المعقّد بل متخصّص ومتبحّر في ذلك، وإفتراض وجود هذه الجّسيمات هو إفتراض يقترب من الحقيقة الفعليّة، لا من الخيال البعيد عن الواقع المتعلّق بهذه فحسب. بالإضافة إلى أنّ هناك رأياً مهمّاً أثارَه أحد أساتذة فلسفة العلوم بالقول: (إنّ مثل هذا الإنتهاك مسموح به طالما أنّ (وجود) الجّسيمات الإفتراضيّة يستمر لفترة أقصر من تلك التي تحدّدها علاقة عدم اليقين المتعلّقة بالزّمن ـ الطاقة). يبدو أنّ إختلاف الطّاقة مقبول إذا فسّرنا أنّ التغيّر في الزّمن على أنّه عُمْر الجّسيمات الإفتراضيّة.
كذلك من الأشياء التي يعتقد بها البعض من الباحثين أنّ تلك الجّسيمات لا تقدّم لنا شكل التّفاعل المطلوب، بل تقدّم لها بعض التّسهيلات لفهم حسابات معيّنة، أو تقوم بتسهيل الحسابات التي توجِد لنا من خلال المعادلات المطلوبة بعض النّتائج المهمّة.
عندما وضع هايزنبيرغ مبدأ عدم اليقين أو عدم التّحديد أو الشكّ، وهو مبدأ مهمّ في النظريّة الكميّة (أضيف له كلمة الإفتراض! ولا تستغرب من هذا الكلام فالإفتراض هو عدم الواقع أو عدم اليقين وهو نفس المعنى، إن لم يكن بالقرب من ساحته الجّميلة) كان يقصد به عموماً أنّه لا يمكن تحديد ميزتين أو خاصيّتين من خواصّ العبارة أو القاعدة الكموميّة إلّا ضمن حدود متّفق عليها من الدقّة والخاصيّة هذه، التي تتعلّق بالجّسيم الأوليّ بتفاصيل دقيقة من الناحية الرياضيّة المجرّدة والتطبيقيّة كذلك. ويعبّر عن صيغة عدم اليقين بأنّ حاصل ضرب التغيّر في الطّاقة مع الفرق في الزّمن يكون أكبر من، أو يساوي ثابت بلانك مقسوماً على 2 في الثابت المعروف π
باي.
وهنا يكون المثال واضحاً إذا تحدّثنا عن الإفتراض المذكور بالصّيغة تلك التي يذكرها صاحبها(1) (يمكننا معرفة المستقبل إذا عرفنا الحاضر بدقّة وإنّ عدم إستطاعتنا معرفة المستقبل لا تنبع من عدم معرفتنا بالحاضر، وإنّما بسبب عدم إستطاعتنا معرفة الحاضر) وإذا تطرّقنا إلى تلك التفاصيل في هذا الشأن فيما يتعلّق بتقسيمات الزمن التي ذكرناها سابقاً، سيكون الأمر بالتأكيد واضحاً عن الكيفيّة التي يفكّر بها صاحب المقولة! إنّ هناك إستطاعات متعددة لمعرفة الحاضر وليس إستطاعة واحدة! حينذاك سندرك معرفة المستقبل، فقط نحتاج الى مزيد من الإستغراق والتدبّر في كيفيّة التعامل مع طيّ الزّمن، حيث يمكن إستيعاب ذلك من خلال الفيزياء والرياضيّات والفلسفة فلِمَ القلق من هذا التصوّر؟!

حين الحديث عن الجّسيمات الأوّليّة من خلال هذه العلاقة يمكننا أن نقول، أنّ حاصل ضرب عدم التأكّد في تعيين موضع الجّسيم، في عدم التأكّد في تعيين كميّة حركتة، لابدّ أن يكون مساوياً، أو أكبر من المقدار المسمّى ثابت بلانك مقسوماً على 4 باي. أي لا يمكن أن يكون حاصل ضرب عدم اليقين في معرفة الموضع في عدم التأكيد في كميّة حركة (أي زخم) الجّسيم صفراً(2)
إنّ الإفتراض هنا يمسك بأذيال المتخصّص أينما يذهب، فلو إفترضنا أنّ هذا الكون فيه الذي ما نراه وفيه ما لا نراه بكلّ الوسائل المتوفّرة، لا يعني أنّ الإفتراض هنا غير مقبول، بل هو واجب هنا لا محالة بوجود الأشياء أو بوجود حتى صفات وسلوكيّات الأجسام أو الأشياء المفترضة.
يعبّر الزّمن مع الإفتراض عن الكثير من المعاني إذا ما قمنا بالتأمّل قليلاً للوصول إلى غاياتنا. لو إفترضنا، مجرّد الفرض، كما إفترض ساغان، سيكون لدينا ساحة واسعة لضمّ كلّ ماهو موجود مرئيّ وموجود غير مرئيّ، ليكون الحديث دقيقاً أكثر ممّا يتوقّعه الباحث غير المؤمن بالإفتراض ولا يتفاعل معه.
لقد وضع كارل ساغان(3) تقويماً أسماه بالتّقويم الكونيّ. حيث يتألّف هذا التقويم من زمن معياريّ ثابت، أطلق عليه بالزّمن الكونيّ. يتمثّل هذا الزّمن بسنة كونيّة، تتألّف من 365 يوماً كونيّاً وكلّ الزّمن ينتهي بوحدة الثّانية الكونيّة. وقد إستند في فرضيّته على أنّ هذه السّنة في مفهومها تستند على نفس المحتوى لكلّ وحدة زمنيّة من الوحدات المعروفة. أي أنّ الوحدة الزّمنيّة عبارة عن مدى زمنيّ محدّد، إلّا أنّ تطبيقه على الواقع ينبغي أن نعرّضه إلى ضغط مستمرّ كلّما مرّ الزّمن الفعليّ وفق مقارنته مع الزّمن الإفتراضيّ أي الكونيّ. فالسّنة الكونيّة عبارة عن المدى الزّمني منذ نشوء الكون إلى نهايته، وكلّ يوم كونيّ عبارة عن كلّ الأزمان التي تقابل هذا اليوم والتي تتغيّر (أي الأزمان) كلّما إستمرّت الحوادث في هذا الكون وتمدّد الزّمن، وحينما نقوم بالحساب كي نعرف المقارنة الصّحيحة ما بين زمن الحدث والزّمن الكونيّ (المعياريّ) سيؤدّي أيُّ تطورٍ بالأحداث إلى تمدّد الزّمن، وفي حالة المقارنة مع ما كان يقاربه من زمن معياريّ، قد تزحزح إلى أبعاد أخرى مقابل ثبات للزّمن الكونيّ هذا. أي أنّ هناك إنضغاطاً قد حصل ويحصل في زمن الحدث ويزداد الإنضغاط كلّما إزدادت الحوادث خلال الفترات الزّمنيّة الفعليّة، أي أزمان وقوع الحوادث، إلى أن تحصل عمليّة الإنضغاط الكبرى في نهاية الكون ليكون زمنه مساوياً للزّمن الإفتراضيّ المعياريّ الذي يكون عبارة عن تلك السّنة لا غير، أي السّنة الكونيّة. يعني ذلك، أنّ نشأة الكون منذ الإنفجار الكبير إلى أن ينتهي إلى نقطة البداية يكون زمنه عبارة عن تلك السّنة الكونيّة. رغم أنّ هناك إفتراضاً جميلاً يتعلّق بتلك الإشارة التي أراها واضحة، وهي الحالة التي أطلقت فيها تسمية الزّمن المطلق الذي أقارنه مع الزّمن النّسبيّ (الزّمن المطلق هو الزّمن السّماوي، أي الزّمن الذي يقيس به خالق الكون، والذي لا علاقة له بالزّمن النسبيّ إلّا لغرض المقارنة لا أكثر) والزّمن المطلق الذي أعنيه وعَنَيْتُه في حلقات سابقة ليس هو ذلك الزّمن الكونيّ الذي ينادي به ساغان بالضّبط! بل هو الزّمن الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز بالإشارات التّالية والتي تكون إشارات إلى زمن مطلق واشارات إلى زمن نسبيّ، ذلك الذي نتعامل به! بالإضافة إلى معان متعدّدة تدلّ على ذلك الزّمن الحسابيّ الذي يمكن أن نسمّيه بالقياسيّ. أنظر ما يلي:
يوم القيامة (الزّمن المطلق)، اليوم الآخِر(الزّمن المطلق)، يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ (كذلك يعنى به الزّمن المطلق) وهكذا للزمن تعبيرات مختلفة وكلّها تدلّ على الزّمن المطلق، هكذا أرى! إستمر في الملاحظة أيّها العزيز: (يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللَّهِ)، (لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ)، (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ: زمن الحدث المشار إليه)، (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)، يَوْمَئِذٍ (زمن الحدث المشار إليه)، (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ: الزّمن المطلق)، (يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، يَوْمٍ عَظِيمٍ (هنا المعني:زمن عظيم)، (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ)، (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ)، (وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ)، (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ)، (لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا)، (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ: هنا هو المعنى الذي إستخدمه ساغان على أنّه الزّمن المعياري بنفس المعنى في صفة الزّمن إن كان شهراً أو يوماً أو ساعة، إلّا أنّ الزّمن الذي إستخدمه ساغان هو معياري وفق التّصوّر الفيزيائيّ الرّياضيّ وكأنّه لا علاقة بينه وبين الزّمن المطلق الذي أشيرُ إليه وذكرته في حلقات سابقة). وهكذا تتسلسل معاني اليوم لتدلّ على معان متفرّقة، إلّا أنّها تتعلّق بالزّمن المطلق أو المعياريّ. وأقول مرّة أخرى إنّ المعياريّ الذي أعنيه هنا، كما ذكر في الكتاب الكريم ليس ذلك الذي يتحدّث عنه ساغان إلّا من كلمة القياسيّ أو المعياريّ بإعتبار أنّ زمن ساغان يكون في القائمة الأرضيّة أو الإفتراضيّة، لا الفعليّة الموجودة في ذلك المعياريّ الذي يذكر في كتاب الله الكريم. لاحظ مرّة أخرى:
(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) والأيّام السّتة ليست كأيّام الأرض العادية في الحسابات التقليديّة كما ذكرها كلّ المفسّرين، وإن كنتَ لا تؤمن بهذه الإشراقات فخُذْ القول على ظاهره، وقارن مع زمن ساغان برويّة وتأنٍّ. وإستمر في ملاحظاتك الجّميلة:
(وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)، وكذلك (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)،(تلك الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) هنا كيف الإشارة إلى الزّمن النسبيّ!(لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) المعنى واضح في أسلوب المقارنة ما بين الزّمن الداخليّ ذلك الذي يتصوّره في ذهنه وهو نائم أو الزّمن الداخليّ للحدث الذي حصل زمن نومهم أو نومِهِ، والزّمن الخارجيّ بعد النهوض لتكون المقارنة واضحة بين ما ذكرنا حول الزّمن الداخليّ والخارجيّ في حلقة سابقة.
توضيح ذلك بشكل آخر:
إستنتج علماء الفيزياء الفلكيّة أنّ عمر الكون يقارب 13.8 مليار سنة من بداية نشأة الكون وفق نظريّة الإنفجار الكبير، كما أشرنا إليه في حلقات سابقة. فلو تخيّلنا أنّ تأريخ الكون بأكمله مضغوط في سنة واحدة، أي منذ الإنفجار الكبير إلى الوقت الحاليّ، ويستمر الإنضغاط إلى نهاية عمر الكون، كلّ ذلك يكون زمنه سنة واحدة (لا تستغرب إنّما هو إفتراض ونحن نستمتع بهذا الإفتراض، خاصّة إذا كان شبيهاً بإفتراض أن تجلس في مقهى بغداديّ قديم بعد غربة ثلاثين سنة عن بغداد الجميلة وتسرح بعيداً إلى هذه المدينة وأنت تجلس في بلد درجة حرارته في شهر أيّار صفراً مئويّاً! بغداد التي باتت مرتعاً، وساحة كرة قدم يشارك فيها أكثر من مئة فريق كرة قدم!!) بإستخدام المقياس الزّمني هذا فإنّ كلّ شهر يساوي ما يزيد قليلاً عن مليار سنة. وإذا كان عمرك 60 عاماً يكون عمرك بالمقياس الكونيّ ما يعادل 0,137 ثانية كونيّة وعمر نوح عليه السلام يكون بدل 950 سنة للتبليغ فقط تكون 2,17 ثانية كونيّة أي بالتوقيت الكونيّ هذا (يفضّل من بلغ من العمر عتيّا أن يستخدم هذا المقياس قبل أن تحتج عليه الحبيبة الغالية!). فللتقريب في المفاهيم نقول: هذا التقويم إستخدمه كارل ساغان، وقد أشار إليه في مؤلّفاته التي تحوّل واحد منها إلى مسلسل سُمّي كوزموس.
ليس الأمر عابراً بهذا الشّكل كما أتصوّره! فالزّمن لو وضعناه ما بين الرّقمين 1 و2 والمدى الذي يكون ما بين هذين الرّقمين هو الزّمن المعياريّ والكونيّ الذي سأقيس عليه، ويكون ما بين الرّقمين 3 و4 زمن الكون الفعليّ منذ الإنفجار الكبير إلى نهاية عمر الكون. سينضغط كلّ حدث ما بين 3 و4 وكذلك ما إستجدّ من حدث، إلى الداخل. وهنا سيكون لديّ شيء مهمّ هو، أنّ زمن الحدث يكون داخليّاً، أي مقاساً من داخل الحدث وليس من خارجه. أي أنّ الزّمن الكونيّ سيكون خارجيّاً في القياسات العامّة. حينها سأعبّر عن الزّمن المعياريّ الكونيّ بالزّمن المعروف والزّمن الواقعيّ بالزّمن الممتدّ، وهنا إشارة إلى ما سأقوله.
حين حصول الحدث وتضاغطه يدلّل على وجود زمن مستقلّ عن الحدث، ولا علاقة له به وهو الزّمن الخارجيّ. والإفتراض هنا شيء ضروريّ ومهمّ، كما وردت الإفتراضيّة في الحلقة السّابقة. فلو إفترضنا أنّ الزّمن المعياريّ لا علاقة له بما يحدث، أو أنّ الزّمن كان في مكان مستقلّ لا علاقة له بما يحصل، وأخذنا مثالاً على إنضغاط الزّمن من خلال قول الباري جلّت قدرته (في ستّة أيّام...) وتحدّثنا عن الطيّ في المكان الذي سيكون كطيّ الزّمان (كطيّ السّجل للكتب....)، فإنّ التصوّر والمفهوم سيكونان واضحين.
مايهمّني هنا هو ذلك الزّمن لا غير! أي ذلك الذي لا علاقة له بأيّ حدث، أي هو ثابت وكمّ مستقلّ في وجود لا علاقة بينه وبين ما يحدث. ذلك الزّمن الثّابت والقياسيّ (أي تقاس الأزمان المختلفة بالنّسبة إليه، لا الحوادث كما هو واضح!).
عودة محمودة إلى فاينمان ومخططاته!
إنّ الجّسيمات الإفتراضيّة التي أشار إليها فاينمان تتحرّك ضمن أماكن محدّدة، ولكنّ الزّمن سيكون حينذاك زمناً متعلّقاً بذلك التّفاعل الجّسيميّ، ولكن لو أجرينا المقارنة بينه وبين الزّمن الكونيّ القياسيّ فلن تكون هناك أيّ ضرورة للمقارنة بإعتبار التّفاعل حدثاً لا غير، ضمن زمن داخليّ، إن كان قصيراً أو طويلاً، لا يهمّ! إنّما هو حدث لا أكثر. لكنّ الفائدة من وضع الإفتراض الذي تحدّث عنه فاينمان، ويمكن أن نفترض كذلك زمناً هو زمن ساغان ليس إلّا. ونشير إلى أنّ مخطّطات فاينمان لا تظهر مسارات في المكان والزّمان، لذلك لا يجب أن تكون تلك الجّسيمات المذكورة في تلك المخطّطات تشبه الزّمكان.
من حقّ أيّ باحث أن يلزمنا بما نقول حول الإفتراض بالقول: يمكن أن نفترض أنّ الكون لا نهاية له، وبذلك لا يمكن أن يكون التّضاغط لا نهائيّاً كي يقارن مع زمن ساغان الكونيّ؟ هنا في قاعدة الإفتراض يكون تناقض مع القاعدة التي يشار إليها، بأنّ لكلّ بداية نهاية كما هي قاعدة عقليّة وكذلك قاعدة رياضيّة فيزيائيّة (بتأثير قوّة خارجيّة على جسم ما سيتغيّر وضعه وحين إنتهاء التأثير سيعود إلى سابق وضعه، لا يستمرّ إلى ما لا نهاية بالمطلق وفق المنطق الكلاسيكيّ وفي المنطق الكموميّ كذلك بلا تعقيد في الشّرح!)، ولا تستغرب إن قلتُ أنّ في الرّياضيّات شيئاً إسمه اللانهاية او المالانهاية، أقول، ليس هناك شيء فعليّ أو حقيقيّ لوضع المالانهاية الرّياضيّة، إلّا أنّك تفترض وجودها، ومن هذا الباب تستطيع أن تتعامل مع هذه اللانهاية والتي تحتّم على ساغان أن يوضّح لنا كيف التّعامل مابين السّنة المحدودة والزّمن اللانهائيّ في الفرض إيّاه. لكنّني أعتقد أنّ القول سيكون: إنّ النظريّات الفيزيائيّة التي تدرّس ضمن عنوان الفيزياء النظريّة، تقول بأنّ الكون سينكمش بعد أن تنتهي مرحلة التمدّد، وفي ذلك سيكون من المحتّم أن ينتهي الكون لتتمّ السّنة التي أشار إليها ساغان. وفي الحالة العامّة صار لدينا: ضرورة الإفتراض مع وجود أيّ فعل، وكذلك وجود الجّسيمات الإفتراضيّة في مخطّطات فاينمان التي ستدلّنا من خلال ما حدث لجسيم هيغز، إلى ما سيحدث للجّسيمات الأخرى، علاوة على وجود الزّمن الكونيّ وهو الزّمن المعياريّ، ضروريّ الوجود (حتى وإن كان لا يماثل زمن ساغان).
لقد ذكر تيان كاو حول الجّسيمات الإفتراضيّة في تطور المفاهيم بالنّسبة لنظريّة المجال الكموميّ، إلى أنّه من الناحية الفيزيائيّة، أنّ اللانهايات ترتبط جميعها بالمساهمات اللانهائيّة للفوتونات الإفتراضيّة عالية الزّخم (وأزواج الإلكترون ـ البوزترون). ووجود مساهمات غير واقعيّة من تفاعلات الفوتونات الإفتراضيّة كذلك، عالية الزّخم مع أزواج الإلكترون ـ البوزترون. ويقول (على الرّغم من أنّ الواقع المادّي للعمليّات الكموميّة الإفتراضيّة يتمّ إثباته من خلال التّجارب، فمن الواضح أن الكميّات الإفتراضيّة ذات الزّخم اللانهائيّ غير واقعيّة). ولِمَ لا فلتكن غير واقعيّة، لكنّها ستساهم في الكثير من الحلول لتلك المعضلات للوصول إلى القاعدة العامّة التي تجمع أو توجِد إنسجاماً ما بين الجّسيمات الإفتراضيّة والجّسيمات الواقعيّة ضمن المخطّطات هذه، أو غيرها! رغم أنّ النّاقدين لهذا التصوّر يقولون:(يجب تقييم الجّسيمات الإفتراضيّة ذات الطّاقة العالية أو الزّخم التعسّفيّ بشكل نقديّ بإستخدام شكليّات النظريّات الميدانيّة. لكنّ إستنتاج كاو يتغاضى عن شيئين:(نظرية المجال العارية غير المطابقة التي تحتوي على عمليّات طاقة عالية بلا حدود هي صراحة لا قيمة لها، وبالتّالي فهي غير كافية إذا رغب المرء في وصف الواقع). ويقولون (قد تكون الجّسيمات الإفتراضيّة ذات الطّاقات العالية التعسّفيّة لا تزال قائمة في الحساب، ومع ذلك فهي مقطوعة بحكم الواقع. وبالتّالي، فإنّ عمليّات الطّاقات العالية اللامحدودة لا تخضع للتساؤل أبداً). ومن الناحية الثانية (يسمح إطار علاقة عدم اليقين بالحالات الفيزيائيّة ذات الطّاقة العالية التعسّفيّة طالما أنّها قصيرة العمر بدرجة كافية). ولا تعليق على هذا لأنّ الجواب ذكرته آنفاً على هذين التساؤلين بشكل جيد كما أتصوّر.
الزّمن كما قلنا يبقى مستقلاً رغم كل ما يثار عن الأحداث التي تحدث ضمن كيان إسمه الكون (هذا الكون وليس غيره!)، بل وحتّى أيّ كون آخر إن وافقنا على نظريّة تعدّد الأكوان، حيث تسير الأحداث ضمن أزمانها النّسبيّة ولا علاقة لها بالزّمن المطلق أو لا علاقة للزّمن المطلق بها إلّا من خلال الدّراسة، وإن كنّا نؤمن بوجود الزّمن المطلق في كلّ حال من الأحوال، ذلك الذي ذكرته ببضع آيات في الكتاب الكريم (وللعلم هناك الإشارات العديدة عن هذا الزّمن كذلك في الكتب السماويّة الأخرى).
تبقى مفاهيم الجّسيمات الإفتراضيّة مهمّة لأنّها ضرورة بل وضرورة من خلال إصطلاح الإفتراض كذلك. وإن كان وجودها من نوع من أنواع الزّمن، كما أشرتُ في الحلقة 29 من هذه السّلسلة البحثيّة. إذا ما إعتبرنا زمنها الدّاخليّ بالفعل موجوداً بالمقارنة مع ذلك الزّمن الخارجيّ حتى وإن كان الزّمن زمناً كونيّاً. فهناك العديد من المفاهيم تكمّل بعضها بعضاً في الأبحاث العلميّة، من الإحتماليّة إلى التّرجيح، والإفتراض،وعدم اليقين، أوعدم التّأكيد. فأصبح ضروريّاً لبناء أي جهاز حاسوب (كومبيوتر) أن نبرز هذه المفاهيم وفق علاقات خوارزميّة مهمّة لتكتمل النّتائج ولكون جيّدة قريبة إلى الحقيقة لا قريبة إلى الواقع فحسب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبدأ الريبة - ويكيبيديا (wikipedia.org)(1)
(2) المصدر السابق
(3) كارل إدوارد ساغان باحث في الفلك أمريكي الجنسيّة ولد عام 1934 وتوفي عام 1996 له عدّة مؤلفات ولكن أكثر الاعجاب فيما يطرحه حول الشكّ العلميّ الذي لا يستغني عنه أي باحث علمي ولا أي مؤلف في هذا المجال المهم الذي يربط ما بين النظريات الفلكية ونشأة الكون بل وأحسّ كثيرا أنّ له في الغيب الذي يفهمه ليدخل من خلاله في اللاأدريّة والتي تصبّ كما أراها في طريق الصعود إلى نهج أعمق في فهم الكون من خلال التشكيك الإيجابي لا السلبي! ولا ننسى كيف وصل ألبرت أنشتاين إلى نتائج النظرية النسبية الخاصة من خلال الظنّ والشكّ والتدبّر في مسألة التزامن والتراكب وإستمرّت عنه هذه التأملات قرابة خمس سنوات.وقد تأمّل إلى سنين وفاته بطبيعة الضوء وماهيّته وما إلى ذلك. من أجمل ما كتب هو كتاب الفلك والعديد من الروايات والكتب الشيّقة
(4) بالامكان مراجعة القرآن القريم من خلال كلمة يوم أو أيام وسترى كم هو التداول ما بين الزّمنين واضح.



#مؤيد_الحسيني_العابد (هاشتاغ)       Moayad_Alabed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 29
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 28
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 27
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 26
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 25
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 24
- الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 23
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 22
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 21
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 20
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 19
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 18
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 17
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 16
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 15
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 14
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 13
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 12
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 11
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 10


المزيد.....




- تعرض اليوم..الآن تابع الحلقة 156 مسلسل قيامة عثمان .. تردد ق ...
- تقارير: أدوية شائعة لفقدان الوزن -تفاجئ- الرجال بالعجز الجنس ...
- صور من الفضاء.. هذا ما فعلته إيران في قاعدة أصفهان بعد ضربها ...
- إجراء أول اختبار لدواء -ثوري- يتصدى لعدة أنواع من السرطان
- أسهم أوروبا ترتفع بدفعة من نتائج قوية لشركات التكنولوجيا
- الصحة العالمية لـ-سكاي نيوز عربية-: غزة أصبحت لا تصلح للحياة ...
- غوغل ومايكروسوفت تبدأن جني ثمار الاستثمار بالذكاء الاصطناعي ...
- العثور على محيط حيوي -سري- تحت الصحراء الأكثر جفافا في العال ...
- جامعة العلوم السياسية بباريس توقف الدروس بعد تصاعد احتجاجات ...
- كيف تثبِّت الإصدار التجريبي لنظام أندرويد 15 على هواتف بيكسل ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مؤيد الحسيني العابد - الكونُ الواسعُ والعقولُ الضيّقة 30