أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مؤيد الحسيني العابد - الكون الواسع والعقول الضيّقة 16















المزيد.....

الكون الواسع والعقول الضيّقة 16


مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)


الحوار المتمدن-العدد: 6480 - 2020 / 2 / 2 - 02:24
المحور: الطب , والعلوم
    


في الحلقة السّابقة تطرّقت إلى بعض الأمور التي مازالت معلّقة وأريدُ أن أكملها رغم أنّ المحترم ليبونوف، ربّما سيأخذ منّا وقتاً ليس بالقليل بطروحاته الحلوة الجّميلة! وأنا بصراحة مازلتُ أنصتُ كثيراً لما يقوله، فهو في طروحاته أفضل بكثير مثلاً من فلاسفة عرب، قد أضاعوا البوصلة ويكابرون بلا معنى! فيما يتعلّق بالكثير من الأمور التي تتعلّق بالفيزياء والعلوم والفلسفة وغير ذلك! ومنهم من يتحدّى بلا دليل لمجرّد القول (أنا موجود!)! يا عزيزي: أهلاُ وسهلاُ بكَ يا روحي لكن أكرِمنا بما تقول بأدلّتك الجّميلة، وسنكون لك من المنصتين والمعجبين!
لقد أثار ليبونوف في طروحاته الكثيرة العديد من التّساؤلات المهمّة والحسّاسة. منها ما يمكن أن نصرّح به هنا ومنها ما نحتفظ به لأسباب تتعلّق بالتّأثير الذي نعاني منه منذ زمن (خلّيها مستورة!)
ليبونوف والتشكيك!
بعض من الباحثين يتحسّس حين الكلام عن المعتقدات الدينيّة وإثاراتها للكثير من التساؤلات العلمية! ولا أعتقد أنّهم صائبون في هذا التوجّه لأنّ المعروف عن الباحث العلميّ، ذلك الذي يعمل في مجال البحث عموماً،لا يمكن له أن يتخلّى عن الجّانب الإحتماليّ في كلّ شيء، ويضع في الحسبان كيفيّة البحث عن أيّ دليل للوصول إلى الحقيقة. وإلّا كيف يمكن له أنْ يطلق على نفسه ب (العلميّ)، وهو لا يأخذ أدلّة ما بنظر الإعتبار؟! أيّاً كانت هذه الأدلّة. ومن الأمور التي أثارها ليبونوف في هذا الجّانب، هي هذه التي ذكرتُها. حيث يقترب قليلاً من المعتقد الدينيّ وينسحب مسرعاً! ويثير موضوع الخالق بالقول (قال بعض الفلاسفة أنّ الربّ لا يخضع لمفهوم الزّمان والمكان، لذلك إذا تحدّثنا بلغة العصر فإنّ الإنسانيّة وزمن الكون بالنّسبة لله كشريط التّسجيل أو مقطع فيديو مسجّل بالنّسبة للإنسان، يمكن أن يتحكّم بالزّمن إلى الأمام وإلى الوراء. والعقل الأسمى خارج الأبعاد الزّمنيّة أساساً). والقول في كون العقل الأسمى خارج الأبعاد الزمانيّة محض عدم الدقّة! فإذا كان العقل الأسمى سامياً إلى القدر الذي يستطيع أن يتحكّم بكلّ التّفاصيل الكونيّة، ألا يكون قادراً على التّمييز والسّيطرة على مفهوم من المفاهيم التي تلعب دوراً مهمّا وحسّاساً في عمر الكون، ديمومته تمدّده،تقلّصه وموته وغير ذلك؟!وليبونوف هو نفسه القائل بكون التحكّم بالزّمن إلى الأمام وإلى الوراء من قبل هذه القوّة. أي أنّها (أي القوّة) ليست خارج الأبعاد الزّمنيّة بكلّ تأكيد! لا يا سيد ليبونوف، الزّمن جزء مهم من التكوين الكونيّ رغم مكانيّته (من المكان) لكنّ الكون عموما وجود ومن ضمن الوجود ذلك الزّمن ذاتاً لا تبعاً! والزّمن ليس بعداً كما أتصوّره! فالبعد بحدّ ذاته مكان وليس للزّمن شيء من ذلك! لا تتعجّب من هذه الطّروحات فهي ليست هلوسة الضّغط السّياسيّ أو الأمنيّ هنا أو هناك! أبداً يا صاحبي!
رغم الشّيء الذي يذكره ليبونوف فأنا معجبٌ به في طروحات رائعة (لأنّها لمصلحتي في الطرح! قبل أن تتهمني بتجيير طروحاته لِمَا أذكر فأنا أقول، أنا معه في القول (فيما يخصّ العلاقة بين الدّين والعلم ليس ثمة تناقضاً بينهما)). وبالفعل في جوانب عظيمة وعديدة لا أرى أيّ تناقض في العقائد الدينيّة وبين ما يطرح في العلم عموماً إلّا من بعض الآراء التي تظهر تناقضاً في ذلك! ولا تناقض فعليّ. ففي الكتب المقدّسة الكثير من البديهيّات التي تتناسق مع العديد، بل مع الكثير من القوانين العامّة ليست القابلة للتّغيير. وإن تغيّرت أو حصل تطوّر فيها، فيكون في الإطار العام مازلنا ضمن البديهيّة والتغيّر في الوسائل أو طرق الكشف أو غير ذلك. خذْ مثلاً، ما يطرحه البروفسور ليبونوف حول المسميّات التي تثار في الفيزياء عموماً وفي بعض العلوم الأخرى خصوصاً، الكتلة،الزّمن،الجاذبية،الحركة، وغير ذلك. فلم يستطعْ من العلماء الوصول إلى معنى يشفي غليلنا حول ماهيّة الجاذبيّة أو الزّمن أو الحركة... أو غيرها. لذلك من الصّعب التعامل مع هذه المسميّات بلا معنى تفسيريّ للوصول إلى محتواها والتفاعل معها في العلم. وكما أراها ففيها الكثير من حلول لهذه الألغاز من خلال الطّرح الدينيّ أو من خلال الكتب المقدّسة. وستأتيك بعض الأمثلة كي لا تحتج عليّ وعلى ما أقول! والطريف في قول العالم المحترم هو:(مع ذلك يظهر بإستمرار مغفّلون من اللادينيّين والمتديّنين،بعضهم يدحض الكتاب المقدّس ملوّحاً بعِظام الديناصورات، والبعض الآخر يدحض نظريّة دارون إستناداً للنّصوص وللكتب المقدّسة. يظهر أمثال هؤلاء الذين لا يتّصفون بالمعرفة والحكمة، ولكن هناك أناس حكماء يدركون القيمة الحقيقيّة لهذه التهجّمات المتبادلة السّخيفة). إنّ ما يذكره فيه شيء من الصحيح المقبول، خاصّة فيما يخصّ الكيفيّة في التّعامل مع نصوص لتفسير وضع علميّ لا دليل علميّ لكشفه في الكتب المقدّسة!حيث لا أدوات في الكتب المقدّسة، كأدوات العلم المعروفة، رغم أنّ هناك أساليب أخرى لكشفها غير تلك المتعارف عليها علميّا! فالولوج إلى عالم الكشف عن الحقيقة يجب أن تكون كلّ الأدوات والأساليب مستحضرة! في الإطار السّليم. ولا ينبغي للكتب المقدّسة أن تكون كتباً علميّة! كما هو معروف للكثير من الباحثين في المجال الدينيّ والعلميّ.
أنا لا أريدُ أن أروّج للدّين من خلال هذه الطّروحات، لأنّ الدّين لا يحتاج إلى من يروّج له!أنا مؤمن بالخالق وما ينتج عنه بلا أيّ ريب. ولكنّني كذلك من الباحثين عن الكثير من المسمّيات العلميّة، وواحدة من مصادري، هي كتب الدّين الرّصينة التي تستند على دلائل حكيمة عقليّة ومنطقيّة بالإضافة إلى كتبي العلميّة. وكذلك تلك الأساليب التي أشرت إليها وأسميتُها بالعلميّة. فأعتبر الكتب المقدّسة معيناً وينبوعاً مهماً للوصول إلى الحقيقة. ولا أغفل بأيّ حال من الأحوال، الجانب العلميّ المستند على مقوّمات الوصول إلى الحقيقة. ومن كلّ ما ذكرتُ سيأتي الوقت المناسب وأريك معنى الزّمن ذاتياً لا علاقة له بالمكان (إنْ إستطعتُ وأمهلني العمر ما يمكن أن أصل إليه. لا تستغرب من قولي هذا فَلِي أدلّة عمّا أقول، منها لا تقتنع أنت به، فلن أطرحَها، وهي معين لي للوصول إلى الحقيقة التي أريدُ. وفي الحالة التي لا أصل بها إلى ما أريدُ إقناعك به، فلن أطرحها، ملتمساً مِنْكَ العذر إنْ قبلتَه! رغم أنّني قلت سابقاً إن إستطعت أن أصل إلى الدّليل، وهنا أنا مستمرّ في طروحات تصعد وتنزل بين قناعات ربّما تتزحزح يوماً ما وربّما تنهض لأقوم بعرضها!).
مازال الكثير من العلماء محتارين بين مفهوم الزّمن المطلق والزّمن النسبيّ! وفي حقيقة الأمر هناك أكثر من زمن. فهناك المطلق وهناك النّسبيّ، وهناك ما بين هذا وذاك! وليس عندي أيّ غرابة من طرح ما قاله ليبونوف من أنّ هناك أشكالاً مختلفة من الزّمن (بسبب ما يجري بنحو مغاير بالنّسبة لأناس مختلفين،يقول ليبونوف). وطُرْفَة أخرى، تلك التي يذكرها البروفسور:(نحن لا نعرف ماذا يعني يوماً واحداً عند الإله إن كان موجوداً)! لاحظ الآية القرآنيّة (يوماً عند ربّك كألفِ
سنة ممّا تعدّون) والآية (يدبّر الأمرَ من السّماء إلى الأرض ثمّ يعرجُ إليهِ في يومٍ كان مقداره ألفَ سنة مما تعدّون).
تحمّلني قليلاً! قلت لك، لا أروّج ولكن ليس إعتباطاً أن نذكر ما ذكره العالم المشكّك ليبونوف في قوله عن الخالق في جملته الأخيرة (إن كان موجوداً). رغم أنّه يذكر في جمل قصيرة عجباً طريفاً(وأنّ الإنسان لا ينبغي أن يتجاهل العامل الميتافيزيقيّ، وألّا يقف من الموروث الروحيّ موقف الإستخفاف) هل لاحظتَ ما يقوله وهو العالم بما يملك، لا يستثني الموروث الروحي!. طرائف ليبونوف لا تنتهي! يقول:(جاءني طالب لتقديم الإمتحان، فطرحت عليه أن يجد عمرَ الكون وفق قانون هابل أي قانون تباعد المجرّات الكونيّ أي قانون توسّع الكون. راح الطالب ينقل الجّواب من ورقة معه، راح يغشّ! وتلا عليّ جوابه، كان الجّواب صحيحاً بالضّبط من وجهة نظر العلم وهو 13 مليار سنة ولكنّ هذا الطّالب مارس الغشّ أي خدعني فقلت له أنت لم تخالف الرّبّ عندما ذكرت 13 مليار سنة وليس 6 آلاف سنة ولكنّكَ خالفت الرّبّ، عندما مارستَ الغشّ وخدعتني، فمن وجهة نظر الدّين، هو يسلك سلوكاَ خاطئاَ، إنّما من وجهة نظر العلم فقد أعطى جواباً صحيحاً). وأعلّق فقط على شيء محزن من خلال سرقة الكثير من الباحثين لجهود الآخرين ليتسلّقوا درجات رمليّة من سلّم العِلْم وهم لا يدركون كيف سيكون سقوطهم من هذا الصّرح الرّمليّ! فهم كهذا الطّالب الغشّاش! فلا يمكن أن نفصل العلم عن الأخلاق مطلقاً. حول ذلك يقول البروفسور:(رجل العلم الحقيقيّ لا ينبغي له أن يكذب. ولا أن يسرق نتائج أبحاث غيره. للأسف الآن يجري ذلك على قدم وساق. وفي أغلب الأحيان المعايير الأخلاقيّة تختفي للأسف).

هل جزءُ الإحتماليّة، بالفعل جزءٌ من الحقيقة؟!
إنّ موضوع الإحتمالات لا يُستغنى عنه في أيّ عِلْم من العلوم كما أعتقدُ! فالإحتمال ربط معنويّ، فلسفيّ،علميّ،ورياضيّ كبير للوصول بنا إلى الحقيقة. فلو وضعتَ كميّة من الهواء وقمتَ بدراسة تدفّق الهواء ستلاحظ ما لايمكن الإستغناء عنه من فَرْضٍ أو إحتمال إنتشار أو تمدّد أو تصادم أو غير ذلك من السّلوك الجزيئيّ. ونحن في تجاربنا نستند إلى عدد من الإحتمالات التي نوثّقها على أساس هي جزء من الحقيقة أو النّتيجة أيّا كانت. تلعب الجزيئات داخل محيطها (شاطي باطي!) بحيث تتنوّع الحركات بأنواعها الإنتقاليّة والإهتزازيّة والدورانيّة. ثم للمراقب لتلك الحركات سيتّضح الإنتظام بعد ذلك واضحاً جليّاً. لكنّ الذي لا ننساه شكرنا للميكانيك الكميّ الذي عوّدنا على أن نحترم الإحتماليّة التي باتت بالفعل جزءاً من الحقيقة التي نبحث عنها! فبسببه نفهم كيفيّة تشكيل النّظام من خلال العشوائيّة الحاصلة لجزيئات الهواء. فالزّيادة في الإنتروبي (الذي يطلق عليه بالإضطراب أو العشوائيّة!) هي قانون في حقيقتها لأنّ الكثير من الجزيئات أو الجسيمات أو الدّقائق في المحيط ومن خلاله في الكون يصبح من غير شكّ التكهّن بإنخفاض هذا الإنتروبي كي يرتّب النّظام الذي يحتوي هذه الجّسيمات، نفسه إلّا إذا لم نأخذ الإحتمال بنظر الإعتبار، وبالتّالي يكون لنا إهمال متعمّد للمحترم الميكانيك الكميّ ومعادلاته الجّميلة(!) فلا نأخذه كذلك بنظر الإعتبار.
وماذا يعني هذا؟
دعنا نغادر ونعود إلى الإجابة بعد حين!
الإنتروبي جديدهُ وقديمهُ!وهو الذي يفرّق بين الماضي والمستقبل!
سؤال طريف ربّما يكون من السّهل الإعجاب به لكنّ الصّعوبة في تفاصيل الإجابة:والسّؤال هو لماذا يبدأ الإنسان بالولادة ثم العيش ثم الموت؟ لماذا يكون الترتيب بهذا الشكل وليس غيره؟! أما لطريقٍ آخر من خلال دراسة الزّمن والضّرورة أو الجدوى في هذا. ربّما يكون من الضروريّ التفصيل من خلال معنى الإنتروبي لإتّصاله الكبير بما يسأل وبما يجاب عليه! وقد أثَرْنَا بعض الإثارات عن الإنتروبي في حلقات سابقة، ويبقى الكثير منه لأنّه مفتاح حلّ وطريق تعقيد بنفس الآن! لا تستغرب من ذلك! ففيه من الفلسفة الكثير ومن التّفاصيل العلميّة ليس قليلاً.
مَوْتُ الكَوْنِ!The death of the universe
أخشى على ما أكتب! إذا إستخدمت كلّمة الفوضى على أنّها الإنتروبي! ولو أنّني أستخدمها أحياناً مضطرّاً للتّوضيح! ولكنّني غير مقتنع بمعنى الفوضى أو الإضطراب ليدلّ على الإنتروبي! لكنّني أعتقد أنّ الإنتروبي يدلّ على معنى الإستعداد لفرض نظام ما من خلال وجود نظام آخر! فهو حالة ما بين نظامين لا أقلّ من ذلك! وإذا إعتقدت أنّه توجّه سهم الزّمن بإتّجاه واحد فليس من الخطأ القول أنّه بإتّجاه واحد بالفعل، ولكنّه من خلال ما بين النّظامين كما قلنا. وهو بلا شكّ ككميّة كلّية لنظام مغلق يزداد مع الزّمن. أي بمعنى أنّ المستقبل سيكون بإنتروبي أكبر وأكبر بإعتبار النّظام مغلقاً. أي إذا وصلنا إلى حالة سنسمّيها حافة المستقبل النهائيّة، سيكون الإنتروبي كميّة أقصى ما يصل إليه. وبالمناسبة يمكن القول أنّ الإنتروبي كذلك هو مقياس لعدد الطّرق التي يمكنك بها تبديل الأشياء بحيث تبقى الكميّات العيانيّة (الماكروسكوبيّة) على حالها أو كما هي.
لقد لعب بولتزمان لعباً مبرحاً في مسألة العلاقة ما بين الإحتمالية والإنتروبي. حيث الطّرح الذي طرحه كان تفسيراً إحتماليّاً. إذا كان النّظام مرتّباً، فهذا دليل مهمّ على أنّه كان في حالة فوضى(!) فمن المحتمل أن يتمّ إكتشافه بعد زمن ما وقد إنتظم من جديد. فلو كان في حالة تماثل أو تشابه أو إنتظام فلا دليل على أنّه سيكون على هذه الشاكلة إلّا إحتمالاً! وقد أدرك بولتزمان أنّ الطريقة الوحيدة لضمان زيادة الإنتروبي في المستقبل هي إذا بدأ بقيم منخفضة في الماضي، فبالتأكيد ستكون زيادته هي الرّاجحة. لقد أشار كذلك إلى أنّ القانون الثاني للديناميكا الحراريّة هو حدث تأريخيّ وليس حقيقة أساسيّة. حيث يتعلّق بحدث سابق وبزمن معيّن، ربّما يكون مرتبطاً بالأحداث التي سبقت عملية الإنفجار الكبير الذي حدث للكون. وهنا أشير إلى شيئين مهمّين:
الأول:إن حدثَ ما قبل الإنفجار، فهناك الزّمن المرتبط بهذا الحدث، وهو زمن بلا شكّ!
الثاني:حدث ما قبل الإنفجار فهناك اللازمن وفق القياسات التي ترتبط بحدثنا وبكوننا الحاليّ، وهو زمن قد ولّى بالنّسبة للحدث الذي قبله لإنفجار ربّما قد حدث على نفس الشاكلة.
وهذا الإحتمال سيوصِلنا إلى نتائج جميلة عموماً في إطار ما نبحث عنه. أي أنّ الزّمن ليس شكلاً واحداً ولا نوعاً واحداً وإنّما هو في الحقيقة أشكال متعدّدة أو مفاهيم متعدّدة. ولو أنّني سأتجاوز على الزّمن من جهة أخرى! وأقول ربّما سيكون الزّمن في مرحلة من مراحله متحوّلًا إلى اللازمن بتعريف جديد بلا شكّ وبمواصفات أخرى تنتسب إلى ذلك اللازمن. أي في حالة اللازمن لحدث ما سيكون في مرحلة لاحقة زمناً بلا ريب.
في أحيان معيّنة لا يقتنع الفيزيائيّ في طرح الفلاسفة للأسباب التي باتت معروفة. فهو صاحب الشطحات في الإستغراق في القول والشّرح! بينما يزكّي الفيزيائيّ نفسه من هذه، وهو في الحقيقة من خلال تجاربه العديدة أبو الشّطحات!
الإنتروبي في معناه الفيزيائيّ لا يختلف كثيراً عن معناه الفلسفيّ.
لنوضّح ذلك من خلال المعادلة العامّة للإنتروبي:

dS= (δQ_rev)/T
يمثّل ناتج العمليّة التّغير في مرحلتين معيّنتين الأولى والنهائيّة. وهو في الحقيقة جزء من الإنتروبي العام. أي في عمليّة التّكامل لذلك الجّزء الذي يمثّل لنا التغيّر في الإنتروبي بين الحالتين، يكون التّكامل عبارة عن الإنتروبي الكلّي للنّظام ما بين الحالتين. وقيمة الإنتروبي المطلقة يحتاج إيجادها لتطبيق القانون الثّالث للديناميكا الحراريّة. يعني في الجّانب العلميّ الفيزيائيّ: قد لاحظنا (إنّ في النّظام المعزول أي المغلق ولا تغيّر يحدث بينه وبين المحيط الذي يحتويه،لا يمكن للإنتروبي لهذا النّظام أن يتغيّر حينما يحقّق حالة التّوازن الحراريّ كما ينصّ كلاوزيوس. بشرط أن لا تغيّر في الطّاقة الكليّة، وأن يكون الإنتروبي الكلّي للمنظومة في حالة زيادة. إلّا إذا حصل النّظام أو المنظومة على جهد يبذل عليه).
هل وارد ما يطلق عليه بالموت الحراريّ للكون؟ الجواب نعم بالمعنى العلميّ، حيث يمكن أن يكون هناك توازن قد حصل في الطّاقة الحراريّة، حيث يكون التّغير فيها مساوياً للصّفر، وهذا يعني تساوياً في درجات الحرارة في كلّ نقطة من النّظام. لم يكن موضوع الموت الحراريّ للكون فكراً أو تصوراً سهلاً. حيث قام العالم بولتزمان بالتدبّر في هذا الموضوع حيث هو أول من فكّر فيه حينما بحث عن معنى درجة الحرارة والإنتروبي للمادّة (كما أشرنا آنفاً) والذي قاده إلى إكتشاف الكثير الذي أدّى إلى إكتشاف الذرّة ثمّ إلى إكتشاف الفوتونات. وفي الدراسات المعمّقة الحاليّة يبحث العلماء عن معنى درجة الحرارة والإنتروبي للثّقوب السّوداء والذي سيؤدّي إلى معرفة حقيقة بناء الكون من خلال معرفة البناء الأوّل للذرّة الأولى.
ويجب أن أشير هنا إلى أنّ:الطّاقة المظلمة تتوسّع كلّما زاد حجم الكون وتوسّع للحفاظ على ثابت كثافة الطّاقة. حيث يطلق على معدّل توسّع أو تمدّد الكون بثابت هابل الذي يبلغ حوالي 3.3 سنة ضوئيّة. وما يذكره العلماء أنّ التمدّد أو التوسّع المذكور سيستمر إلى أن تتحوّل المادّة الكونيّة عموماً إلى إشعاع فيتوقّف نشاط الكون بشكلّ مطلق بعد الفترة اللازمة للوصول إلى هذا الوضع. وهذا ما يذكره القانون الثاني للدّيناميكا الحراريّة بصور عديدة. وهنا يمكن لنا أن نعرّف ميل الكون للإضطراب(!) (في أيّ حالة من الحالات التي ذكرناها،إن هي بعد النّظام والتّرتيب والإتّساق أو ما بين هذا والقادم من وضع جديد فهو نفس المعنى الذي نقصده، وهو الإنتروبي كمسمّى. وهناك ما يمكن أن نؤكّد عليه، هو أنّ ميل الكون لا للانظام أو لا للاترتيب أو لا للاإتّساق هو ليس حالة طارئة أبداً. إنّ الموت الحراريّ نتيجة لتفريق وتشتيت المواد في الكون حيث تصبح كلّ السحب الغازيّة اللازمة لتكوين النجوم غير قادرة على تكوينها من جديد. فتموت الشّمس بل الشّموس كلّها وجميع النّجوم الأخرى، التي تتحوّل إلى الثّقوب السّود التي ستذوب بسبب إشعاع هوكنغ. وبعد موت الثقوب السود (لا تنسَ أيّها الحبيب ما قلتُ سابقاً حول إحتماليّة وجود الزمن اللامكانيّ أو ربّما حتّى اللازمن في الثقوب السّود في حلقة من حلقات هذه السّلسلة وهنا مجال رحْب في القول أنّ الثّقوب السّود التي ستذوب بعد إنطفاء الشّمس (أو الشّموس) تحيل الكون من جديد الى النقطة التي خُلِق منها الكون، وهو حال العودة الى الزمن صفر أو ربّما إلى اللازمن!)، سيبقى فقط خليط مخفّف من الفوتونات وجزيئات الضّوء، على الرغم من أنّها ستتحلّل أيضًا في الوقت المناسب. وهنا يؤدّي إلى نقصان الإنتروبي والذي سيهيّء الوضع إلى عملية إنفجار جديد كما حصل في المرّة الأولى.
وسنعود من جديد مع الكثير ممّا نطرحه!



#مؤيد_الحسيني_العابد (هاشتاغ)       Moayad_Alabed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 15
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 14
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 13
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 12
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 11
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 10
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 9
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 8
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 7
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 6
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 5
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 4
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 3
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 2
- الكون الواسع والعقول الضيّقة!
- النقائض (المفارقات) بين الفيزياء والفلسفة
- المكاشفة عند السيد الحيدري.. اسلوب في المعرفة
- الاتفاقية النووية بين روسيا ومصر الحلقة الثانية
- الاتفاقية النووية بين روسيا ومصر الحلقة الاولى
- أوراق في فلسفة الفيزياء الحلقة الثانية


المزيد.....




- هل يساعد فيتامين ب فى علاج تساقط الشعر؟
- أعراض غير شائعة لالتهاب الأعصاب اعرفها
- وفاة طفل في مستشفى كمال عدوان شمالي غزة بسبب سوء التغذية
- هيظبط مزاجك ويديك طاقة.. تعرف على فوائد الاستحمام يوميا
- مراسلنا: اندلاع النيران في عدة أماكن ومبان داخل مجمع الشفا ...
- 5 نصائح بسيطة لإنقاص وزنك والحفاظ على صحتك
- تصريحات زيلينسكي تثير استهجانا وسخرية على شبكات التواصل الاج ...
- ماكرون ولولا يدشنان غواصة برازيلية بنيت بتكنولوجيا فرنسية
- 8 آثار مدمرة للقلق الحاد على قدراتك العقلية والجسدية
- شد الطفل أذنه علامة على وجود مشكلة.. طبيب يوضح


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مؤيد الحسيني العابد - الكون الواسع والعقول الضيّقة 16