أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مؤيد الحسيني العابد - الكون الواسع والعقول الضيّقة 14















المزيد.....

الكون الواسع والعقول الضيّقة 14


مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)


الحوار المتمدن-العدد: 6459 - 2020 / 1 / 8 - 02:03
المحور: الطب , والعلوم
    


في الحلقة 13 تطرقتُ الى تقديم أنشتاين الإقتراح المهم وهو أنّ قوّة الجاذبيّة لم تكن مثل القوى الأخرى، بل هي نتيجة لحقيقة أنّ الزّمكان ليس ثابتاً، كما كأن يفترض سابقا: هي منحنى مشوّه من خلال التّوزيع ما بين الكتلة والطّاقة في ذلك. وقد قلت أنّني سأعود الى هذا الموضوع في الحلقة القادمة (وهي هذه الحلقة 14). وهنا أقول:
ليس من السّهل جعل أجسام تتحرّك في مدارات أو مسارات منحنية كالأرض! فهي التي تتحرّك بتلك المسارات، التي تعتبر من خواصّها المهمّة والتي ساعدت الكثير من الرياضيّين أو المتخصّصين بالرياضيّات على التعامل مع هندسة أخرى هي الهندسة الجيوديسيّة. أي بتأثير إنحناء الزّمكان،والتعامل مع متّجه ناقل يسير على مسار دائر. يمكن لهذا المتّجه أن يكون زخما زاويّاً لجيروسكوب يدور حول الأرض. ومن الأمور المهمّة أن يتعامل الرياضيّ والفيزيائيّ مع هذا الواقع العلميّ الفعليّ! وبالفعل لقد تمّ التعامل مع هذا الوضع الذي يطلق عليه بالتأثير الجيوديسيّ عام 1916 من قبل ويليم دي ستّر
Willem de Sitter
،على أثر ذلك قدّم تصحيحات نسبيّة على حركة الأرض والقمر. طبعا باعتبار الدراسة من نقطة خارج منظومة الإثنين (الأرض والقمر)، وكما هو معروف من أنّ منحنى الأرض يستند على البعدين الأفقيّ المنحني والعموديّ المنحني، فسيكون لدينا مستوى منحني له مساران أو محوران منحنيان، مسار قصير ومسار طويل. فلو كانت هناك نقطتان قريبتان على سطح الأرض وقمنا بمراقبة المسارين على ذلك السطح، مع مرور الزّمن فسيكون لدينا ثلاثة أبعاد، إثنان مكانيّان والآخر هو الزّمن (لا على أساس نسبيّة أنشتاين، بل بشكل عام أي لا إرتباط زمكانيّ لحدث ما!). أمّا لو تعاملنا مع نسبيّة أنشتاين، يكون حينها أبعاد أربعة كما هو معروف، آخذين بالإعتبار البعد الثالث في الفضاء الكونيّ لا الأرضيّ! حينها تتبع الأجسام دائما خطوطاً مستقيمة في الفضاء الزّمكاني بهذه الأبعاد الأربعة، لكن ذلك يكون في الحقيقة عبارة عن مسارات منحنية في الفضاء. بشكل آخر:لو طارت طائرة في الجو فوق أرض جبلية، على الرغم من أنها تتبع خطاً مستقيماً إفتراضيّاً في فضاء ثلاثيّ الأبعاد، لكنّ ظلّها يتبع مساراً منحنياً على الأرض ثنائيّة الأبعاد. وأودّ أن أشير إلى نقطة مثيرة هنا: غالبا ما نتحدّث عن الأبعاد الأرضيّة الثلاثة، ولكن في الحقيقة نتطرّق إلى تلك الأبعاد على أساس مطلق، أي بلا إعتبار للإتّجاه من نقطة الصفر. أي إحداثيّات موجبة وسالبة قرينتها أو مرآتها، وفي حقيقة الأمر، حينما نتحدّث عن الحركة الكونيّة يجب أن نبحث عن الإحداثيّات اللامرآتيّة بإعتبار أنّ النقطة المتّخذة على الأرض غير تلك التي يكون موضعها في مكان لا علاقة له بالإستواء أو ربّما بالإنحناء الإعتياديّ (كما تلك النّقطة التي رأيتها أنت في عالمك عالم الرؤيا! والتي من مميّزاتها هو اللامكان كما قلنا!). أقول يكون التعامل مع إتّجاهات الشّمال والجنوب، الشّرق والغرب، الأعلى والأسفل وهكذا.
ما زلتُ في عالم الزّمن الجّميل الذي أبحث عنه!(المثل البغداديّ يقول:ردتك إلي عون ليش طلعت فرعون! أين الزّمن هنا يا أبو زمن؟! إهدأ قليلاً سيأتيك بالأخبار من لم تزوّدِ).
دعني أعود قليلاً إلى الوراء، لقد أثرتُ موضوعاً يتعلّق بالزّمن من خلال التلويح بالإنفجار العظيم كحدّ ما بين الزّمن واللازمن! وبعد أن سرتُ مسافات جميلة وهادئة يعود بي البروفسور فلاديمير ليبونوف عضو الإتّحاد الفلكيّ الدوليّ والجمعيّة الفلكيّة الأوروبيّة،في كتابه: (من الإنفجار الكبير إلى الصّمت العظيم
От большого взрыва до великого молчания
للتّعريج على موضوع قد تطرّقتُ إليه في حلقات سابقة، وهو النظريّة المسمّاة بنظريّة الإنفجار العظيم! والشيء الجّديد والطّريف، هو فيما يقوله فلاديمير المحترم! حيث يقول: إنّ الزّمن قبل الإنفجار الكبير ليس من الضّرورة معرفته أن كان موجوداً أم لم يكن!) وهذا لعمري من الأمور التي أبحث عن مغزاها، حيث لا يهمّ للفلكيّ أن كان الزّمن موجودا بالفعل أم لا، لأنّ الكون وسلوكيّاته وكلّ ما يرتبط به هو إهتمامه الأكبر لا ما قبل ذلك! ونحن نقول أنّ المهم ليس فقط هذا لأنّ الزّمن إذا ما عرفنا مغزاه سنطرق باباً عظيماً قد يوصلنا إلى مغزى الإنفجار ومن الأهميّة الكبرى أنّه سيوصلنا إلى أمور مهمّة سنلاحظها في حلقات قادمة!
الله يسامحك يا فلوديا! الى أين وصلنا وأرجعتنا ثانيةً!
من الأمور التي فاجأتني هو العنوان الذي ذكره البروفسور في كتابه عن مقال تحدّث عنه، وذكره في موقع آر تيRT
الروسية، حيث يقول(واظبنا على إنتهاج وجهة نظر ماديّة إلحاديّة علميّة فإكتشفنا العقل الأسمى، الإله المثبت علميّاً)! أي يريد أن يتحدّث عن أمور مهمّة وحسّاسة منها: هل هناك علاقة ما بين الدّين والعلم؟ إن كان الجّواب بنعم، ماهي المعايير أو الأدوات التي يمكن من خلالها التقرير فيما إن كانت علاقة أو لا؟! يقول:
(إذا جرت محاولات تكوين أكوان جديدة مع إستمرار الحيَوات في هذه الأكوان بلا نهاية عندئذ من المحتّم وجود شيء خارج إطار العلم المعاصر العقل الأسمى، ويقصد بذلك المكتشف علميّا ليوضّح ما يقع بين العلم والدّين حول العقل الأسمى!). العقل الأسمى؟! نعم يقصد به ذلك الذي يخطّط فوق ما خَطط له الأوائل والأواخر! أوليس هذا الذي يقول عنه علي بن أبي طالب عليه السلام:(الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِق بـقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أرضهِ). يقول عنه البروفسور الكريم:
العقل الذي يبحث عنه الآخرون هو الذي لا علاقة له بالسّؤال حول هل ينسجم أم لا ينسجم مع تفكيرنا العلميّ! لا علاقة لهذا! العقل الذي يضع الأمور مواضعها هو ذلك الذي لا يمثّله أحد ممّن يحتار ما بين الغيب والعلم!
بمعنى إنّ الحديث عن نشأة الكون هو نفس الحديث عن سبب نشأته وتكوينه أو خَلْقه. وهو نفس الحديث عن مستلزمات نشأته وما قبل نشوئه وما بعده. ومنها ما يتعلّق بما قبل ويرتبط ببعض المسمّيات التي وجدت أو خُلقت قبله أو معه. والحديث مازال يدور عن إحتماليّة وجود أكوان أخرى في نفس الوجود أو ربّما في وجود آخر! ففي الرسالة التي يذكرها ليبونوف في كتابه هي رسالة أنشتاين الى موريس سوليفان عام 1952 أي قبل وفاته بثلاث سنوات، وهي الرّسالة المشهورة التي تعبّر عن أشياء تتجاوز فيها نسبيّتيه الخاصّة والعامّة كما أراها أنا!: يقول ألبرت المبجّل:
(حسنا علينا أن نتوقّع دون تجريب عالماً فوضويّاً لا يمكن التعرّف إليه بمساعدة التّفكير، يمكننا أو يجب علينا أن نتوقّع هذا العالم يخضع للقانون فقط إلى الحدّ الذي نستطيع ترتيبه بعقلنا، سيكون ذلك التّرتيب شبيهاً بالتّرتيب الأبجديّ للكلمات الذي نستخدمه في أيّ لغة كانت، على العكس من ذلك، فإنّ التّرتيب الذي تفترضه على سبيل المثال نظريّة نيوتن للجاذبيّة، له طبيعة مختلفة تماماً، ورغم أنّ مسلّمات هذه النظريّة قد صنعها إنسان فإنّ نجاح هذه التّدابير يفترض ترتيباً نوعياً للعالم الموضوعيّ. هذا التّرتيب الذي ليس لدينا أيّ أساس لتوقّعه دون تجريب. في هذا الأمر تكمن المعجزة. وكلّما تطوّرت معرفتنا تصبح المعجزة ذات طابع سحريّ أكثر. يعتبر الوضعيّون والملحدون المحترفون ذلك، نقطة ضعف لأنّهم يشعرون بالسّعادة نتيجة إدراكهم بأنّه قيّض لهم ليس فقط إبعاد الإله من هذا العالم بنجاح بل وحرمان هذا العالم من المعجزات. من الغريب أنّ علينا الإكتفاء بالإعتراف بالمعجزة نتيجة عدم وجود طرق قانونيّة لدينا كي نخرج من هذه المعضلة وعليّ أن أؤكّد ذلك بشكل خاصّ حتى لا تظن كما لو أنّني على وهن الكبر وقعتُ ضحيّة لرجال الدّين). دعني أوضّح بعض النقاط المهمّة في الرسالة الجميلة هذه:
أولاً: يثير أنشتاين مسألة، فوضويّة العالم بدون الرّجوع إلى التجربة، ويقصد به ما قبل التطوّر الكونيّ الذي حصل بعد فترات فعل الإنفجار العظيم (ولو أنّ هناك ما يحتمل عدم وجود الإنفجار المذكور كما يقوله أو يعتقده ليبونوف!)، وهنا لا علاقة للزّمن الذي ذكره أنشتاين وربطه بالمكان. لانّ حديثه عن العالم الذي لا يمكن التعرّف إليه بالتّفكير المجرّد، أي يتجاوز التفكير التقليديّ الذي يمتلكنا أو نمتلكه، حيث يجب علينا أن نتوقّعه على أنّه يخضع للقانون الذي يمكن لعقولنا أن تبنيه أو تكتشفه وتضع له ثوابتا ومتغيرات وتصوّراً قد سبق الوضع القانونيّ المذكور. والتّرتيب الذي نشأ بعد الفوضويّة ضمن التّرتيب العام لقانون الوجود الكونيّ بلا شكّ، هو التّرتيب الضروريّ لسير الكون وفق وتيرته. هذا التّرتيب يذكره أنشتاين على أنّه كترتيب الأبجديّة في أيّ لغة كانت، أي التّرتيب الذي به تتكوّن كلمات الكون وجمله أي أكوانه الجزئيّة وإجرامه مع حركتها وسلوكيّاتها التي لها هذا التّرتيب لمسار الكون بما يمكن أن يفسّر ويعرف!
ثانياً: التّرتيب الذي يتحدّث عنه أنشتاين ليس كالتّرتيب الذي ذكره الغالي القديم نيوتن في قانون الجاذبيّة، حيث الطّبيعة التي لا علاقة لها بالتّرتيب الأبجديّ الأنشتاينيّ! حيث أنّ قانون الجاذبيّة وما يترتّب عنها والقوانين التي يتحدّث عنها نيوتن إنّما تحتاج إلى التّجريب كما يريدها أنشتاين، فالرّجل كان يخضع الكثير إلى التّجربة لغاية الإثبات الوجوديّ وإلّا فهذا الكثير يفترض أن يتشكّل وفق ترتيب نوعيّ من شكل آخر، لا يمكن أن يخضع للتوقّع وإن كانت النّتيجة مطابقة للفرض فهي معجزة من المعجزات! بل وكلّما تطوّرت أدواتنا وفرضيّاتنا تكون حينذاك المعجزة ذات طابع أكثر خيالاً! وحينها يفسح مجال للملحدين أن يتدفّقوا بعقولهم الفيّاضة للدفاع عن الأفكار التي لا تؤمن بوجود خالق الكون، الأزليّ!
ثالثاً:لا يستبعد أنشتاين وجود بعض المعاجز في الوجود الكونيّ، ليس بسبب العجز الذهنيّ بل بسبب عدم وجود القوانين التي يجب أن تكون موجودة لتفسّر لنا ما يمكن أن يبعد الموجود عن معجزة ما#! (وكأنّ المعاجز هي من يتمسّك بها رجال الدّين وليس علماء مدركون لواقع مهمّ هو أن ليس كلّ شيء في الوجود يجب أن يخضع الى التّجربة فهناك الجانب الرياضيّ الذي يمكن أن يكوّن معادلات مستندة على الفرض ويبنى عليها ما يمكن أن نعتبره كياناً كامل الأعمدة والأساسات وهي في الهواء لا أكثر! لأنّ أنشتاين نفسه يتوجّس من إتّهامه بالخضوع الى فكرة الخالق لهذا الكون مع أنّه بالفعل إستند إلى واقع علميّ في الإثبات ليس أقلّ من ذلك!). لا شكّ في أنّ أنشتاين كان إلى وقت قريب من نضاله في النظرية النسبيّة يقترب من فكرة كون الكون بلا مدبّر أو كما يسمّيه ليبونوف بالعقل الأسمى! لكنّ حالة التشكيك إلى وقت قريب من العام 1952 كانت تراوده ليس لأنّ الأمر يتعلّق بالعلميّة في التعامل أم في التديّن بل في حالة خضوع النشأة وتفسيرها إلى الواقع التجريبيّ وليس أقلّ من ذلك. حيث كان يعتقد أنّ الكون يسير في نظام متّسق بلا شكّ ومعقّد تعقيداً لانهائيّاً. لكن في السنين الأخيرة بعد أن نفد منه الكثير من حالات الخيال والإستغراق توضّح له بأنّ (العالم بسيط إلى حدّ يجعل في المستطاع صوغ جوهره، جوهر هذا العالم في جملة واحدة) كما يقول ليبونوف في كتابه وفي لقائه في آر تي الروسيّة##
لا أحد يشكّك بخوارق المبدع أنشتاين في العديد من أفكاره والعديد مما كان يفكّر به فيما يخصّ نشأة الكون وحالته ما قبل التطور وأثنائه. لكنّ الشيء المهمّ الذي أقوله أنّ العالم الكبير قد إستغرق كثيرا فيما لا يقتضي الإستغراق فيه بينما في جانب آخر كان من المفترض لمن يحمل هذا القدر من الإبداع أن يسير في إطار أو طريق قد توفّرت فيه أو له بعض أدوات السّير بشكل كبير!
عندما أستمع لكلام وأقرأ للعالم ليبونوف أستغرب كثيراً كيف يلعب بذكاء في حلبة يكون هو فيها المصارع لذاته! فحينما يقول ببساطة تركيب الكون يستند على النسبيّة العامّة لأنشتاين والتي كان صاحبها إلى حدّ كبير مستغرقاً في عالم لم يصل به الى نتيجة مطلقة واضحة.
يا سيد فلاديمير إنّ ألبرت العزيز على قلوب الفيزيائيّين كان ومازال فكره يلهم الكثير من المفكّرين من الفيزيائيّين وغيرهم من خلال التعقيدات التي يحتويها الكون لا من خلال البساطة التي تذكرها! فالأمر لا يتجاوز في ذهنك الكريم تطوراً في ذهن الإنسان من الأعداد البسيطة إلى الحقيقيّة ثم إلى الأعداد السلبيّة ثم المركّبة، بل الأمر يتعلّق بذلك النّظام الذي يكون الزّمن من أشدّ مجهولاته، كما حاول أنشتاين إثباته وقد أدرك بعضه فيما يتعلّق بالسّاعة الذريّة مثلاً، وإنحراف الزّمن المتضمّن المكان أو ذلك التّركيب الذي أطلق عليه بالزّمكان. تقول في حديثك:(أمّا العالم المعقّد بلا نهاية فلا توجد فيه سنن طبيعيّة ومن المتعذّر فهمه. وما كان للعقل أن يظهر هناك طبعاً ولكنّ هذه فكرة هامّة جداً ولأمر مدهش وغير مفهوم، لماذا عالمنا قائم هكذا؟! وأكثر من هذا، يفترض بعض العلماء أنّ كلّ شيء قبل ولادة الكون ربّما كان مشوّشاً،ومعقّداً). لم يكن مشوّشاً ولا معقّدا بسبب الكثير ممّا لم يخضع إلى التّجربة، فكيف للإحتمال قد تحوّل إلى جزء من التصوّر وهو مازال غير مستند إلى أيّ من التّجارب؟! أقول إنّ ما يمكن أن نسمّيه ما قبل الولادة هناك فعل قد حدث رافقه العديد من المقبّلات التي ينفصل عنها زمن ما، وهناك ما قبل ذلك مرحلة اللازمن الذي لا علاقة له بالكون وما يترتّب عنه!
يقول السيد ليبونوف إنّ ولادة الكون هي ولادة الإتّساق والإنتظام تأكيداً لما قاله المحاور له. وفي الحقيقة لم يكن الكون قد نشأ بهذا الشّكل إلّا إذا سلّمت بوجود ناظم له! وإلّا فهناك حالتان أشرتُ إليها في أكثر من مرّة هي حالة الولادة الأولى وحالة الإستمرار. حيث تشمل الأولى حالة التغيّر الكبير والإنتقال من حالة الفوضى إلى حالة الإتّساق والإنتظام! (هنا يطلق عليه ليبونوف بالعقل أو مرحلة ولادة العقل). وتشمل المرحلة الثانية حالة الإستمرار بهذا الإتّساق والإنتظام إلى أن يحدث التغيّر الجّديد وهو الفوضى التي تسبق النّظام الجّديد! وفي مرحلة الإتّساق في كلّ الأحوال تتمثّل عمليّة إدراك القوانين التي تصبح ضرورة أولى لفهم العالم ومتعلّقاته. وبالتّالي تنشأ من خلال العقل الفرضيّات ثم النظريّات وما يتعلق بها. وهنا يذكر أنشتاين أشكال الزّمن عبر مراحل التطوّر منذ الولادة الكونيّة إلى الولادة الثانية. سأعود الى هذا الحديث مستقبلاً.
تواصل الزمان مع رفيقه!
يقول أنشتاين (إنّ التمييز بين الماضي والحاضر والمستقبل هو مجرّد وهم مستمر عنيد) ويقصد بذلك أنّ الزّمن يرافق المكان عنوة! وهما متداخلان بشكل مستمر. بينما قال نيوتن أنّ الزّمن يتقدّم عند تدفّق ثابت ومطلق يمتدّ فوق الكون، ولا يمكن لأيّ شيء الهروب منه. أي إذا سألت أحداً عن الزّمان أو معنى الوقت ففي الحقيقة الأنشتاينيّة(!) يكون السؤال عن مكانك وأينيّتك في زمن مكانيّ ثلاثيّ الأبعاد،لا فقط عن الزّمن كان السؤال. وعندما يتم الحديث عن الزّمن والعلاقة بين أنواعه (الماضي والحاضر والمستقبل) إنّما هي وهم لا أقلّ من ذلك. وبدأ هذا التفكير عندنا بسبب إرتباط فكرنا مع السببيّة. وهذه السببية أو علاقة السببية انما هي علاقة تحدث بين حدثين متزامنين متتاليين مؤقّتين، حيث الأوّل يكون سبباً والثّاني يكون التأثير### أو هي مثال لتحليل كما يقول هيوم. أي من خلال ذلك ستلعب النسبيّة بين الأحداث الزّمنية الثلاثة لعب ريال مدريد مع برشلونة! حيث تشوّه الأحداث بسهولة. وهنا يكون الزّمن (بين حانة ومانة!) معتمداً على رؤيتك له من خلال نسبويّة السّرع لجسمين إثنين مثلاً. لندخل من جديد في عالم تباطؤ الزّمن في الفضاء الكونيّ وسيره المعتاد على الأرض ونعيد تجربة التوأمين المسافر أحدهما إلى الفضاء ليعود فيرى أخاه بعمر خمسة أو ستة أضعاف الفضائيّ المذكور بسبب تباطؤ الزّمن عنده بإحداثيّات غير تلك التي على الأرض. وبالتالي نقول من خلال الزّمن المطلق، يمكن للنسبيّة أن تجعل السّفر عبر الزّمن ممكنًا، طالما أنّ روّاد الفضاء لديهم ما يكفي من الوقود والقوّة للتحرّك بالقرب من سرعة الضوء.
ولنا عودة حول أمور عديدة في حلقات قادمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
# الامر المعجز من الناحية الفلسفية يعني (تحقّق الامر الخارق للعادة الدال على تصرّف ما وراء الطبيعة في عالم الطبيعة ونشأة المادّة لا بمعنى الامر المبطل لضرورة العقل) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن:ج1 صفحة 75، منشورات مؤسسة الاعلميّ، طبعة 2 المحققة 2002 (والنصّ اعلاه منقول عن كتاب: الاعجاز بين النظرية والتطبيق محاضرات السيد كمال الحيدري بقلم محمود نعمة الجيّاشي
## От большого взрыва до великого молчания, Липунов Владимир Михайлович. Издательство: АСТ, 2018 г. + https://www.youtube.com/watch?v=HxrbrQKg3UA
### https://www.britannica.com/topic/causation
Moayad Al-Abed



#مؤيد_الحسيني_العابد (هاشتاغ)       Moayad_Alabed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 13
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 12
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 11
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 10
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 9
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 8
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 7
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 6
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 5
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 4
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 3
- الكون الواسع والعقول الضيّقة 2
- الكون الواسع والعقول الضيّقة!
- النقائض (المفارقات) بين الفيزياء والفلسفة
- المكاشفة عند السيد الحيدري.. اسلوب في المعرفة
- الاتفاقية النووية بين روسيا ومصر الحلقة الثانية
- الاتفاقية النووية بين روسيا ومصر الحلقة الاولى
- أوراق في فلسفة الفيزياء الحلقة الثانية
- أوراق في فلسفة الفيزياء الحلقة الأولى
- إنتروبيّ الكونِ وإنتروبيّ السياسة!


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة الفجر الجزائرية على الأقمار الصناعية ...
- “أمتع قنوات الطبيعة“ تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2024 نايل ...
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي حول عدم نشر الأسلحة النوو ...
- موسكو: رفضنا المشروع الأمريكي حول منع نشر أسلحة الدمار الشام ...
- موسكو: نريد فرض حظر شامل على نشر الأسلحة في الفضاء
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول ...
- الديوان الملكي يُعلن مغادرة الملك سلمان المستشفى بعد إكمال ا ...
- طريقة عمل الآيس كريم في المنزل مثلجات صيفية بمذاق الفاكهة ال ...
- واتساب تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنتر ...
- العلاج بالكتابة يساعد مرضى السرطان على مواجهة مخاوفهم


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مؤيد الحسيني العابد - الكون الواسع والعقول الضيّقة 14