أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمرو إمام عمر - خطوات فى عالم الفلسفة















المزيد.....

خطوات فى عالم الفلسفة


عمرو إمام عمر

الحوار المتمدن-العدد: 6888 - 2021 / 5 / 4 - 02:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يواجه من يخطوا خطواته الأولى فى عالم الفلسفة صعوبات جمة لمتابعة و ربط المدارس الفلسفية المختلفة بعضها ببعض ، كذلك تتبع النشأة التاريخية و تطور كل منها ، و قد تأخذه فى بداية طريقه مدرسة ما و يتحمس لها بدون أن يدرى أسباب نشأتها و تطورها ، و لا يمر على هذا الحماس كثيرا حتى تأخذه كلمات و أفكار فيلسوف ما قد يكون من مدرسة فلسفية مخالفة للمدرسة التى تحمس لها فى البداية ، مما يضعه فى أوقات كثيرة فى حالة من الحيرة و التيه ، فالإبحار فى عالم الفلسفة ليس بالسهل و لا بالهين …

الفلسفة فى عموميتها هى أهم مطلب إنسانى فهى تمثل مدى ادارك الإنسان لعالمه الذى يتعايش معه ، و بحسب التقدم الفكرى للإنسان اتخذت الفلسفة تيارين متبانين يدوران حول قضية الأولوية هل هى للمادة أم للروح لينقسم الفلاسفة و المفكرين إلى فريقين أو معسكرين الأول يمثل المادية و الثانى المثالية …

أنطلقت الفلسفة المادية – Materialism - على أساس أن الكون أساسه مادى فهم يعتبرون المادة هو الأساس و وعى الإنسان نتاج للمادة ، لذا فهم يرون إن المادة أزلية و إن الكون كله يخضع لقوانين الطبيعة ، و أن الوعى هو نتاج لتطور حركة الإنسان و التاريخ و المجتمع ، فالمؤثر الأساسى فيه هو التغيرات المادية التى تحدث داخل المجتمع من خلال تقسيم العمل و ملكية أدوات الإنتاج و التى ينتج عنها الأسس الفكرية و العلاقات الاجتماعية و الأخلاق ، و الفلسفة المادية ليست بالحديثة و لكنها قديمة بقدم الفلسفة نفسها ، و قد اشتبكت الفلسفة المادية مع العقائد القديمة التى كانت سائدة فى اليونان و الشرق و التى كانت عبارة عن خليط مضطربا غامضا يغذيه الجهل ، و يصفها المفكر الألمانى فريدريش البرت لانجه – Friedrich Albert Lange – ”بأنها كانت تفتقر إلى الروحانية بقدر ما تفتقر إلى المادية“1 ، و يقول فريدريك أنجلز ”إن المسألة الأساسية الكبرى فى كل فلسفة ، و لا سيما الفلسفة الحديثة ، أنما هى مسألة العلاقة بين الفكر و الوجود“2 ، هذا الصراع بين الاتجاهين أخذ دلالة أكثر عمقاً مع نهاية العصر القروسطى و أنطلاقة الثورات البورجوازية ضد النمط الأقطاعى للملكية ، فهذا الصراع الطبقى الذى حدث فى أوروبا تزامن معه ثورة فكرية أثرت عليه و أعطت له بعدا فكريا و فلسفيا لعب دورا كبيراً فى وضع اللبنة الأساسية لعالم جديد تشكل بعدها ...

الفلسفة المثالية و الفكر المثالى
عادة عندما نستخدم كلمة ”مثالى“ فى حياتنا العادية فهى تعبير عن هذا الشئ الموصوف يعتبر كامل و نموذجى ، و عندما نصف شخص ما بأنه مثالى Idealist ، فنعتبره تعبير عن عدم واقعية هذا الشخص الذى لا يستند فى أحكامه إلى سند واقعى ، فهو شخص يقيس الأمور من خلال المثل العليا للمجتمع بدون الأخذ بمسببات و متغيرات الواقع ، ليفرض هنا تساؤل من أين يأتى هذا التصور المثالى ؟ ، بالرغم إن الأفكار المثالية لا توجد لها تصورات واضحة فى الواقع إلا إن العناصر التى يتألف منها مأخوذة من الواقع أى من التصورات الخارجية و الباطنية المعروفة ، فهو يعتمد على ملكة الخيال من معطيات الواقع و لكنه يتجاوزها و يسموا عليها ، و ذلك باستبعاد كل أوجه النقص التى تدركها التصورات الواقعية فهو يعبر عن المثل العيا و يعمل عليها ...

أما ”الفلسفة المثالية“ فهى تقوم على رد الواقع إلى أفكار ذاتية فى غالبها تفصلها عن أصل الأشياء ، فإذا أخذنا مثال لشرح ذلك فالأشكال الهندسية وجودها مثالى أى أنها توجد فى الذهن و لا توجد كما هى فى الواقع ، و مع ذلك يطلق عليها فى أحيان كثيرة المثالية العملية التى تقوم على الفعل بالاهتداء بمثل أعلى أى الاسترشاد بفكرة تتجاوز الواقع الموجود ، و تنقسم الفلسفة المثالية إلى مدرستين ، الأولى هى ”المثالية الموضوعية“ و التى نجدها عند أفلاطون فى الفلسفة القديمة و عند شيلنج حديثا و أساسها الفكرى يقوم على أن الجزئيات الحسية ليس لها وجود حقيقى ، و إنما صورها النوعية هى وجودها الحقيقى ، فصورة الإنسان هى الحقيقة ، بينما ماهيته هى المثل الأعلى لصورة الإنسان الذى نتصوره بعيدا عن أى عيوب قد تطرأ على الصورة المحسوسة ؛ أما المدرسة الثانية هى ”المثالية النسبية“ التى نراها عند إيمانويل كانط الذى طرح إن الإنسان يدرك الظواهر من خلال الحواس و لكانط مقولة شهيرة فى ذلك ”إن ما أسميه مثالية متعالية للظواهر هو مذهب يعتبر أن هذه الظواهر هى تمثلات ذهينة و ليست اشياء بذاتها لأن معرفة الأشياء بذاتها أمر غير ممكن“ ، فالمذهب الكانطى يرى أن كل ما هو مفهوم و معروف فى هذا العالم و الوجود من أفكار و معتقدات و مفاهيم ، ما هى إلّا نتاج فكرى ، فيمكن تلخيص عقيدة كانط هنا بأنّ المكان و الزمان و السببية ليست كيانات و أشياء موجودة بطريقة مستقلة ، بل هى مترابطة بشكل عقلى للتداخل و تترجم من قبل الإنسان مع الظواهر و العالم المحيط الذى يعيش فيه ...

و هناك المدرسة ”المثالية الذاتية“ التى يطلق عليها أحيانا المثالية التجريبية التى اسسها الفيلسوف الألمانى يوهان جوتليب فيشته التى تقوم على فلسفة الأنا ، باعتبارها هى المثالية الحق ، فالأنا المثالية عندما تفكر بشئ ما و تقوم بتطبيقه فى الواقع تجعله مثالياً ، من هنا رأى إن المثالية هى مبدأً الوجود ، و قد أطلق عليها المثالية الذاتية لأنها تنطلق من الذات الأخلاقية و من التصورات و الأفكار الداخلية للإنسان فينقلها إلى العالم الخارجى ؛ و انبثقت من المثالية أيضاً عدة مدارس أخرى مثل ”الفلسفة المطلقة“ ، كذلك ”الفلسفة الظاهراتية“ …

الفلسفة المادية
المادية Materialism هى على عكس المثالية تقر إن الأصل فى الوجود هو المادة لا الروح أو الشعور و قد أخذت الفلسفة المادية عدة مراحل تاريخية بدأت بمادية العصر اليونانى و الرومانى و نجدها عند ديمقريطس و ابيقور و لوكريتوس ، اقر هؤلاء أن الوجود أو المادة يتكون من أجزاء و هى الذرات ، و ان تلك الذرات تنتقل فى الخلاء ، و ان كل الموجودات و منها الإنسان تخضع لقوانين ضرورية ، أراد الماديين الأوائل تحرير الإنسان من الخرافات و الخوف من الموت ، و فى القرنين السابع عشر و الثامن عشر ، أتخذت المادية شكل أكثر تشددا خصوصا ضد فكرة الأله المحرك للكون ، و أكدت أن صورة الكون مؤلف من أجسام مادية تتحكم فيه قوانين موضوعية ضرورية ، و أن وعى الإنسان هو نتاج للمادة ليس العكس – كما صورته الفلسفة المثالية - ، و فى القرن التاسع عشر تطورت المادية و أنقسمت إلى مدرستين ، الأولى المادية العلمية التى اعتمدت على المنهجية العلمية فى تفسير الظواهر سواء كان فى الطبيعة أو فى المجتمع البشرى ، و الحقيقة عند الماديين العلميين ليست مطلقة على علتها و لكنها حقيقة ذات واقع موضوعى لا ينفصل بكينونته عن إدراكتنا الحسية ، لذا فالحقيقة متغيرة بتغير الظروف ...

المدرسة الثانية هى المادية التاريخية التى أسس قواعدها كل من كارل ماركس و فريدريك أنجلز ، لم تعتمد المادية التاريخية على علوم الطبيعة فقط ، و لكنها أعادت تفسير التاريخ الإنسانى على اساس العوامل المادية والتى ترتكز أساساً إلى العوامل الاقتصادية وفقا لمنهج الديالتكيك اى التحول من الموضوع إلى نقيضه ليتألف منهما مركب موضوعى ، أى أن عملية التاريخ هى فى حركة متغيرة من النقيض إلى النقيض إلى مركب من النقيضين ، و رفضت المادية التاريخية التأملات النظرية و التقويمات الذاتية فى تحليل التاريخ لكن إلى الواقع الفعلى الملموس و إلى مجموعة العلاقات المتشكلة من علاقات الإنتاج و اشكال الملكية ، فالمجتمع ليس فقط مجموعة الأفراد الذين يشكلونه و لكنه جماع العلاقات الاجتماعية القائمة على علاقات الانتاج و الملكية التى تشكلت من خلالها الطبقات الاجتماعية و الصراع بينها ، كما يرى الماديون أن القضية الرئيسية للفلسفة هى العلاقة بين الفكر و الوجود ، و هم يرون العالم موجودا وجودا موضوعيا مثقلا عن الوعى ، و إن الناس جزء من الطبيعة يعكسونها فى وعيهم …

على هذا فإن الصراع دااخل الفكر الفلسفى يتلخص فى العلاقة بين الوعى و الوجود ، فالفلاسفة فى المعسكر المثالى أعتبروا الوعى أولياً ، بينما الفلاسفة فى المعسكر المادى أعتبروا المادة أو الوجود تسبق الوعى ، و على أمتداد التاريخ و إلى يومنا هذا لا يزال الصراع محتدما بين المدرستين ، و أخذ أبعادا علمية و فلسفية و اجتماعية و أدبية و سياسية ، فأول خطوة للقارئ الجديد للفلسفة الذى يحاول الوصول إلى المعرفة أن لا يتعجل اليقين قبل أن تتوفر الأسباب ، و لا يستريح إلى شك خامل عقيم بل يواصل خطواته إلى معرفة اشمل و اكبر ، و اعنى بالشمول هنا أن تتسع معرفتك بقدر ما تستطيع من شتى جوانب العلم ، فإن هدف العلم و الفلسفة هو إدراك الحقائق المجردة و إزالة النقائض من المعرفة الإنسانية ، و احذر فإنك لن تستطيع أن تصل إلى المعرفة الشاملة بخطوة واحدة و لكن سوف تدنوا منها خطوة وراء الأخرى ، أخيرا انه لا توجد حقيقة مطلقة ، فالكون و الحياة أساسهما التغيير و التبديل و التطور ، فالحقيقة متغيرة هذا هو أصل الفكر و العلم ، فالفلسفة تنطلق من الشك و عدم اليقين و التفكير بحثا عن حقيقة متغيرة …



_______________________________________
هوامش

1) "تاريخ المادية" فريدريش لانجه صـ 22
2) "لودفيج فيورباخ و نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" لفريدريك أنجلز صـ 14



#عمرو_إمام_عمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغامرة الإبحار فى عالم محمود أمين العَالِمْ و ”فلسفة المصادف ...
- الأخلاق بين الاغتراب و الدين و الرأسمالية
- الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة الثالثة عشر)
- الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة الثانية عشر)
- الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة الحادية عشر)
- الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة العاشرة)
- الإمبريالية تطورها و صراعها الاستعمارى (الحلقة التاسعة)
- الإمبريالية الإستعمارية و حركات التحرر الوطنى (الحلقة الثامن ...
- الإمبريالية الإستعمارية و حركات التحرر الوطنى (الحلقة السابع ...
- الإمبريالية تطورها و صراعها الإستعمارى (الحلقة السادسة)
- الإمبريالية تطورها و صراعها الإستعمارى (الحلقة الخامسة)
- الإمبريالية تطورها و صراعها الإستعمارى (الحلقة الرابعة)
- الإمبريالية الإستعمارية و حركات التحرر الوطنى (الحلقة الثالث ...
- الإمبريالية الإستعمارية و حركات التحرر الوطنى (الحلقة الثاني ...
- الإمبريالية تطورها و صراعها الإستعمارى (الحلقة الأولى)
- الثورات العربية الأخيرة و مفهوم التحرر الوطنى الغائب الحاضر
- الثورة خيار الشعب … تسقط بس لا تكفى
- تطور الحياة السياسية و الاجتماعية فى مصر (2)
- تطور الحياة السياسية و الاجتماعية فى مصر ( 1 )
- أزمة اليسار المصرى و البحث عن إستراتيجية


المزيد.....




- -من سيزوره؟-.. كيم جونغ أون يفتتح منتجعًا شاطئيًا ضخمًا يتسع ...
- كاميرا تلتقط مشهدًا مثيرًا لدوامتي مياه معلقتين بين السماء و ...
- قانون التجنيد يشعل أزمة الحريديم مجدداً.. ونتنياهو أمام اختب ...
- بعد أشهر من الحرمان.. أكياس الدقيق تعود إلى غزة والأمهات ينت ...
- موقع أميركي: المرشح لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يثبت أ ...
- هل كانت روسيا حليفًا متخاذلًا لإيران في اللحظة المفصلية؟
- ميرتس يسجل أول حضور باجتماع أوروبي متشدد للهجرة
- حول تنظيم المنتدى الخامس للجمعية الدولية لعلم الاجتماع بالرب ...
- -النصر.. رونالدو، القصة مستمرة- بعد تمديد النجم البرتغالي عق ...
- محاكمة محتملة لوزيرة فرنسية بتهمة الفساد في قضية كارلوس غصن ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمرو إمام عمر - خطوات فى عالم الفلسفة