أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سوسن حسن - علاقة المرأة باللغة














المزيد.....

علاقة المرأة باللغة


سوسن حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6882 - 2021 / 4 / 28 - 09:13
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



تفادت مطبّ الصمت وباحت بما يجول في نفسها

هناك مثل صيني يقول بأن اللغة سلاح المرأة، وأن المرأة تفعل كل ما بوسعها كي لا يصدأ هذا السلاح، فاللغة رأس مالها الوحيد. وهناك من اللغويين من يقول بأن المرأة لشدّة حذرها في استخدام اللغة، تقع كثيراً في مطب الصمت، حين تشعر بأن الكلمات لا تسعفها على قول ما تريد قوله.

وأنا أكتب أطروحة الماجستير عن انعدام الأمن اللغوي لدى النساء المهاجرات من شمال أفريقيا، مرت عليّ مشاهد أدبية لكاتبات كثر تطرقن لعلاقتهن باللغة في وصفهن لها بأنها سلاح ذو حدين، فهي كالأيام، قد تكون يوماً لنا ويوماً علينا. أبرز مثال لرواية تضع قاصتها في انعدام أمان لغوي هي “كدمات النحل” للأرجنتينية لورا ألكوبا، إذ تحكي صفحات الرواية علاقة الكاتبة بلغتها الأم، الإسبانية، واللغة الفرنسية، التي اضطرت لتعلمها لدى هجرتها مع أمها الى باريس بعدما تم سجن أباها في ستينات القرن الماضي بسبب آرائه السياسية، فتعبّر في صفحات الرواية عن شعورها بعدم الأمان عند تحدثها هذه اللغة الجديدة، غير المتمكنة منها: “أخجل من لهجتي”.

كلما طلب أحد منها مشاركته الحديث باللغة الفرنسية، تشعر أنها تكرر ذات الكابوس، إذ هي في الباص عارية وسط جموع غفيرة، وهي لا تعرف كيف وصلت عارية و كيف يمشي الباص بهذه السرعة، رافضاً التوقف، والكل يسمعها ويعرف أنها أجنبية وأنها لا تتقن الفرنسية بشكل جيد بعد. هذا كابوس فعلي عانت منه لورا وهي طفلة، وكان انعكاس لخجلها من لهجتها الإسبانية عند تحدثها باللغة الفرنسية ، وكرهها للغتها الأم، لتشعر فجأة بأنها عارية، دون لغة. هذه الاستعارة التي استمرت لصحفات من الرواية تعكس علاقة المرأة الحميمة باللغة، التي إن خسرتها، خسرت كل شيء، وكيف أن لورا قاومت حتى تمكنت منها، ليصبح سلاحاً لها، لا عليها.

تجد سيمون دو بوفوار بأن “المرأة لا تولد امرأة بل تصبح امرأة” ، وكذلك لغتها التي تقوى أو تضعف بحسب خضوعها للظروف الاجتماعية التي قد تفرض عليها. تقول سيمون أنها لم تدرك مدى الاضطهاد التي تتعرض له المرأة من قبل المجتمع إلا في سن الأربعين، لأنها لم تتعرض له قط، فقد ولدت في وسط اجتماعي شجعها على إكمال تعليمها، وتقلد مناصب مرموقة بفضل اللغة. لم تكن تدرك بأن البعض الآخر من النساء لم يحظين بهذه الفرصة، وبأن اللغة ليست حليفة الجميع.

هناك من يستعمل اللغة سلاحاً ضد المرأة، من أجل إحباطها والتقليل من شأنها، لأنه يعرف مدى قوتها وقدرتها على التفوق. المرأة تفعل كل شيء بحب، وان تحدثت أو كتبت، فعلت ذلك بحب، مختارة أجمل الكلمات الموجودة في مستودعات عقلها المنظم. وهي تتحدث عن الكائن الذي يصبح امرأة، ترمز سيمون إلى شيء من الضعف جعلها تربط نفسها بعالم الرجال، حتى لا ينظر الآخرون اليها بدونية، أو يسند إليها مهام تعيقها من إعتلاء عرش المثقف، كالزواج وإنجاب الأطفال، والجلوس في المنزل. أنا لا أتفق مع سيمون، لأن المرأة من فرط قوتها تستطيع القيام بكل هذه المهام وهي مبتسمة راضية عن نفسها.

ما سر علاقتها المتذبذبة مع اللغة اذاً، التي قد تسعفها حيناً و تغيب عنها حين آخر؟
هل هو الصمت ؟ ذلك الهدوء الذي تحتاج إليه المرأة كي تستجمع قواها وتنطلق مجدداً، مثل الصمت الذي وصفته فيرجينا وولف في “إلى المنارة”، وهي تشبه السيدة رامساي، الزوجة والأم، بالمدفأة التي يجتمع أفراد الأسرة حولها، لتعطيهم من دفئها دون كلام أو طلب مقابل. هناك الصمت الذي تحدثت عنه كذلك في “غرفة تخص المرء وحده” وهي تفكر بالجملة النسائية، فهو لا يعني بالضرورة أن المرأة ضعيفة، أو أنها تعاني من انعدام الأمن اللغوي، بل أنها في حالة ترقب لما يتوقع منها أن تقول، وما ترغب هي أن تبوح به.

تتحدث فاطمة المرنيسي في “أحلام النساء” عن الحدود التي تفصل الرجال عن النساء، وعن ما أمره الأباء من احترام لهذه الحدود في الكلام و الفعل، إلا أن المرأة عرفت كيف تخترق هذه الحدود باللغة التي عملت على تنميقها، والتحدث بها بالعرف السائد، كي تسمع صوتها.

أولئك النساء اللاتي لا يعترفن بالقوانين اللغوية الأبوية قررن صنع كلماتهن الخاصة وإدراج اسمائهن بين كل مذكر، فولدت الكتابة الشاملة التي ترفض الكثير من الحكومات الأوروبية الإعمال بها، معللة بأنها تسبب انعدام الأمن اللغوي عند الكتابة أو التحدث وتعطي اللغة بشاعة، كأن تقول أو تكتب على سبيل المثال “الطلاب والطالبات”، بعدما كانت كلمة “الطلاب” تشمل الجنسين. اللغة الشمولية أعطت اللغة الفرنسية كلمات حروفها مفصولة بالنقاط étudiant.e ومناصرو المرأة في إسبانيا قرروا استحداث اللغة المحايدة، فأضافوا حرفاً في نهاية كل كلمة يرمز للرجل والمرأة.



#سوسن_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت بلزاك
- فرانسوا مورياك … على خطى دستويفسكي


المزيد.....




- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...
- -ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-.. الإعلان عن مسابقة هي الأولى م ...
- ازاي احمي المراهق/ة من التنمر؟
- كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2024 والشروط ا ...
- “قدمي الآن” رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالمنزل في ا ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سوسن حسن - علاقة المرأة باللغة