أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيصل الدابي - صيد السمك في النيل!! (مذكرات زول سوداني)!!















المزيد.....

صيد السمك في النيل!! (مذكرات زول سوداني)!!


فيصل الدابي

الحوار المتمدن-العدد: 6874 - 2021 / 4 / 20 - 13:53
المحور: كتابات ساخرة
    


لا أذكر من علمني صيد السمك ولا أعرف متى بدأت ممارسة هواية صيد السمك على ضفاف النيل الأبيض بمدينة كوستي، كل الذي أذكره أنني وقبل أن أبلغ العاشرة من عمري، كنت أذهب لوحدي إلى دكان أبنعوف في السوق الكبير بمدينة كوستي وأقوم بشراء السنارات الصغيرة وخيط العصب، وبعد ربط السنارة الصغيرة في نهاية خيط العصب كنت أربط صامولة صغيرة تسمى التقالة وذلك بغرض تثبيت السنارة في موضع واحد داخل البحر ومنع الأمواج من تحريكها هنا وهناك ثم اربط الطفاية التي تطفو على السطح وتخبرني غمزاتها السريعة بأن السمكة بدأت تأكل أو أنه تم القبض عليها ومن ثم اقوم بانتشالها بسرعة البرق وأنا ارتجف من قمة رأسي إلى أسفل قدمي من فرط الاثارة والانفعال!

كنت أذهب للخور الكبير الكائن خلف استراحة السكة حديد بحي السكة حديد بمدينة كوستي وأقوم بحفر وتقليب الطين الأسود اللزج بحثاً عن الطعم الذي استخدمه لصيد السمك وهو الصارقيل، الصارقيل عبارة عن ديدان غليظة طويلة كنت استخدمها لصيد السمك وعادةً ما كنت أنجح في الحصول على أعداد كبيرة من الصارقيل وأضعها في كتلة من الطين وأرشها بالماء حتى يظل الصارقيل حياً ويتلوى في السنارة داخل البحر ويقوم بجذب الأسماك الجائعة التي تسعى لأكله وأسعى أنا لأكلها!

في البداية، كنت أقوم بتجهيز عدة الصيد، ثم أغافل أمي فاطمة واختلس، ليمونة، ملح، شطة، شمار وعلبة كبريت، وأذهب لوحدي إلى البحر لصيد للسمك، كنت اصطاد عدة بلطيات صغيرات وأقوم بشويها في الخلاء مستخدماً العيدان اليابسة ثم أقوم بأكلها بالهنا والشفا حتى لو كانت نصف نيئة أو كانت ملطخة بالرماد! لم أكن اصطحب أي ولد من أولاد الحلة في رحلات صيد السمك إذا كنت اعتقد اعتقاداً جازماً أن السمك لا يحب الازعاج ويهرب عند سماع أي صوت ولهذا نشأت وترعرت كصياد سمك وحداني يصيد السمك منفرداً في كل الأحوال! بعد نهاية عملية صيد السمك كنت أقوم بالسباحة في طرف البحر وأعود للمنزل لانال علقة ساخنة من والدي الذي كان يرفض ذهابي إلى البحر رفضاً باتاً، وبحكم عنادي الموروث، لم يتوقف ذهابي للبحر لصيد السمك والسباحة ولم يتوقف جلدي من قبل والدي إلى أن كبرت وعندها أصبح والدي يقول لي حتى يتخلص من مشاكلي في المنزل: يا ولد شيل سناراتك وامشي البحر جيب لينا سمك!!

شيء واحد كان ينقصني كصياد سمك، وهو الصبر، بخلاف صيادي السمك المشهورين بالصبر الشديد، لم أكن صبوراً بأي حال من الأحوال! أحياناً كنت أذهب لصيد السمك، حاملاً السنارة ،الصارقيل، الكيس والسكين، وعندما تمر ساعات وتتسلط عليّ أسماك أم دبيبة اللعينة وتأكل كل الطعم ولا انجح في اصطياد سمكة واحدة، كنت أقوم بسرعة وبلا تردد بقذف السنارة، الصارقيل، الكيس والسكين في البحر وأنا في قمة الغضب وأقسم ألا أعود لصيد السمك مرة أخرى! لكن بعد أسبوع أو عشرة أيام أذهب لدكان ود ابنعوف لشراء سنارة وعصب مرة أخرى، وربما كنت في ذلك الوقت صياد السمك الوحيد في العالم الذي يشتري عشرات السنارات وعشرات خيوط العصب كل عام!!

عندما كان الحظ يحالفني، كنت أصطاد الكثير من الأسماك أذكر منها البلطي، القرقور، والكاس، أما سمكة أم دبيبة وسمكة التامبيرا فقد كنت أقوم بإعادتهما للبحر بعد صيدهما لأنهما غير قابلتين للأكل، كذلك سمكة البردة، فهي غير قابلة للأكل وكنت أقوم بقتلها بتهشيم رأسها بالعصاة قبل تخليص السنارة من فمها خوفاً من لسعاتها الكهربائية المؤلمة!!

ذات يوم، هبط على نوع عجيب من الصبر الأيوبي الذي لم أكن أعرفه مطلقاً، فقد ظللت أحاول صيد السمك منذ الصباح الباكر وحتى قبيل غروب الشمس دون أن انجح في اصطياد سمكة واحدة، لكن غضبي، وعلى غير العادة، لم يتفجر بل ظللت هادئاً هدوءاً عجيباً مريباً ورحت أعيد وأكرر محاولات الصيد الفاشلة بلا كلل أو ملل، عندما بدأ الليل يزحف ويرخي سدوله، قررت التوقف عن الصيد بحكم اقتراب الظلام، وتحركت من الصندل الذي كنت اتخذه مقراً لصيد السمك، في أثناء مغادرتي، مررت بصندلين، لاحظت وجود فجوة مائية صغيرة بينهما، فقلت في نفسي، لماذا لا أجرب حظي للمرة الأخيرة؟ لماذا لا أرمي السنارة في هذه الفجوة، لعلي اصطاد شيئاً، بالفعل رميت السنارة، بعد ثانية واحدة، اصطدت سمكة خشم بنات كبيرة، ارتجفت أصابعي من شدة الانفعال، جهزت الطعم مرة أخرى ورميت السنارة في الفجوة مرة أخرى، وفي أقل من خمسة عشرة دقيقة تمكنت من اصطياد خمسة عشرة سمكة كبيرة من أسماك خشم البنات وأذكر جيداً أن آخر سمكة خشم بنات اصطدتها كانت مطعونة بالسنارة في جانبها، في تلك الليلة شبع أهل بيتنا وكل الجيران من أسماك خشم البنات اللذيذة ولم يتكرر معي ذلك الحظ العجيب مرة أخرى، وحتى الآن، كلما تذكرت موقعة صيد خشم البنات أهمهم في سري (الصابرات روابح)!!

عندما أصبحت صائد سمك محترف، تركت السنارات الصغيرة ذات العصب القصير وبدأت اصطاد السمك بالبياتة وهي خيط عصب غليظ سميك وطويل جداً ويحمل عشرات السنارات الكبيرة وينتهي بصامولة كبيرة، وكنت استخدم الاسماك الصغيرة كطعم وأقوم بإدخالها في السنارات الكبيرة، وأرمي البياته في البحر عند غروب الشمس وأربط العصب في شجرة أو في هلب، ثم أذهب إلى المنزل لأنام وأحلم بصيد أكبر سمكة، وعند الفجر وقبل أن يصيح الديك، كنت أهرول للبحر لاكتشف ما إذا كان البياتة التي باتت لوحدها في البحر قد اصطادت أي أسماك كبيرة، وكثيراً ما كنت احظى بصيد أسماك كبيرة عن طريق ذلك الاسلوب المريح!

أخيراً، لابد أن أفضح نفسي وأقول إنه رغم تبجحى بخبراتي الكبيرة كصياد سمك منذ الصغر إلا أن أحد عملائي في مكتب المحاماة بالحفير قد قام بخداعي حينما دعاني إلى وليمة سمك بمناسبة نجاحي في شطب بلاغ جنائي كان قد فُتح في مواجهته، فبعد أن فرغنا من تناول الوليمة الشهية، أخبرني مضيفي وهو يضحك بأعلى صوته بأنه قد خدعني وأنني قد أكلت معه لحم سلحفاة وراح يحكي لي بالتفصيل كيف أن لحم السلحفاة الأبيض يبدو مثل كرة البطاطس وشرح لي بالتفصيل كيف يتم سلخ لحم السلحفاة بعد التخلص من قدحها ورأسها الصغير وإقدامها الكبيرة المفلطحة، الأمر الذي أصابني بالغثيان لمدة سبعة أيام بلياليها! عندما دعاني نفس الشخص مرة أخرى إلى وليمة سمك رفضت رفضاً باتاً فقد خفت أن يكرر صاحبنا المقلب بصورة أفظع ويطعمني لحم تمساح!!
عندما اصطحبت إبني سامي لشراء سمك من سوق اللاند مارك بالدوحة بدولة قطر، شاهدنا أسماك الخليج العربي ومنها سمك الشعري، الهامور، الكنعد، الحمرا، والصافي، قمت بشراء سمك الشعري لأنه أشبه بالبلطي السوداني، وفي طريق العودة إلى المنزل حكيت لسامي قصة صيد سمك خشم البنات، الذي كنت أسميه تجاوزاً بنات النيل الأبيض، وقلت له لو كانت هناك جوالات في ذلك الوقت لقمت بتصوير مهاراتي في صيد السمك ونشرتها في اليوتيوب وربما أصبحت بسببها من أثرياء اليوتيوب، ابتسم ابني سامي ونظر نحوي بتشكك كبير ولسان حاله يقول: ياخي خلينا من قصة خشم البنات دي، سوق السيارة سريع ودينا البيت خلينا نحمر وناكل الشعري البنعرفو ده، قال خشم بنات قال!!



#فيصل_الدابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغرق في نهر النيل!! (مذكرات زول سوداني)!!
- إدارة النفايات، أهم الأولويات
- أهمية إنشاء مشروع سد السودان العظيم!!
- الحل السوداني لمشكلة السد الاثيوبي والسد المصري!!
- أكبر مفارقات جنوح السفينة ايفرغيفين!!
- المعلقة السودانية رثاء نوال السعداوي
- المعلقة السودانية موديل تعويم الجنيه
- أول بائعة ورد سودانية مبروك الدخول لعصر الرومانسية!!
- طرد نيوزلندي وسوداني بسبب عدم ارتداء الكرفتة !!
- التيس يعشق الحرية أما بعض البشر فلا !!
- تعلموا من هذا التيس يا هؤلاء!!
- احتفال احترازي باليوم الرياضي القطري
- أسرع طريقة للهروب من الواقع!!
- توزيع نتائج امتحانات كورونا !!
- وزارة الطعام أهم من وزارة الكلام!!
- قبيلة ترامب تغزوا الكونغرس الأمريكي!!
- مذكرات زول سوداني غزوة الينبوع!!
- مباراة كرة قدم في الجنة!!
- دجاجي يلقط الحب ويجري إلى إسرائيل!!
- يا ترامب يا رائح كثر الفضائح!!


المزيد.....




- الفنانة يسرا: فرحانة إني عملت -شقو- ودوري مليان شر (فيديو)
- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيصل الدابي - صيد السمك في النيل!! (مذكرات زول سوداني)!!