أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيصل الدابي - وزارة الطعام أهم من وزارة الكلام!!














المزيد.....

وزارة الطعام أهم من وزارة الكلام!!


فيصل الدابي

الحوار المتمدن-العدد: 6789 - 2021 / 1 / 16 - 10:59
المحور: كتابات ساخرة
    


وردت في الحكايات العربية القديمة حكاية طريفة مفادها أنه كان هناك رجل عالم شديد الزهد يدعى شريك وكان شريك يتجنب المهدي أمير المؤمنين خوفاً من فتنة السلطة والمال، قرر الخليفة أن يستفيد من علم الرجل بأي وسيلة فنصب له كميناً محكماً، طلب من شريك أن ينفذ واحداً من ثلاثة طلبات، إما أن يتولى رئاسة القضاء وإما أن يعلم أبناء المهدي في القصر وإما أن يتناول معه أكلة واحدة، ذهب شريك إلى منزله وظل يفكر طوال الليل في الخيارات الثلاثة، استبعد شريك خيار تولي رئاسة القضاء خوفاً من فتنة السلطة، استبعد خيار تعليم أبناء الخليفة خوفاً من فتنة المال، أخيراً استقر رأي شريك على الأكلة بعد أن قال في سره إنها مجرد أكلة واحدة ولن تحدث أي فرق، أعد طباخ المهدي رأس خروف ممسوح بالعسل، وعندما كان شريك منهكماً في تناول الأكلة اللذيذة، همس الطباخ في أذن المهدي: والله لن يفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبدا! وقد كان فقد تولى شريك رئاسة القضاء وعلم أبناء المهدي وأصبح مدمناً على أكلة رأس الخروف السلطانية!!
بعض النساء من ذوات الأيدي الطاعمة يفهمن هذه الحكمة البطنية ولهذا يقلن دائماً: أقصر طريق إلى قلب الرجل يمر عبر معدته، وعندما يقدمن للرجل ما لذ وطاب من الطعام والشراب يقع الرجل في فخ اللقمة الهنية ويرفع كل الاعلام البيضاء وتهمس المرأة لنفسها : والله لن يفلت مني بعدها أبدا!!
الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت عرف هذه الحكمة البطنية أيضاً فقال: الجيوش تمشي على بطونها! فليس هناك انتصارات ولا بطولات بدون طعام كثير، مشبع ومغذي، ولذلك فإنه كان يفهم جيداً أن استراتيجية الطعام أهم من دبلوماسية الكلام وأن الطرف الذي يحقق الانتصارات هو من يملك الغذاء وكان يقول في سره لاعدائه المنهزمين: تمسكوا بكل الخزعبلات الأخرى بخلاف الطعام ولن تنتصروا بعدها أبدا!!
منظمات الاغاثة الانسانية التابعة للدول الاستعمارية، تأتي لاغاثة المنكوبين الافارقة الذين شردتهم الحروب الأهلية فتزودهم بالقمح وتقول في سرها : والله لن يفلحوا بعده أبداً، وبمرور الأيام ينسى الأفارقة عاداتهم الغذائية القديمة ويضربون عن أكل الذرة والعصيدة ويدمنون أكل رغيف القمح والباسطة ويرتبطون ارتباطاً أبدياً بشحنات القمح الاستعمارية ويخربون اقتصادهم الوطني بأيديهم وبطونهم وهم لا يشعرون!!
التدخلات الأجنبية المؤثرة في دول العالم الثالث هي تدخلات غذائية سافرة، فالدول الغربية الغنية تعرف جيداً أن تقديم المساعدات والهبات الغذائية هو أسرع طريقة لاستعمار حكومات العالم الثالث وضمان تبعيتها السياسية وهي وسيلة استعمارية شديدة الخبث والدهاء لأن ظاهرها إنساني وباطنها شيطاني فهذه الدول المانحة للطعام تدرك جيداً أن الدول والشعوب التي تتلقى الهبات والمساعدات الغذائية لن تفلح بعدها أبداً وستقع في شراك الاستعمار الغذائي الذي لا يكلف سوى شحن عدة سفن من القمح والزيت وهو استعمار أرخص بكثير من الاستعمار العسكري المباشر الذي يحتاج إلى جيوش وأسلحة ويعرض المستعمرين لخسائر في العتاد والارواح!!
بعض أبناء العالم الثالث يهاجرون للدول الغربية، يتجنسون بجنسياتها، ينعمون بأمنها ويشبعون من طعامها ثم من هناك من مخابئهم الآمنة يتفرغون لمعارضة حكومات بلادهم السابقة ويحرضون الغرب على حصارها لاجبارها على تبني ديمقراطية الغرب والانسلاخ عن نظامها السياسي الموروث غير مدركين أن الديمقراطية لا يُمكن استيرادها كالقمح وإنما تحتاج إلى تغييرات تربوية وثقافية ومفاهيمية عميقة قد يستغرق انتاجها أجيالاً، فيساهمون بذلك في محاصرة وتجويع أهلهم المساكين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بينما يصنفهم الغربيون كخائنين لأوطانهم السابقة ويقولون عنهم: والله لن يفلحوا بعدها أبدا!!
من المؤكد أن الوضع الراهن في السودان لا يسر الناظرين السودانيين، فقد تحول السودان إلى مكب لكل أنواع المساعدات الغذائية الأجنبية الصديقة وغير الصديقة ، وتداخلت وتقاطعت وتصارعت مصالح الدول المتفضلة على السودان والسودانيين وانقلبت الأوضاع راساً على عقب فبدلاً من أن يكون السودان سلة غذاء العالم كما كان يحلم السودانيون أصبح السودان سلة مساعدات العالم! أفيقوا يا كل السودانيين، عليكم بالحوار العادل لأنه السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل، وعليكم بالسلام لأنه الطريق الوحيد لانتاج الطعام وامتلاك السيادة والاحترام، أما إذا أصر حكام السودان ومعارضيهم على الحروب الداخلية والخارجية وفتح أبواب البلاد لاستجداء المساعدات الغذائية المصحوبة بالاجندات الاستعمارية المتصارعة فوالله لن يفلحوا بعدها أبدا!!



#فيصل_الدابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبيلة ترامب تغزوا الكونغرس الأمريكي!!
- مذكرات زول سوداني غزوة الينبوع!!
- مباراة كرة قدم في الجنة!!
- دجاجي يلقط الحب ويجري إلى إسرائيل!!
- يا ترامب يا رائح كثر الفضائح!!
- رأس الديك الأمريكي ورأس سنة كورونا!!
- المعلقة السودانية موديل الحصانة السيادية!!
- الراجل من غير كرش ما يسواش قرش!!
- وضاع آدم عندما اختفت حواء !!
- أسعد خبر في سنة 2020 الكورونية الكبيسة!!
- المعلقة السودانية الخروج من قائمة الارهاب
- رجال أصحاء يرتدون حفاضات الأطفال!!
- جولة في حديقة القواسم الإنسانية المشتركة الإنسانية
- أغرب بشر، إنهم يحبون كورونا!!
- نعم لمحاكمة مرتكبي جريمة ختان الإناث!!
- رجل وجاموسة في قفص الاتهام!!
- لاعبة كرة قدم سودانية أفضل من ميسي!!
- عملية إسرائيلية تقلب العجوز صبي والعجوز صبية!!
- المعلقة السودانية في رثاء مارادونا!!
- المعلقة السودانية في عزاء الصادق المهدي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيصل الدابي - وزارة الطعام أهم من وزارة الكلام!!