أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - فضاء مفتوح .. أحزان وذكريات -















المزيد.....

فضاء مفتوح .. أحزان وذكريات -


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 6862 - 2021 / 4 / 7 - 23:29
المحور: الادب والفن
    


فضاء مفتوح ...
أحزان وذكريات -
لم يعد أنتِ من ينادي : ماما .. تعالي !
بل ,
أنا من أنادي نضال حبيبتي ابنتي اشتقتلك
هل يصلك النداء , أم يغيب في وسع الفضاء الى ا للانهاية حيث الأبدية ونور المخلص يضئ لك !؟؟
أين انتِ ؟
في أي سماء , أي بستان , أي روضة , أي عالم , صامت متحرك ..!؟
الحب تفكير إيجابي
الحب , أعمال , تضحية , نعمة , تجسيد للفكر والتربية .

أين رحلتِ , أين طرتِ يا ابنتي حبيبتي مهجتي رفيقتي
كيف ذبتِ , فلّيتِ , رحلتِ
فراشتي الجميلة عليّتِ , وعليّتِ.....
تعلّل الجسد..
قاومتِ كثيراً وكثيراً تأوهتِ ..
تلاشى الجسد خارت القوى واختفى الصوت حتى الهواء شحّ مروره
و الصحة أثمن ما في الوجود
ذهب الإنسان صحته .. الصحة كنز . ٌ
التجربة خير برهان . " اسال مجرّب ولا تسأل حكيم " .

.... ويرحلون على غفلة , على وجع , على أمل
وتبقى الأعمال والأقوال والفعل الطيب للأبد , كطيف مرافق يوميّ وصورة معلقة على الجدار!!
ما بقى نتكلم سوا !؟؟
هاتف رسالة هدية لمن ؟
ما بقي نتكلم ..وتناديني : ماما اشتقتلكم , دخيلك تعي لعندي ........!
العذراء معكِ
. يا وجعي أنا معك إبقِ معي .. القلب معكِ هدية

شئ مال مني
سقط
انكسرَ , ضاعَ , فقدْ جسدي نفسي تاريخي حياتي .. معايشة تجارب فكر كلام مكان لإنسان له حضور, روح , مساحة , قاموس , حياة , شجرة عائلة
جُزئي أو كُلي , وجودي.. شئ صمت , شئ تلاشى , غاب
مساحة صوتية فكرية إنسانية عائلية , حجم معنى ثقل , جرح غائر غير مرئي ضاع مني سكنني !؟

بين الأرض والسماء والإنسان صمت مساحة للتأمل والأسرار , والمرء وحده يحاور الأشياء التي تغمره تحيط به حوله بفكره وخياله وعيونه
نختزنها صورًا ترسم خطىً
هكذا نكتب المذكرات وسيرة الحياة من فصل الى فصل ,
فقدان انكسار انشلاح واختفاء أشجار يانعة سامقة تحاول أن تبني غابة وحدائق وتلال ريفية ..ملجاً للعصافير والدوري ..
اننا نكتب بلغة الأعشاب وزهور الأرض قصيدة الوجع الإنساني الأبدية ونوثق علاقتنا معها وبمن عليها
انتصار وانكسار , والحياة تعمل للبقاء , والإنسان للخلود مهما كان هذا الأثر ...


أنا كما أنا , وأفضل
وأفضل
وأكبر
وأنضج , وأهدأ
وأوسع , وارحب .
جميلة هي طقوس الحياة
الأرض تشرب خمرها في خريفها حقاً
راقبوا هدايا الأشجار !

قلبكِ إحساسكِ المرهف جسمكِ النحيل كيف تحمّل كل هذا الكمّ من الصدمات , كمية الثقل من الأدوية والوجع صناديق بل أطنان من الأدوية سكنت تخبأت في جسدك ,
مزقته اتعبته ذوبته ابتلعته وبقيتْ أقدامك تتجاوب , ترد النداءات وأصابعك رموشكِ رأسك حركات وجهك تتكلم معنا ترسل لنا الأمل والإيماءات حتى اللحظة الأخيرة

حتى آخر لحظة أصابعك كتبت على الورق : لا تغلقوا الباب لالا لا تنزلوا الستارة ..
الإنطلاق كان هدفك ..!؟

كل عائلة حرة في سوريا قدمت شهيد أو شهيدة وأكثر .
عائلتنا أيضاً لم تشذّ عن القاعدة , فكانت حبيبتنا نضال هي شهيدة المنفى القسري والنضال الوطني السياسي السلمي والفكري شهيدة , الوطن والوطنية
نضال , قربان الوطن الحر ودولة القانون , قربان الحق والتحرّر
قربان التضحية في سبيل انتصار العدلة والحق والكرامة والإنسان

نضال ,,, إسم على مسمّى
نضال المرض
نضال الغربة
الصبر والتحدّي والشرف للأهل والوطن والحرية

ايقونتي صلّي لأجلنا مع يسوع معلمك معلم البشرية .
عندما تقف الأعضاء يتعطل الأداء .
تتعب الأعضاء تهمد الحركة والقِوى يتلاشى التجاوب يتعطل الأداء .
... " الجسد مُتعبٌ , لكن الروح قوية " .
ستبقى ذكراكِ خالدة هنا .. وهناك
في الأعالي .. ولادة جديدة
فرح .. وعرس سماوي جديد .....

كم يكلف الإنسان ليحيا
كم يُكلّف ليموت !؟
طيري أيتها الروح كما تشائين وترغبين
السماوات ملعبك .. دارك العليا
أنت حرة طليقة لا قيود ولا أسِرّة
اختبرتِ العالمَين
العالم الأول معنا , والثاني عالم النور والإشراق دورة الحياة والموت الكونية وسباق للأبد ...


في بيتنا القديم والجديد تزور شرفتنا الحمامة البيضاء نستبشر بها خيرًا تزورنا في الداخل بكل حرية تنتقل من غرفة لأخرى تستكشفها تقيم معنا نهارا نطعمها نسقيها فتغيب ..!
....
كان أجمل عشاء.. العشاء الأخير معك يا ابنتي !
كنا ثلاثة فقط , قبل أسبوع من دخولك مشفى صيدا الأخير
قلتها لكِ ومعك وأمامك مع إبنك وحفيدي جورجيو الذي تحبيه ويعبدك :
هذا أطيب عشاء تناولناه , كم كان العشاء بسيطاً ولذيداً من حواضر البيت مع كأس المتة والشاي , لأنك معنا تجلسين بصحة ووعي وفرح هذا ما قلته يومها , ولم أدرِ أنه سيكون آخر عشاء معاً في منزلها
ما زلت أعيش الصدمة , والذكرى والجلسة البيتية وبكامل وعيها وهمتها
لن أرثيك الآن لأنك ما تزالي معي
أعيش معك بجانبك في البيت في المشفى بيروت وصيدا معي في الكنائس والمطعم والسوق , والسوبر ماركت والمزارات والأديرة بكسروان غبالة حلان العذرا جورة الترمس الجمهور بعبدا العبادية جونية يحشوش نهر ابراهيم البلمند دير النورية طرابلس زحلة رياق صور جبيل أشمون العاقورة أفقا حراجل يحشوش الحدَث كفرشيما الشويفات عاليّ بسابا وما أدراك ما بسابا خبأنا أجمل الذكريات هناك على روابيها والحروب الطويلة والتقنيص والخوف والرعب
ما زلت أعيش معك في أسواق صيدا ومحلاتها العابقة بالأطايب وبيروت ومشافيها شوارعها حاراتها محلاتها ف بلدة بسابا ورابيتها مزارعها وبيوتها وجيرانها كسروان معي عند القديس شربل القديسة رفقا معي في أعلى الجبال والأديرة والقلاع والآثارعين الرمانة فرن الشباك الشياح لا أنسى مشاويري برفقتك وبترا وكوكب وطوني وجورجيو وميشيل لا أنسى سهراتنا مشاويرنا و" جلول" الزعتر عند بيت أخي وبيت حماك أقربائنا واياكم , انت معي رفيقتي في كل لحظة خيالي فكري قلبي روحي نبض كلمتي ,
تربعتِ في تلافيف الذاكرة حيث الأمان والصدارة..
طوبى .. لكِ ليديكِ لروحكِ الجميلة يا حبيبتي
انت الصلاة , والطهارة يا جبّارة
روّضتِ الوجع , وقوة الإحتمال بيدك وحبك للحياة والتعلم والحركة والنشاط
" الروح قوية لكن الجسد ضعيف " .
شرفاتي حولتها كنائس منزلية ومعابد مفتوحة للسماء للفضاء للفلاة والمدى حيث الصوت يذهب بعيداً لفوق لفوق دون تأخر....
واليوم
اليوم , أنتِ من يصلي لنا يا قديستنا . حملتِ الصليب مع السيد المسيح المعلم الأول في الوجع والتضحية والعطاء , كنت تلميذة له في الإيمان والصبر والمحبة والوفاء
جبال الآلام طوعتِها , كل الأمراض اختبرتِها عشتيها
.... كوَت جسدك النحيل , بصبر وأناة ونداء : يا يسوع يا يا يا يا ماما ...!
يا يسوع يا عذرا يا مارشربل يا مارجريس ...
لم يبقَ قديس أو قديسة , إلا وزرتِها وناديتها وكوّمت صورهم وأيقوناتهم حولك وبجانبك تحت وسادتك على سريرك وعلى الأبواب والجدران تحتمي بشفاعتهم .. لم تملي إلا عندما توقف الكلام بفعل أنبوب الأوكسجين الذي منعك من التعبير إلا بتحريك يديك وأقدام أرجلك يا حبيبتي
كيف أنساك يا بنيتي وأنت التي رافقتها وصاحبتها أكثر من بقية أفراد العائلة في سورية والعراق ولبنان - صورٌ ومواقف لقطات وأحداث لا يمحها الغياب
رحيلك عزّزالذكريات ,,
الغربة الطويلة شرخت العائلة , دقّت إسفيناً عميقاً محكماً في أجسادنا وقلوبنا المُدمّاة ..
الإستبداد الأسدي الطويل المزمن هو وراء مآسي وتشرد وأوجاع السوريين أينما كانوا السبب الأول والأخير ومن يسانده
, عبادة المال والسلطة , أفسد العصر , قتل الإنسان , شوهت الإنسانية , جفت الحياة على الأرض العطشى للحرية والإنسان الحر , أصبح الإنسان وحش , قاتل الحياة وإنسانها وقدسيتها .
نضال" الفراشة " كما وصفك والدك , حقا فراشة الحقول والألوان التي نشأت عليها وبها ومعها الحرية والهواء الطلق , كنت قمة الحركة والطاقة والنشاط والتحدّي , جبارة في تحمل الألم والغربة والوحدة بصمت وصبرالمؤمن المملوءة بالرجاء والأمل ...
حقاً شهيدة النضال كنتِ حبيبتي .. شهيدة الإنتظار والحرية ..
طوبى لك .. ولروحك السلام الأبدي والمجد والخلود
بحر الصداقة واسع رحب
فضاءه مريح مشرق وصحي , يستلزم المحبة و الحذر والحيطة وقوة الملاحظة والنظرة البعيدة ..
سيجّتمونا بورود حبكم وغمارعواطفكم النبيلة وتعزياتكم القلبية دمتم خيرًا للصداقة والعلاقات الإنسانية الراقية , رحم الله موتاكم .



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اليوميات : المال المال
- لك الموسيقى والشعر !
- أول عاملة في التاريخ .. من تكون غير المرأة ؟
- حبنا أسطورة ..!
- إلى أن نلتقي ..
- يليق بك التكريم والرثاء عزيزي
- همسات , يوميات طويلة
- امن أمثالنا وتراثنا المِحكي في وضعنا الكوروني المعاش
- إذا لم أعش الكلمة لا أكتبها - يوميات
- تخبّط ضياع كوارث!
- العيون اللاقطة !؟ - 14
- من اليوميات 5 آب 2020 !؟
- تعريف 13 : المفكر والسياسي السوري فارس الخوري ( 20 تشرين أول ...
- بيروت تباد نووياً , الحسكة تختنق عطشاً - من يوميات آب اللاهب ...
- تخطيط دواهي , واحتراف !؟
- لقد احترقت كل الأوراق
- ماذا تركت الرأسمالية لعالمنا !؟
- همسات الليل ..انتظرناها !
- جديد يوميات الكورونا
- تعريف : من أبطالنا الروحيين .. البطريرك غوريغوريوس حداد , بط ...


المزيد.....




- فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة ...
- -دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب ...
- كريستوفر نولان يستعد للعودة بفيلم جديد ومات ديمون مرشح للبطو ...
- بيسكوف: الإهانات الموجهة لبوتين -جزء من الثقافة الأمريكية-
- تفجير برايتون: مؤامرة تصفية تاتشر
- وُصفت بأنها الأكبر في الشرق الأوسط..نظرة داخل دار أوبرا العا ...
- بسرعة نزل قناة سبيس تون الجديد 2024 وخلي عيالك يتفرجو على أج ...
- فيديو.. نشيد مصر الوطني باللغة الإنجليزية يثير ضجة كبيرة.. ف ...
- رحيل الأديب والكاتب الأردني المبدع فخري قعوار في عمان، عن عم ...
- نجل قديروف يدعو مقاتلي الشيشان للتخلي عن موسيقى -البوب MMA- ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم نجمه - فضاء مفتوح .. أحزان وذكريات -