عن نوال السعداوی (الصوت الذی زلزل عروش المقدسات)

هلالە رافع

الحوار المتمدن-العدد: 6856 - 2021 / 4 / 1 - 15:21
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    

الصوت الذی زلزل عروش المقدسات

شكلت نوال السعداوی عامل خطر فی وجە المنظومات السیاسیە والاجتماعیە فی الشرق الآوسط.
فهي کانت من أوائل الکتاب و المفکرین ــ و بالاخص النساء منهم ــ الذين تصدوا في كتاباتهم للثالوث المحرم (الجنس، الدین و الدولة).

وقد أهتمت السعداوي بإشكالية المحرمات وركزت على الجنس، حيث صدر کتابها (المراة والجنس) في عام ١٩٧٢ و ســببت زوبعة من الجدالات الجوهریة والاستقطــابات الحادة في المجتمع العربي والشرقي، حيث كان الجنس وما يزال من المحرمات الأكثرإشكالية فی الشرق الاوسط.

كانت ایضا من أوائل المطالبـين بتجريم ختان الإناث، ضاربة بذلك عرض الحائط كل العادات والتقـــاليد الشديدة الرسوخ في المجتمع، بل ودخلت في ذلك بصراعات مع الدولة نفسـها ومع الكثير من رجال الدين، مما أدى إلى سجنها لاحقاً عام ١٩٨١. غير انها تمكنت بعد عقود من السجال ان تنجح في تجريم ختان الإناث في مصر عام ٢٠٠٨.
من المسائل المهـمة الآخری التي اثارتها السعداوي، هي أن يكنى الاطفال باسم أمهاتهم، وذلك من خلال مبادرة قامت بها ابنتها التي اتخذت من اسم امها (نوال) كنية لها للمرة الاولى في العالم العربي. هذا الموقف ایضا سبب غضـب کبیر عند الاســلامیین و التیارات المحافظة داخل المجتمع المصري وخارجه.

کتبــت نوال السعداوي ایضا حول موضوع حـریة اعتناق الدین او عدم اعتناقه (حریة اللادین) وبفضل لهجتها الواثـقة وكتاباتها الصريـحة اكتسبت الكثير من الأعـداء، وبوجه خاص من التيار المتطرف و رغم ذلك أصبحت هي رمزاً للعلمانیة في العالم العربي.


نوال السعداوی وسیاسة الدول الغربیة تجاه المجتمع الشرقی:
كانت السعداوي متيقنة تماما للسياسات الغربية القائمة على النظرة الازدواجية للـ "الأوربي المتحضر وغير الاوربي المتخلف"، اي ترسيخ فكرة السيد والتابع. فقد آمنت السعداوی ان حقوق الانسان هي حقوق عالمیة بغض النظر عن الاختلافات القومیة والدینیة والجنسیة.
فالغرب يصر على تجسيد صورة نمطية للشرقي، وهي صور الضعیف والضحیة، ويتجاهل متعمدا الجانب الإيجابي للمجتمعات الشرقیة المتمثلة بنضال التقدميين والمتنورين فيها والذين بخوضون بجسارة معركتهم ضد الجهل والتخلف القائم في المجتمع. هذه الصورة النمطية سائدة حتی في قلب بلدانها ويتم التعامل مع الجالیة الشرقیة وفقا لسیاسة تراتبية الاختلافات الثقافیة او مايسمى بـ "النسبیة الثقافیة" والتي تبنى غالبا على أفكار عنصریة، حيث يختلف حقوق الفرد حسب المرجعية الثقافیة لبلد الأم. إذ يرید الغرب عن طریق هذە السیاسات إعادة إنتاج الصورة النمطية عن الشرقی لتدعيم مصالح الغرب السیاسیة.
لذلك وبسبب صراحة السعداوي ومواقفها السیاسیة کان الغرب بشكل عام يتجاهلها في وسائله الاعلامیة الرسمیة، وكان هذا التجاهل واضحا خلال زیاراتها الكثيرة للعديد من الدول الاوربية. فقد كانت مراكز البحث والجمعيات المستقلة هي التي تهتم بدعوة السعداوي، وقد تم دعوتها من قبل منظمتنا (المنظمة الاممية لحقوق المراة ـ مركز نينا) مرتين للمساهمة في مؤتمرات وندوات المنظمة في السويد، في حين ان تجاهل الاعلام السويدي الرسمي كان واضحا لهذه الزيارات المهمة.


حول السیاسة الأمریکیة في العالم و في الشرق الأوسـط:
کانت نوال السعداوي ضد السیاسات الأمریکیة و حروبها في الشرق الآوسط وکانت تری في هذه السیاسات والحروب وقتل المدنیین و تدمیرا لهذه المجتمعات من جمیع النواحي الحضاریة و بناه التحتية، و تؤدي الی کسر ارادة النـاس، تجویعهم و تشریدهم.

لقد اصبحت السعداوي ایقونــة للنضال لیس فقط من اجل حقوق النساء بل ومن اجل العدالة الاجتماعیة و حقوق الأنسان، لذلك اکتسبت شهرة عالمیة واسعة والدلیـل هو الصدی والحزن العالمي العميق عند وفاتها.
عاشت نوال السعداوي حياتها مناضلة شرسة و مدافعة من الطراز الرفیع، جسدت صوت الانسان الحر المستقل الذي لا يلين ولا يتراجع ولا يساوم مهما كان الثمن، فقد ناضلت و وفت.

تحیة لارثک الخالد

#هلالە_رافع (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل