أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - صلاح حسن رفو - من ذاكرة امراة اسمها حياة














المزيد.....

من ذاكرة امراة اسمها حياة


صلاح حسن رفو
(Salah)


الحوار المتمدن-العدد: 6842 - 2021 / 3 / 16 - 09:12
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    



مقاطع متفرقة لقصص كثيرة

خفٌ ضائع يطيرُ في اروقة الظلام المحمل بذراتٍ هواءٍ رطبة لتلك القاعة الطويلة، الخف المقطوع يرتطمُ بوجه ذلك الطفل البصراوي الناعس ليث،اخته امل تشتكي كالعادة بحسرة من الرامي المعروف:" الله يخليك"...ارحمنا من رميات احذيتك غير المتقنة في هذا السجن الموحش والتي تزيد هموماً على همومنا المتراكمة. يقـهقـهُ جردو في سره وهو يبحث عن اية ردة فعلٍ لكي يركض او يهرب او يتعارك مع ايٍ كان، اي شيء يغيرُ من هذا النظام الرتيب، وهذا السكون المميت لنسوةٍ كسولات، مريضات، ينمنَ طول النهار، او يبدئن بالأنين والنواح بصوتٍ مبحوح.
قصة عائلة الفتاة امل واخواتها الصغار ليث وثائر وامها وجدتها ليست فيها اية غرابة كقصصنا تماماً، فوالدها متهمٌ بأنتمائه لحزب الدعوة الاسلامي، وهاربٌ الى ايران ولأجله يسخر الحراس بين الحين والاخر من جدتهم العجوز بقولهم:" الايرانيين كم تومان ينطون لأبنج؟!".
هذه العائلة ترافقها الشابة رجاء واخيها الصغير النحيف الممزق الثياب، الصدفة السيئة جعلت منهما في ضيافة بيت خالهم ابو امل ليحتجزهما الامن مع تلك العائلة، ورغم زعم رجال الحكومة بأن خروجهم من السجن مسألة وقت، الا انهم اذاقوا مر العذاب والانتهاك والانتظار في مديرية الامن لأربعة اشهر متتالية لحين مجيئهم اخيراً لهذا السجن.
لم تمر سوى دقائق معدودة من نداءٍ امل او شكواها واذا بجردو يرمي نعاله الثاني لا على التعيين من اجل عركةٍ جديدة او فوضى محتملة، تشتكي النساء من جديد لدى سيفي والدة جردو لافعالِ ابنها الشنيعة و المتكررة، تنهض سيفي من قيلولتها الطويلة لتعنف ابنها وتخبره بعيونٍ مازحة وبلغة كوردية لا يتقنها الا نحن: ما دمت لم تؤذي بحذاءك او افعالك اولاد الشيخة _تقصدني_فلا مشاكل كبيرة بيننا ولا عقوبة تنتظرك سوى صراخي المفتعل ، لكن اعلم ان اغضبتها فقد اغضبتَ جميع اوليائنا واسلافنا الصالحين، غضبها سيُطيل فترة بقائنا هنا وسيعقد كل حلول السماء لحريتنا يابني. في خضمٍ اندهاش وتجاوبِ جردو مع حديث والدته اضحك انا بسخرية في سري كثيراً من كلامِ سيفي الطيبة وايمانها الراسخ، رغم علمها المسبق بعدم قدرتي على مساعدة نفسي على النهوض والاعتناء بأطفالي من شدة الانهيار والبؤس، الا انها ما زالت مؤمنة بأقدارنا التي كتبها لنا اسلافنا منذ نشأة الخليقة. اطفالي المساكين التي تقوم العمة شيرين وابنتها هدية النشطة الرقيقة كالنسمة بالاعتناء بهم واللعب معهم معظم الوقت. تغسل العمة ابني الوحيد وتجفف جسده وتلبسه وتقبله وتشم تحت عنقه وتسأله السؤال المعتاد: ماهذه الراحة الزكية التي تنبعث منك، انها تشبه رائحة شخصٍ اعرفه. ياترى رائحة من... رائحة من، لا اتذكر؟ّ!.يرد اورديخان بكل ما للاطفال من عفوية: انها مثل رائحة ابنك مسطو!، فتقبله العمة شيرين مع دموع دافئة تسبح بحيرة على وجنتيها، نعم انها رائحة مسطو.
بعد هذه الاحداث بأقل من سنة كان مسطو احد الانصار الشيوعيين والابن الوحيد للعمة شيرين قد وقع في كمين بالقرب من قرية دوغات التابعة لقضاء القوش ليردوه قتيلاً. لم تسمح الحكومة ان تقام له دار عزاء. جُلبَ جثته بعد وفاته بأشهر و دفنَ ابن شيرين بصمت وسرية. ذلك الشخص الذي رائحة جسده تشبه رائحة الاطفال الابرياء.



#صلاح_حسن_رفو (هاشتاغ)       Salah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يوميات نازح سنجاري ٤
- من يوميات نازح سنجاري ٣
- من يوميات نازح سنجاري ٢
- من يوميات نازح سنجاري
- كوجو ارض الرحيل ( الاخيرة)
- كوجو ارض الرحيل 3
- كوجو ارض الرحيل ٢
- كوجو ارض الرحيل
- محنة رجل
- احداث تافهة عاصرتها 12
- احداث تافهة عاصرتها 11
- احداث تافهة عاصرتها 10
- احداث تافهة عاصرتها 9
- احداث تافهة عاصرتها 8
- احداث تافهة عاصرتها7
- احداث تافهة عاصرتها 6
- احداث تافهة عاصرتها 5
- احداث تافهة عاصرتها 4
- احداث تافهة عاصرتها 3
- احداث تافهة عاصرتها 2


المزيد.....




- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - صلاح حسن رفو - من ذاكرة امراة اسمها حياة